لعل أسوأ ما فى فيلم «المصلحة» الذى كتبه «وائل عبد الله» وأخرجته «ساندرا نشأت» أنه يتأرجح فى فكرته بين العام والخاص فلا تعرف على وجه التحديد هل هو فيلم عن مكافحة المخدرات أم عن الثأر الشخصى؟! الحقيقة أنه بسبب هذا التشوش انتهت حكاية حرب الداخلية ضد مُهربى المخدرات فى سيناء إلى تصفية حسابات بين زعيم المهّربين والضابط الشاب الذى قتل المهّربون أخاه الأصغر، وهكذا قدّم الفيلم صورة خاصة جداً وفردية للشرطة فيما كان يريد أن يُبرز جهودها فى المكافحة والتصّدى، ويضاف إلى هذا الخلل الجوهرى فى السيناريو بعض التفاصيل التائهة التى افسدت المشاهدة، وقلّلت كثيراً من الجهد الكبير الذى بذله «أحمد السقا» و«أحمد عز» فى أول بطولة مشتركة بينهما. منذ المشاهد الأولى، يتحدد طرفا الصراع: أشهر مهربى المخدرات فى سيناء «سالم المسلمى» (أحمد عز) ومعاونه العجوز «أبو فياض» (صلاح عبد الله) فى مواجهة الضابط «حمزة» (أحمد السقا) الذى نراه يشارك فى بداية الفيلم فى حملة لإحراق مزارع البانجو التى يزرعها «سالم»، سنعرف فيما بعد أن حمزة فى المباحث، ولكننا رأيناه وسط ضباط الأمن المركزى، وعندما يموت الضابط «يحيى» (شقيق حمزة) على يد الشاب «سليمان» شقيق المهرب الأكبر «سالم» يقرب حمزة أن ينتقل إلى جهاز مكافحة المخدارت ليصبح الصراع سافراً مع «سالم». ورغم أننا شاهدنا مزارع البانجو وهى تحترق، فإن «سالم» يصرّ دون مبرر كاف على استخدام شحنة ضخمة من المخدرات من بيروت عبر الأردن، ورغم أنه متعلق منذ سنوات بالفاتنة «شادية» (زينة) التى تعيش مع شقيقه «سليمان»، إلا أنه يوافق على أن يتزوج من «نانسى» ابنة تاجر المخدرات اللبنانى، وبينما يتابع حمزة أخبار الصفقة القادمة من لبنان دون أن نعرف بالتفصيل كيف اهتدى إلى مسارها، يتابع فى نفس الوقت محاولة الكشف عن «سليمان» الذى هرب بعد الحكم بإعدامه فى قضية مقتل «يحيى». يختلط العام بالخاص على نحو مرتبك ومشوش، ويخوض «سالم» معركة غريبة لتوريط «حنان» (حنان ترك)، زوجة «حمزة» فى قضية مخدرات، ولايتبقى فى النهاية إلا المواجهة المنتظرة بالكشف عن مكان «سليمان»، والقبض على شحنة المخدرات القادمة من الأردن، ويحسم «حمزة» القضية بوضوح عندما يقوم بقتل «سليمان»، بعد القبض عليه وأمام أخيه وزملائه من الضباط، لذا نكتشف أن تعبير «المصلحة» لا تعنى فقط اللفظ الذى يطلقه المهرّبون على البضاعة، ولكنه يعنى أيضا مصلحة الضابط الشخصية فى الانتقام لأخيه..!! هناك جهد كبير فى تنفيذ الفيلم، واجتهاد أكبر من «السقا» و«عز» ومشاهدهما المشتركة هى الأفضل فى الفيلم كله، ربما لم يتخلص «عز» من عيبه الأكبر بعدم السيطرة على صوته عندما يرتفع الصوت أو يصرخ ولكنه عوض ذلك نسبياً بخفة الظل، كان من الواضح ان هناك تقسيماً «بالمازورة» للمشاهد بين الاثنين على أن يقوم صلاح عبد الله بدور رمانة الميزان وقد قام بذلك بامتياز على العكس كانت الشخصيات النسائية هامشة ولولا مشهد تلفيق المخدرات لنسينا حنان ترك، أما ياسمين رئيتى فقد قامت بدور عروس جميلة، وبدت شخصية «كندة علوش» (نانسى)، و«شادية» (زينة) غامضتين، أسرفت ساندرا فى استخدام الزووم، ولكن يحسب لها قيادتها الناجحة للممثلين، وضبط إيقاع الفيلم مع المونتير «أحمد حافظ»، وأظن أنها تجربة جديرة بالمشاهدة رغم مشاكلها الواضحة.