إيهاب.. لم يتجاوز العشرين من عمره.. يسير بخطوات ثابتة نحو الرجولة.. نحو المستقبل.. الأب ينظر إليه بحب وعطف ويتمنى بينه وبين نفسه أن يراه رجلاً.. يقف بجانبه ويساعده فى مصاريف البيت والأسرة وزواج أخته.. فهو ابنه الوحيد الذى طالما اشتاق إليه وكانت أحلام يقظته ومنامه منذ الأيام الأولى فى زواجه تدور حول الولد الذى لم يبخل الله عليه به.. شاهده وهو مازال قطعة لحم أحمر يلوذ بحضن أمه ويهدأ وينام.. شاهده وهو يحبو على الأرض يلتقط أى شىء من عليها ليضعه فى فمه.. وعندما ينظر إليه وينهره يبكى «إيهاب» ثم يعود إلى ما فعله مرة أخرى ويضحك الأب.. شاهده وهو يخطو أولى خطواته نحو المستقبل.. شاهده صبيا يلعب مع أقرانه ويجرى ويمرح كأنه عصفور من عصافير الجنة.. شاهده وهو يرتدى ثيابه الجديدة ويحمل حقيبته ويتجه إلى المدرسة.. شاهده وهو يستذكر دروسه.. شاهده وهو مريض ويحتاج إلى دواء يخفف عنه مرضه.. شاهده وهو يساعده فى عمله ويمد يد العون لأخته.. شاهده وهو يحنو على أمه ويربت على كتفها.. تعود أن يسمع صوته وهو قادم من بعيد يضحك ويتكلم مع الجميع ويشع حيوية وحركة لا تهدأ إلا بعد أن ينام.. ويفاجأ والد «إيهاب» عند دخوله المسكن باختفاء الصوت الذى كان يرن.. ويجلجل داخل المنزل، ويتساءل وتخبره الأم بأن درجة حرارته مرتفعة ويرقد فى فراشه وتقوم أخته بمحاولة لخفض الحرارة بعمل كمادات.. ويدخل الأب عليه وينظر لفلذة كبده يشعر بانقباضة فى صدره.. ما هذا لونه أصفر وعيناه زائغتان ويحمله الأب إلى الطبيب ويطمئنه أنه مصاب ينزلة برد وسرعان ما يكون على خير ما يرام ولكن الأيام تمر وإيهاب عاجز عن الحركة والآلام تفتك به ويعود الأب إلى الطبيب الذى طلب إجراء تحاليل كما طلب فحوصات كثيرة جعلت الأب يرتبك ويدخل الخوف قلبه.. اصطحب ابنه وتم إجراء جميع التحاليل والفحوصات التى قصمت ظهر الأب الذى اضطر إلى الاستدانة من أجل ابنه وكانت المفاجأة التى ليست بعدها ولا قبلها. مفاجأة.. أن إيهاب زهرة البيت مصاب بورم سرطانى بالغدد الليمفاوية وكانت للصدمة وقعها المؤلم على البيت كله، خاصة الأب والأم فهو الابن الحبيب ولكنه أمر الله ولا راد له.. حوله الطبيب إلى المعهد القومى للأورام ليتم علاجه ودخل الولد للمعهد وتحمل الأب الكثير من المصاريف لعلاج الابن ومصاريف الانتقال من قريته إلى المعهد والعكس والأب لا يجد المصاريف، فكل دخله لا يتعدى 200 جنيه فهو بائع متجول ويضطر إلى مد يده لمن حوله ولكن إلى متى خمس سنوات من العذاب ومد اليد، فهل يجد من يساعده ويقف بجانبه؟ من يرد يتصل بصفحة مواقف إنسانية.