فى الوقت الذى استمرت فيه التيارات الإسلامية المتمثلة فى جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسى حزب الحرية العدالة، وكذلك القوى السلفية فى الحفاظ على تقدمها فى المرحلة الثانية فى انتخابات البرلمان 2011 استمر تراجع الأحزاب السياسية بمختلف أطيافها، وذلك لأسباب أرجعها البعض إلى ضعف تلك الأحزاب وعدم قدرتها على التواجد فى الشارع السياسى بقوة مقارنة بتيار الإسلام السياسى، وكذلك عدم قدرتها على التنظيم بجانب نقص الموارد المالية وانشغال تلك الأحزاب بالصراعات الداخلية والانقسامات داخلها. كما غاب أيضًا عن المشهد السياسى تمثيل فئة الشباب، وكذلك المرأة يتوقع الخبراء أن يخلو البرلمان القادم من هاتين الفئتين على الرغم من أن من قام بثورة التغيير هم فئة الشباب، وكذلك نسبة المشاركة السياسية للسيدات فى التصويت فى انتخابات المرحلة الأولى والثانية كانت واضحة جدًا أنها قد تجاوزت مشاركة الرجل وعلى الرغم من هذا فنحن أمام واقع سياسى يؤكد فشل الأحزاب فى التمثيل السياسى فى البرلمان القادم مع غياب واضح لشباب الثورة والمرأة. يرى أحمد حسن أمين عام الحزب الناصرى أن السبب فى هذا التراجع ليس بسبب ضعف الأحزاب المدنية ولكن حالة الغيوم والضبابية التى تسيطر على المشهد السياسى فى مصر هى التى أدت إلى ذلك حيث إننا لا نستطيع تحديد ملامح المرحلة القادمة من الحياة السياسية فى مصر بعدما أصبحت الصورة غير واضحة حتى بالنسبة لرجال السياسة، وكذلك أرجع حسن التراجع إلى تدخل المال السياسى وتحول المنافسة الانتخابية إلى صراع طائفى مؤكدًا أن الفئة السياسية المحترمة والتى تحترم العمل السياسى عليها أن تنتظر حتى ينقشع هذا الغبار خاصة أن القوى السياسية الخارجية والتى تساند تيارات سياسية بعينها سوف تلعب دورًا مهمًا فى تشكيل ورسم خريطة البرلمان القادم ولكن نحن نخدع الناخب عن طريق التلاعب بالدين باستخدام المساجد والكنائس. فى ذات السياق أكد طارق التهامى عضو الهيئة العليا بحزب الوفد أن وضع حزبه سوف يكون أفضل فى المرحلة القادمة مؤكدًا أن الأحزاب المدنية تواجه معركة شرسة وليس منافسة انتخابية حيث وصل الأمر إلى حد تكفير تلك الأحزاب المدنية والضغط على الناخبين من أجل التصويت الدينى وهو أمر خطير سوف يؤدى إلى تزايد الصراع الطائفى وتعميق هذا الصراع مؤكدًا أن تراجع الأحزاب ليس تراجعًا سياسيًا ولكنه نتيجة لأسباب خرجت عن نطاق سيطرة الأحزاب وهى التلاعب بالناخب عن طريق التصويت لمصلحة الدين وتجاهل الناخب وعدم وعيه السياسى بأن التصويت يكون لصالح برامج ومرشح لديهم القدرة على دفع مسيرة التقدم نحو مستقبل أفضل فنحن بصدد عملية خداع سياسى من جانب التيارات الإسلامية السياسية. وفى ذات السياق أكد محمد عثمان العضو السابق بحزب العمل أن السبب فى ذلك هو ضعف تلك الأحزاب السياسية وتهميش دورها فى مجال العمل السياسى فى عهد النظام السابق والتنظيم الجيد من قبل القوى السياسية الإسلامية والذى لا تستطيع الأحزاب السياسية مجتمعة أن تقف فى وجه هذا التنظيم وتمتع التيار الإسلامى بالذكاء والقدرة على التلون السياسى وإدارة المعركة بطريقة سياسية بارعة وساعدها أن منظم الأحزاب الليبرالية يعانى من صراعات وانقسامات داخلية كل ذلك أدى إلى تراجع المشاركة السياسية لتلك الأحزاب وامتد التأثير لينال الشباب، وكذلك المرأة فمعظم الأحزاب الجديدة لم يكن لديها الوقت الكافى للإعداد للمعركة الانتخابية بجانب نقص الخبرة السياسية ونقص الموارد. أمينة النقاش عضو حزب التجمع تقول إن السبب الحقيقى يكمن فى إدارة الانتخابات والتى أتاحت الفرصة بشكل كبير لأحزاب التيار الإسلامى فى التحكم فى سير العملية الانتخابية،وكذلك عملية الخداع السياسى عن طريق وضع المرشحات فى ذيل القوائم، وذلك يجعل فرصة مشاركة المرأة فى البرلمان القادم قد تكون معدومة ولم يكن الوقت كافيا للأحزاب الجديدة والتى تمثل معظمها فئة الشباب لكى تعبر عن نفسها فالوقت والمناخ السياسى لم يكن فى مصلحة تلك الأحزاب الجديدة، بينما يرى د. حسن نافعة المحلل السياسى أن سوء إدارة المرحلة الانتقالية والفراغ السياسى فى ظل النظام القديم هو السبب الحقيقى لصعود التيار الدينى وأن الفصل بين الدين والدولة والفراغ الكامل الذى أحدثه النظام السابق والانقضاض على الأحزاب السياسية وتهميش دورها كل ذلك أدى للنتيجة الكارثية التى نحن بصددها الآن لذلك كان لابد من ترتيب المرحلة الانتقالية بشكل أفضل من ذلك والتركيز على دور المرأة وتطهير أجهزة الدولة واستئصال الفساد قبل إجراء الانتخابات وليس البدء فى الانتخابات فى ظل الفوضى الواضحة وقد أدى ذلك إلى تهميش دور الأحزاب السياسية وترجيح كافة الأحزاب التى ترفع الشعارات الدينية محذرًا من أن ذلك المستقبل غير مشرق فلابد أن نبحث عن مصلحة الوطن فنحن ننتقل من دكتاتورية نظام إلى دكتاتورية جماعة بشكل واضح وربما أسوأ من الماضى.