بداية أكد د. محمد حسام الدين – عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية ومستشار عمدة نيويورك سابقا - ان الخيار العسكرى ضد سوريا سيكون مغامرة عسكرية لأن هذه الحرب حال اندلاعها ستكون حربا منفلتة ستستعين سوريا بحليفتها ايران وحزب الله وسينجم عن هذه الخطوة عواقب وخيمة على منطقة الشرق الاوسط بأكمله، وبالتالى فإن هذه الحرب غير واردة على الاطلاق فى المستقبل المنظور ولذلك سيحافظ الحلف السورى الإيرانى على تماسكه فى مواجهة الضغوط الدولية الراهنة. وقال إن الملف السورى لديه خيارات للمرحلة المقبلة: الخيار الأول هو أن يعلن الرئيس السورى بشار الأسد تنحيه عن السلطة حقنا لدماء السوريين ويستقل طائرة خاصة تنقله وعائلته إلى الصين أو فنزويلا وهذا السيناريو غير متوقع تماما، خاصة أن بشار الأسد اعتبر فى خطابه الثالث أن كل الاحتجاجات والمظاهرات هى مجرد مؤامرة ضد سوريا وقسم المشاركين فى المظاهرات إلى ثلاثة أنواع أصحاب مطالب ومخربين وأصحاب فكر متطرف. فالسلطة لا تزال ترى أن الاحتجاجات لم تبلغ بعد وفق مقاييسها الامر الذى يجعلنا نتوقع عدم تنازل الرئيس بشار الاسد عن الحكم فى الوقت الراهن. أما الخيار الثانى المخيف والأقرب الى الواقع فهو أن يحدث تقاتل داخلى يأخذ شكل الحرب «الأهلية المذهبية» وهذا يعنى انهيار النظام لا محالة خاصة فى ظل: أولا تصاعد الاحتجاجات واستمرارها وثانيا مضاعفة شعور الأقليات بأن التغيير يمثل تهديدا للاستقرار، ثالثاً انفلات الأمور فى عدة مدن من سيطرة السلطة ورابعاً نزول أنصار النظام والرافضين للتغيير بوسائل المحتجين إلى الشارع لينهوا بأنفسهم ما تصفه السلطة بالفوضى عندها سيجد السوريون أنفسهم يقاتلون بعضهم بعضا، موضحا أن سقوط النظام يعنى انقسام الجيش الأمر الذى يمهد لانفجار داخلى على الطراز العراقى، حيث تسعى الغالبية للانتقام من الأقلية، بينما تسعى القوى الإقليمية لحماية مصالحها هذا إلى جانب أن هناك مخاوف من أن يحاول حزب الله نقل أسلحته المتطورة الموجودة داخل الأراضى السورية إذا ما شعر بأن نظام الرئيس بشار الأسد على حافة الهاوية. مشيرا إلى أن تداعيات انهيار نظام بشار الاسد الذى ظل لسنوات طويلة خطيرة للغاية حيث من المتوقع حدوث حالة من الفوضى وقد يحدث نزاع مذهبى قد ينتشر ابعد بكثير من الحدود السورية مما يعنى إن سقوط بشار الأسد قد يطلق موجة من الفوضى، والنزاع المذهبى والتطرف. ومن جانبه أكد اللواء المتقاعد طلعت مسلم – الخبير فى الشئون العسكرية - أن انهيار نظام بشار الاسد مسألة وقت خاصة بعد الانشقاقات المتواصلة فى صفوف الجيش السورى والتى تعد مؤشراً لبداية تقويض أركانه وبالتالى إضعاف النظام السورى الذى يعتمد بشكل شبه تام على العنصر العسكرى. ويرى أن النظام السورى ارتكب خطأً فادحاً وتاريخياً من خلال توريط الجيش فى عمليات قتل المتظاهرين وفتح النار فى وجه الشعب السورى الأعزل فى وقت لاتزال فيه الجولان تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلى منذ نحو 37 عاماً دون أن تُطلَق ولو رصاصة واحدة فى وجه العدو الصهيونى وبالتالى فان النظام خسر معركته مع الشعب، فلم يعد بإمكانه السيطرة على الأوضاع فى سوريا. وفيما يتعلق باحتمالات توجيه ضربة عسكرية ضد سوريا علق مسلم قائلا إن هذا السيناريو مستبعد تماما لان الحرب فى هذه اللحظة لن تكون مع سوريا فقط بل مع ثلاث جبهات فى وقت واحد (سوريا وإيران وحزب الله) خاصة بعد تحذير إيران من أى تدخل عسكرى فى سوريا.. لاشك أن إيران ستظل تدعم النظام السورى بشكل كامل وصولا إلى تخفيف الضغط الدولى على نظام بشار الأسد ولذلك فان الخيار العسكرى ضد سوريا مستبعد تماما خاصة فى ظل التكهنات الحالية التى تعيشها منطقة الشرق الأوسط والتى تمثل تهديدا مباشرا لأمن اسرائيل. واستبعد مسلم المفاوضات بين نظام الأسد والمحتجين، موضحا ان الثورة السورية تختلف عن الثورات العربية خاصة فيما يتعلق بالدور الحيادى للجيش الذى لعب دورا مهما فى الدول العربية لكن بالنسبة لسوريا الامر مختلف حيث ان الجيش هو جزء من النظام السورى محذرا من احتمال حدوث أى حرب أهلية قد تؤدى فى نهاية المطاف إلى تقسيم سوريا إلى دويلات موزعة بين السنة والأكراد والعلويين. ومن جهته أكد د. فخرى الطهطاوى - خبير فى إدارة الأزمات الدولية وأستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية - أنه رغم المساعى الدولية الحثيثة ومحاولات التجييش ضدّ سوريا لاتخاذ قرار بالتدخل العسكرى فيها، إلا أنَّ أى قرار قد يتخذه مجلس الأمن لمصلحة التدخل العسكرى فى سوريا سيكون مصيره الإحباط بسبب ممانعة دول تستوعب حجم وخطورة المؤامرة على سوريا. مضيفا أن السيناريو الليبى لن يتكرر فى سوريا لأن المسألة هنا مختلفة تماما من حيث الدعم الخارجى لسوريا على عكس ليبيا فسوريا تحظى بدعم شامل من قبل إيران وحزب الله وبالتالى فإن التدخل العسكرى هنا يمثل خطورة بالغة على المنطقة. ومن جانب آخر اعتبر د. يسرى أبو شادى - كبير مفتشى الوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق - أن إحالة الملف النووى السورى لمجلس الأمن فى هذا التوقيت بالتزامن مع محاولة بعض الدول استصدار قرار لإدانة سوريا نوع من الضغط الدولى لاسقاط نظام بشار الاسد والامر ليس له علاقة بالملف النووى السورى، موضحا أن السياسة دخلت فى عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية التى تستخدم معلومات خاطئة وكاذبة فيما يخص هذا الملف. مضيفا أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تدعى اليوم وفى خضم الأزمة السورية بأنها تعلم منذ حوالى 9 سنوات أن سوريا تمتلك مفاعلا نوويا مشابها لمفاعل كوريا الشمالية وكل هذا الكلام يدل على أمر واحد لاسيما بعد تقرير الوكالة الدولية الذى لا يمتلك أى أمر فنى جديد سوى استنتاج الوكالة فجأة بأن هناك احتمالا كبيرا بان سوريا تمتلك مفاعلا نوويا والمبرر الوحيد لتحويل الملف النووى السورى لمجلس الامن هو ان هذه العملية مسيسة لزيادة الضغوط على دمشق لانهاء نظام بشار الأسد، وحذر أبوشادى من التدخل العسكرى من قبل الناتو أو من قبل المعارضة السورية فى حال مقاومتها للنظام الحالى لأنه سيؤدى إلى حرب أهلية واسعة النطاق فى الشرق الأوسط، بمشاركة إيران وحزب الله والجيش السورى وستشهد منطقة الشرق الاوسط حالة من الفوضى وعدم الاستقرار.