ربما لا يعرف الكثيرون أن مهندس صفقة تصدير الغاز لإسرائيل الرجل الغامض حسين سالم لم يشرع فى إنشاء شركته التى تتولى القيام بهذه المهمة إلا بعد الحصول على وعد من الحكومة وعلى رأسها المهندس سامح فهمى وزير البترول الأسبق والذى يتم التحقيق معه الآن فى هذه الصفقة الحرام بأن سالم سيتولى بمفرده تصدير الغاز لإسرائيل لذلك شرع الرجل الذى يجيد الصفقات الحرام فى إنشاء شركة غاز المتوسط، فهو موهوب فى ذلك وبه من الجينات التى تحركه نحو أهدافه ببراعة ومكر كان يحمد الله عليها. وكانت النقطة الفاصلة فى معرفة قوة هذا الرجل ونفوذه، هى توقيع شركته «شرق المتوسط للغاز» لعقد تصدير الغاز إلى إسرائيل، وهذه الشركة تمتلك فيها الحكومة المصرية 10% فقط فى حين يمتلك رجل الأعمال الإسرائيلى «يوسى ميامان» 25%، ويملك حسين سالم 65%، وتنص بنود الاتفاقية على أن تقوم الشركة بتصدير 120 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعى إلى إسرائيل مقابل 28 ملياراً فقط. كما قامت شركة شرق المتوسط للغاز المصرية بإبرام عقد بقيمة مليارى دولار لتزويد شركة دوراد اينرجى الإسرائيلية بالغاز الطبيعى لمدة 15 عاماً نظير 100 مليون دولار عن كل سنة إضافية. ورأسمال الشركة الاسمى هو 500 مليون دولار والمدفوع من رأس المال فقط 147 مليون دولار. بينما تبلغ التكلفة الإجمالية لمشروع توصيل الغاز لإسرائيل حوالى 469 مليون دولار حصلت الشركة على قرض رئيسى من البنك الأهلى المصرى قدره 380 مليون دولار..كما حصلت على قروض أخرى من بنوك الاتحاد الأوروبى وغيرها. وبدأ ضخ الغاز لإسرائيل فى مارس 2008، ومع هذا قام الشريكان الرئيسيان، يوسى مايمان وحسين سالم ببيع حصتهما بالتدريج فى عام 2007، أى قبل الضخ الفعلى للغاز وذلك على النحو التالي: باع يوسف مايمان نصف حصته أى 12.5% من أسهم الشركة إلى شركة أمبال AMPAL الأمريكية بمبلغ 258.8 مليون دولار ثم قام ببيع 1.8% من أسهم الشركة بمبلغ 40 مليون دولار وبعدها 4.4% من الأسهم بمبلغ 100 مليون دولار. وسلك حسين سالم طريق مايمان فى بيع الأسهم وباع 12% منها بمبلغ 260 مليون دولار وفى نوفمبر عام 2007 باع 25% من الأسهم لشركة PTT التايلاندية بمبلغ 486.9 مليون دولار. كما تفاوض على بيع 10% من الأسهم إلى سام زل وهو مالك كبير للعقارات إسرائيلى أمريكى. ولم يعلن عن قيمة الصفقة رغم إعلان أن شركة شرق المتوسط تساوى وقتها 2.2 مليار دولار بمعنى أن صفقة سام زيل مع حسين سالم تقدر قيمتها ب 220 مليون دولار. فضيحة البيع يبدأ د. إبراهيم زهران الخبير البترولى سرد حكاية حسين سالم مع تصدير الغاز لإسرائيل ويقول:فى يوم 12 أبريل 2000 وبناء على تعليمات وزير البترول سامح فهمى عقدت الهيئة العامة للبترول اجتماعا عاجلا لم يكن مدرجا فى جدول أعمالها، واقتصر على بند واحد هو تنفيذ تعليمات وزير البترول بإجازة الطلب الإسرائيلى بتصدير الغاز الطبيعى المصرى عبر الأنابيب إلى إسرائيل وفق الاشتراطات الإسرائيلية وبما فيها الثمن المتدنى للغاز وحجم كمية الغاز التى تصدر لإسرائيل ومدة سريان الصفقة من 15 إلى عشرين عاما. هكذا يتضح كما يقول زهران إن الأمر تقرر على مستويات سياسية عليا، وأن كبار المسئولين تعاملوا معه بكل جدية وأحاطوه بستار من السرية، وأن القرار قد صدر بممارسة ضغوط كبيرة على أعضاء مجلس إدارة الهيئة العامة للبترول التى لم تستطع إلا الموافقة على هذه الصفقة والتى لا تحقق بأى حال من الأحوال المصلحة المصرية، بل تمثل إهدارا واضحا للمال العام. ويتابع: وفى اليوم التالى مباشرة أى فى 13 أبريل سنة 2000 وهو يوم حزين على مصر، وصل وزير البنية التحتية الإسرائيلى الذى كان وزيرا للدفاع وتلطخت يديه بدم الشهداء فى الأرض المحتلة ليجد الأمور مهيأة له للحصول على صفقة العمر التى تخفض أسعار الكهرباء على المستوطنين الإسرائيليين، حيث وقّع وزير البترول المصرى - مستندا على توصية قدمها رئيس هيئة البترول المصرية وقتها وهو المهندس إبراهيم صالح على اتفاقية مع وزير البنية التحتية الإسرائيلى السيد إليه سويسا دون تفويض من وزير الخارجية أو رئيس الجمهورية ودون عرضها على مجلس الشعب (وفقا لأحكام الدستور) وأحاطتها جهة الإدارة بستار كثيف من السرية وذلك دون سند من صحيح الدستور أو القانون حيث إنها لم تستوف إجراءاتها الدستورية فى مصر، وبموجب الاتفاقية تتعهد مصر بتوريد الغاز الطبيعى لإسرائيل بسعر مخفض للغاية بالنسبة لسعر السوق بما يشكل إهدارا صريحا للمال العام و للثروة الطبيعية المصرية، وبالتالى تفتقد أى أساس قانونى يستند عليه تعهد مصرى يهدر الثروة البترولية المصرية بسعر بخس هو دولار وربع لكل مليون وحدة حرارية فى حين أن قيمتها السوقية حاليا تزيد على 15 دولاراً، وهى اتفاقية يلحقها البطلان المطلق - وفقا لأحكام المادة 151/2 من الدستور، وأحكام القانون الدولى. وجه رئيس الهيئة العامة للبترول كتابا سريا آخر إلى السيد حسين سالم - حتى قبل أن يكوَّن شركته و يشهرها - شركة شرق البحر المتوسط للغاز يخطره فيه أنه وفقا لما تم الاتفاق عليه فى اجتماع وزير البترول المصرى مع وزير البنية التحتية الإسرائيلى. ويؤكد الكتاب ضمان الهيئة العامة للبترول توفير الكميات المتعاقد عليها من حصتها أو من حصة الشريك الأجنبى أى أن تشترى مصر غازها الذى تملكه من حصة الشريك الأجنبى بسعر يقارب 3 دولارات لتبيعه لإسرائيل ب 75 سنتا. وهذا الضمان الذى يحمّل الدولة التزامات مالية كبيرة لا يجوز أن تستقل به هيئة ولا وزارة و لا حتى مجلس الوزراء وفقا لأحكام الدستور والقوانين ذات العلاقة. بكمية أقصاها 7 مليارات متر مكعب خلال عشرين عاما وأنه يمكن تجديد الاتفاق بموافقة الطرفين. ويواصل الخبير البترولى إبراهيم زهران سرد الحكاية ويقول: وفى يوم 31 يوليو سنة 2000 بعد أن اطمأن رئيس مجلس إدارة غاز شرق البحر المتوسط (حسين سالم) إلى الضمانات التى قدمها رئيس الوزراء ووزير البترول والهيئة العامة للبترول بادر بإقامة شركته وتأسيسها كشركة مساهمة مصرية بنظام المناطق الحرة وفقا لقانون الاستثمار حتى يعفى من الضرائب ويتصرف بحرية داخل المنطقة الخاصة التى سيصرح له بها إمعانا فى محاباته لتحقيق أكبر ربح ممكن، وهو ما يعنى أن القرارات السابقة قد صدرت تفصيلا على مقاس شركة غاز شرق البحر المتوسط و محاباة لها على حساب فقراء مصر. وفى 18 مارس 2001 بناء على هذه الاتفاقية الباطلة بين الوزيرين المصرى والإسرائيلى أصدر رئيس الوزراء وقتها الدكتور عاطف عبيد قرارا غير معلن بتخويل وزارة البترول من خلال مؤسساتها ببيع كمية قدرها 7 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعى المصرى إلى شركة شرق البحر المتوسط المملوكة للسيد حسين سالم تسليم العريش، بالأسعار المتدنية ولمدة 15 – 20 عاما. وفى اليوم التالى مباشرة من صدور قرار رئيس مجلس الوزراء وفى سابقة تعتبر الأولى من نوعها فى مصر وفى إجراء غير معهود وتحيطه الكثير من أوجه عدم المشروعية وربما للمرة الأولى والأخيرة التى تتلقى فيها شركة مصرية كتابا من رئيس الوزراء يتضمن تعهدات على الحكومة المصرية. وجه رئيس الوزراء إلى رئيس مجلس إدارة شركة مصرية خاصة بنظام الاستثمار وهى شركة شرق البحر المتوسط (السيدحسين سالم) كتابا جاء فيه أنه من دواعى سروره أن يبلغه أن مجلس الوزراء قد وافق على أن تبيع الهيئة العامة للبترول إلى شركة شرق البحر المتوسط للغاز الطبيعى الذى يخصص لاستهلاك أسواق منطقة الشرق الأوسط و أوروبا من خلال الأنابيب. وتكون أسعار البيع هى 75 سنتا أمريكيا لكل مليون وحدة بحد أقصى دولار أمريكى وربع الدولار، وفى حالة ارتفاع سعر برميل البترول البرنت إلى 35 دولارا يزيد سعر المليون وحدة من الغاز إلى دولار ونصف على أن تكون مدة العقد مع شركة شرق البحر المتوسط للغاز هى 15 عاما تجدد بموافقة الطرفين وتخول وزارة البترول ممثلة فى الهيئة العامة للبترول أن تتفاوض (فى ماذا والصفقة معدة سلفا) مع شركة شرق البحر المتوسط للغاز طبقا للصيغ الدولية المتبعة والتى تربط سعر الغاز الطبيعى مع أسعار البترول الخام وأن تبرم عقد التوريد. وفى 19 يوليو 2001 (وحتى يكتمل المخطط المؤسف ويلصق بهذه الصفقة طابع التعامل بين شركات خاصة بعيدا عن الحكومة فى حين أن كل التعهدات صادرة من الحكومة ولكن عهد بها لشركات خاصة مصرية حكما وإحداها أمريكية إسرائيلية خلف الستار وهى شركة غاز شرق البحر المتوسط) سارع رئيس الوزراء بإصدار القرار رقم 1009 لسنة 2001 وهو القرار الوحيد المنشور بالجريدة الرسمية فى العدد 162 فى ذات اليوم. بإنشاء الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية برأسمال مرخص 400 مليون جنيه مصرى ورأسمال مصدر قيمته 100 مليون جنيه مصرى لتكتمل الصفقة. وفى 10 سبتمبر سنة 2003 وجه رئيس الهيئة العامة للبترول كتابا ثانيا إلى رئيس شركة شرق البحر المتوسط يؤكد فيه أنه وفقا لسلسلة الاتصالات بين الهيئة وشركة شرق المتوسط، بصدور قرار بالموافقة على إمداد شركته بالكميات المتفق عليها بالغاز الطبيعى المصرى من خلال أنابيب الغاز المصرية حتى الأنابيب البحرية فى العريش. ويتابع د. زهران قائلا: وتأسيسا على ما سبق صدر فى يوم 24 يناير 2004 قرار وزير البترول رقم 100 لسنة 2004 الصادر فى 26 يناير 2004 متضمنا الآتى: * وفقا لمحضر اجتماع مجلس الوزراء فى غصب واضح للسلطة التشريعية - فى اجتماعه المؤرخ 18 سبتمبر سنة 2000 بتخويل وزارة البترول ممثلة فى الهيئة العامة للبترول أن تتفاوض وتوقع تعاقدات مع شركة غاز شرق البحر المتوسط لبيع كمية من الغاز قيمتها 7 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعى لمدة 15 سنة تجدد بموافقة الطرفين. * ووفقا للقانون رقم 20 لسنة 1976 الخاص بالهيئة العامة للبترول. * وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1009 سنة 2001 بشأن إنشاء الشركة المصرية القابضة للغاز الطبيعى.