أتساءل بقوة هم فين ورد الجناين اللى فتح.. فتح عيوننا وقلوبنا وأحاسيسنا ومشاعرنا وأعطانا الأمل فى الغد المشرق. الغد الجميل الذى كله عمل وعدل وحياة انتظرها كل المصريين.. لم نعد نراهم ولم نعد نسمع عنهم، لقد أشعلوا روح الثورة قى كل المصريين ثم ذهبوا وتركوا الميدان للكبار.. والحقيقة أن الكبار غير قادرين على التواؤم مع الأفكار الثورية والجرأة فى اتخاذ القرارات والعمل السريع الواجب التحرك به فى كل اتجاه هم لم يكونوا طامعين فى نفوذ وسلطان وأموال، إنما أرادوا لمصر ولكل المصريين أن يعيشوا فى حرية وعدل ولقمة عيش كريمة.. ولهذا تركوها وسار كل منهم فى طريقه سواء كان طالبا أو يعمل فى أى تخصص وفق خبرته وعلمه. وبدأ الكل يبحث له عن دور وعن جزء من التورتة سواء الذين عذبهم النظام القديم أو الذين كان يلعبون دائما على كل الأحبال ويأكلون من كل الموائد ويعرفون من أين تؤكل الكتف.. وظهر الهتيفة والمطبلاتية والمصفقون وراقصو السياسة.. والكل يريد أن يغرف ماهية زيطة.. والمسرح السياسى متسع للجميع لكن اللى عايز يغنى واللى عايز يرقص يرقص والدنيا هاصت وزاطت. وكلما يشعر الناس بشوية هدوء ونقول خلاص الأمن جاى الاستقرار حيحصل.. البلد سوف يشتغل ويتحرك للأمام.. نجد أنفسنا نرجع خطوتين للخلف. والكل أصبح يتهم الكل والكل أصبح يخون الكل.. وللأسف الناس البسطاء الفقراء الذين وجدوا فى الثورة ملاذا لتحقيق أحلامهم البسيطة أصبحوا أكثر فقرا لأن الذى كان يعمل منهم فى اليوم بعشرة جنيهات أصبح لا يجد الجنيه ليطعم أولاده.. وبعد أن كان هناك مجموعة حرامية امتصوا دم الشعب هجم الحرامية من كل لون واستحلوا دم الشعب ودم شبابه.. وأصبحنا كلنا مستهدفين كل الشعب يقتص منه لأنه أراد أن يعيش ويتنفس حرية بعد حرية وديمقراطية الديكور السرورى وكلنا موافقون. لماذا الشباب؟. لماذا يقتلون الشباب؟. كل تجمع شباب يفتكون به.. لأنهم هم الذين أيقظوا مصر كلها للثورة. هم الشباب الجرئ الذى ايقظنا من سبات.. هم أمل بكره ولديهم الأفكار والأحلام التى ستحملنا للمستقبل.. نحن كما قال الرجل التونسى.. هرمنا ولم نكن نستطيع.. كلنا كنا عيونا على بعض.. دون أن ندرى.. نحن فى حاجة إلى أن ننسف الحمام القديم. أو بمعنى أن ننسف النظام القديم بكل روافده وأذرعه وملامحه وفكره وأشخاصه وصوره.. وهذا يحتاج إلى جرأة ويحتاج إلى فكر جديد وتربية سياسية جديدة. إن الدور الملقى علينا نحن الإعلاميين فى غاية الأهمية وغاية الوطنية فيجب أن كل من يحمل القلم ويحمل الكاميرا أن يكون أمينا وصادقا وملتزما فى خدمة هذا الوطن الذى يمر بمرحلة صعبة وراهنة فى تاريخ بلادنا.. إن ما يسمى السبق الصحفى وسرعة النشر قبل الوسائل الإعلامية الأخرى لا يكون عى حساب المصداقية ولا يكون على حساب تشويه الوطن وعلى حساب العنتريات والجهبذيات.. إن صاحب القلم الشريف هو الذى يرى مصلحة وطنه عن مصلحته كصحفى أو إعلامى لأنه أذاع ونشر ما لم يحصل عليه أقرانه وينسى أن يدمر مصلحة وطنه وبخاصة فى الظروف الراهنة.. المسألة مش أكل عيش هذه مسئولية صاحب القلم وحامل الكاميرا أمام ضميره.. وكم من الصحفيين الشرفاء الذين يحملون فى قلوبهم أسرارا كان يمكن لو أذاعوها لحققت لهم الشهرة العالمية.. لكن الصحفى الواعى يرى أن ما يضر وطنه يخفيه بين الضلوع. الحكاية ليست شهرة وبجاحة فاضية.. هكذا علمونا أساتذتنا الأفاضل فى كلية الإعلام.. أن الحروب الكلامية بين الفضائيات التى أحدثت الفوضى الإعلامية..وبالتحديد هى البرامج التى يتشدق مقدموها بكل ما يشحن الناس بالضغائن والحقد بين أبناء الوطن ونحن فى مرحلة خطيرة وراهنة وتحتاج إلى إعلام واع جدا لما يفعل المسألة ليست تصفية حسابات.. انظروا برفق لوطن يشتعل ويغلى.. نريد أن نبنى هذا الوطن لا نغرقه فى تصفية الحسابات. نريد الحديث عن أحلام هذا الشعب وآماله وطموحاته والمشروعات الكبرى التى يمكن أن يقوم بها الشباب المتعطل عن العمل.. نريد برامج تفتح مجالات العمل أمام الشباب فبدلا من أن يتظاهر يذهب لعمله ويكسب قرشا حلالا ويبنى مستقبله.. هكذا يكون الإعلام ويكون الاستنارة والبناء..مش تشدق بكلام حنجورى وألسنة وأعين لاتنظر لأكثر من مقدمة أنفها.