«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسرار تهريب الكبار بالجنسية والدولار
نشر في أكتوبر يوم 26 - 06 - 2011

إذا كانت الألف ميل تبدأ بخطوة، وأن أول الغيث قطرة، فإن عملية تهريب الكبار تبدأ بالجنسية والدولار، حيث يحرص أصحاب الجلالة والفخامة من الرؤساء والوزراء فى الحصول على الجنسية الثانية، سراً وعلانية، جهراً أو من وراء حجاب، يسعون إليها للتشريف والتعظيم.. للصعود إلى القمة أو الهروب من القاع ويحصلون عليها بالوراثة أو البيزنس، لخدمة البلد أو لحاجة فى نفس يعقوب.
وبالجنسية والبيزنس يكون المسئول بين يوم وليلة «أمريكانى أو طاليانى» وهو فى الحقيقة من «الصعيد الجوانى» وتكون «الهانم» فرنسية أو شامية وهى فى الأصل من الدويقة والمطرية؛ وسبحان مغير الأحوال..
ولأن العين «ماتعلاش عن الحاجب فى مصر أم الدنيا والعجايب»، يلعب المسئول فى البيزنس للوجاهة، ويحمل الجنسية للحصانة، يتمرغ فى العز والنعيم ويحمى نفسه بالمليارات والملايين، يمتلك شاليهات ومنتجعات، ويخوت وطائرات، ليس للراحة والاستجمام، أو للتعمير والتشغيل، ولكن ليهرب بها عند اللزوم، فعلها حسين سالم فى جمعة الغضب، وفعلها بطرس غالى فى جمعة الرحيل.
فالجنسية والدولار هما طريق الهروب للصغير والكبير، لأصحاب الجاه، وأصحاب السلطان وعن طريقهما تنهار النفوس الضعيفة، وتفتح الأبواب المغلقة، والآن لم يعد الهروب صعباً، فالطريق معروف بدايته السفارة البريطانية فى جاردن سيتى، ونهايته عاصمة الضباب، لندن، المطلوب فقط تأدية الدور ببراعة، جملتين إنجليزى على 3 فرنساوى، ونظارة «ريبان» جديدة، وبدلة صوف إنجليزى، وحقيبة جلد طبيعى، وسيارة شروكى «مِلك أو إيجار» و2 بودى جارد لزوم الوجاهة، والذهاب لجاردن سيتى لمقابلة معالى السفير أو سعادة القنصل. اللقاء الأخير أو لقاء السحاب، تسبقه آمال وطموحات، وقواعد وضوابط وحركات وسكنات، أقدام ثابتة، نظرات حادة، قبضة حديدية، فى اليد اليمنى 10 ملايين جنيه استرلينى، وفى اليسرى شيك مقبول الدفع أو خطاب إيداع للاستثمار فى مقاطعة ويلز أو ضواحى لندن، بعد 10 أيام بالتمام والكمال، يحصل سعادة البيه على تأشيرة دخول لندن للاستثمار فى البورصة أو الوقوف على أطلال التاج البريطانى.. يصبح رجل الأعمال المصرى «شكل تانى»، يزور قصر باكنجهام فى الصباح، وميدان فيكتوريا فى المساء، ينسى أيام الدويقة والمقطم وعزبة الصفيح وأبوقرن، وسكان الجيارة وحوض الفجل، ينسى زمان وليالى زمان.
ولأن أركان النظام السابق كانوا يعرفون أن الجنسية الثانية هى طوق النجاة أو الباب الملكى للحماية والهروب، فكان أحمد نظيف أول من حصل على الجنسية الكندية، كما حصل عليها محمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان الأسبق وحسن خضر وزير التموين الأسبق فيما بعد.
نصيب الأسد
أما الجنسية البريطانية التى فازت بنصيب الأسد بين الجنسيات الأخرى فقد حصل عليها د. محمود محيى الدين المدير بالبنك الدولى ووزير الاستثمار السابق والذى يلاحق قضائيا الآن بعد فساد عقد بيع عمر أفندى ورشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة ويوسف بطرس غالى وزير المالية الأسبق، وسامح فهمى وزير البترول الأسبق، وقد حصلوا عليها ليس حباً فى التاج البريطانى، أو ملكة القلوب وجميلة الجميلات ديانا، أو تخليداً لقصة حب تشارلز وكاميلا، ولكن لأن بريطانيا - كما يقول المحامى نبيه الوحش - هى الدولة الأوروبية الوحيدة التى لم توقع مع مصر اتفاقية تبادل المتهمين فى قضايا فساد ولذلك لجأ إليها القاصى والدانى ليعيش بين ربوعها بعيداً عن الملاحقات القضائية والأمنية.
ولم تقتصر الجنسية البريطانية على الوزراء ورجال الأعمال فحسب.. ولكنها امتدت لتشمل سوزان صالح ثابت أو سوزان مبارك سابقاً، وكذلك شقيقها منير ثابت الذى هرب مؤخراً أيضاً ليعيش معززاً مكرماً فى عاصمة الضباب التى شهدت مقتل المشاهير أمثال الليثى ناصف، وسعاد حسنى، وأشرف مروان، وربما تشهد مقتل شخصيات أخرى فى الطريق.
وقد اكتسب أشقاء سوزان الجنسية من أمهم البريطانية، التى كانت تعمل ممرضة فى أحد مستشفيات القاهرة إلى أن ارتبط بها «صالح الكبير»، وتنجب لنا فيما بعد «ست الهوانم» ليتزوجها رئيس مصر السابق حسنى مبارك، ومن هنا فقد آلت الجنسية لسيدة مصر الأولى سابقاً عن طريق الوراثة بموجب القانون البريطانى الذى يسمح للأبناء الحصول على الجنسية الأخرى إذا كان الوالدان أو أحدهما قد حصل عليها.
الوريث الضائع
أما جمال مبارك الوريث الذى تبددت أحلامه على صخرة ثورة 25 يناير فقد حصل على الجنسية البريطانية أثناء فترة عمله فى بنك أوف أمريكا فى منتصف الثمانينات.
وحتى لا نذهب بعيداً فقد حصل صفوت الشريف رئيس هيئة الاستعلامات الأسبق ووزير الإعلام وأمين عام الحزب الوطنى ورئيس مجلس الشورى السابق على الجنسية الأمريكية لفتح قنوات خلفية وخدمة أركان النظام السابق، ومن المعلوم أن صفوت الشريف كان من الأعمدة الرئيسية فى نظام حكم مبارك، أمسك البلد بقبضة حديدية وشارك فى تلويث الحياة السياسية المصرية على مدار 35 عاماً.
كما أن صفوت الشريف هو نفسه العقيد موافى ضابط المخابرات الشهير، وفتى صلاح نصر المدلل، ودنجوان العصر الذى عذب سعاد حسنى، واعتماد خورشيد، وتسبب فى سجن مصطفى أمين إلى أن خرج من الخدمة فى قضية انحراف المخابرات الشهيرة، ثم تآمره بعد ذلك على د.مرسى سعد الدين فى هيئة الاستعلامات ليحل محله فى رئاسة الهيئة، وبفضل التقارير السرية والعلنية، وحفلات الأنس والفرفشة تولى مسئولية وزارة الإعلام لأكثر من 20 عاماً، أما أحمد عز حوت الحديد ورئيس لجنة الخطة والموازنة السابق، فقد حصل على الجنسية الأمريكية والبريطانية والفلسطينية.
وكما يقول المحامى الشهير نبيه الوحش فإن حصول أحمد عز على الجنسية الفلسطينية له حكاية قديمة، بدأت عندما تعرف الضابط عبد العزيز عز على فتاة يهودية من عرب 48، وبعد ارتباطه بها - بعد قصة حب عنيفة - أنهى خدمته من القوات المسلحة بعد هزيمة 5 يونيو 67 ليعمل فى تجارة الأراضى والمقاولات والخردة، وكان ثمرة هذا الزواج الفتى المدلل أحمد عز، والذى كان سبباً رئيسياً فى دعم ملف التوريث، كما كان السبب الرئيسى أيضاً فى القضاء على جمال مبارك أو الوريث الشاب.
ولأن الجنسية الثانية والأموال المجمدة والسائلة لها مفعول السحر فى نفوس البشر فقد تمكن ممدوح إسماعيل صاحب العبّارة السلام 98 من الهرب عام 2002 بسبب العلاقة القوية التى كانت تربطه بزكريا عزمى رئيس ديوان رئيس الجمهورية آنذاك كما تمكن حسين سالم من الهروب يوم 28 يناير فى الجمعة المعروفة بجمعة الغضب فى أحد اليخوت الخاصة التى يمتلكها إلى إسرائيل، ولأنه يمتلك المليارات فى حيفا وتل أبيب فى شكل عقارات وقصور وفيلات واستثمارات فقد نال رعاية خاصة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وإيهود باراك وزير الدفاع، ولأنه يحمل جواز سفر إسرائيلياً أيضًا فقد سافر إلى بريطانيا ثم انتقل إلى أسبانيا حتى تم إلقاء القبض عليه مؤخراً، والإفراج عنه بكفالة 27 مليون يورو وهى الكفالة التى قال عنها الخبراء إنها أكبر كفالة يدفعها متهم للقضاء الأسبانى.
النشرة الحمراء
أما رشيد محمد رشيد وزير الصناعة والتجارة الأسبق فقد صدرت فى حقه مذكرة توقيف لإلقاء القبض عليه، وقيام الإنتربول الدولى بتوزيع النشرة الحمراء على 188 دولة ولهذا فيعد رشيد على قائمة المطلوبين للعدالة إن آجلاً أم عاجلاً.
وبعد إعلان الحكومة التصالح مع الوزراء والمسئولين ورجال الأعمال الهاربين قام رشيد بتوقيع شيك مقبول الدفع لصالح النائب العام قيمته 200 مليون جنيه فى محاولة جادة للتصالح مع القضاء المصرى، فى القضايا المرفوعة ضده واتهامه بإهدار المال العام بالاشتراك مع رجل الأعمال الهارب ياسين منصور ومدير مركز تحديث الصناعة، ومدير مركز تنمية الصادرات.
وقد حصل رشيد على الجنسية البريطانية فى حكومة نظيف الثانية، عام 2005، كإجراء احترازى لما يمكن أن يقع فيه، ولم يحصل على الجنسية بصفته وزيراً، ولكنه حصل عليها كمستثمر مصرى يريد الدخول فى عالم المال والأعمال فى عاصمة الضباب.
وعن الموقف المالى لرشيد فقد أكدت تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات وجهاز الكسب غير المشروع ومباحث الأموال العامة، أن ثروة رشيد قبل توليه الوزارة لم تتجاوز ال 5 مليارات جنيه، فى حين وصلت إلى 15 مليار جنيه بعد 6 سنوات قضاها فى وزارة الصناعة والتجارة.
يذكر أن رشيد كان أول الهاربين من وزارة نظيف - رغم شائعة خروجه لمهمة عمل - حيث خرج من صالة 4 أو صالة كبار الزوار بمطار القاهرة على طائرته الخاصة مع أسرته متجهاً إلى دبى ومن بعدها توجه إلى أمريكا، ثم استقر فى لندن، وآثر البقاء فى عاصمة الضباب لحين تسوية موقفه القضائى والمالى، مع علمه بأنه مطلوب على ذمة قضايا فساد، وإهدار مال عام.
أما د. يوسف بطرس غالى وزير المالية الأسبق فقد تأكد من مصادر مطلعة أنه «كوكتيل جنسيات» حيث يحمل الجنسية البريطانية والأمريكية والمصرية واللبنانية، والأخيرة اكتسبها بالنسب بعد زواجه من سيدة لبنانية ساعدته فى التخفى والهروب لأوروبا وأمريكا.
وقد أكد اللواء مجدى الشافعى مدير الإنتربول الدولى بأن الوزير الهارب استقر مؤخراً فى لندن «عاصمة الضباب» وهو الآن على قائمة المطلوبين دولياً حيث صدر فى حقه مذكرة توقيف، وتوزيع نشرة حمراء على 188 دولة لملاحقته قضائيا فى محاولة مستميتة لإلقاء القبض عليه سواء فى عواصم الدول، أو المطارات والموانىء، ونوه مدير الإنتربول إلى صدور مذكرة اعتقال دولية فى حق الوزير السابق لتنفيذ الحكم الصادر ضده غيابيا من محكمة جنايات القاهرة والذى قضى بسجنه 30 عاماً، وإلزامه برد 60 مليون جنيه، لإهداره المال العام واتهامه بالفساد واستغلال النفوذ والسلطات.
وقد غادر بطرس غالى البلاد فى 11 فبراير يوم تنحى الرئيس السابق مبارك، من صالة كبار الزوار بجواز سفر لبنانى، ثم سافر بعد ذلك إلى أمريكا لعلاقته الوثيقة بجهاز ال CIA، والذى قيل إنه المسئول عن تهريبه من مصر فى الوقت المناسب بعد تأكده من انهيار النظام السابق، وقد استقربه المقام فى عاصمة الضباب لكونه يحمل الجنسية البريطانية.
ومع أن الإنتربول الدولى لم يصدر بحقهما مذكرة توقيف فإن مجدى راسخ، ومنير ثابت أقارب الرئيس بالمصاهرة والهاربين خارج الحدود فقد تجاوزا الحد المسموح به فى الفساد والإفساد، حيث خصصت حكومة نظيف 9 ملايين متر مربع لمجدى راسخ والد هايدى زوجة علاء مبارك -التى ودعها بالدموع- بالأمر المباشر بسعر 30 جنيهاً للمتر فى أرقى مناطق الشيخ زويد، والتى تصل فيها القيمة السوقية للمتر فى نفس المكان إلى 1000 جنيه.
قد أخلّت الحكومة وراسخ - كما يقول مصطفى شعبان المحامى الذى قدم بلاغاً للنائب العام كشف فيه حقائق مذهلة - بقانون تنظيم عقود البيع والشراء المعمول بها فى أراضى الدولة، وتخليهم عن المزايدات والمناقصات مما يضعهم جميعاً تحت طائلة المادة 119 من قانون العقوبات، هذا بالإضافة إلى ملايين الأمتار الأخرى التى حصل عليها بسبب علاقة النسب والمصاهرة التى ربطته بعائلة الرئيس مبارك.
ونفس الشىء حدث مع منير ثابت شقيق سوزان مبارك، حيث أكدت تحريات مباحث الأموال العامة، وباقى الأجهزة الرقابية أن شقيق الهانم استغل قرابته وعلاقته ونفوذه بصفته خال أبناء الرئيس السابق، وتلقى رشاوى قدرها 14 مليون جنيه من رجال أعمال روس مقابل تخصيص أراض لهم بمحافظة البحر الأحمر، هذا بالإضافة إلى المخالفات الأخرى التى أثبتها المحامى الشهير د.سمير صبرى فى بلاغه الذى قدمه للنائب العام ضد منير ثابت شقيق سوزان مبارك.
وفى تصريحات خاصة لأكتوبر أكد اللواء سراج الدين الروبى نائب مدير منظمة الإنتربول الدولى السابق أن اعتقال وتوقيف حسين سالم، شىء إيجابى ولكنه ليس نهاية المطاف، حيث تتطلب عملية التسليم استيفاء ملف الاسترداد وليس إرساله فقط، مرفقاً به صورة رسمية للتحقيقات مترجمة باللغة الإسبانية، وصورة من قانون العقوبات تتضمن المواد التى سيحاكم بها المتهم، بالإضافة إلى نوع المحاكمة إذا ما كانت أمام القضاء الطبيعى أو الاستثنائى، وكذلك صورة اتفاقية تبادل المتهمين بين الدولتين، إذا كانت هناك اتفاقية ثنائية، وفى النهاية يترك الأمر للقضاء الإسبانى إذا كان سيصدر حكماً بالتسليم من عدمه.
مكافحة الفساد
وفى حالة حسين سالم كما يؤكد اللواء الروبى سيتم تفعيل اتفاقية مكافحة الفساد التى وقعت عليها كل من مصر وإسبانيا برعاية الأمم المتحدة عام 2003، وأضاف أن عودة حسين سالم متوقعة رغم عدم وجود اتفاقية قضائية بين الدولتين، وذلك لوجود علاقات دبلوماسية جيدة تسمح بالرضا والقبول والمحافظة على مصالح مصر وأسبانيا.
ويطالب اللواء الروبى الجهات المعنية بدراسة الدستور الإسبانى جيداً قبل السفر إلى مدريد لعدم الوقوع فى فخ المحامين الذين أقنعوا القضاء الإسبانى بالإفراج عن حسين سالم بكفالة 27 مليون يورو بحجة قوة موقفه القانونى.
ويصحح اللواء الروبى معلومة مهمة جداً وهى أنه يمكن استرداد الهاربين بمجرد توجيه الاتهام فقط، وليس لحين صدور حكم نهائى والذى يكون ضرورياً فى حالة استرداد الأموال فقط، وهذا بالتأكيد عكس ما يردده جنرالات المقاهى الذين يدعون أن استرداد الهاربين لا يكون إلا بحكم نهائى.
وفى نفس السياق يقول المستشار محمود الخضيرى إن الجنسية الثانية لن تكون عقبة فى محاكمة غالى أو رشيد أو حسين سالم، لأنه إذا لم يتم تسليمهم على أسوأ الفروض فإنه ستتم محاكمتهم غيابياً، وتكون مهمة إلقاء القبض عليهم مسئولية الإنتربول الدولى، مؤكداً أن هناك كثيراً من المتهمين الأجانب الذين يحملون الجنسية المصرية تمت محاكمتهم ولم تتدخل الحكومة المصرية من بعيد أو قريب.
كما أن الجنسية الثانية لن تكون عقبة فى عمليات التوقيف، لأن منحها يكون فى أحيان كثيرة بغرض تسهيل عمليات الدخول والخروج والبيع والشراء داخل الدولة صاحبة الجنسية، كما يتم منحها لأسباب شرفية، أو عن طريق الزواج بأجنبية، والطريف كما يقول المستشار الخضيرى أن هناك بعض الدول تمنحها كهبة بغرض استقطاب شخصيات مميزة فى لتفوق العلمى أو الاستثمار أو تدوير رؤوس الأموال، وتتخلى تلك الدول عن صاحب الجنسية إذا كان ذلك يتعارض مع مصالحها الخاصة.
ومن جهة أخرى يقول الكاتب الصحفى والمحلل السياسى الكبير عبده مباشر: إن الأموال تفتح الأبواب المغلقة، فعن طريقها يحصل الأطفال والنساء والرجال، على جنسيات الدول الكبرى، وقد أرسل ربع الفنانين والرياضيين زوجاتهن للوضع فى مستشفيات أمريكا وفرنسا وكندا، حيث يحصل المولود على الجنسية ويمنحها لأبويه عن طريق النسب أو القرابة ولا يتكلف الموضوع إلا تذكرة السفر ومصاريف الوضع، وفى مصر منحت الحكومة المصرية الجنسية الشرفية مجاناً للفنان وديع الصافى والمنتج الفنى رفيق الصبان.
عقبات كثيرة
وفى مسألة الأموال المهربة يستبعد الأستاذ عبده مباشر عودتها بشكل كامل، مؤكداً أنه إذا حصلت مصر على 50% يكون «أبوزيد خالنا على حد تعبيره» لوجود عقبات كثيرة منها المصالح المشتركة بين تلك الدول، وأصحاب الأموال، وأهمية الأموال المنهوبة فى بناء اقتصاد تلك الدول بتمويل المشروعات الاستثمارية الكبرى، وتحسين معيشة مواطنيها وتوفير فرص عمل حقيقية، ورفع المرتبات.
أما المشكلة الحقيقية فى قضية الأموال المهربة فهى تجميدها بعد موت أصحابها الذين أودعوها ببصمة الصوت، وقد حدث ذات مرة -كما يقول الأستاذ مباشر - أن وزير تموين سابق طلب من مستورد لحوم إيداع مليون دولار باسمه فى أحد بنوك سويسرا نتيجة تغاضيه - أى الوزير - عن شحنة لحوم مشبوهة، ويشاء القدر ويموت الوزير فجأة «فخسر الجلد والسقط» فلا هو استفاد من الأموال فى حياته، ولا ترك شيئاً لأولاده بعد مماته.
ولهذا يأمل المحلل السياسى الكبير الأستاذ عبده مباشر من الجهات المعنية اتخاذ أساليب غير تقليدية لاسترداد تلك الأموال، بالتعاقد مع مكاتب تحريات أجنبية لها خبرة دولية فى هذا المجال مع ضرورة الاستفادة بأى معلومات دبلوماسية أو قانونية أو بنكية، ودراسة كل الاتفاقيات الدولية والمالية، والتى من شأنها الحد من استفادة تلك الدول بهذه الأموال لحين استردادها مشيراً إلى أن السفارات الأجنبية أرسلت مندوبيها لمراقبة إجراءات المحاكمة عن كثب ليس بغرض نقل المعلومة الصحيحة، ولكن للصيد فى الماء العكر أو البحث عن ذريعة لعدم استرداد تلك الأموال مرة أخرى.
النقد الأجنبى
وفى تصريحات خاصة لأكتوبر قال د.طارق عامر رئيس البنك الأهلى المصرى ورئيس اتحاد البنوك إن أرصدة البنوك من النقد الأجنبى فى الخارج زادت بصورة ملحوظة، مما يؤكد استقرار المناخ الاقتصادى فى مصر، وضخ أموال جديدة داخل البلاد، وأشار إلى أن البنك المركزى المصرى رفض تحويل أى أموال للخارج أيام الثورة، وسمح فقط للحالات الضرورية المتمثلة فى شراء سلع ومنتجات ومواد خام حتى تدور عجلة المصانع.
وأكد د. طارق على الرقابة الصارمة التى يطبقها البنك المركزى واتحاد المصارف على البنوك المحلية، وإشار إلى أن تقارير المصارف الدولية أشادت بالسياسة النقدية فى مصر، واستقرار سعر الصرف، والسيطرة على معدل التضخم الذى اقترب من حد ال 12%.
وتابع قائلاً: إنه لا صحة لتلك الأكاذيب التى يروجها البعض بلا سند أو دليل بغرض تشويه صورة الجهاز المصرفى الذى ساند الثورة، وأعاد فتح البنوك وتوفير السيولة لتشغيل المصانع وصرف المرتبات والمعاشات.
وكشف د. طارق عامر أن الجهاز المصرفى سحب 35 مليون دولار من استثمارات البنوك المصرية فى الخارج بطائرة عسكرية وبالاتفاق مع المشير طنطاوى رئيس المجلس العسكرى والقائد العام للقوات المسلحة لتوفير احتياجات المواطنين وقطاع الأعمال من النقد الأجنبى حتى لا تتوقف عجلة الإنتاج.
ودعا رئيس البنك الأهلى القوى السياسية المتشائمة للنظر إلى المستقبل والعمل لمصلحة مصر أولاً وأخيراً لتعويض 12 مليار دولار خسائر فى قطاع السياحة و13 ملياراً فى الاستثمار و8 مليارات من تحويلات المصريين فى الخارج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.