كثير من علماء المسلمين ومفكريهم عرضوا موضوع الموسيقى للدراسة، وتباينت أحكامهم بشكل لا يوجد فى غيرها، أو كما قال البدر بن جماعة: صنّف العلماء فيها تصانيف وملخص القول فيها أن الناس أربعة أقسام، فرقة استحسنت، وفرقة أباحت، وفرقة كرّهت، وفرقة حرّمت. وكل من هذه الفرق على قسمين.. منهم من أطلق القول ومنهم من قيده بشرط. قال على بن أبى طالب كرم الله وجهه: روحوا القلوب ساعة فإن القلب إذا أكره عمى، وقال الفاروق عمر رضى الله عنه: «الغناء صنفان» صنف يعفو الله عنه وصنف لا يعفو الله عنه». وجاء فى كتاب أحكام القرآن لابن عربى أن ابن حزم قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنما الأعمال بالنيات. ولكل امرئ ما نوى، فمن نوى استماع الغناء عونا على معصية الله تعالى، فهو فاسق، وكذلك كل شىء غير الغناء، ومن نوى به ترويح نفسه ليقوى بذلك على طاعة ولا معصية فهو لغو معفو عنه، كخروج الإنسان إلى بستانه متنزها وقعوده على بابا داره متفرجا». وأفرد البخارى فى صحيحه بابا بعنوان « كل لهو باطل إذا شغله عن طاعة الله». ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية الذى يحسبه البعض قمة التشدد فى الفتوى والذى يستند إلى فتواه أغلب الذين يطلقون الأحكام بتحريم مطلق الغناء، يرى أن «من حضر السماع لا يعود من صالح عمله ولا يرجو به الثواب، فعمله مباح فى حد ذاته، أما من يرى فى السماع ديانة وعبادة، فذلك هو الابتداع فى الدين وهو حرام بإجماع المسلمين. وجاء فى كتاب «إحياء علوم الدين» لحجة الإسلام الإمام أبو حامد الغزالى، ومن لم يحركه الربيع وأزهاره، والعود وأوتاره، فهو فاسد المزاج، ليس له علاج، «ومن لم يحركه السمع فهو ناقص مائل عن الاعتدال بعيد عن الروحانية، زائد فى غلظ الطبع وكثافة عن الجمال والطيور، بل على جميع البهائم، فإن جميعها تتأثر بالنغمات الموزونة. وكانت الموسيقى ضمن مناهج التدريس لطلاب الأزهر الشريف حتى أوائل القرن التاسع عشر، ومن النادر أن تسمع من عالم أزهرى ما يحرم الموسيقى: يقول الشيخ حسن العطار شيخ الجامع الأزهر فى القرن الثالث عشر الهجرى: «من لم يتأثر برقيق الأشعار، تٌتْلَى بلسان الأوتار، على شطوط الأنهار، فذلك جلف الطبع حمار». وأصدرت دار الإفتاء المصرية عام 1980 وكان المفتى هو الشيخ جاد الحق على جاد الحق - أصبح شيخا للأزهر فيما بعد - أصدرت كتابا فى جزأين بعنوان «بيان للناس» ويتضمن فتاوى إسلامية فى كل أمور الحياة، وجاء فيه بالنسبة للموسيقى «أن القول بتحريم الموسيقى على وجه الإطلاق - خال من السند الصحيح: قال الله تعالى فى الآية رقم 16 من سورة النحل: «ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب» ، وجاء فى الكتاب أن جمهور الفقهاء أجمع على أن بيع المغنيات أى الجوارى من أجل الغناء والتعرية حرام.. وجاء أيضاً «اختلف جمهور الفقهاء على تحريم الغناء، فقال بعضهم إنه حلال وإن الأصوات المحرمة هى التى تلهى عن ذكر الله والتحدث بالجزافات والمضاحك والغناء وتعلم الموسيقى حرام، واختلف معهم ابن ماجة والنسائى، فقالا: إن لهو الحديث يمكن أن يتم فى وجود الموسيقى أو بدونها، وإلالهاء عن ذكر الله يمكن أن يتم بدون الموسيقى، والدليل أن أهل يثرب استقبلوا الرسول بالغناء فى حبه». يقول الشيخ محمود النواوى مفتش العلوم الدينية والعربية بالأزهر الشريف: «الموسيقى والغناء لم يثبت فيهما نص صريح يقضى بحرمتهما». أما الإمام الأكبر محمود شلتوت شيخ الأزهر الأسبق فيقول: إن سماع آلة أو صوت الإنسان أو صوت حيوان، إنما إذا استعين به على محرم أو اتخذ وسيلة لمحرم أو ألهى عن واجب فنى هذه الشئون - وإلا نسمع القول يلقى لمحرم أو ألهى عن واجب فى هذه الشئوون - وإلا نسمع القول يلقى جزافا من التحريم، فإن تحريم ما لم.. يحرمه الله أو تحليل ما حرمه، هما افتراء بغير علم». والشيخ محمد الغزالى اتخذناه - أنا والفنانة المعتزلة ياسمين الحصرى - الخيام سابقا - مرشدا على أسماء الله الحسنى الصحيحة عندما طلبت منا الفنانة الكبيرة المعتزله شادية إعادة تلحينها والشيخ محمد الغزالى لقبّه الإمام حسن البنا ب «أديب الدعوة». والشيخ محمد متولى الشعراوى قدم خواطره الإيمانية فى برنامج تليفزيونى شهير كان يذاع بلحن مميز من الموسيقى العربية الخالصة، فإذا كانت الموسيقى حراما ما سمح الإمام الكبير بأن تغّلف برنامجه، ولطلب من مخرجه أن يكتفى بالدفوف فى هذه المهمة.