الجولات المكوكية التى يقوم بها رئيس الوزراء د.عصام شرف فى الشرق والغرب للم الشمل ومحاولة اصلاح ما أفسدته سياسات النظام السابق واستعادة دور مصر الإقليمى وعلاقاتها الطيبة مع جيرانها، لابد أن يقابلها فهم أعمق لنفسية تلك الشعوب وطريقة التعامل معها، وتغيير مقصود فى طريقة تناول الاعلام وأهل الفن لقضايا العلاقة مع الآخر سواء كان عربيا أو افريقيا أو حتى غربيا..ولابد أن تجد مطربة تفتقد الثقافة والوعى السياسى مثل شيرين عبدالوهاب من يقول لها إن إعادة إثارتها الآن لموضوع قديم و»بايخ» «لتأليب المواجع» الجراح بيننا وبين الإخوة الجزائريين، وهى تظن أنها تعبر عن نعرة وطنية، ليس فى محله ولا مجاله ولا وقته على الاطلاق..والحكاية باختصار شديد أن الاخوة الجزائريين طلبوا شيرين لتغنى فى حفل هناك ففرضت شروطا تعجيزية وطلبت طائرة خاصة لتوصيلها إلى مقر الحفل، ثم صرحت أنها لن تغنى فى البلد الذى أساء أهله للمصريين، مما أوغر الصدور مرة أخرى وأعاد للأذهان ذكرى المباراتين المشئومتين،وأدى إلى تعكير الصفو وعودة الاحتقان وتبادل الشتائم والاتهامات فى الاعلام وعلى مواقع الانترنت. وليس معقولا ونحن نحاول اصلاح خطيئة اهمال انتماء مصر الافريقى وملف دول حوض النيل، وخاصة السودان التى أصبحت سودانين، أن نظل نسخر من صورة السودانى فى أفلام ومسلسلات وأفلام كارتون، أو أن نستفز أشقاءنا الخلايجة الذين أظهروا حتى الآن-وخاصة فى السعودية- تفاعلا كبيرا مع ما نمر به من الآن من ظروف اقتصادية صعبة، ومع ذلك يستمر فنان مثل محمد هنيدى فى ممارسة هوايته فى التشهير بالخليجيين.والحقيقة أن هنيدى ليس وحده الذى يفعل ذلك فالخليجيون لايظهرون غالباً فى الدراما المصرية سوى بصورة كاريكاتيرية ظالمة تبتعد كثيراً عن صورتهم الواقعية، وتعكس نوعاً من الانتقام مما نسمعه عن سوء معاملتهم للمصريين العاملين فى بلادهم، وتعاليهم واستغلالهم لهم، وهى الصورة التى تؤكدها حواديت نسمعها من هنا وهناك عن مشاكل المصريين مع « الكفيل» الخليجى، أو طريقة تعامل الخليجيين مع المصريين حين يفدون إلى مصر كسواح فى موسم الصيف، ولكن هنيدى بالتحديد هو أكثر نجوم هذا الجيل إظهاراً للخليجيين فى أفلامه بشكل ساخر، سواء كان يقوم بنفسه بدور الخليجى كما فى أفلام « ياأنا يا خالتى «، و» صاحب صاحبه « و» عندليب الدقى «، أو كان يتقمص الشخصية ممثلون آخرون، والمهم ارتداء الغترة والعقال والحديث باللهجة الخليجية بطريقة كوميدية تهدف إلى الاستهزاء والإساءة أكثر مما تهدف إلى الإضحاك . ولو كان الخليجيون وغيرهم من العرب بهذا القدر من الجلافة والقسوة وسوء المعاملة- كما يظهرون على الشاشة- لما استطاع كثير من المصريين أن يتعايشوا معهم ويعيشوا بينهم كل هذه السنوات، ولما فضل بعضهم الحياة فى الخليج على العودة إلى مصر.. لكننا نتعامل مع الآخر بشكل عام بطريقة سطحية للغاية لا تراعى تاريخا أو علاقات قديمة أو حتى مصالح مشتركة.