«اعترف بأن الشعب المصرى يحتاج إلى جرعات مكثفة من الديمقراطية، وأن مشروعات القوانين التى توافق عليها اللجنة التشريعية فى مجلس الشعب تحتاج أيضاً إلى إعادة نظر، وأن برلمان الثورة تسرع عندما وافق على إلغاء قانون لجان فض المنازعات، وأن رغبة الإخوان فى السيطرة على كل مؤسسات الدولة بداية لسكة الندامة». هذا ما أكد عليه الفقيه القانونى الكبير المستشار عادل قورة رئيس محكمة النقض ورئيس مجلس القضاء الأعلى الأسبق فى حديثه لأكتوبر مضيفاً أن الحكم على مجلس الشعب حاليا لن يكون دقيقاً، لأن البناء الديمقراطى لم يكتمل بعد، وأن قانون العزل السياسى له أغراض سياسية ولا علاقة له بالدستور وأن مشروع إعادة هيكلة الدستورية العليا الذى وافق عليه المستشار الخضيرى أسوأ من مذبحة القضاة فى 69. وأضاف المستشار قورة: قلت للإخوان إذا أردتم دخول السياسة، فادخلوا فيها برفق، وأن التصريحات العنيفة لمحمد مرسى لن تكون فى صالحه، لأن الشعب المصرى لن يقبل بمثل هذه التهديدات وأن أحمد شفيق استفاد من حرق مقره الانتخابى فى الدقى لأن الشعب يكره الظلم والفساد فى الأرض.. تفاصيل مثيرة فى نص الحوار التالى: * فى البداية ما هو تقييم المستشار عادل قورة لأداء برلمان الثورة، أو برلمان الإخوان، كما يطلق عليه البعض؟ ** حتى نكون منصفين أقول لك بأنه لا يمكن الحكم بصورة نهائية على مجلس الشعب فى تلك الفترة الوجيزة لأن البناء الديمقراطى لم يكتمل بعد، كما أن ملامح الصورة لم تتبلور، وبالتالى فالتقييم يحتاج إلى مزيد من الوقت حتى يمكن إصدار الحكم. * وماذا عن مشروع قانون إعادة هيكلة المحكمة الدستورية العليا؛ الذى وافق عليه المستشار الخضيرى بصفته رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب. **أولاً المستشار الخضيرى كان من أوائل القضاة الذين كانوا يدافعون عن القضاة، وكان ينادى باستقلال القضاء فى عز مجد النظام السابق، وله مواقف لا تنسى فى محراب العدالة، ولكن مشروعات القوانين التى توافق عليها اللجنة التشريعية حالياً تحتاج إلى إعادة نظر، ومنها قانون عزل قضاة المحكمة الدستورية العليا الذى يتنافى مع الدستور والقانون. *وهل غابت تلك الحقائق عن المستشار الخضيرى أو النائب محمد العمدة وكيل اللجنة؟ **أنا لا أتكلم عن أشخاص، ولكن أقول لك - وأعى ما أقول - أن قضاة المحكمة الدستورية العليا محصنون ضد العزل، حتى لو أسندت إليهم وظائف قضائية أخرى، وذلك بنص الدستور. *ولماذا لم يرد المجلس القومى لحقوق الإنسان أو الهيئات القضائية على مشروع المستشار الخضيرى الذى وافق عليه د.الكتاتنى؟ **فى المجلس القومى لحقوق الإنسان.. قمنا بدورنا على أكمل وجه، وأدنا اقتراح اللجنة التشريعية لأن المحكمة الدستورية العليا هى أقوى حصون العدالة وأن قضاتها من شيوخ القضاة. *هناك من يربط عزل قضاة الدستورية العليا بمذبحة القضاء فى 69.. هل هذا صحيح؟ **هذا صحيح لأن أكبر كارثة حلت على القضاء المصرى كانت عام 1969 فى عهد الرئيس عبد الناصر.. ولكن عزل قضاة الدستورية العليا يعد أسوأ مما حدث فى 69، لأن ما حدث فى عهد عبد الناصر كان مذبحة للقضاء العادى، أما ما يحدث الآن فهو عزل لقضاة محكمة مصنفة فى المركز الثالث عالميا كما أنها صاحبة تراث قضائى لا مثيل له. *هل مشروع قانون عزل قضاة الدستورية بمثابة كارت إرهاب لأعضاء المحكمة؟ **أنا لا أميل لمصطلح «كارت إرهاب». ولكن تقديم مشروع قانون هيكلة الدستورية فى هذا التوقيت بالذات، محل تساؤلات واستفهامات كثيرة لعدة أسباب منها: أن مشروع القانون أو الاقتراح المقدم من اللجنة التشريعية بمجلس الشعب طالب صراحة بعزل قضاة المحكمة الدستورية وحدد بالأسماء من يأتى بدلاً منهم، كما حدد شروطاً لا تنطبق على قضاة الدستورية العليا، كأن يحل مثلاً رئيس محكمة النقض محل رئيس الدستورية العليا، وبات من المؤكد أن مجلس الشعب يدافع عن نفسه بالهجوم المبكر على الدستورية العليا خشية حل البرلمان، على أساس أن الهجوم خير وسيلة للدفاع، والهجوم يتم بشكل غير منطقى بالعزل والافتئات على قضاة المحكمة، بعد أن أشيع أن المحكمة تتجه إلى حل المجلس، فى توقعات لا تستند إلى وقائع، وإذا كانت المحكمة لم تصدر أى أحكام، فلماذا يتم استباق الأحداث؟. *وإذا كان الشىء بالشىء يذكر.. ماذا عن قانون العزل السياسى؟ **قانون العزل السياسى غير دستورى، وبه انحراف تشريعى واضح لعدة أسباب، منها: رجعية القانون، أى تطبيقه بأثر رجعى، وفى هذا فإن مجلس الشعب تجاوز أيضاً استعمال سلطة التشريع والتعدى على سلطة القضاء بما يمثل افتئاتاً على القضاء الجالس؛ كما أن قانون العزل المنظور حالياً أمام الدستورية العليا يفتقد لقاعدة النص القانونى الذى يجب أن يكون مجرداً، وألا يصدر فى حق أشخاص بعينهم، ولا ينطبق على مسئولين فى الماضى، وألا ينطبق على غيرهم فى المستقبل، كما أنه يفتقد لمبدأ المحاكمة العادلة، وتوقيع الجزاء وحق الدفاع. *هذا يعنى أن قانون العزل السياسى له أغراض سياسية؟ **هذا الكلام به جانب كبير من الصحة، وهو أن إصرار مجلس الشعب على إصدار مثل هذا القانون فى هذا التوقيت بالذات يخضع لدواع سياسية بحتة لخدمة مرشح بعينه، أو منع مرشح بذاته، ومن هنا فأنا أعتقد أن هذا القانون له خلفية سياسية وليس خلفية قضائية أو قانونية، كما أنه غير دستورى إذا قسناه بالمقاييس أو المعايير الدستورية والقانونية لأنه بمثابة «تأبيدة» للشخص المراد عزله لأنه يحرمه من مباشرة حقوقه السياسية لمدة 10 سنوات قادمة. *كيف نفض الاشتباك الحالى بين تشريعية الشعب ووزارة العدل بعد موافقة الأولى على إلغاء القانون رقم 7 لسنة 2000 الخاص بلجان فض المنازعات، وإصرار «العدل» على إبقائه. **كل واحدة منهما لها وجهة نظر فى إلغاء القانون أو الإصرار على إبقائه، وقبل محاولة فض الاشتباك لابد من التأكيد أن «النية الطيبة» كانت الدافع الأساسى وراء إنشاء لجان فض المنازعات لتيسير إجراءات التقاضى بين الأشخاص والحكومة لتخفيف العبء عن القضاة لكثرة القضايا فى المحاكم، وفى ذات السياق فقد أكد د.عاطف عبيد رئيس مجلس الوزراء وقتها أن الحكومة ملتزمة بما تصدره هذه اللجان القضائية من توصيات لم ترق إلى حكم المحكمة لأسباب دستورية بحتة. *ولكن الدولة لم تنفذ توصيات أو أحكام لجان فض المنازعات؟ **هذه حقيقة فقد كانت لجان فض المنازعات تعمل بحرفية عالية، وكان شيوخ القضاة يجدون متعة فى العمل نظراً للخبرة الطويلة التى يتمتعون بها ولكن مع هذا الجهد فقد كانت الحكومة تعمل «ودن من طين وأخرى من عجين» أى أنها لم تلتزم أدبياً بما تعهدت به، وأعطت ظهرها لتوصيات لجان فض المنازعات فتحولت تلك اللجان من دافع لتسيير إجراءات التقاضى إلى معوق لهذه الإجراءات بسبب إصرار الحكومة على تجاهل تلك التوصيات أو عدم احترامها لها، ومن هنا فالعيب ليس فى اللجان ولكن فى الوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية التى لم تستجب لتوصيات اللجان. *وإذا كان العيب فى الحكومات المتعاقبة.. لماذا لم تنتظر اللجنة التشريعية على القانون رقم 7 لسنة 2000 لحين تشكيل حكومة جديدة، ومن ثم الحكم بعد ذلك على تلك اللجان؟ **هذا هو بيت القصيد، ولذلك كان يجب على اللجنة التشريعية الانتظار لحين تشكيل حكومة الثورة، وعندها يكون لكل حادث حديث، أما إلغاء القوانين أو اللجان بهذه الطريقة فعليه علامات استفهام كثيرة. *هناك من يقول إن لجان فض المنازعات كانت بمثابة مكافأة نهاية الخدمة لبعض القضاة؟ **هذا الكلام مجرد شائعات لا أساس لها من الصحة لأن قضاة مصر لا يباعون أو يشترون، وأن أعضاء لجان فض المنازعات من شيوخ القضاة، وكانوا يقيمون المنازعات المعروضة عليهم تقييماً سديداً، وأن توصياتهم كانت صائبة، ولكن الدولة لم يكن لها رغبة فى تفعيل تلك التوصيات. *معالى المستشار عادل قورة بماذا تفسر الهجوم الشرس على قضاة مصر الآن؟ **لا أستبعد أن يكون الهجوم على القضاة خطة ممنهجة للنيل من هيبة الدولة ولكن مع كل هذه الأباطيل، فإن حصن العدالة سيكون شامخاً بفضل قضاة مصر الذين يدركون جيداً أن المهمة صعبة وثقيلة، ولا رقيب عليهم إلا الله وضمير القاضى. *بات من الواضح أن الإخوان تريد السيطرة على لجنة إعداد الدستور، ولولا شراسة التيارات الأخرى لقضى الأمر؟ **الظواهر تقول ذلك، وقد ظهر أن الكثرة العددية فى مجلس الشعب كانت تسعى لتشكيل لجنة إخوانية مستغلة المادة 60 فى الإعلان الدستورى، وبعد حكم القضاء الإدارى حاول د. الكتاتنى تشكيل لجنة مختلطة، فهددت التيارات الليبرالية بتصعيد الأزمة وفى المرة الثالثة قرر الكتاتنى سحب مشروع قانون اللجنة التأسيسية والتفاوض مع القوى السياسية الأخرى. *وما مغزى هذا التحايل؟ **كل الشواهد تؤكد أن جماعة الإخوان تريد السيطرة على مؤسسات الدولة وهذا أول سكة الندامة، وقد قلت لهم إذا أردتم مصلحة الوطن فادخلوا السياسة برفق، وذلك لتخوف قطاعات كبيرة أو رفض قطاعات كبيرة لتلك السياسة، ويكفى الآن قوة الإخوان العددية فى المجلس التشريعى، والذى من خلاله يمكن فعل المعجزات، والوصول إلى قلب كل مواطن والعمل لصالحه، وإقناعه بالدور الذى يقوم به أعضاء حزب الحرية والعدالة لخدمة الشعب، فإذا نجحوا فى خدمة الناس فأهلاً وسهلاً، وإذا لم ينجحوا فالباب مفتوح، ولذلك فالمجلس التشريعى هو جواز مرور لبقاء الإخوان فى السلطة أو خروجهم منها. *هل توقع المستشار عادل قورة جولة الإعادة ونتيجة الانتخابات الرئاسية؟ **بالنسبة للشق الأول من السؤال فقد توقعت جولة الإعادة، وقلت فى أحد البرامج أنها ستكون بين الخمسة الكبار وهم موسى وشفيق ومرسى وأبوالفتوح وحمدين، وقد كان، أما نتيجة الانتخابات فإنها لم تكن متوقعة فرغم شفافية ونزاهة الانتخابات والإشراف القضائى الراقى، والذى شهدت به المنظمات المحلية والدولية، والدور البطولى الذى قامت به القوات المسلحة وديمقراطية الصندوق فإن النتيجة خلفت ظنى فى موسى وأبوالفتوح، حيث توقعت أن تكون المنافسة بينهما نظراً للتاريخ السياسى الطويل لعمرو موسى، وشعبية أبوالفتوح بين الشباب. *هذا بالنسبة لموسى وأبو الفتوح.. فماذا عن مرسى وشفيق؟ **كانت النتيجة مفاجأة أيضاً، فلم أكن أتوقع صعود مرسى إلى جولة الإعادة ولا حتى شفيق.. رغم نزاهة الانتخابات وديمقراطية الصندوق؟ *ولماذا شفيق؟ **لأن الفريق شفيق تعرض لحملة شرسة من الإخوان وشباب الثورة، ووصفه دائماً بأنه من الفلول ومن أركان النظام السابق، وأنه لا يستحق الترشح ويجب عزله. ويبدو أن هذه الحرب جاءت فى مصلحة الفريق شفيق. *كيف تكون فى مصلحته وقد تشوهت صورته؟ **الشعب المصرى أذكى شعوب الأرض، ولا يمكن أن يضحك عليه أحد، والفلاح على «المصطبة» فى أى نجع أو قرية يفهم سياسة أكثر من أى واحد، وبات من الواضح أن الشائعات التى يتم ترويجها بلا دليل أو سند قانونى تأتى فى مصلحة المرشح. *مع أن نتائج الانتخابات تؤكد تفوق د.مرسى على د. شفيق، مما يؤهله للفوز بمنصب رئيس الجمهورية، هل تتوقع حدوث مفاجآت بأن يفوز شفيق بمنصب الرئيس مثلاً؟ **الأيام حبالى بالمفاجآت والصندوق هو الفيصل، ولكن الواضح للعيان أن تصريحات الإخوان تحتاج إلى تأديب وتهذيب وإصلاح إذ ليس من الكياسة أن يعلن د. مرسى على الملأ أنه سيسحق بالأقدام أنصار أو فلول النظام السابق، وعلى من كتب له هذا الخطاب، وقال له قل هذا الكلام أن يكون أكثر كياسة، حيث أضره ضرراً بالغاً، لأنه بذلك الخطاب اكتسب عداوة أكثر من 5 ملايين مواطن أعطوا أصواتهم لشفيق، كما أن التصريح يحمل المعنى المجازى للعنف، أى إذا لم ننجح سيكون هناك طريق آخر، والشعب المصرى لا يقبل مثل هذه التصريحات أو التهديدات، ومع هذا، وإحقاقاً للحق فإن لفظ «سنسحق» مصطلح سياسى بحت ولكن يجب أن يقول «سنسحق بالديمقراطية» وليس بالأقدام، يجب على د.مرسى إقناع الشعب باختياره، وليس بتهديده أو تخويفه، السحق بالأقدام يعنى أننا خالفنا ما اتفقنا عليه فى المسيرة الديمقراطية. *معالى المستشار نعود إلى السؤال.. هل تتوقع فوز الفريق شفيق رغم وقوف جماعة الإخوان، وباقى التيارات الإسلامية خلف مرسى؟ **القراءة للمشهد السياسى وخاصة فى جولة الإعادة تؤكد أن المنافسة ستكون شرسة جداً، لأن الإخوان تعتبر الفوز بمنصب الرئيس مسألة حياة أو موت، ولكن فى المقابل لا نستهين بموقف الفريق شفيق، الذى نجح فى الجولة الأولى بحصد أصوات الكثير من القوى والتيارات السياسية ومنها مثلاً مجموعة من ائتلافات شباب الثورة وإعلان شادى الغزالى حرب، وهو من طليعة شباب الثوار تأييده للفريق شفيق، كما يقف خلف الفريق شفيق جميع الطرق الصوفية الذى أكد لهم أنه واحد منهم، بالإضافة إلى الأقباط، الذين يتطلعون مع باقى فئات الشعب إلى تفعيل حق المواطنة، وحرية العبادة، ومدنية الدولة ولا ننسى أيضاً أن الفريق شفيق يحظى بدعم قطاعات كبيرة من موظفى الدولة وقطاعات السياحة والآثار، والأغلبية الصامتة فى البيوت، والسيدات اللائى يخفن على بناتهن فى المدارس والجامعات بعد أن فقدن الأمن فى الشارع، بالإضافة إلى التجار ورجال الأعمال، وأصحاب المصانع، والمزارعين فى قرى ونجوع مصر الذين يبحثون عن الاستقرار وتوفير لقمة العيش، ولا تعنيهم الصراعات أو التحزبات السياسية من قريب أو بعيد. وفى ذات السياق يقول المستشار عادل قورة: أنا أستخلص هذه المشاهد من خلال القراءة السياسية والتوقعات وليس التكهنات لسبب بسيط وهو أننى لم أشارك فى يوم من الأيام فى أى نشاط انتخابى، أو أى حملة دعائية ولم أنضم إلى أى حزب سياسى. **سؤال يدور فى كثير من الأذهان وهو ما الذى ضيع د. عبد المنعم أبو الفتوح؟ **الذى ضيع أبو الفتوح ومعه عمرو موسى المناظرة التى أذاعتها قناة دريم مع ال ontv، حيث ظهر كل منهما، وكأنه رئيس مطلق له صلاحيات مطلقة، ومن هنا فقد تخوفت قطاعات كبيرة من صناعة فرعون جديد، وكان هذا بالطبع فى مصلحة الفريق شفيق ود. محمد مرسى. *ألا تتوقع أن يكون الرئيس القادم فرعوناً جديداً؟ **يمكن أن يكون.. أو لا يكون.. بمعنى أنه إذا كانت صلاحيات رئيس الجمهورية مطلقة فى الدستور الجديد، ظهر فرعون جديد، أما إذا تم تحديد صلاحيات الرئيس، وإنشاء مؤسسات فاعلة تشاركه أنظمة الحكم، وتأسيس بنيان دستورى قوى، لن يظهر فرعون جديد. *هل يؤيد المستشار عادل قورة النظام البرلمانى أم المختلط أم الرئاسى؟ **فى هذه المرحلة أؤيد النظام المختلط بعد تحقيق الديمقراطية وتحقيقها لا يكون بالصندوق فقط ولكن يوجود أحزاب قوية يمكنها التنافس على كرسى الحكم ومن الأفضل لمصر تطبيق النظام البرلمانى بعد تشكيل وعى الناخب، واختياره رئيسه بإرادته، بعيداً عن حكاية الرشاوى الانتخابية التى باتت ظاهرة للعيان. *ما هو تعليق المستشار قورة على حرق المقر الانتخابى للفريق أحمد شفيق؟ **قبل الإجابة عن هذا السؤال، أسأل سؤالاً عاماً وهو.. هل نريد رئيس دولة فرعون يتحكم ويسيطر ويملأ المعتقلات والسجون بالأبرياء، أم نريد ديمقراطية، واحترام رأى الأغلبية كما يحدث فى كل دول العالم المتقدم. فالمفروض أن نسير فى طريق الديمقراطية رغم صعوبته، مع التأكيد بأنه طريق شاق، ولكن لابد أن نقتنع به حتى لا يضطر الشعب إلى البحث عن رئيس ديكتاتور يضمن هيبة الدولة وليس هيبة الشعب، ولذلك - كما يقول المستشار عادل قورة - فإن قطاعات كبيرة من الشعب تحتاج أن تتربى ديمقراطياً، وأولى مبادئ الديمقراطية هو القبول بنتيجة الصندوق حتى لو كانت فى غير صالحى لأن هذه معركة انتخابية، ويوجد فيها طرفا صراع، ولابد أن يوجد غالب ومغلوب، ويجب أن نتعلم من فرنسا، حيث فاز «أولاند» على ساركوزى بنسبة 4% فقط، الرئيس السابق حصل على 48% والجديد على 52%، ومع ذلك كان ساركوزى أول المهنئين لأولاند، هذا هو قمة التحضر، أما التظاهر والاعتراض، وحرق المنشآت والمقرات يؤكد أن هذا الشعب يحتاج إلى أن يتربى ديمقراطياً. *هذا يؤكد أن بيننا وبين العالم الغربى مراحل من الديمقراطية؟ **هذا صحيح فتشرشل فى انجلترا مثلاً.. فرغم النصر الذى حققه لانجلترا فى الحرب العالمية الثانية والنهضة الصناعية الكبرى التى تحققت فى عصره فشل فى الانتخابات، ومع ذلك لم يعترض لأن الاختيار كان بناء على إرادة شعب، واحترم الجنرال البريطانى إرادة الأغلبية، ونفس الموقف حدث مع شارل ديجول وهو من هو بالنسبة لفرنسا طرح نفسه فى الانتخابات، وعندما لم يحصل على النسبة المقررة فى القانون انسحب بكل هدوء. *وما أهم مبادئ الديمقراطية؟ **أهم مبادئها هو احترام رأى الأغلبية، ومن يعترض، عليه أن يعترض بالسياسة أو بالقانون. *كيف يكون الاعتراض بالسياسة والقانون؟ **بالسياسة أن ينضم لحزب سياسى معارض، أو يؤسس حزباً يعترض من خلاله، حتى يصبح له كيان واحترام بين الناخبين، أما الاعتراض بالقانون هو أن يلجأ المتضرر للقضاء، وأعلى درجات التقاضى هو اللجوء للمحكمة الدستورية العليا، أما أن يشجع المرشح الراسب على الحرق أو قطع الطريق فهذا لا يجوز أبداً. *بماذا تنصح واضعى الدستور الجديد؟ **أنصح أن تتم صياغة مدة حكم الرئيس بكل دقة، بحيث لا تزيد على فترتين بأى حال من الأحوال بمدة 4 أو 5 أو 6 سنوات على أقصى تقدير، وأُفضِّل ألا تزيد المدة الواحدة على 5 سنوات من وجهة نظرى حتى لا نخلق فرعوناً جديداً. *هناك من يرى أن التظاهر أمام الهيئات القضائية، كمجلس الدولة أو دار القضاء العالى، أو أمام الدستورية العليا حرية شخصية على أساس أن حرية التظاهر مكفولة للجميع وفى أى مكان؟ **حرية التظاهر مكفولة للجميع، ولكن ليست فى أى مكان كما يروج أصحاب المصالح، وإذا كان التظاهر فى ميدان التحرير مقبولاً، فإن التظاهر أو الاعتراض أمام الهيئات القضائية غير مقبول لأن العدالة تحتاج إلى هدوء وليس إلى ضغوط.