«القمح الليلة ليلة عيده يارب تبارك وتزيده» طبعا سمعت هذه الإنشودة الجميلة والتى ارتبطت بأذهاننا عندما كان يغنيها الفلاح المصرى فى موسم الحصاد وفى وقت كانت مصر تفاخر الدنيا بالقمح المصرى وكان للقمح طقوس وعيد عند الفراعنة وشاهد على ذلك جدران المعابد، وكان على مائدة المصرى القديم 40 صنفا للخبز والفطائر. ولكننا تراجعنا منذ أكثر من خمسة عقود فى زراعته وإفساده.. وأصبحنا لا نملك لقمة عيشنا. وذلك بفعل فاعل، كما حدث للقطن المصرى من إهمال وتراجع موقعه العالمى وغشه بخلط بذور طويلة التيلة بأخرى قصيرة، وكذلك القمح المصرى أخذ فى الهبوط لإرضاء قوى خارجية. وتعتبر مصر من أكبر مستورد للقمح الأمريكى بنسبة 40% ثم تأتى روسيا وكندا واستراليا وفرنسا وأوكرانيا. وأكبر دليل على ذلك عندما زار الوفد المصرى الأخير السودان برئاسة السيد البدوى رئيس حزب الوفد وكشف البدوى عن تصريح لنائب الرئيس السودانى وعدد من كبار المسئولين أن الرئيس عمر البشير عرض على الرئيس السابق مبارك زراعة القمح فى السودان لتحقيق الاكتفاء الذاتى لمصر والسودان، ووافق مبارك فى بادئ الأمر إلا أنه عاد بعدها وقال للرئيس البشير إن أمريكا رفضت هذه الفكرة. حتى وصلت نسبة ما نستورده من القمح إلى 100% بين عامى 2005 إلى 2010 رغم تفوق القمح المصرى حسب تصنيفات الجودة العالمية وعلى لسان الدكتور رأفت رمضان الأستاذ بالمركز القومى للبحوث الزراعية قال إن القمح فى مصر يعطى أعلى إنتاجية فى العالم، حيث تصل نسبة إنتاج الفدان إلى 2.5 طن وهو ضعف مستوى الإنتاج العالمى الذى يصل إلى 1.25 طن للفدان، ولا يستغرق زراعته أكثر من 6 أشهر، بينما يحتاج فدان الدول الكبرى من 8 أشهر إلى 10 أشهر كفترة نمو. وبعد الثورة خرجت علينا التصريحات بزيادة إنتاج القمح إلى 60 مليون أردب والسعى إلى الاكتفاء الذاتى مع تجهيز كافة الشون الخاصة باستلام المحصول لحفظها بصورة جيدة طبقا للمعايير العالمية للتخزين مع استمرار شرائه من المزارعين بالمحافظات. وسمعنا عن خبر موافقة الدكتور أبو حديد وزير الزراعة على المشروع القومى لزراعة القمح من خلال إنشاء شركة مصر للاستثمار الزراعى والأمن الغذائى برأسمال 10 ملايين جنيه من مساهمات شباب الثورة والمصريين العاملين بالخارج. وسعدنا ودب الأمل فى قلوبنا فى لأننا لن نلجأ إلى الغرب وقريبا سنصدره بسعر أعلى من الغاز ولم تدم فرحتنا كثيرا حتى سمعنا خبرا نشر فى الصحف المصرية عن تقرير حكومى أمريكى بارتفاع واردات مصر من القمح إلى 10 ملايين طن سنويا وبعد ذلك انتظرنا ردا من الحكومة المصرية فلا حس ولا خبر.. فهل سنعود لاستيراد القمح لأقل سعر وجودة وشراء الصفقات المشبوهة التى تحتوى على حشرات وفطريات مسرطنة؟. وأخشى ما أخشاه أن نكرر نفس السيناريو السابق «نزرع القمح فى سنين يطلع القرع فى ثوان».