بينما تعتبر استضافة البرازيل لبطولة كأس العالم لكرة القدم فى 2014 ودورة الألعاب الأوليمبية فى 2016 بمثابة اعتراف دولى بما حققته هذه الدولة اللاتينية من انتعاش اقتصادى ومكانة عالمية خلال السنوات القليلة الماضية، فإن هذين الحدثين تحولا إلى كابوس بالنسبة لسكان العشوائيات فى المدن البرازيلية الكبيرة، وعلى رأسها ريو دى جانيرو. فالعشوائيات فى البرازيل والتى يبلغ عددها فى مدينة ريو دى جانيرو وحدها نحو مائة حى تعد واحدة من أهم المشكلات التى اشترط الاتحاد الدولى لكرة القدم «فيفا» معالجتها قبل حلول عام 2014. ولم تكن إزالة تلك العشوائيات ضمن خطط الدولة لما يتضمنه ذلك من تكلفة وصعوبة، ففى عام 2008 بدأت الحكومة البرازيلية فى تنفيذ مشروع وطنى لتطويرها، ولكن فى إطار الاستعداد لاستضافة كأس العالم والأولمبياد، بدأ المسئولون، حسبما ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، فى تنفيذ عمليات إخلاء قسرية لبعض العشوائيات فى جميع أرجاء البلاد. ففى ساو خوسيه دو كامبوس، وهى مدينة صناعية، قامت قوات الأمن فى يناير الماضى باقتحام المنازل واستخدام العنف فى إجلاء أكثر من 6000 شخص. وفى حين تصر السلطات على أن قرارات الإخلاء تلتزم القانون، حيث تتلقى العائلات التى يتم إخلاؤها تعويضات ومنازل جديدة، يقول جورجى بيتار، رئيس هيئة الإسكان فى ريو دى جانيرو، ل «نيويورك تايمز»: «لا يتم إعادة توطين أى شخص إن لم يكن هناك سبب مهم». وتقدر شبكة من الناشطين فى 12 مدنية أن نحو 170 ألف شخص قد يواجهون قرارات الإخلاء القسرى قبل بداية كأس العالم والأوليمبياد. ولكن سكان بعض هذه العشوائيات، بدأوا يتحدون مع بعضهم البعض متمسكين بأراضيهم، وهم يستعينون بوسائل الإعلام لتوصيل رسائلهم، حيث إن وسائل الإعلام والمدونات التى تم إنشاؤها مؤخرا لم تقم بتسليط الضوء على قرارات الإخلاء القسرى فحسب، لكنهم قاموا أيضا بمضايقة المسئولين بملاحقتهم بإدعاءات الفساد التى تحوم حول خطط كأس العالم والأوليمبياد. كما تلجأ المنظمات التى يقوم سكان العشوائيات بتكوينها إلى القانون والشبكات الاجتماعية، حيث تضم البرازيل ثانى أكبر عدد مستخدمى «تويتر» فى العالم بعد الولاياتالمتحدة. وتدور إحدى أعنف معارك العشوائيات حول فيلا أوتودرومو، وهى مستعمرة عشوائية بمدينة ريو دى جانيرو من المقرر هدمها لإقامة «حديقة أوليمبية» تحتوى على متنزه للألعاب المائية وقرى للرياضيين. وفى هذا الصدد، تقول سينيرا دوس سانتوس، 44 عاما، والتى تمتلك منزلا فى المستعمرة التى يسكنها 4000 شخص يرفضون مغادرتها:«تعتقد السلطات أن التطور يكمن فى هدم مجتمعنا، حتى يتمكنوا من استضافة الألعاب الأوليمبية لبضعة أسابيع. لكننا صدمناهم بمقاومتنا». فقد قام السكان بتصعيد معركتهم إلى الإنترنت، وكذلك استصدار إنذارات قضائية تهدف إلى وقف إجراءات إزالة المستعمرة. المعركة بين المسئولين وسكان العشوائيات تزيد من الصعوبات التى تواجهها استعدادات البرازيل لاستضافة كأس العالم والأولمبياد حيث يمارس عمال البناء فى مواقع بناء الملاعب الجديدة ضغوطا شديدة لزيادة أجورهم، وقامت اتحادات العمال بالفعل بتنظيم إضرابات على الأقل فى المدن الثمانى التى يتم فيها بناء أو تجديد الملاعب. ويثير تباطؤ معدل الإنشاءات استياء الفيفا، حيث شن جيروم فالك الأمين العام للاتحاد مؤخرا هجوما شديد اللهجة على بطء استعدادات البرازيل لاستضافة كأس العالم 2014.