ما يحدث فى مصر هو «لبننة» أى تحول مصر إلى ما يشبه الوضع فى لبنان ، فكل له ميليشياته ومؤيدوه وأتباعه ، وأصبح المصرى ضد المصرى ، والفوضى تعم البلاد مع انعدام الأمان ، وكل يوم نسمع عن مليونية وهى فى حقيقة الأمر لا تتجاوز بضعة آلاف، وليست مقصورة على ميدان التحرير بل أصبحت فى كل الميادين، وتخرج إلى كل الشوارع والأحياء ولم تعد مقصورة على يوم الجمعة بل أصبحت فى كل أيام الأسبوع ، واتخذ كل منها مسمى ، واتسعت الاشتباكات بعد أن كانت بين الثوار والشرطة أصبحت بين ثوار وثوار والألتراس والألتراس والأحداث المؤسفة والدامية فى مباراة بورسعيد الأخيرة ، لم نسمع عن شعب يظل ثائراً طوال حياته، ورحم الله الشيخ محمد متولى الشعراوى حين تكلم عن الثائر الحق ووصفه « بأنه يثور ليهدم الفساد ثم يهدأ ليبنى الأمجاد، وآفة الثائر أنه يظل ثائراً طوال حياته». والسؤال: من هو الثائر؟ فى 25 يناير خرج الآلاف شباباً وشيوخاً ونساء ورجالا لإسقاط نظام فاسد ، ثورة لم يكن لها رأس أو تنظيم واحد، وفجأة وخلال عام ظهرت وجوه جديدة لتتحدث فى الصحف والتليفزيونات عن الثورة والمطالب بعضهم ذهب للتحرير للفرجة ثم حول نفسه لثائر وفى اعتصام ماسبيرو الأخير أمام التليفزيون ذكرت جريدة المصرى وعدد من صحف المعارضة أن الأطفال كانوا يستفزون الجند بحركات وألفاظ خادشة للحياء ، ثم مجموعات بلطجية استوطنت الميدان ، اختلط الثائر الحق صاحب المبادئ بمحبى الشهرة والفوضويين، تعد الائتلافات 271 ائتلاف، و60 حزبا 4 فقط كان لها نواب و5 أخرى لها ما بين 1 إلى 6 أعضاء فالبقية أين مؤيدوها من الشعب؟ الجميع يخرج فى مظاهرات تطالب برحيل الجيش وحل الشرطة، وأمام ما يحدث ومع انفلات أخلاقى واضرابات فأى خلاف بين عائلتين توقف القطارات وتقطع الطرق ، وتأخر أنبوبة بوتاجاز يؤخر القطار 10 ساعات، خلاف بين سائق ميكروباص وملاكى قام سائق الميكروباص على إثره بضرب سائق الملاكى بمفك فضربه صاحب الملاكى بالنار فقام أصدقاء السائق باغلاق شارع جامعة الدول العربية عشر ساعات وحطموا سيارات الأهالى، ابن خالة القتيل قال انهم تظاهروا لأنهم افتكروا القاتل ضابط شرطة!! حوادث سرقة بنوك والصرافة وخطف وكأننا فى شيكاغو، ففى أحداث بورسعيد حملهم مجلس الشعب والإعلام الاتهام مع أن هناك طرفاً رئيسياً يجب أن يسأل وتجنب الجميع المساس به كأنه خط أحمر وهو الألتراس من الأهلى والمصرى والغريب أنه هو الذى يقوم بمظاهرات ضد الشرطة مع أنه طرف رئيسى لكن الجميع يخاف الاقتراب والا تحدث مظاهرات ولو تم القبض على أحدهم يخرج أهاليهم للاحتجاج فيتم الإفراج عنهم بعد أيام ويتكرر ما حدث لماذا لا ننظر للمشكلة من جميع جوانبها؟ ولماذا كثرت الحوادث فى الفترة من 25 إلى 11 فبراير ؟ العنف سيستمر ما دام هناك انفلات أخلاقى قبل الأمنى أصبحنا نحمل كل مشاكلنا للجيش لماذا لا ننظر لجميع أطراف المشكلة؟ ومن المؤكد لو جاء رئيس سيخرج مطالبون برحيله هو الآخر، المزايدات على الشهداء ارتفعت، الشهيد أغلى من الملايين ومع ذلك فإن الشهداء استغلوا كقميص عثمان كل من يزايد على مشكلة يطالب بحق الشهداء حتى مجلس الشعب هناك من يطالب بتعويض 100 ألف أو مليوناً وكما ذكرت الشهيد لا يقدر بأموال ولكن مع معرفتهم بأن الميزانية خاوية ونسعى للاقتراض لسد احتياجات ومرتبات العاملين وهذا يذكرنى بما كتبه الكاتب الكويتى ( الجار لله ) فى الدفاع عن الرئيس السادات بعد كامب ديفيد حين ذهب لدول الخليج لطلب قرض بعد حرب 73 فوصفوا الأمر بالشحاذة المصرية، هل نقبل هذا على أنفسنا؟ هل نظل نتجاهل ما يدور حولنا؟ يجب أن نعالج مشاكلنا بحنكة وعقل، فإسرائيل على الحدود تتابعنا وتجد سعادتها فيما يحدث. فالكسندر بلاى فى «إسرائيل هايوم» يرى أن الاضطرابات المستمرة فى مصر فى طريقها إلى نهاية معروفه سلفاً وهى إقامة جمهورية إسلامية فى مصر تحت زعامة الزعيم الروحى الشيخ يوسف القرضاوى ويضيف أنه يتوقع بعد بضعة أشهر من انتهاء محاكمة قيادات الضباط الأحرار ( يقصد مبارك ومجموعته)، وأن الثوار يستخدمون مع حكم العسكر نفس الأساليب والاحتجاجات التى اسقطوا بها نظام مبارك مظاهرات عارمة وعنفاً محدوداً، والنظام الحالى شأنه شأن سلفه، لا يسعده إطلاق النار على المتظاهرين حيث يقف على أعتاب فخ معقد للغاية اذا أطلق النار، ويرى ان على اسرائيل ان تستعد لمواجهة مصر ، فيقول على الصعيد الدفاعى على سبيل المثال لا الحصر يتعين على الجيش الإسرائيلى التعامل مع الحدود المصرية كحدود معادية بكل ما تحمله الكلمة من معان عملية ، ولن يمثل هذا استفزازاً للسلطات المصرية نظراً لأن الحديث يدور حول إحداث تغيرات فى انتشار القوات داخل المجال السيادى لدولة اسرائيل علاوة على ذلك بسبب حقيقة ان نظام الزعيم الليبى معمر القذافى انتهى ولم يعد يشكل تهديداً أمنياً لمصر ويتعين على إسرائيل التأكد بكل الطرق المتاحة من ان القوات المصرية التى سيتم اخلاؤها من الحدود الليبية لن تصل إلى الحدود معهم ، وفى ضوء ذلك لم يعد هناك منطق سياسى وعسكرى فى اعطاء مزيد من الموافقات للقوات المصرية بدخول مجال سيناء . ونتنياهو فى الكنيست يقول : نحن فى وضع غير مستقر لهذا ينبغى أن ننظر حولنا بعيون مفتوحة وواعية ونحن نذكر ما كان قائماً هنا قبل ان يحل السلام ، وكيف حاربنا فى القناة وعلى ضفافها وفى الأردن علينا الآن أن نفهم أن أساس أى تسوية مستقبلية يخص قوة إسرائيل من خلال التدابير الأمنية على الأرض لمواجهة احتمال انتهاك الاتفاقيات أو صعود سلطة سلطوية فى الجانب الآخر، ويرى أن ما يحدث فى مصر سيؤدى إلى نجاح اليمين المتطرف وحزب الليكود. وعن رأى نتنياهو فى صعود التيار الإسلامى وفقاً للقوة المهيمنة على الساحة السياسية فى مصر فقال أمام الكنيست قبل أسبوع إن العرب لا يتقدمون إلى الأمام، وإنما يتراجعون إلى الوراء ويزعم رئيس الوزراء نتنياهو أيضاً أن من لا يرى هذا فهو ببساطة يدفن رأسه فى الرمال، ويتكلم نتنياهو عن وضع صيغة جديدة لنظرية الجدار الحديدى. وشلومو أفرى الصحفى الإسرائيلى يرى أن الثورة هى ثورة طبقة وسطى لم تصل إلى الشعب والطبقات الدنيا ولذلك نجح الإسلاميون، فشلومو أفرى يرى أن إسقاط نظام استبدادى هو عمل لمرة واحدة ، غير ان بلورة نظام ديمقراطى هى مسيرة متواصلة وطويلة ولا تتلخص فى الانتخابات. ويرى ان حكم عبد الناصر والسادات ومبارك مع كل الفوارق بينهم تميز بقاسم مشترك واحد هو ازاحة الدين عن الحياة العامة ومجتمع معظم مواطنيه ليسوا شركاء فى افكار التحديث لمجتمع علمانى ولذلك حين أعلن الإخوان المسلمين أن الإسلام هو الحل تم استيعابه جيداً من الجماهير فى نهاية المطاف لم تحل الاشتراكية العربية التى تبناها عبد الناصر ولا الانفتاح الذى تبناه السادات ومبارك لم يحل مشاكلهم الاقتصادية وفى واقع الأمر وعندما سنحت لهذه الجماهير للمرة الأولى فى حياتها الفرصة للإعراب عن رأيها فى انتخابات حرة لم يكن لأبناء الطبقة الوسطى ممن تظاهروا فى التحرير ما يعرضونه عليهم، الحقيقة أن ثورة التحرير كانت ثورة الطبقة الوسطى المثقفة ومعظم الجمهور المصرى ليس كذلك ومشكلاتها الحقيقية فىالفقر والضائقة الاقتصادية الشديدة ولا يملك المتظاهرون من أبناء الطبقة الوسطى حلولاً كما أنها ليست لهم أيضاً صلة بجماهير الشعب المصرى . وأخيراً فإن اسرائيل ستسعى للوصول إلى التيارات الدينية المختلفة من إخوان وسلفيين، وأفى يسخروف فى «هآرتس» قال: لقد اتصلت اذاعة وتليفزيون الجيش الإسرائيلى بالسلفيين فى مصر لأول مرة وأعربوا انهم سيحترمون كل المواثيق والاتفاقيات التى وافقت عليها مصر بما فيها اتفاقية السلام مع اسرائيل ، وان المتحدث الرسمى باسم النور السلفى يسرى حماد أعلن لصحيفة الرأى العام الكويتية أنه لا يوجد ما يمنع من اجراء اتصالات مع اسرائيل مادام أن الأمر بموافقة وزارة الخارجية المصرية وليس بشكل سرى ولا يؤيد المسار الذى نهجه الإخوان المسلمين والرافض لإجراء أيه اتصالات مع ممثلين عن الحكومة الإسرائيلية، وانهم أعطوا تعليمات لسفيرهم لمحاولة الاتصال بالإخوان والسلفيين. فإسرائيل تراقب الوضع وتتحين الفرص وتستعد ونحن نقاتل بعضنا بعضاً من أجل ماتش كورة.