عندما تجلس أمامه تؤمن لأول وهلة أنك أمام دائرة معارف متنقلة وكتاب مفتوح فى الفن والأدب والسياسة، أمام ذاكرة حديدية تحمل عبق الماضى وعبير الحاضر ونبوءات المستقبل.. إنه المفكر الكبير د. مرسى سعد الدين المتحدث الرسمى للرئيس السادات ورئيس هيئة الاستعلامات الذى قال صراحة إن الفرق بين أنيس وهيكل مثل الفرق بين عبد الناصر والسادات.. أو الفرق بين «السما والأرض».. عبد الناصر كان يعشق القومية العربية، والسادات كان يعشق تراب مصر .. الكاتب الكبير حسنين هيكل كتب اسمه على مقالة لى فى آخر ساعة، وأنيس منصور سدد اشتراكات مصر فى النادى الدولى من جيبه الخاص. إنها مواقف وطرائف، وأسرار وحكايات لن تجدها عزيزى القارئ إلّا فى أكتوبر، وعلى لسان د. مرسى سعد الدين. *د. مرسى هل تتذكر أول لقاء جمعك بالكاتب الكبير الأستاذ أنيس منصور؟ **قبل اللقاءات الودية المتعارف عليها بين الأدباء والمثقفين والكتاب هناك لقاءات فكرية أو روحية تجمع أصحاب الجسد الواحد من باب أن «الأرواح جنود مجندة»، حيث التقيت مع الكاتب الراحل فكريًا منذ فترتى الأربعينات والخمسينات عندما كنت ملحقًا ثقافيًا فى لندن، وكنت أتابع أعماله وكتاباته مثل «فى صالون العقاد كانت لنا أيام.. ويا نور النبى، وزى الفل، وحول العالم فى 200 يوم، ويوم بيوم، ويا صبر أيوب» أما أول لقاء جمعنى بالأديب الراحل فكان بعد وفاة د.طه حسين .. والمناسبة فإن عميد الأدب العربى نجح قبل وفاته فى ضم مصر لعضوية القلم الدولى، وهى هيئة دولية تضم خيرة الأدباء والمفكرين العرب، وتناقش القضايا السياسية، والثقافية، فى الدول الأعضاء، ولذلك أطلقوا عليها «النادى الدولى»، وبعد وفاة د. طه حسين طلبت من د. ثروت عكاشة أن يخلف أنيس منصور عميد الأدب العربى فى رئاسة النادى الدولى، لكونى أمين عام مؤتمر الأفرو آسيوى، وأمين المجلس الأعلى للفنون والآداب بالإضافة إلى عضويتى فى النادى الدولى. وفى تلك الأثناء كما يقول د. مرسى سافرنا أنا وأنيس أغلب دول العالم مثل ألمانيا والسويد وسويسرا.. وفى إحدى المرات سافرنا للنمسا، وفى فيينا حدث موقف لا يمكن أن ينسى وأنه فى فترة الإعداد لحرب أكتوبر، تأخرت مصر فى دفع اشتراك مجلس النادى الدولى أو القلم الدولى.. عندها هدد رئيس المجلس، وكان «نمساوى الجنسية» بشطب اسم مصر من عضوية النادى.. وكان موقفًا مخجلًا عندما دخل علينا أحد أمراء الخليج يعرض علينا تسديد اشتراك مصر شريطة أن يعلن ذلك على الملأ عندها انتفض الأستاذ أنيس رحمه الله، وقال (أشرف) لنا أن نعود إلى بلادنا، من أن يقال إن مصر عجزت عن دفع الاشتراك، أو أن أميرًا تفضل علينا، ودفع لنا رسوم النادى الدولى. ونظرت وقتها إلى الأستاذ أنيس وقلت له: ما العمل؟ قال: الفقيد الراحل، «ولايهمك» وغاب عنى الأستاذ أنيس بضع ساعات، ووجدته قد أتى بالأموال اللازمة لتسديد اشتراكات مصر فى النادى الدولى، وعندما سألته عن مصدر الأموال قال: إنها من حسابى الخاص،حيث سافرت إلى أحد الناشرين فى لندن، وطلبت منه الأموال اللازمة على أن أسددها له من «ريع كتبى» التى سوف أطبعها عنده لاحقًا، بالإضافة إلى مساهمات بعض المصريين الذين رفضوا أن يتفضل أمير عربى على مصر أم الثقافة والحضارة ويدفع لها الاشتراك اللازم. وموقف آخر يدل على الكرم الزائد الذى تحلى به الأستاذ أنيس منصور مما يؤكد أن هذا الرجل كان يعشق مصر من شعر رأسه إلى إخمص قدميه، وكان هذا الموقف بعد الحرب حيث كنا أنا وهو فى رحلة عمل بالخارج بعد حرب أكتوبر للرد على أكاذيب إسرائيل التى ادعت أنها انتصرت فى حرب أكتوبر، وكانت تقوم بعرض صور 67 على أساس أنها صور 73، وردًا على هذا أعلنت من عاصمة الضباب، ومن السفارة المصرية فى لندن عن عقد مؤتمر صحفى يكشف هذه الأكاذيب، وقمت بدعوة الصحفيين الأجانب لمشاهدة الصور الحقيقية لاقتحام خط بارليف، وعبور القناة، وأسر عساف ياجورى، وهروب موشى ديان من نيران القوات المصرية فى منطقة الثغرة، وكان مؤتمرًا موفقًا، أما عن دور أنيس منصور فى هذا المؤتمر فإنه قام بذكائه المعهود بدعوة كثير من الكتاب ورجال الأعمال اليهود ليكشف لهم الحقائق كاملة، وقد أكد لهم أن مصر انتصرت فى حرب أكتوبر، وأن إسرائيل ترفض السلام لابتزاز اللوبى اليهودى فى أوروبا وأمريكا. وعندما سألت الفقيد الراحل كما يقول د. مرسى عن سر دعوته لهؤلاء الكتاب قال: لأنهم بمثابة أسلحة تستخدمهم إسرائيل للهجوم على مصر، وعندما نكشف لهم الحقائق. نبطل مفعول هذه الأسلحة تجاهها. وفى نهاية المؤتمر دعا الأستاذ أنيس منصور رجال الأعمال اليهود والمراسلين الأجانب لزيارة مصر، ومقابلة الرئيس السادات لعقد مؤتمر دولى من أجل السلام يشارك فى إعداده اليهود أنفسهم. ومن هنا فأنيس منصور كان يعمل من أجل مصر وهذا سر التوافق والانسجام الذى نشأ بينه وبين الرئيس السادات، الذى كان يعشق تراب هذا البلد بعيدًا عن الشعارات وحب الزعامة والقومية والمبادىء التى أدمنها الرئيس عبد الناصر. *وما الفارق بين الأستاذ هيكل والأستاذ أنيس؟ **كلاهما صحفى من نوع خاص.. والفرق بينهما مثل السماء والأرض، فالأستاذ هيكل استغل الرئيس عبد الناصر إلى أقصى درجة.. حصل على وثائق ومستندات سرية جلبت له الملايين.. اعتبر هزيمة يونية نصرًا سياسيًا، واعتبر عبد الناصر بطلًا قوميًا مع أنه مات وإسرائيل تعربد فى أراضى 3 دول عربية. الأستاذ هيكل قال عن حرب اليمن إنها حرب تحرير، لا ندرى حتى الآن تحرير من ماذا؟ ولماذا؟ مع أن خسائر الجيش المصرى فى اليمن تفوقت على خسائره فى 67، حيث وصف اليمنيون وجود الجيش هناك بالاحتلال، ويتذكر د. مرسى قائلًا: إن وزير الثقافة الأسبق ثروت عكاشة.. وهو بالمناسبة حى يرزق.. قد طلبنى ذات يوم وقال عليك أن تأخذ مجموعة من علماء التاريخ والجغرافيا والآثار، وتكتب تاريخ اليمن كما فعل نابليون عند حملته على مصر وبالفعل تم الاستعداد للرحلة وتجهيز طائرة حربية لإنجاز المهمة، إلّا أنه تحت وطأة ضربات القبائل اليمنية لم نسافر وتم تأجيل المهمة إلى أجل غير مسمى، ومع ذلك لم يذكر الأستاذ هيكل مثل هذه السلبيات فيما كتبه عن حرب اليمن. ويتابع د. مرسى قائلًا: مشكلة هيكل أنه كان ومايزال حريصًا على أن يكون الصحفى الأوحد، وفى صدارة المشهد. والدليل أنه عندما كنت ملحقًا ثقافيًا فى لندن من سنة 1945 وحتى 56 أرسلت لهيكل وكان وقتها رئيس تحرير آخر ساعة مقالة..أطالب فيها السلطات المصرية بتوفير عملة صعبة لعلاج الأديب والسياسى الكبير صلاح ذهنى، وقلت فى المقال: إن صلاح لا يمثل نفسه بقدر ما يمثل مصر، وأثنيت على دور الرجل فى مجال الترجمة والعلاقات الثقافية بين مصر والغرب، وكانت المفاجأة أن نسب الصحفى الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل المقالة التى كتبتها لنفسه، ووضع اسمه عليها، وفى آخر فقرة أضاف اسمى بين السطور فى فهلوه صحفية لم يسبق لها مثيل. ومن يومها - كما يقول د. مرسى - وضعت الأستاذ هيكل فى «البلاك لست» فكيف برجل يؤتمن على كتابة تاريخ مصر، وقد أخل بالأمانة فى مقال صحفى؟! وأنيس منصور - وهى حقيقة معلومة للجميع - لم يسع إلى السلطة لأنه أدرك مبكرًا بفضل دراسته للفلسفة أن السلطان من كان بعيدًا عن السلطان، ولذلك كان فى صدام دائم مع الرئيس عبد الناصر، الذى فصله لمدة 18 شهرًا من مجلة الجيل، وفصله أيضًا من جامعة عين شمس عندما كان مدرسًا للفلسفة فى كلية الآداب.. وكان سبب تلك العلاقة المتوترة مقال كتبه أنيس منصور عام 61 بعنوان «حمار الشيخ عبد السلام» وهو الخيط الذى سار على نهجه توفيق الحكيم فى مسرحية «السلطان الحائر» وقد غضب عبد الناصر على أنيس، لأن مصطفى رفعت مدير الرقابة آنذاك أوحى لناصر أن أنيس يشبهه بالعز بن عبد السلام فى المقال، وقد ذكر أنيس أن العز بن عبد السلام كان يعادى الشعب الذى يشبه الحمار الذى لا عمل له إلا أكل البرسيم، ولا يعرف شيئًَا عن الحرية، والرأى الآخر، ولهذا ألف أنيس فى فترة الثمانينات كتاب «عبد الناصر المفترى عليه والمفترى علينا» وهو الكتاب الذى أثار ضجة كبرى آنذاك من دراويش عبد الناصر الذين أشاعوا أن أنيس كتب الكتاب بدعم من الرئيس مبارك، متجاهلين ما فعله الرئيس عبد الناصر فى حق أنيس منصور بسبب مقاله. يتابع د. مرسى سعد الدين قائلًا: إن الرئيس السادات وجد ضالته فى أنيس منصور.. فالفكر واحد والعقلية واحدة، فكلاهما موسوعى الثقافة، وكلاهما يجيد قراءة المستقبل. وكان أنيس يتميز عن غيره من الصحفيين بأنه دائم التفكير.. حتى اهتدى إلى الوجود والوجودية والتحليق فى سماء الحرية، وقد كان حرًا فى أن يحتار أو يختار.. انتهى من تحليل ذاته، وعكف على تحليل الآخرين، وهذه بالضبط المواصفات التى كان يتمتع بها الرئيس السادات الذى نجح بمفرده فى فهم عقلية اليهود، وتحاور معهم، وحصل على الأرض، بالحرب تارة.. وبالسلام تارة أخرى فى الوقت الذى يلهث فيه باقى العرب للحصول على شبر واحد وأعتقد أنهم لم ينجحوا. كما أن أنيس منصور وجد ضالته أيضًا فى الرئيس السادات، حيث اكتشف أنه قرأ للعقاد، واقترب من طه حسين، ومصطفى صادق الرافعى وتوفيق الحكيم، وتأثر بمفكرين وأدباء وفلاسفة عظام أمثال سارتر، وجابرييل مارسيل وديستوفسكى وتولوستوى، وسومرست. ولهذا كما يتذكر سعد الدين أن كليهما كان يفهم الآخر بالإشارة. وللتدليل على ذلك يقول د. مرسى كنا مع الرئيس السادات فى زيارة لإيران أيام حكم الشاه، وكان أنيس منصور يخطط للانفراد بالشاه بعيدًا عن برنامج الزيارة أو برتوكول العمل، وحتى لا يشعر به رفقاء السلاح والقلم أمثال محسن محمد، وموسى صبرى.. نظر أنيس إلى الرئيس السادات.. كلاهما فهم الآخر.. وفاز أنيس بحوار خاص مع أن البروتوكول الإيرانى يمنع اقتراب الصحفيين من رئيس الدولة. *د. مرسى سؤال قد يبدو شخصيًا.. لماذا أرى الحزن فى عينيك ونبرة صوتك. **الحزن لا يفارقنى على وحيدى حمدى، رغم أن حفيدتى منه تخفف عنى الكثير والكثير، ولكن حزنى الأكبر الآن على مصر فقد قامت الثورة، وسقط النظام السابق، وأخشى أن يسقط الجيش فتسقط مصر، ومعها الأمة العربية. *ألا ترى أن هناك من يريد القفز على السلطة ولا تعنيه مصر من قريب أو بعيد. **هذه حقيقة.. ولكن أمثالنا لا يمكن أن يفرّط فى بلده أو كرامته من أجل منصب أو سلطة أو مصالح شخصية، لأننا تربينا على حب مصر. فوالدى رحمه الله شارك فى ثورة 1919، أما أمى فكانت تكتب شعرًا فى حب مصر، وكانت تصطحبنى كل أسبوع أثناء زيارتها لصفية هانم زغلول لنبكى معًا على ضريح سعد، وأتذكر أنه فى تلك الأثناء كنت أنام على صدر صفية هانم، ومازلت أتذكر شعرها الأبيض وهو يتدلى على خدى وأنا طفل صغير. *وماذا عن علاقتك بالستات. **يضحك د. مرسى سعد الدين ويقول: هن رحمة لنا، وأنا أحب الجمال والذى نفسه بغير جمال لا يرى فى الوجود شيئًا جميلًا *ولكن هل صحيح أنك كنت على علاقة ببرلنتى عبد الحميد. **كنت فعلًا على علاقة بالفنانة الراحلة برلنتى عبد الحميد ولكن كانت علاقة من نوع خاص، علاقة المدرس لتلميذته.. *كيف؟ **ذات يوم اتصل بى حسن عليش وكيل المخابرات العامة، أو نائب رئيس المخابرات على ما أتذكر - بتكليف من رئيس المخابرات صلاح نصر وقال: اذهب حالًا إلى منزل برلنتى لتعليمها اللغة الانجليزية، حيث تبادر إلى ذهنى آنذاك أن الغرض من ذلك هو تجنيدها لصالح مصر، ولكن اكتشفت فيما بعد أن تعليمها اللغة الانجليزية كان بناء على أوامر من المشير عامر الذى ارتبط بها فيما بعد، والحقيقة كما يقول د. مرسى أنها كانت ذكية وموهوبة، لأنها تعلمت فن المحادثة والترجمة فى وقت قصيرا جدًا. *وماذا عن إيميلدا ماركوس زوجة رئيس وزراء الفلبين؟ **يجب أن تعرف أن عملى كوليل وزارة للعلاقات الخارجية بوزارتى الثقافة والإعلام أتاح لى السفر لأغلب دول العالم سواء فى آسيا أو أفريقيا أو أوروبا بالإضافة إلى الدعوات الرسمية التى كانت تأتينى من أنديرا غاندى فى الهند ورؤساء تايلاند وسنغافورة والصين واليابان.. أما الزيارة التى لن أنساها طيلة حياتى فهى جولاتى مع إيميلدا ماركوس حرم رئيس وزراء الفلبين، والتى كانت تضعنى فى مكانة. *وما سر هذه المكانة؟ **إيميلدا كانت عارضة أزياء، وكانت «ليدى» بمعنى الكلمة، وكانت جميلة الجميلات فى بلادها، وارتباطى بها كان ثقافيًا لأنها كانت نشطة جدًا، ومحبوبة ووطنية إلى أبعد مدى. *ولكن متى بدأت حكايتك معها. **بدأت حكايتى معها عندما قامت بزيارة لمصر مع زوجها وطلب منى يوسف السباعى مرافقتها لزيارة آثار مصر، وكانت أيامًا جميلة، ولم نكن بمفردنا كما يتبادل إلى الذهن، ولكن كانت ترافقنا زوجتى، وأم ابنى حمدى رحمهما الله. ولا أخفى عليك كما يقول د. مرسى، فقد حدث لطف وراحة نفسية بيننا فطلبت منى مرافقتها إلى لندن للوقوف على الحركات الاحتجاجية ضد بلادها. وبالفعل ذهبنا إلى جزيرة مند ناو.. ونجحنا فى ترويض عناصر المعارضة، لأن معظهم كان من أعضاء منظمة الأفروآسيوى التى كنت على علاقة وثيقة بها.. ويتابع: ولأن إيميلدا ماركوس كانت تسأل عنى كثيرًا فقد أوعز المهندس سيد مرعى رئيس مجلس الشعب آنذاك للسيدة جيهان السادات بأننى على علاقة بها. وقد كنت فعلًا على علاقة بها ولكنها علاقة شريفة ولكن مازاد الشكوك أن إيميلدا كانت تترك وفد بلادها، وتقف معى كثيرًا حتى أن السيدة العظيمة جيهان السادات اعتقدت أن إيميلدا ماركوس توأم روحى. *بمناسبة جيهان السادات لماذا قال لك الرئيس الراحل ما تسمعش كلام الستات يا مرسى؟ **يضحك د. مرسى قائلًا: عندما كنت رئيسًا للهينة العامة للاستعلامات والمتحدث الرسمى للرئيس السادات عرض علىّ أحد أمراء الخليج مشروع، «ديزنى لاند»، وهو عبارة عن مشروع استثمارى فى قلب الصحراء، دون أن نكلف ميزانية الدولة مليمًا واحدًا.. ومع أن المستثمر طلب عرض المشروع على الرئيس السادات إلا أنى عرضته على السيدة جيهان التى أعجبت بالفكرة وأكدت أن الرئيس سيوافق عليها.. وعندما عرضتها على الرئيس قال لى: «يا مرسى الشعب موش لاقى ياكل».. وأنت عايز تعملّه ديزنى لاند ثم قال لى فى حدة: ما تسمعش كلام الستات يا مرسى». *وماذا عن بليغ حمدى؟ **بليغ حمدى شقيقى الأصغر عاش حياته بالطول والعرض، كان جميلًا ومتسامحًا وكان بيته مفتوحًا لكل الناس بدأت علاقته بصلاح جاهين فى مرحلة مبكرة من حياته. كنا نسكن معًا فى عمارة شبرا، وكان بليغ وصلاح فى سن واحدة تقريبًا.. دخلا معًا كلية الحقوق إلاّ أنهما لم يواصلا تعليمهما انشغلا بالموسيقى والتأليف والغناء، وخرجا من ثالثة حقوق، وكان من المعروف أن «صلاح» خفيف الظل، فكان يقول: أنا فضلت أسقط .. أسقط حتى أخذت التوجيهية.. وفى مرحلة الشباب انضم إليهما عبد الحليم شبانه، أو ما عرف فيما بعد بعيد الحليم حافظ لتكتمل منطومة الفن العربى، ورغم الصداقة التى ربطت صلاح ببليغ فإن شقيقى لم يلحن إلا أغنية واحدة لصلاح جاهين، لأن صلاح كان محسوبًا على الثورة وعبد الناصر، فى الوقت الذى كان يرفض فيه شقيقى التصنيف أو أن يكون محسوبًا على نظام بعينه أو شخصية بعينها. *هل صحيح أن بليغ لم يرتبط فى حياته إلا بوردة الجزائرية؟ **بليغ ارتبط فى أيام الشباب بسيدة كان اسمها «أمينة» ولكنهما انفصلا، وبعدها جاءنى بليغ وطلب منى التقدم لسامية جمال - لأنه يحبها على حد وصفه، رغم أنها كانت أكبر منه سنًا.. ولأنى شقيقه الأكبر «سمعت كلامه» وذهبنا إلى منزلها.. وعندما قال لها أحبك يا «سوسو» قالت: «حب إيه إلّلى انت جاى تقول عليه» فخرج من عندها، وقام بتحلين مطلع الأغنية لأم كلثوم. بعدها ارتبط بالفنانة القديرة وردة الجزائرية والحق. كما يقول د. مرسى إن أعظم فترة فى حياة شقيقى بليغ كانت مع وردة الجزائرية لأنها كانت فترة استقرار نفسى وعاطفى وفنى.