*كانت الإسكندرية واحدة من أهم أهداف راغبى ضرب استقرار مصر من خلال التمويل الأجنبى، باعتبارها من أكثر المحافظات المصرية انفتاحا على العالم، حيث توجد بها جامعتا سنجور والإسكندرية والأكاديمية العربية للنقل البحرى، إضافة إلى العديد من القنصليات الأجنبية لدول كبرى، بخلاف مراكز ثقافية بجنسيات مختلفة. وترجع بداية التمويل الأجنبى لبعض منظمات وأفراد المجتمع المدنى السكندرى إلى عام 2000 أو ربما قبله بأعوام قليلة فى شكل دورات تدريبية بالمراكز الأجنبية وحلقات نقاشية مع قطاعات مختلفة لدراسة أو مناقشة حقوق المرأة ودورها فى الانتخابات المحلية والبرلمانية وحتى الرئاسية فى العهد السابق..ثم الرعاية الصحية للمرأة ومدى توافرها وهو قطاع برامجى كبير خاص بالمرأة واستقطابها.. ثم كانت هناك دورات حول دور المرأة فى الإسلام، والإسلام فى عيون العالم الغربى، ودورات أخرى حول حرية الإعلام ودوره فى تغطية الانتخابات بمختلف صورها، بالإضافة إلى كيفية إدارة الحملات الانتخابية والديمقراطية بالدول العربية.. وغيرها من برامج ودورات بمسميات مختلفة كانت تتخذها المراكز الأجنبية الثقافية ثم الجمعيات الحاصلة على تحويلات أجنبية كذريعة لاستقطاب الفئات المختلفة خاصة من الشباب.. وكان يتم- خلال الدورات المنظمة- توفير وجبة غذائية أو توزيع حقائب أو مبالغ مالية بسيطة على المتدربين لاستقطابهم وتشجيعهم على الحضور ثم بدأت عمليات التحفيز بالتسفير للخارج.. كجائزة للمشاركين.. ولعل أبرز من كان يقوم بهذه الأدوار فى المرحلة الأولى مجموعات من الشباب باسم «أصدقاء صوت أمريكا». * ثم دخل هذا المجال المركز الثقافى الفرنسى من اتجاه مختلف بتبنى أنشطة الشباب من أعمال فنية تشكيلية وعروض مسرحية لنصوص تدعو للديمقراطية ومحاربة الفساد، إضافة إلى بعض العروض الراقصة ومسابقات تصفيف الشعر.. والتى كانت تستهدف جذب أكبر قطاع من الشباب للمركز حتى أصبح يضم مجموعة كبيرة من الشباب ذى الأفكار الراديكالية اليسارية. * انضم إلى اللعبة المركز السويدى الذى كان أكثر تركيزا على الندوات واللقاءات واستقطاب المعارضين بصورة واضحة. * أما المركز الروسى فقد كان قنصله يحرص على عقد مؤتمرات صحفية لمختلف القطاعات للاستماع لوجهات النظر ومعرفة الآراء المختلفة فى القضايا السياسية. * وقد سبق أن قامت نقابة الصحفيين بالإسكندرية بإصدار العديد من البيانات للتحذير من الانسياق خلف المراكز الأجنبية ودوراتها المشبوهة والتى تتحدث عن الصحافة والإعلام بدون رقابة نقابة الصحفيين بالإسكندرية. * إلا أن ملف المعونات الأجنبية اختلف كثيرا منذ بداية عام 2005، فقد أصبحت الأفكار محددة وأكثر هجوما على النظام السياسى المصرى وأكثر تحديدا من خلال ظهور المراكز الحقوقية والتى يرأس بعضها -للأسف- بعض الحرفيين أو حملة المؤهلات المتوسطة. وظهر نشاط المعهد الجمهورى الأمريكى والمعهد الديمقراطى بدورات مكثفة لشباب القوى السياسية والأحزاب الشرعية والمحظورة فى ذلك الوقت. * وبدأت المراكز الحقوقية تنفق أموالا كمرتبات للشباب، بالإضافة لدورات تدريبية بالمحافظات والفنادق الكبرى بإقامة كاملة وهو ما أسعد قطاعا كبيرا من الشباب الذى يعانى من البطالة ولا يجد ما يفرّغ فيه طاقته الذهنية والجسدية، بالإضافة إلى تصعيد حدة الهجوم ورفض النظام السابق والحزب الوطنى وهو ما ظهرت نتائجه فى انتخابات الرئاسة عام 2005 والتى حقق فيها أيمن نور مرشح الرئاسة فى ذلك الوقت نسبة كبيرة من التصويت فى سباقه مع الرئيس السابق. * ولعبت المعونات الأجنبية دورا كبيرا بين قطاع أساتذة الجامعات بتوفير فرص السفر للخارج.. سواء كبعثات أو زيارات مقترنة بمبالغ مالية كبدل سفر.. ليكون لهم دور كبير فى استقطاب شباب الجامعات من طلابهم. * لتتطور الأمور سريعا فى السنوات الأخيرة وتظهر جمعيات ممولة- علانية ودون مواربة- من المعونات التى أصبح لها «سماسرة معروفون» للتعاقد مع البرامج وتحديد المبالغ التى ستحصل عليها الجمعية ونسبة السمسار. وأيضا ظهرت فى الإسكندرية صحف محلية ممولة تعرض أفكارا معارضة ضد كل ما هو منسوب للدولة ونشر القصص المأساوية والسلبيات المحلية والتركيز على العشوائيات لإثارة مشاعر الغضب لدى المواطنين فى ظل ظهور مجموعات من الشباب تعمل فى هذه المجالات كمصدر رزق لها تقاتل من أجله، كما ظهرت بالثغر حركات وائتلافات قبل سقوط النظام لا أحد يعلم مصادر تمويلها وكيفية انفاقها على المنشورات والملابس الموحدة وأماكن التجمعات والاتصالات والحشد.. ولعل الوتر الرئيسى الذى لعبت عليه المعونات الأجنبية هو فساد النظام السابق والفجوة بين الأغنياء والفقراء وتزييف إرادة الناس والانتخابات المزورة ورغبة أعداد كبيرة من المهمشين فى أن يكون لهم دور حتى ولو على حساب انهيار الدولة. * يقول المهندس حسن أباظة رئيس الاتحاد الإقليمى للجمعيات الأهلية بالإسكندرية: تضم عروس الثغر نحو 2200 جمعية أهلية فى مختلف الأنشطة والتخصصات، كما أننا نتفق مع كل جمعية تتلقى تمويلا أجنبيا من خلال الدولة متمثلة فى وزارة الشئون الاجتماعية والتضامن الاجتماعى ومن خلال رقابة الجهاز المركزى للمحاسبات وإعلان الأنشطة التى تقدم لصالح تنمية المجتمع، مشيرا إلى ضرورة مساءلة كل جمعية تخرج عن القانون، أما الجمعيات غير المشهّرة والمراكز الحقوقية وغيرهما فلا ولاية للاتحاد عليها.. وغالبية أموال التمويل الأجنبى تقدم لمركز غير تابع للجمعيات أو لرقابة الوزارة. * أما المهندس ياسر سيف رئيس الجمعية الدولية للتنمية والبيئة فيقول: تجب محاسبة الجمعيات التى تتلقى أموالا من الخارج بغرض إحداث فوضى وقلاقل فى البلاد ولابد أن تكون هناك رقابة للدولة عليها مطالبا بالكشف عن كل الممولين من دول عربية وأوروبية وأمريكية، لأنه سيكشف النقاب عن أدعياء البطولة والنضال بأموال الخارج.