ليس الاقتصاد وحده كافيا من أجل الزعامة وفرض الهيمنة على العالم إذ لا يزال النموذج الأمريكى هو الأكثر قبولا وسيطرة فى العالم، فرغم توقعات مجلة «ذى إيكونومست» بأن الاقتصاد الصينى بحلول 2016 سيصبح أقوى من نظيره الأمريكى كما أن الصين ستحتل المرتبة الاقتصادية الأولى بحلول 2019 يرى الخبراء أن هناك أسبابا تحول دون أن تصبح الصين أقوى دولة فى العالم، منها الثراء النسبى للمجتمع الامريكى حيث اعتاد العالم على فكرة أن البلد الأول اقتصاديا هو فى الغالب البلد الأكثر غنى ويعيش فيه أغنى الناس فى العالم وهذا مالا يوجد فى الصين، فبرغم أن الصين أغنى من العالم الغربى ولديها احتياطيات بالعملة الاجنبية تعادل ثلاثة آلاف مليار دولار، فإن المواطن الأمريكى العادى قياسا بأسعار الصرف الحالية أغنى بنسبة عشرة أضعاف من نظيره الصينى، حيث تحتل الصين المرتبة رقم 119 من بين دول العالم من حيث متوسط دخل الفرد، كما اعتاد العالم على النظر للولايات المتحدة باعتبارها قوة عظمى سياسية حتى لو تأخرت اقتصاديا، فتوجد بالولاياتالمتحدةالأمريكية المؤسسات العالمية منها الأممالمتحدة وصندوق النقد الدولى والبنك الدولى وحلف الناتو، كما تمتلك الولاياتالمتحدة الريادة العالمية فى الجامعات والشركات، بالإضافة للصناعات الإبداعية مثل هوليوود فى الوقت الذى لا تمتلك فيه الصين كيانات معادلة لنظيرتها أمريكا، كما أن واشنطن متقدمة على بكين فى مجال القوة الناعمة والتى يعتبرها البعض خصوصية تنفرد بها القوة الأمريكية والتى تفوق قدرتها الاقتصادية والعسكرية والتى أتاحت لها قبولا ونفوذا سياسيا وخاصة بعد تنصيب باراك اوباما رئيسا للبلاد حيث أظهرت نتائج استطلاعات الرأى العام أن أوباما لا يزال الزعيم الأكثر شعبية فى العالم، كما تمتلك أمريكا جيشًا قويًا ليس له نظير فى الصين، فلدى الجيش الأمريكى قدرات عالمية من حيث بعد الأماكن التى يستطيع الوصول اليها إضافة الى تقدم تكنولوجى لا تستطيع الصين معادلته، حيث تنفق أمريكا على آلتها العسكرية ما يعادل إنفاق دول العالم مجتمعة على جيوشها، فضلا عن تقدمها فى مجال التقنية الحديثة، وفى حين لا يمكن الفصل بين الديمقراطية والتطور الاقتصادى تواجه الصين أزمة لأن أمام نظاميها السياسى والاقتصادى فجوة مخيفة، فلا يمكن للإقتصاد الصينى أن يستمر فى ظل نظام الشمولية الصينية وسيطرة الحزب الواحد والتى أصبحت أكثر شذوذا فى العالم الحديث خاصة بعد ما شهدته المنطقة العربية من ثورات ضد الأنظمة الاستبدادية وهو ما يشهد عليه رد الفعل الشيوعى المرعوب من الانتفاضات العربية، فعلى المدى البعيد من غير المرجح أن يحتكر الحزب الشيوعى السلطة السياسية للأبد فى الوقت الذى ارتبط فيه النجاح الاقتصادى بالديمقراطية منذ أصبحت الولاياتالمتحدة أكبر اقتصاد فى العالم، كما تواجه الصين على المدى القريب توقعات بارتفاع معدل التضخم. وتواجه أيضا تحديات ديمجرافية وبيئية هائلة حيث يتعرض السكان للشيخوخة بسرعة بسبب سياسة الحد من المواليد.