الحالة الفوضوية التى تسيطر حاليًا على كل نواحى الحياة فى مصر ومنها ملاعب كرة القدم والتى أصبحت مرتعاً للمشاغبين والبلطجية الذين يريدون إفساد الحياة الكروية فى الملاعب وبالتالى إظهار مصر كدولة تفتقد للأمن والسيطرة على مقدراتها، وخير مثال فى ذلك الأزمة الأخيرة التى أبتدعها بعض الصبية فاقدى السيطرة على أنفسهم من مشجعى فريق غزل المحلة عندما اقتحموا ملعب المحلة فى مباراته مع الأهلى ومن قبلها قيام جماهير المحلة بفعل مشابه فى أولى مبارياته بالدورى هذا الموسم، وأيضًا حالات مشابهة كمباراة الزمالك والافريقى التونسى، الأهلى وكيما أسوان تجعل وبما لايدع مجالا للشك ضرورة اتباع الحزم والشدة مع أمثال هؤلاء وهو لن يتأتى إلا بتطبيق القانون وعقوباته طالما أن عقوبات اتحاد الكرة لا تكفى. وهذا الأسلوب لن تنفرد به مصر فقد سبقتنا دول أوروبية أكثر تقدما فى التصدى لهذه الظاهرة السيئة بتطبيق القانون حيث قضت محكمة هولندية بحبس مشجع لنادى اياكس امستردام الهولندى لمدة ستة أشهر لاعتدائه على حارس مرمى الكمار خلال مباراة فى كأس هولندا الشهر الماضى وتم حرمانه من حضور مباريات لاياكس والكمار والمنتخب الهولندى لمدة عامين والزمته بالتواجد فى قسم الشرطة خلال هذه المباريات. وعن مدى امكانية وضع قانون مخصص للتصدى لظاهرة الشغب واقتحام ملاعب الكرة المصرية كانت هذه الآراء. فى البداية يتعجب د. أشرف توفيق رئيس قسم القانون الجنائى (حقوق بنها) من وجود قصور فى القانون المنظم للرياضة فى مصر حيث يؤكد أنه بعد بحث مستغرق فى تفنيد ينود هذا القانون وجدها جميعًا خاصة بكيفية تنظيم عمل الهيئات الرياضية وكيفية إنشاء الأندية وما إلى ذلك دون التطرق لمعاقبة مثيرى أعمال الشغب داخل الملاعب، وهذا خلل كبير يشير لوجود نقص فى المظلة التشريعية رغم الاهتمام الكبير الذى توليه الدولة بالرياضة ووفقًا، لذلك يستوجب فى الوقت الحالى التصدى لمثيرى الشغب بتطبيق بنود القانون الجنائى والعقوبات والذى ينص على أنه «إذا اتفق ما يزيد على عدد 5 أفراد على التجمهر وإثارة شغب فإنهم يسألون عن الجرائم التى تقع منهم». ويبدى د.أشرف أسفه من أن معظم مواد قانون الرياضة الحالى منذ أيام الملك فاروق ولم يدخل عليها تعديلات سوى بالمراهنات والمقامرة والتعديلات الهيكلية، ولكن مع الأوضاع الحالية يستلزم ادخال تعديلات تشريعية جديدة للعقاب فى حال التجاوزات من الجماهير وعقوبات تبعية وتكميلية كالشطب من عضوبة النادى مثلاً أو عدم أرتياد الأندية أو الملاعب على أن تحفظ العقوبة الموقعة على المتجاوزين فى سجلات لهم مع نشر الحكم القضائى فى وسائل الاعلام وفى حال التكرار تشدد العقوبات، ويسأل ما المانع من السير على ركب الدول المتقدمة؟!. ويعلق د. يسرى أبو العلا وكيل كلية (حقوق بنها) قائلاً إن هذا هو المفترض أن يكون موجوداً فمثل هذه الظاهرة تكررت كثيراً ولابد لها من حل جذرى لحماية الملاعب المصرية التى هى ملك للدولة ولنا خير مثال فى ذلك حادثة «أبو جلابية» الشهيرة والذى كان أول من يقتحم ملعب مباراة الزمالك والأفريقى التونسى وبعدها حدثت المهزلة، وشدد على أن هذا القانون من الممكن أن يطبق فى مصر ولكنه يحتاج لتقنين بأن لكل فعل ما أو حالة شغب ما تكون لها عقوبتها الجنائية المحددة وهذا بالتالى يحتاج لتشريع من المجلس القومى للرياضة لأنه المختص بشئون الرياضة فى مصر مثل أى وزارة أخرى ثم يناقش مشروع القانون بعدها فى مجلس الشعب للتصديق عليه وهذا بالتنسيق مع الاتحاد الافريقى والدولى على أن تكون العقوبات شاملة لكافة الألعاب الرياضية، وأؤيد بشدة عقوبة الحرمان من دخول الملعب لفترة ما بشرط توفير آليات محددة أيضاً تضمن التنفيذ. وفى الجانب الآخر تقول د. هناء كريم أستاذ القانون الاجتماعى رغم أن القضية أعمق من حدوث بعض الشغب لوجود أياد تعبث بمصر إلا أننى لا أستطيع قياس الواقعة بما حدث بهولندا سواء فى التطبيق أو حجم المشكلة، ولابد من مراعاة الظروف التى تمر بها مصر من عدم وضوح الرؤية فنحن نمر بمرحلة غاية فى الخطورة تحتاج لضبط معايير قانونية تضبط السلوك للمسئولين والحزب والشعب بما يضمن توازنا فى التصرفات، والرياضة لا تنفصل عن المنظومة العامة فى البلاد. فى حين ذهبت إلى أن التصدى لهذه الظاهرة يكون عبر إجراءات معروفة بالبحث عن أسبابها وأنا هنا أرجعها إلى المسئولين عن الرياضة فى مصر سواء اتحادات اللعبات وقيادات الأندية والأجهزة الفنية ثم الجهاز الأمنى فكما تقول المقولة الشهيرة» إذا صلح الرأس صلح باقى الجسد» وهذه القيادات تمثل القلة التى تبحث عن مصالحها على حساب مصالح البلاد ولكنها لا تمثل الشخصية المصرية ولذا فأول من يسأل فهم هؤلاء وعليه لابد من محاسبتهم قانونيا، أما بالنسبة للجهاز الأمنى فالمفترض أن هناك استعدادات معينة ليست بمبدأ الكثافة ولكن بالسرعة فى وقف التعديات وليس كما حدث وترك الشباب المقتحم للملعب أن يكمل دون أن يعترضه أحد. وتقول د. نادية قاسم خبيرة إرشاد نفسى إن هذا السلوك نمط من أنماط العنف الشائعة بالفترة الحالية فى مصر وليس فى كرة القدم فقط، وطالبت بأن تكون الحلول الموضوعة تطبق منذ الصغر مع التأكيد على دور الوزارة المعنية « المجلس القومى للرياضة والشباب» فى أداء أدوارها ورسالاتها التى من المفترض أنها أنشئت لأجلها كتوفير ساحات شعبية للشباب لتفريغ طاقتهم وهواياتهم وبالتالى فإن هؤلاء الشباب يتجهون للشارع للإنحراف، ولكن هذين المجلسان يقفان فى موقف المتفرج، وكذا أين دورالمجتمع فى المراقبة والحساب؟! مع ضرورة وجود قواعد موضوعة من البداية للتصدى لمثل هذه الظاهرة فكيف ُتقتحم مؤسسة تابعة للدولة؟!