أبو قير ضاحية شهيرة فى شرق الإسكندرية لها شهرة تاريخية ضاربة فى أعماق التاريخ لكنها تعانى من تجاهل المسؤلين ونسيانها. ويرجع تاريخ أبو قير إلى القرن السادس قبل الميلاد حيث قرر الملك «نكتانيبو الأول» عام 360 ق.م فرض رسوم جمركية على جميع السفن التى تدخل مصر عن طريق فرع مصب «كانوب» وهو الاسم القديم لأبو قير والذى تم تغييره بسبب الراهب «ست كير» الذى أقام بها، وبلغت شهرته الآفاق لزهده وعمله وتوافد المسيحيين من سائر بقاع الأرض للتبرك به. وساعد على ذلك انتشار الديانة المسيحية فى وقتها وإنشاء العديد من الكنائس. وزادت شهرة «كانوب» أكثر فى فترات الاضطهاد للمسيحيين حيث كانت ملاذا للفارين من عمليات التعذيب والقتل. والدليل على أهمية أبو قير أيضا أن شارع أبو قير كان اسمه القديم «فياكانوبيا» ولايزال شارع «أبو قير» حاضرا فى وقتنا الحالى رغم مرور الزمن البعيد حيث كانت «كانوب» سوقا تجاريا رائجا ومركزا ومقصدا دينيا مهما. ولكن مع قدوم الإسكندر إلى مصر تغيرت صورة «كانوب» تماما حيث أمر بنقل مينائها إلى الميناء الشرقى عند جزيرة «فاروس» مما تسبب فى إضعاف أهميتها الاقتصادية. كما أمر بنقل أسواقها التجارية إلى وسط المدينة عند باب الشمس وهو يقارب باب شرقى حاليا مما أدى إلى نزوح أهلها عنها طلبا للرزق، ونقل التجار أيضا أنشطتهم إلى الميناء الجديد بعيدا عنها. وأصبحت «كانوب» مهملة تجاريا ودينيا بعد سحب البساط عنها وأصابت لعنة الإسكندر المدينة فى مقتل. ولا أحد يدرى سر كراهية الأسكندر لكانوب رغم ذيوع سيطها وثرائها وشهرتها الحضارية والدينية؟ ويبدو أن لعنة الإسكندر لاتزال تطاردها، فعلى امتداد أكثر من نصف قرن من الوعود للمسئولين والمحافظين السابقين بوضع ابو قير على الخريطة السياحية العالمية إلا أنها وعود زائفة. كما أن شهرة وعراقة أبو قير لم تقتصر على عصور ما قبل التاريخ فقد نالت حظها أيضا من الشهرة بسبب موقعة أبو قير البحرية على أرضها وهزيمة الحملة الفرنسية بقيادة نابليون على يد القائد الإنجليزى «نيلسن». ولا تزال جزيرة «نيلسن» قابعة مهملة على بعد 10كيلو مترات من وسط مياه البحر ولم يتم استثمارها سياحيا على أى صورة كانت!! كما لم يتم استغلال خليج أبو قير الشهير الذى تنفرد به المدينة ويعد ملتقى للبحرين الحى والميت معا. والمقصود بالبحر الميت هناك البحر بدون أمواج والبحرالحى المملوء بالأمواج. كما تضم أبو قير معسكرات للشباب الوافدين من جميع المحافظات فى الصيف للترويح والتثقيف. ورغم كل ذلك لاتزال أبو قير منسية بدون استثمار لمقوماتها التاريخية والسياحية والطبيعبة. ويبدو أن لعنة الإسكندر لاتزال تطاردها!