شاب أسمر بسمرة الأرض الطيبة التى يعيش فى إحدى قراها.. قرية تنتمى لإحدى محافظات شمال الدلتا.. لم يتجاوز العشرين من عمره.. يقوم برحلة أسبوعية من محافظته إلى القاهرة التى سمع ويسمع عنها من أقاربه وأولاد الجيران الذين زاروها وويدرسون بها.. شاهدها فى التليفزيون، ولكن السمع والمشاهدة عبر التليفزيون شىء وأن يراها بعينه شىء آخر.. كان منتهى آماله وأحلامه أن يزورها وأن يعمل بها، ولكن الزيارة فى المرة الأولى كانت لهدف آخر.. وكانت رحلة أسبوعية يركب الشاب القطار ويجلس بجوار أمه العجوز ينظر إليها، ثم يتجه بنطره إلى شباك القطار ليرى المزارع والحقول ويسرح إلى الآفاق البعيدة ويمر شريط حياته أمام عينيه وكأنه يرى شريطا لفيلم.. كله مآس وأحزان يبحث بين مشاهده عن مشهد واحد يبعث بداخله الفرحة، ولكنه لم يجد.. ينظر بعيدا فيرى نفسه ضعيف البنية.. واهنا دائما جالس أمام منزله غير قادر على اللعب مع الأطفال فى مثل عمره.. حتى ذهابه إلى المدرسة وحمله لحقيبة الكتب كانت تمثل له آلاما جسدية وعبئا نفسيا.. ومع ذلك كان مصرا على الذهاب والاستذكار فكل أمانيه أن يواصل تعليمه ويدخل الجامعة وبالفعل وصل للمرحلة الإعدادية.. كان يبذل مجهودا مضاعفا ليحصل دروسه، ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.. الأم كانت تشعر أن هناك شيئا ما بداخل ابنها فهو ضعيف واهن.. وجهه أصفر غير قادر على تحمل أى مجهود بدنى كل هذا يهون أمام ما حدث له فى أحد الأيام.. ذهب "عمر" إلى المدرسة وعند عودته منها مع زملائه سقط مغشيا عليه صرخ زميل له وهرع إلى مدرسه يخبره بما حدث جرى الجميع فى محاولة لمساعدته وحملوه إلى الوحدة الصحية فحصه الطبيب وشخص الحالة بأنه مصاب بضعف عام وأنيميا حادة وطلب من أمه التى جاءت تجرى من أجل فلذة كبدها أن تهتم بتغذيته مع الحرص على إعطائه الأدوية التى وصفها له.. استدان الأب وقام بتوفير الأدوية كما عملت الأم على تغذيته بقدر المستطاع، ولكن حالة الابن فى تدهور مستمر فطلب الطبيب إجراء تحاليل وعندما ظهرت نتائجها كانت كالصاعقة التى ضربت الأسرة بأكملها فقد أبلغ الطبيب الأب بأنه يشك فى إصابة الابن بمرض السرطان، ولكن ليتم التأكد من ذلك يجب عرض الابن على أطباء متخصصين ولذلك تم تحويله إلى المعهد القومى للأورام، وكانت رحلة قاسية على الأب والأم والابن.. حضروا إلى القاهرة فى ركب حزين لا يعلم مدى حزنه إلا الله.. ذهبوا إلى المعهد القومى للأورام، وتم فحص الابن وإجراء التحاليل والفحوصات اللازمة والتى أكدت إصابة الابن بلوكيميا حادة بالدم وأنه فى حاجة لجلسات كيماوى وإشعاعى.. وأقام الابن وأمه بالمعهد لمدة شهر لتلقى العلاج فى محاولة من الأطباء لوقف زحف المرض وطلب الأطباء من الأم التردد على المعهد يومين كل أسبوع للمتابعة الدورية لحالته.. خمسة أعوام من الشقاء كل هذا والأسرة بأكملها صابرة راضية بقضاء الله وقدره ولكن بمرور الأسابيع والشهور وزيادة الأسعار وقلة الدخل وتقدم الأب فى السن أصبح دخل الأسرة لا يكفى لتغطية متطلبات المرض وأرسل الابن المسكين رسالة حزينة يؤكد فيها أن أباه غير قادر على أن يوفر له احتياجات ومصاريف مرضه ويطلب المساعدة، فهل يجد من يقف بجانبه من يرد يتصل بصفحة مواقف إنسانية.