اللغة العربية صارت مهددة الآن فى عقر دارها، النظم العربية كلها أهانت وحاربت اللغة العربية، ومؤتمرات الاهتمام بها كانت تعقد فى دول غير عربية، والمعجم التاريخى للغة العربية المشروع الأكبر منذ أكثر من نصف قرن لم يتقدم خطوة واحدة، وجامعة الدول العربية ستصبح أكثر فائدة وتأثيرا لو أنها قامت كمؤسسة ثقافية بدلا من دورها السياسى الممزق، إن منافقة أولياء الأمور والتلاميذ سبب مهم فى تدهور اللغة العربية فى التعليم والمدارس، فاللغة العربية تم إقصاؤها تماما فى الجامعات الدولية المنتشرة فى مصر الآن كالألمانية والكندية والروسية والفرنسية، والأمل معقود على مشروع قادم من الجزائر باسم الذخيرة. انتهى المؤتمر السنوى الثامن والسبعون لمجمع اللغة العربية والذى استمر خمسة عشر يوما بعد أن ناقش واقع اللغة العربية وأسباب ضعفها بين أبنائها، وسبل النهوض بها، ونشر التعليم باستخدام الحاسوب للرقى بتعليمها، وسنحاول هنا الوقوف عند أهم ما قدم من بحوث أو مناقشات. يقول د. حسن الشافعى رئيس المجمع إن الواقع اللغوى داخليا للأسف ينحدر، فهناك أقطار عربية منها مصر تستخدم الانجليزية والفرنسية وغيرهما، فالعربية مهددة فى عقر دارها، وأكد الشافعى على ضرورة اتحاد العرب للنهوض باللغة العربية. وفى تصريح للأستاذ فاروق شوشة أمين المجمع عن أية مبادرة تتبناها جامعة الدول العربية لإنشاء مجمع قومى للغة العربية قال إن مؤسسة جامعة الدول العربية عاجزة عن أن تقوم بدورها على الوجه المنشود، نظراً لطبيعة الصراعات فيها بين بعض الدول العربية وبعضها، ولو أن هذه الجامعة قامت على أساس أنها مؤسسة ثقافية منذ قامت فى أربعينيات القرن الماضى لقادتنا إلى وحدة فكرية وثقافية. وقال إن العمل فى المعجم التاريخى للغة العربية قائم منذ سنوات إلا أنه لم يتقدم خطوة واحدة، ورفض شوشة توجيه نداء للحكومات للاهتمام باللغة العربية ووجه دعوة لزملائه من المجمعيين والأكاديميين والأساتذة فى الجامعات والمعنيين باللغة العربية أن يعطوها مزيدا من اهتمامهم حتى تستيقظ الحكومات، كذلك رفض شوشة أن يكون لرجال الأعمال أى دور فى نهضة اللغة العربية، قائلا: نحن لا نطلب معونات من أحد، بل نطالب فقط باهتمام جموع المثقفين باللغة العربية. وأشار د. محمود الربيعى الأستاذ بكلية دار العلوم وعضو المجمع إلى أن تدريس العلوم المختلفة فى التعليم باللغات الأجنبية لم يحقق للأمة أى تقدم، ودعا أن يأخذ المجلس القومى للترجمة دوره فى القيام بترجمة أهم الكتب فى العلوم المختلفة للعربية، وقال: من الغريب أن المؤتمرات التى تحث على تعلم اللغة العربية كانت تعقد فى بلاد غير عربية كأندونيسيا وماليزيا وأن الشعوب غير العربية تقبل على تعلم اللغة العربية. وأضاف أن السبب فى ضعف اللغة العربية أننا فى التعليم نافقنا أولياء الأمور والتلاميذ إلى حد مزر فانتهى الأمر إلى تدهور اللغة العربية. من جانبه أكد د. حسنين ربيع أستاذ العصور الوسطى بكلية الآداب جامعة القاهرة وعضو المجمع أن غياب اللغة العربية فى الجامعات الكندية والأمريكية والفرنسية فى منتهى الخطورة على مستقبل اللغة العربية، وأننا لو تركنا الأمر كما هو فإننا سوف نذوب فى ثقافة الآخرين. وأكد على ضرورةوضع قواعد ونظم للمدارس الأجنبية والجامعات لفرض مناهج دراسية باللغة العربية. وقال د. شاندو رفودور من هنجاريا وأستاذ بجامعة بودابست إن هناك إقبالاً كبيراً من طلاب هنجاريا، فقد وصل عدد الطلاب منذ وقت قصير إلى حوالى مائة وعشرين طالبا وهو عدد ليس بالقليل، وعما إذا كان هؤلاء الطلاب يدينون بالإسلام قال إن تعلم اللغة العربية ليس مرتبطاً بديانة محددة فاللغة العربية لغة غنية فى حد ذاتها. وقال د. عبد الهادى التازى عضو المجمع من المغرب: لا بد أن تكون الثورة فى جميع مناحى الحياة وأولها اللغة العربية التى تعرضت للإهانة والإهمال من ناطقيها. ومن جانبه أكد د. صادق أبو سليمان أستاذ اللغة العربية بجامعة الأزهر على ضرورة متابعة العلماء وذوى المعرفة لإقناع الحكام بأهمية العربية هذا مع عدم إهمال النشء لأنه غد اللغة العربية ومستقبلها، كما شدد على ضرورة استخدام الحوسبة فى تعليم العربية لأنه سيكون مفيداً لما له من إمكانات تجذب المتعلمين. وقال د. عبد الرحمن الحاج صالح عضو المجمع من الجزائر متحدثا عن المجمع اللغوى فى الجزائر إنه يتبع رئيس الجمهورية، وهو مسئول عن مشروع كبير باسم الذخيرة العربية وهو مشروع قديم كافحت الجزائر لكى يكون على مستوى دولى، وهو محرك بحث على غرار جوجل الأمريكى يحتوى على كل المعلومات العلمية والتاريخية والأدبية والسياسية والثقافية، فهى بمثابة موسوعة ناطقة ذكية تفهم السؤال وتجيب عنه وتشترك فى هذا المشروع ثمانى عشرة دولة عربية الآن تشرف الحكومة الجزائرية عليه، وقد توقف المشروع لفترة بسبب ثورات الربيع العربى وخاصة أن مصر تمر بفترة عدم استقرار أمنى، وأشار الحاج إلى أن الهدف من المشروع نبيل ومفيد وسيصب فى مصلحة اللغة العربية. وأشار أن الدول الناشطة فى هذا المجال الأردن، ثم تأتى الجزائر، ثم السعودية التى لديها مشروع كبير يشمل سبعمائة كلمة مترجمة لإضافتهم إلى محرك البحث. وطرح د. محمد شفيع السيد عضو المجمع التحديات التى تواجه اللغة العربية وهو ما يحدث فى التعليم محدداً نوعين من المدارس التى تضيع فيها اللغة العربية المدارس التجريبية والمدارس الدولية التى عملت على انتقاء منهج اللغة العربية، وأصبحت المناهج ذات مخرج هزيل، فالإدارة العامة للتعبئة والإحصاء أشارت إلى أنه فى فبراير 2011 كان عدد تلك المدارس وصل إلى 81 ألف و200 مدرسة إلا أنه بعد الثورة تم فتح الباب لهذه النوعية من المدارس. وأكد أن إقصاء اللغة العربية فى الجامعات الألمانية والكندية والروسية والفرنسية أدى إلى تدهور اللغة العربية بين أبنائها وزحفت اللهجة العامية على اللغة العربية، ونادى بضرورة أن يتبنى أعضاء مجلس الشعب قضية اللغة العربية باعتبارها قضية وجود.