عراقيل كثيرة تواجه موسم الحج هذا العام، إذ لا يزال الخلاف محتدما بين وزارة الداخلية وشركات السياحة حول أحقية تنظيم حج القرعة، بينما تقف وزارة السياحة على الحياد. وعمق الأزمة حول تجاهل وزارة الداخلية الدعوى المنظورة أمام القضاء والتى تطالب فيها شركات السياحة بالحصول على حصة تأشيرات الحج كاملة، بينما ترى الداخلية أنها تنفذ تعليمات اللجنة العليا للحج، كما اشعل الخلاف تهديدات الشركات للسياحة للداخلية بضرورة التوقف عن حجز سكن الحجاج بالسعودية قبل أن يقول القضاء كلمته.. «أكتوبر» التقت أطراف الأزمة فى سياق التحقيق التالى: فى البداية يوضح حسام الشاعر رئيس غرفة شركات السياحة أسباب رفض قرار اللجنة العليا للحج باستمرار العمل بنفس النظام الذى كان متبعا فى الأعوام السابقة..قائلا: هذا القرار شعرنا معه أنه لا تغيير فى شىء وإلا فكيف تنظم الداخلية حج القرعة بعد المهازل العديدة التى تعرض لها حجاجها الموسم الماضى والتى رصدها رئيس بعثة الحج وزير الأوقاف. ومع ذلك لم نسمع عن معاقبة مسئول أو التحقيق مع أحد أو إعادة الحق للحجاج الذين أضيروا.. ويبرر الشاعر سعى الغرفة والشركات لتنظيم الحج قائلا: إن هذا التحرك ينطلق من دور الغرفة فى الحفاظ على حقوق شركاتها وتخصصهم فى العمل، فالقانون منح شركات السياحة فقط حق تنظيم الرحلات داخليا وخارجيا بما فيها رحلات الحج والعمرة.. وحتى لا يظن البعض أن شركات السياحة تسعى لتنظيم حج القرعة سعيا للربح على حساب راحة الحجاج فإننا نؤكد أن تنظيم الحج المصرى لن يتم إلا من خلال رقابة صارمة من الدولة وطبقا لشروطها وتحت أعينها، كما أن هناك مشروعا متكاملا أعدته لجنة السياحة الدينية بالغرفة حول حج الدولة ومنه يتأكد الجميع أن تنظيم الشركات لحج القرعة يحقق صالح الجميع دولة ومواطن بسيط وحتى الشركات. وحول قانونية طلب الغرفة وتحركاتها فى مواجهة الحكومة ووزارة الداخلية يقول حمدى حلاوة المستشار القانونى لغرفة الشركات إن هناك تحركات قانونية عديدة بدأتها الغرفة بالفعل فى مواجهة تعنت الدولة وعدم اهتمامها بعرض الغرفة لتنظيم حج الدولة بأسعار ميسرة.. وقال إن أول هذه التحركات قيام الغرفة بإرسال إنذار على يد محضر إلى كل من د. كمال الجنزورى رئيس الوزراء بصفته رئيس اللجنة العليا للحج وضد وزير الداخلية مطالبة بوقف قيام الداخلية بأى إجراءات خاصة بتنظيم حج القرعة هذا العام لحين الفصل فى الدعوى القضائية التى أقامتها الغرفة وتطالب فيها بأحقية شركات السياحة منفردة بتنظيم الحج المصرى كاملا.. ورفض الجهاز الإدارى بوزارة الداخلية استلام الإنذار فتم إعلان الوزير بالإنذار عن طريق النيابة العامة.. وتضمن الإنذار مطالبة وزارة الداخلية بعدم السير فى إجراءات تنفيذ حج القرعة سواء كانت تلك الإجراءات فى مصر أو المملكة العربية السعودية، مطالبا الوزارة بالامتناع تماما عن حجز أى مساكن لحجاج القرعة، مؤكدا أن سفر بعثة من الداخلية ودفع مقدمات لحجز السكن يعد إهدارا للمال العام. وأكد حلاوة أن هناك دعوى أخرى أمام محكمة القضاء الإدارى تطالب بضرورة الالتزام بالقانون 38 والذى ينص على أن تنظيم الرحلات سواء الداخلية أو الخارجية يقتصر فقط على الشركات الحاملة للترخيص وحدد شروط تلك الشركات والتى لا تطبق فقط إلا على شركات السياحة.. كما نص على منع أى جهة من تنظيم الرحلات حتى ولو كانت حج وعمرة إلا شركات السياحة فقط، مشيرا إلى أن الحج والعمرة هى رحلة مثل باقى الرحلات رغم أنها شعيرة دينية لكن هذا لا يمنح أى جهة حق التنظيم إلا شركات السياحة.. وأضاف حلاوة أن الدعوى التى تنظرها هيئة مفوضى الدولة لا تتضمن فقط الحق القانونى لشركات السياحة فى تنظيم الحج إنما تتضمن أيضا عدة مبررات أخرى لإبعاد الداخلية عن تنظيم حج القرعة وإسناده لشركات السياحة.. مشيرا إلى أن القرارات العامة من أية سلطة بالدولة يجب أن تراعى المصلحة العامة والمواءمة بين مصلحة الدولة ومصلحة المواطن، وتقتضى المصلحة العامة لحجاج القرعة عدم تنظيم وزارة الداخلية لرحلات نظرا لعدم وجود أية خبرات فنية بأمور الحج لدى الضباط الذى يسافرون للإشراف على الحجاج .. ومن جانبه أكد ناصر تركى نائب رئيس غرفة شركات السياحة ورئيس لجنة السياحة الدينية أن الغرفة حرصت على أن تسلك كافة الطرق القانونية بحثا عن حق الشركات فى تنظيم حصة مصر من الحج كاملة وذلك بعد التجاهل التام من الحكومة التى لم تكلف نفسها حتى مجرد الرد على مشروع الغرفة لتنظيم حج الدولة بأسعارأقل من وزارة الداخلية وخدمات اعلى كثيرا تراعى سلامة وراحة الحجاج، ولجأت الغرفة إلى البرلمان الذى بدأ بحث عرضها لكن الداخلية لم تنتظر رد البرلمان حول المشروع وشرعت فى تنظيم حج القرعة ضاربة عرض الحائط بكل محاولات بحث المشكلة مع السياحة وصولا لحل فى صالح الحجاج. وحول مشروع لجنة السياحة الدينية بالغرفة عن الحج الميسر يقول ناصر ترك إن الغرفة تقدمت بمشروع «الحج الميسر» للحكومة لتفادى السلبيات التى حدثت خلال الموسم الماضى لحجاج القرعة والتضامن وتضمنها تقرير رئيس البعثة، مؤكدا أن استمرار الوضع بنفس الطريقة سيؤدى إلى تكرار السلبيات.. وأضاف ترك أن مشروع الغرفة يوفر للدولة 150مليون جنيه سنويا هى حجم مصروفات بعثة الحج الرسمية تتمثل فى بدلات السفر وإقامة بالفنادق وتذاكر الطيران كل هذا لحوالى 50 ألف حاج، حيث إن الحج السياحى لا يكلف الدولة مليما واحدا، فى حين أن السياحة تقوم بتسفير حوالى 750 ألف معتمر منهم حوالى 250 ألف معتمر فى شهر رمضان فقط ولا تنكلف لجانها ومشرفيها ولو حتى عشر التكلفة السابقة. وحول آلية التنفيذ قال باسل السيسى رئيس اللجنة الاقتصادية بالغرفة إنها تتمثل فى تولى الغرفة كممثل لشركات السياحة التعاقد مع اللجنة العليا للحج كممثل للدولة على تنفيذ الحج الميسر لمحدودى الدخل، ويتم التنفيذ تحت إشراف الدولة فى كافة مراحله.. ويتم تقسيم الأعداد وهى 50 ألف تأشيرة بعيدا عن وزارة وشركات السياحة إلى ثلاثة مستويات لتحقيق العدالة ويكون كل حاج على علم بكافة تفاصيل المستوى الذى يرغب فى التقدم على أساسه للقرعة وشروطه وسعره وخدماته بعقد يشمل كافة الخدمات والتحركات والسعر والشرط الجزائى. فلم يصبح مقبولا أن يكون حج القرعة بسعر موحد رغم تفاوت الخدمات والسكن. وأوضح أن المستوى الأول ينظم ب 10 آلاف حاج على مسافة أقل من 1000 متر من الحرم مع مستوى مشاعر مميز وإشراف دينى وزى موحد وتقديم وجبات طوال فترة الرحلة بتكلفة 20 ألف جنيه بدون تذاكر الطيران، والمستوى الثانى ب 15 ألف حاج يقع سكنهم أقل من 1800 متر مع توفير وسائل انتقال للحرم المكى طوال اليوم ومستوى مشاعر محددة وزى موحد وتقديم وجبات طوال الرحلة وانتقالات وإشراف إدارى مميز بسعر 17.5 ألف جنيه، كما لفت إلى أن هناك مستوى آخر مواز لبرامج (إندونيسيا/ ماليزيا/ أوربا/أمريكا) ب 25 ألف حاج وبتكلف 14 ألف جنيه مع توفير خدمات مميزة بالمشاعر ووجبات وانتقالات وإشراف دينى.. وحذر باسل السيسى رئيس اللجنة الاقتصادية بالغرفة الحكومة ممثلة فى وزارتى الداخلية والتضامن من البدء فى حجز سكن الحجاج قبل صدور الحكم فى القضية التى أقامتها الغرفة للمطالبة بأحقيتها فى تنظيم كامل حصة مصر من الحج. وكشف عن أن هناك اتصالات بدأت مع حزبى الحرية والعدالة وكذلك النور وسيتم تقديم طلبات إحاطة للبرلمان للتأكيد على أحقية شركات السياحة بتنظيم رحلات الحج لكامل الحصة.. الوزارة تنتقد وعن موقف وزارة السياحه التابعة لها هذه الشركات أكد منير فخرى عبد النور وزير السياحة أنه متضامن مع حق الشركات السياحية فى تنظيم حصة مصر كاملة من الحج لكن الوزارة ترفض الأسلوب التصعيدى، مشيرا إلى أنه ليس من المقبول أن تتقدم الغرفة ببلاغ للنائب العام ضد وزير الداخلية فالقرار ليس فى يده وكان من المفترض أن تقوم الغرفة والشركات بفتح حوار مع الداخلية وبحث أفضل السبل لتنظيم الحج هذا العام ووضع آليات مستقبلية لهذا التنظيم، وأضاف عبد النور أن كل ما يهمه فى النهاية مصلحة الحاج بتنظيم الرحلات بأسعار معقولة وخدمات تضمن راحته وسلامته. وعن رد وزارة الداخلية أكد اللواء رفعت أبو القمصان مساعد وزير الداخلية للشئون الإدارية والمشرف على الحج أن الوزارة لم تسع لتنظيم الحج أو رفض التنظيم إنما كان القرار واضحا للجنة العليا للحج بتكليف الداخلية بتنظيم حج القرعة بنفس عدد التأشيرات وآليات السنوات الماضية والتى تبلغ 30 ألف تأشيرة. وأضاف أبو القمصان أن الوزارة لا تحقق أى ربح من وراء تنظيم هذه الحصة وتبذل ما فى وسعها لراحة الحجاج، ونفى أن تكون هناك إهانة لحجاج القرعة أو تقديم خدمات متدنية، مؤكدا أن نسبة كبيرة من الحجاج يقيمون فى فنادق راقية وقريبة من الحرمين الشريفين وبعضها أقرب من فنادق شركات السياحة. وقال إن اللجنة العليا تحرص من وراء تكليف وزارة الداخلية إلى ضمان سفر أكبر عدد من محدودى الدخل، مشيرا إلى السلبيات التى يتعرض لها الحجاج من كافة دول العالم ومن بعثات مصر الثلاث «السياحة والداخلية والتضامن « لأن معظمها يكون خارجا عن إرادة الجهات المنظمة، وقد قامت بعثة الداخلية العام الماضى برد مبالغ للحجاج بعد تأخر أتوبيسات نقلهم من عرفات إلى منى وهو مالم يحدث مع أى بعثة أخرى. وحول الحق القانونى لشركات السياحة فى تنظيم الحج منفردة أكد أبو القمصان أنه لا يوجد حكم قضائى بهذا المعنى كما أن مجمع البحوث الإسلامية أكد فى فتوى له أن الحج والعمرة شعيرة تختلف عن باقى الرحلات. ورغم وجود بعثات كل من وزارتى السياحة والداخلية فى السعودية حاليا لإنهاء إجراءات الحج لا يزال الموضوع مطروحا أمام اللجنة الدينية ولجنة السياحة والثقافة بمجلس الشعب. وتنتظر جميع الجهات قرارا حاسما يفصل فى النزاع القائم حول الحج وهناك حديث قائم حول إنشاء لجنة مستقلة للحج والعمرة وبالفعل كلفت الحكومة الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية ببدء وضع آليات لإنشاء تلك الهيئة وشكل المفتى لجانا مشتركة من وزارات الداخلية والسياحة والتضامن لتقديم مقترحات حول القانون الخاص لتلك الهيئة ولكن هذا التحرك لقى اعتراضا أيضا من غرفة الشركات. وزعمت شركات السياحة أن المفتى يتحيز لوزارة التضامن فى اختيار أعضاء الهيئة العليا للحج وأعضاء اللجنة التى تعد قانون عملها. وأعلنت لجنة السياحة الدينية بغرفة الشركات أنها فى حالة انعقاد دائم لبحث تداعيات إنشاء هذه الهيئة التى وصفوها بالخطيرة، وأنها تعرض مصالح 2400 شركة للخطر. مما دفع الشركات السياحية فى مواجهة تداعيات الإعلان عن إنشاء هذه الهيئة دون الرجوع إلى أصحاب المصلحة الحقيقيين الذين ينظمون رحلات لأكثر من 750 ألف معتمر، وما يقرب من نصف حصة مصر من الحج. واستنكرت اللجنة برئاسة ناصر ترك استبعاد غرفة الشركات المتعمد من مباحثات أو مقترحات، خاصة بعمل الهيئة.