كان هناك ديوان شعر رائع لفتحى سعيد بعنوان: ( إلا الشعر يا مولاى ) وأنا أقول إلا تسييس التعليم، يا أعضاء مجلس الشعب إن ما أصابنا خلال سنوات طويلة من تراجع فى نظامنا التعليمي جعل دولاً عربية كان جميع قيادتها الفكرية والسياسية يتباهون بأنهم خريجو الجامعات المصرية والآن يرفضون الشهادات المصرية، ويصرون على أن يكون من يعار لجامعاتهم من حملة الشهادات الأمريكية والآوربية، وكانت الدرجات العلمية التى يحصل عليها المصريون من جامعة القاهرة تواجه بالاحترام فى الغرب ومكانتها لا تقل عن أية شهادة من أرقى الجامعات الأوروبية، فأصبحت جامعتنا الآن خارج المنافسة وترتيبها فى قائمة أفضل الجامعات تراجعاً، والمشكلة عندنا تبدأ من المدارس وتنتهى بالجامعات، فنحن نفتقد الجودة فى المنهج والمكان، ثم إعداد المُدرس بدأً من المراحل الإولى التى تكوّن شخصية وفكر الطالب، فالطالب إلى الثانوية العامة يعيش على الدروس الخصوصية التى كانت فى أيامنا من يأخذ درساً خصوصياً يعتبر عيباً يجب إخفاؤه، فهوإعلان عن أنه طالب بليد أما الآن فالطلبه يأخذون دروساً فى جميع المواد لاختفاء دور المدرسة والمعامل بها كمبيوترات تغلقها بعض المدارس، لأنها عهدة وتخاف من استعمال الطلبة لها، مدرسون برواتب محدودة وبدون تدريب تربوى. وزارة التعليم هى قنبلة موقوتة لأى وزير وهى تحتاج لوزير مستنير ذى خبرة فى التحديث ومطلع على أحدث التقنيات ويجيد الإدارة ولديه تفهم للاحتياجات الضرورية، ولا يتبع أى تيار سياسى بحيث نتحول إلى تعليم موجه، هذه مقدمة بسبب ما نراه يحدث مؤخراً على الساحة السياسية فالبعض من الآن يسعى للفوز بنصيب فى كعكة الوزارة الجديدة والغريب أن التيار السلفى لم يركز ويطالب إلا بوزارة التربية والتعليم، وده مش اختيار عشوائى لأن الجماعة الإسلامية أيضاً طالبت بالتربية والتعليم والداخلية من دون بقية الوزارات من الواضح أن الهدف تسييس الوزارة وفق الفكر السلفى وهذا أخطر ما فى الأمر تتحول الوزارة التى من المفروض أن تكون أساس التطوير والتكوين للشباب وفق فكر واتجاه سياسي ديني مما يؤدى إلى انقسام وفتنة طائفية بالإضافة إلى توجيه التعليم لخدمة غرض جماعة، وهذا ليس رأيي وحدى إنما هورأى قطاع كبير من المهتمين والمسئولين عن التعليم ووجه هذا الرأى برفض من أعضاء حركات تعليمية منتمية إلى اتحاد المعلمين المصريين ونقابة المعلمين المستقلة والمركز المصرى للحق فى التعليم مشيرين إلى أن التعليم قضية أمن قومى لا يمكن التعامل معه من منظور عقائدى أوخدمى للسياسات الحزبية فطالبوا جماعة الإخوان المسلمين بمراجعة أدبياتها وأفكارها حول التعليم بل نظرتها للتعليم من منطلق مذهبي ودينى وتصحيح النظرة الوهابية للتعليم المصرى لمنع تدمير التعليم والتعلم، والمركز المصرى للحق فى التعليم يرى السعي للحصول على حقيبة التعليم من قبل الأحزاب الدينية سيحول المناهج إلى دينية مما يؤدى إلى تهديد الوحدة الوطنية، وان الوزارة ستتحول لملحق سياسي للحزب الذى سيلى الوزارة، وتزيد من التميز على أساس الدين فى المدارس المصرية، والأستاذ أيمن البيلي وكيل نقابة المعلمين المستقلة يرى أن من يتحكم فى التعليم يتحكم فى أفكار المجتمع كله وأن حزب الحرية والعدالة إذا أرادا السيطرة على وزارة التربية والتعليم فعليه المراجعة الفكرية لكل أدبيات الإخوان المسلمين التابع لها الحزب والتى تتعلق بالتربية لأنها تحدثت عن التربية والتعليم من منطلق مذهبى وعقائدى وهذا لا يمكن اتباعه بعد ثورة 25 يناير، أما بالنسبه للسلفيين ففى رأيه ليست لديهم رؤيه على الإطلاق للتعليم فى مصر ونظرية التعليم أقرب إلى النظرة الوهابية، وبالتالى يتعامل من منطلق عقائدى وهذا تدمير لفكرة التعليم، وبناء المدارس على أساس دينى من أفكار طالبان الدينية والتى أدت إلى مزيد من العنف والتقسيم فى المجتمع الباكستانى، هذه آراء مجموعة من الخبراء والمشتغلين بالتعليم والحريصين عليه . والسلفيون ظلوا لعقود طويلة ليست لهم صلة بالعمل السياسى فما بالك بالمنظومة التعليمية وتطويرها، اننا نحتاج لأهل الخبرة وليس لتعليم مسيّس فهذا نهاية التربية والتعليم فى مصر، فهناك فرق بين أهل الخبرة وأهل الثقة فى بداية ثورة 23يوليوكانت هناك طموحات فى تطوير مصر وخاصة ان هناك دراسات عالمية كانت تعد مصر واليابان كدول ستظهر على الساحة السياسية كنموذج للتقدم وانظرالينا الآن وأنظر إلى اليابان، ولكن الاستعانة بأهل الثقة الذين يثق فيهم النظام واستبعاد أهل الخبره هوما أدى بنا إلى هذا الانحدار وخاصة فى التعليم وكان أول وزير للتعليم بعد قيام ثورة يوليو الصاغ كمال الدين حسين أحد الضباط الأحرار، والذين تولوا الوزارات والشركات هم أهل الثقة، وكان التراجع فى مجالات عديدة رغم النوايا الطيبة . فمصر كانت من أوائل الدول المصدرة للقطن وتجارته من أول مصادر الدخل، فانهارت وتراجعت فاضطر المسئولون للاستعانة بفرغلى باشا الخبير فى تلك الصناعة والتجارة لفشل أهل الثقة،أما التعليم العالى فهى منظومة أخرى وما لفت نظرى أن السيد وزير التعليم العالى وهو يعرف أنها مرحلة انتقالية لا يمكن اتخاذ قرارات حاسمة أو الإعلان عن إصلاحات لن يكون موجوداً ليطبقها، فلقد استمعت للسيد الوزير وهو يقول إن راتب الأستاذ الجامعى 8 آلاف جنيه وأرجوأن يراجع السيد الوزير قائمة مرتبات أعضاء هيئة التدريس ليكتشف أن مرتب الأستاذ من 3 جنيهات تصل حين وصوله للمعاش إلى 4000 آلاف وان الأستاذ مساعد راتبه 2500 جنية والمدرس 2000 جنيه وأكد السيد الوزير ان مرتب الأستاذ سيصل إلى 26 ألف جنيه هل يعقل فى دولة اقتصادها يتراجع ولا تجد من يقرضها ترفع مرتب الأستاذ من 3 آلاف إلى 26 ألف جنية كيف ومن أين ؟ وحين سأله المذيع هل سيتم هذا الآن قال: خلال خمس سنوات سيزيد سنوياً إلى أن يصبح 26 ألفا، وأنا أكرر يا سيادة الوزير هل تتوقع أن تتضاعف المرتبات إلى ثمانية أضعاف ؟؟ وهل فجأه سيصبح المرتب أعلى من دول الخليج ؟؟ وعلى أى شىء استندت وهل يجزم أى خبير اقتصادى بهذا ؟؟ وهذا حدث لأن سيادتكم تعلم أن الوزارة لن تبقى إلا شهوراً، ولن تُسأل عن هذا، هذه التصريحات لن تثير إلا غضب الملايين من المواطنين الذين يطمحون فى حد أدنى للأجور يصل إلى 1200جنيه، ثم ألا يعلم سيادة الوزير أن وزارة المالية قررت تخفيض مرتبات ومكافآت هيئة التدريس بنسبة 10% وسأل الدكتور / عادل عبد الجواد رئيس المجلس الاستشارى وعضو مؤسس حركة «جامعيون للإصلاح» السيد الوزير عن قرار وزارة المالية فرد الوزير: ان وزارة المالية أرسلته للجامعات مباشرة . هل وزارة التعليم العالى فى وزارة غير وزارة الجنزورى، وبهذا يصبح أساتذة الجامعات الفئة الوحيدة التى يتم تخفيض مرتباتها فى مصر جزاءً لهم لأنهم لم يضربوا عن العمل ولم يعتصموا . الأمر الآخر سياسات الاستجابة للصوت العالى وسياسة الطبطبة ومحاولة المراضاة، القانون الجديد للإتحادات الطلابية هناك مانشيت بالخط العريض فى الصحف عن اللائحة بعنوان: (اللائحة الطلابية الجديدة صلاحيات الإتحادات تفوق سلطات رؤسء الجامعات والعمداء) واعتقدت فى البداية أن الصحيفة تبالغ ولكن مع قراءة البنود تأكدت من صحة هذا، معروف ان الطلبة بما لديهم من حماس وانفعال أكثر العناصر استعداداً للرفض والمظاهرات ولذلك فان من رتبوا للعصيان المدني لم ينحجوا إلا مع الطلبه فالطالب لا يتحمل مسئولية أسرة أوعمل ولديه طاقة حتى إن مدبرى الاعتصام اعتبرو.. وفقاً لما ورد فى الصحف وأن صح هذا - 60% من الطلبه شاركوا فى الاعتصام فى حين امتنع بقية الشعب، ولذلك يبدو «أن الوزارة رأت أن تسترضيهم بهذا القانون، والفضيلة يا سادة بين افراط وتفريط، فى الفترة السابقة كان هناك رقابة على الاتحادات من الأمن، وكان هناك أمن داخلى، والآن كل هذا ألغى وأصبح من حق الطالب أن يختار من يشاء من زملائه ويراه أصلح، لكن ان تكون له سلطات أكثر من العمداء ورؤساء الجامعات فهذا يعود بنا. إلى نظام القذافى ولجانه الشعبية التى كانت تتحكم فى الأساتذه والمحاضرات ،ولقد رأيت فى مؤتمر كان لعمداء كليات الآداب منذ سنوات فى الأردن عميد كلية ليبي لا يتجاوز 26 سنه كان همه التعدى والإساءة للجامعات المصرية لما اعتاده آنذاك فى بلده، فالمادة رقم (327) من اللائحة الجديدة ( تعتبر قرارات مجلس اتحاد الطلاب سارية فور صدورها على أن يقوم نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب بابلاغها للجهات المعنية للتنفيذ فى مدة لا تزيد على أسبوع من تاريخ اصدارها) فيما كانت تشترط اللائحة القديمة أن يعتمدها رئيس الجامعة ويوافق عليها، أى أن تصبح إدارة الجامعة مجرد واسطة بين الاتحاد والجهة التنفيذية، وأقرت اللائحة الجديدة العمل السياسي داخل الجامعة من خلال اللجنة السياسية والثقافية ففى المادة رقم ( 322) وتنص على حرية الطلاب فى ممارسة التوعية والمشاركة الإيجابية فى العمل السياسي بالإضافة إلى التواصل مع مختلف التيارات السياسية، أى أن الجامعة ستتحول لساحة للصراع بين الطلبه وفقاً لانتماءاتهم السياسية وصراعات سياسية على سيادة بعض التيارات على الإتحاد، ومن حق أى طالب أن يكون له توجه سياسى لكن أن يكون هذا مكانه الجامعة فإنه سيفتح الباب للفوضى، وكان أجدر بالوزارة أن تضع برنامج للنهوض بالتعليم وتوفير امكانيات من وسائل وتقنيات حديثة ؟، وربط التعليم بسوق العمل بدل تخريج انصاف متعلمين، وللعلم اعتادت الوزارة ارسال برامج للتطوير إلى الجامعات فى كل فترة وفى النهاية لا يُأخذ إلا برأى المسئولين، يا سادة إلا التعليم نرجو تركه إلى أن تأتى وزارة مستقرة ومسئولة.