مع بساطة الشعب المصرى ووعيه بكل ما يدور حوله من أحداث تجلت عظمته فى أولى خطوات الديمقراطية فى انتخابات برلمانية نظيفة لم تحدث منذ أكثر من ستين عامًا شهد بها العالم أجمع وتكون نموذجًا يحتذى لكل ثورات الربيع العربى، وأصبح هو سيد الموقف فقد كان أسبق من الجميع وأثبت بما لا يدعو مجالًا للشك أنه صاحب الموقف فى المرحلة الأولى من الانتخابات رغم تخون الأحزاب والائتلافات مما قد يحدث نتيجة للأحداث الأخيرة التى شهدتها الساحة السياسية المصرية، ولكنه كان سباقًا، ومع هذه الحالة المنفردة والتى قابلتها عدة أخطاء إجرائية لا تتناسب مع حماسة الأغلبية الصامتة التى تحركت منذ الصباح لأنهم رأوا أن صوتهم سيغير من ملامح برلمان الثورة فى المرحلة القادمة، ومع ذلك لم يمنعهم كل هذه الأخطاء من تحمل الوقوف فى طوابير طويلة مع سوء الأحوال الجوية فى إصرار شعبى على استكمال هذه المرحلة وأن هذا نابعاً من ذكاء ووعى وفطرة الشعب المصرى الطبيعية النابعة من وطنيته التى لا تتعلق بأجندات أو ائتلافات أو أحزاب ولكنها تتعلق باختياراته النابعة من قناعاته، لأنه كما يقول البسطاء منهم إن مصر لن تعود إلى ما قبل 25 يناير لأنهم يعرفون بالضبط ماذا يريدون؟! ومتى يطلبون؟! لقد خرج الشباب والشيوخ والرجال والنساء بأطفالهم والمثقفون وغير المثقفين وجميع طوائف المجتمع المصرى دون استثناء فى «عرس الديمقراطية» لم يحدث عبر تاريخ مصر الحديث منذ عقود طويلة هذا المشهد الحضارى الذى شهد به العالم أجمع، وحال الشعب المصرى دون حدوث الفوضى بوعيه وإدراكه وتفهمه لمصلحة الوطن وأصبح أكثر إدراكًا بأن هذه الانتخابات هى الخطوة الأولى للتحول الديمقراطى السليم، لذلك تحرك الشعب للدوائر الانتخابية كى يثبت بالتجربة العملية أنه صاحب الثورة الحقيقى، وهو الذى يضع بدايات المرحلة الانتقالية لدولة مدنية، وظهر لنا الشعب القائد الذى قاد ثورة 25 يناير، وهو الآن قائد المرحلة الانتقالية بقيمة صوته وإصراره على الخروج فى أولى خطوات الديمقراطية، وهذا نابع من إحساسه بأنه أخُرج قهرًا واستبدادًا لعقود طويلة من المشهد السياسى ومن المعادلة بتزوير إرادته وحقه فى تقرير مصيره، ولكنه عاد لاستلام قيادته لهذا البلد، ولن تجرى معه كافة الأساليب السابقة من قهر وقمع لأنه ذاق طعم الحرية. تحية للشعب المصرى فى كل ربوع المحروسة والذى ضرب أروع مثال للوطنية والإدراك والوعى السياسى وأثبت بالفعل أنه صاحب الثورة فهى ثورته ثورة شعب.. وكما قال الشاعر أبو القاسم الشابى: إذا الشعب يومًا أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر ولا بد لليل أن ينجلى ولابد للقيد أن ينكسر وهنا يؤكد لنا دائمًا الشعب المصرى أنه القائد، ولن يحكمه بعد الآن ديكتاتور بأى حال من الأحوال وعاشت مصر للمصريين.