عتبة جديدة قد تؤدى إلى تعقيد الجهود المبذولة لحل أزمة الديون الأوروبية مع فشل فرنسا فى تجنب انتقال العدوى إليها، وانضمامها لقائمة الدول المتعثرة مما أصاب العواصم الأوروبية بما يشبه الصدمة الكهربائية عقب قرار «ستاندرد آند بورز» بتخفيض التصنيف الائتمانى لتسع دول أوروبية على رأسهم فرنسا، حيث جردت وكالة التصنيف الائتمانى فرنسا من درجة AAA الممتازة التى تحتلها منذ عام 1975 إلى درجة AA+ مع ثمانى دول أوروبية بينما أبقت هذا التصنيف الممتاز لكل من ألمانيا وهولندا ولوكسمبورج. وقد دافعت وكالة ستاندرد عن قرارها بعد أن تعالت الأصوات الأوروبية ضد القرار بأن الزعماء الأوروبيين لم يفعلوا ما يكفى لحل أزمة الديون، بل إنها ترى أن الإجراءات المتعلقة بالموازنات العامة فى منطقة اليورو وحتى يومنا هذا قد تؤدى إلى ارتفاع نسبة الديون الفرنسية من 80% من الناتج الداخلى إلى 100% مما جعلها تضع فرنسا تحت المراقبة السلبية. ورغم تقليل المسئولين الفرنسيين من أهمية القرار إلا أن تبعاته السلبية تبدو ظاهرة للعيان سواء على المستوى الأوروبى أو على المستوى الفرنسى، فعلى المستوى الداخلى الفرنسى زاد التصنيف الجديد من الصعوبات التى تواجه الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى فى معركة الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها بعد أقل من ثلاثة أشهر ، حيث شنت المعارضة هجوماً على ساركوزى الذى أكد فى السابق أن الحفاظ على درجة AAA هو بمنزلة كنز يجب الحفاظ عليه، مؤكداً أن هدف سياسته هو الحفاظ على هذه الدرجة والذى جعله شرطاً لاستمرار حكومته، كما أن فرنسا مجبرة هذا العام على استدانة 178 مليار يورو، حيث إن وزارة الموازنة الفرنسية كانت قد أعلنت عن توقعاتها للعام الجارى أنها ستستدين بفائدة 3.7%، لكن إذا ما تأثرت الأسواق بتخفيض تصنيف فرنسا واضطرت باريس للاستدانة بفائدة 1% إضافية فإن ذلك سيكلف الخزانة العامة مليارى يورو إضافية، وسيعنى هذا الخفض على الأرجح معدلات اقتراض أعلى بالنسبة لفرنسا التى تمثل ثانى أكبر اقتصاد فى منطقة اليورو. وعلى المستوى الأوروبى فقد عرض القرار اليورو لضغوط جديدة، حيث وصل اليورو إلى أدنى مستوى له منذ 11 عاماً، كما أنه سيؤثر سلبياً فى خطة الديون الأوروبية، إذ إن فرنسا تعد ثانى أكبر كفيل لصندوق الاستقرار المالى الأوروبى، وذلك باعتبار تصنيفها الائتمانى كان AAA الممتاز وبعد تجريد فرنسا من هذا التصنيف فإن ذلك قد يؤدى إلى خسارة للصندوق، بحيث لن يكون قادرا على تقديم مساعدة للدول الأوروبية المثقلة بالديون، حيث إن صندوق الاستقرار كان يتمتع بكفاءة إقراض تصل إلى 440 مليار يورو يعود الفضل فيها إلى الدول التى تمتلك تصنيف ممتاز، فى حين كانت وكالات التصنيف تطالب برفع مستوى الإقراض فى الصندوق ليصل إلى 78 مليار يورو وبعد خسارة فرنسا والنمسا لتصنيفهما الممتاز فإن كفاءة صندوق الاستقرار المالى الأوروبى فى الإقراض قد تتراجع بمقدار 180 مليار يورو وهى حصة كل من باريس وفيينا التى خفضت الوكالة تصنيفهما وهنا يبقى الثقل الأكبر على ألمانيا التى تعد أكبر اقتصاد فى منطقة اليورو.