رغم المحاولات العربية التى انطلقت من الجامعة العربية لحل الأزمة السورية بأقل الخسائر إلا أن النظام السورى بقيادة بشار الأسد مستمر فى المعالجة بنفس الأسلوب الذى اتبع عام 1982 - والمعروف بمذبحة حماه التى راح ضحيتها نحو «30» ألف مواطن سورى واستقر النظام بعدها لوالده حافظ الأسد. لكن المجتمع الدولى له حساباته فى التعامل مع الثورة السورية وإنهاء حكم الأسد بعد الحصول على ضمانات ومواقف إيرانية وغيرها من دول الجوار السورى إلا أن المراقبين للأوضاع فى سورية يؤكدون أن الحل سوف يحسمه الضغط الشعبى الذى يرفض الحوار والحل السلمى، كما انضم إليه الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون بقوله إن الوقت انتهى أمام أية خطوات. وقد انطلقت المبادرة العربية للحل فى سورية متضمنة -حوالى «13» بندًا - تنص على وقف فورى لإطلاق النار - والإفراج عن المعتقلين وإعادة اللاجئين - وفتح باب الحوار المباشر بين الرئيس الأسد والمعارضة السورية وإجراء تعديلات وإصلاحات سياسية وفى مقدمتها إلغاء المادة «8» من الدستور التى تجعل من حزب البعث، الحزب القائد والبطل - وفصل الجيش عن السياسة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية مقبولة من المعارضة، وإجراء انتخابات رئاسية عام 2014. لكن سورية رفضت هذه المبادرة وترحب فقط بزيارة للأمين العام للجامعة العربية لإطلاع الرئيس الأسد على نتائج اجتماعات وزراء الخارجية العرب دون تبنى أى موقف داعم لأية مبادرات عربية، وحتى زيارة «العربى» لسورية لم تتم بسهولة وإنما تعرضت لانتقادات وتأجيلات.. حيث انتقدت من المعارضة والشعب السورى الذى يرى أن المبادرة تجاوزتها الأحداث وأن رحيل الأسد هو الحل.. أما التأجيل فقد قام به نظام الأسد حيث يرى فى المبادرة العربية تدخلًا فى شئونه ويرى أيضًا أن الحل يتم من خلال الإصلاحات الشكلية التى طرحها. وفى نفس السياق يرى المراقبون أن النظام السورى، يتبع الأسلوب الذى استخدم فى فبراير عام 1982 فى مذبحة حماه وحمص وراح ضحيته «30» ألف شهيد، واستقرت أوضاع النظام بعدها باستثناء معارضة مجموعات سياسية وناصرية، وبناء عليه استعان نظام الأسد مؤخرًا بنفس المجموعات التى ساهمت فى أحداث 1982، لكن الأمر لن يستقيم مع حالة الاشتعال الشعبى فى سورية والثورات التى تشهدها المنطقة. ويدور الحديث حول ثلاثة حلول هى - إما الانهيار المفاجئ للنظام، وهذا مستبعد لأنه يتطلب تفكيك قاعدة دعم النظام فى أوساط الطائفة العلوية التى ينتمى إليها.. والثانى - يتمثل فى إنقلاب عسكرى من داخل النظام إلا أن المعارضة لن تقبل به.. والثالث.. المتوقع أيضًا - اندلاع حرب أهلية من خلال حمل المعارضة للسلاح للتعامل مع العمليات العسكرية التى يقوم بها النظام ضد المدن السورية.. ورغم تعدد السيناريوهات والحلول إلا أن الأوضاع فى سورية غير مؤهلة للحسم فى المنظور القريب.. لأن دمشق لم تنتفض بعد والأوضاع تسير بشكل عادى ولكن إذا ما انضمت العاصمة إلى المدن السورية المشتعلة مع استخدام المتظاهرين للعصيان المدنى الشامل يمكن للحل الشعبى أن يفرض نفسه لإنهاء حكم الأسد ويظل البديل مجهولًا - لمن يحكم سورية بعد الأسد لأن المعارضة لا تملك خطة لما بعد سقوط النظام، وهذه الإشكالية هى التى تدفع المجتمع الدولى للتعامل ببطء مع نظام الأسد ويبدو أن الولاياتالمتحدةالأمريكية غير راغبة فى الوقت الراهن لإزاحة الأسد وتنظر إلى مواقف إيران وإسرائيل وحزب الله والعراق وتركيا. ويدور الحديث حول إيجاد صيغة لمستقبل سورية بدون الأسد منها: بقاء النظام فى صيغته الحالية مع تنفيذ إصلاحات عبر حكومة تشارك فيها المعارضة.. لكن هذه الصيغة غير قابلة للتنفيذ فى الوقت الراهن.. ويبقى الحل المنتظر فى تأزم الأوضاع داخل سورية وحدوث مواجهات مؤلمة تدفع المجتمع الدولى للضغط على الأسد بالتنحى - إلا أن أى ضغط دولى مرتقب يسبقه تخطيط للنظام السورى قائم على تنفيذ عملية عسكرية سريعة وحاسمة توجه إلى منطقة واحدة وتحدث صدمة عميقة ترعب الشارع وتجبره على التزام الصمت لكن هذه الرؤية لن يكتب لها النجاح فى ظل القتل اليومى الذى تقوم به القوات المسلحة السورية لمواطنيها فى مناطق مختلفة ولن يكون هناك أى حل ببقاء النظام طالما سالت الدماء.