مصر دولة قانون- وستظل، ولا أحد يستطيع أن يشكك أو يجادل فى ذلك، ومصر قدمت للعالم كله أروع صور سيادة القانون- فلم يكن أحد يتخيل المشهد السياسى الذى نعيشه الآن بكل تداعياته - نعيشه بكل حرية وعدالة - لا أحد كان يتصور أن يأتى اليوم الذى تتم فيه محاكمة الرئيس السابق ورموز نظامه الفاسد - وقد أتى وتوافد على عنابر سجن ليمان طرة الأعضاء الكبار فى حكومة مبارك - منكسرين وقد انحنت قاماتهم تقذفهم لعنات الشعب كله - وهم الذين كان يراهم الشعب كل يوم مرفوعى القامة متغطرسين يزيفون الحقائق ويغتالون الأحلام ويدمرون مستقبل الأجيال. رأيت اليوم الذى تتم فيه محاكمة الذين أفسدوا الحياة السياسية فى مصر ونهبوا ثروات شعبها وكانوا ملء السمع والبصر يلتف حولهم الجميع من الزمارين والمنافقين- فأصبحوا اليوم فرادى منعزلين فى زنازين مظلمة- فى انتظار مصير مجهول بالنسبة لهم وإن كان معلوماً للشعب كله وهو القصاص العادل وبأحكام تُرضىالضمير الوطنى لكل المصريين. رأيت اليوم الذى تتم فيه التحقيقات وتصدر الأحكام بالحبس الاحتياطى لكل هؤلاء وفى مقدمتهم الرئيس السابق- بتهم الفساد والتربح وإهدار المال العام وقتل شباب مصر من أبناء ثورته الطاهرة- وبقدر سعادتى أننى عشت حتى أرى هذا اليوم وأعيش هذا المشهد بقدر ما يعتصرنى الألم- فهؤلاء الفاسدون حطموا أحلام وطموحات جيل بأكمله على مدى 30 عاماً- وإذا كانت ثورة الشعب المصرى فى 25 يناير طالبت بمحاكمة الرئيس السابق وأعوان نظامه الفاسد على جرائم محددة فى حق شعب مصر إلا أنه فى واقع الأمر هناك جريمة كبرى لم يتطرق إليها أحد- جريمة وقعت منذ 30 عاماً مع بداية عصر الرئيس السابق ونظامه الفاسد- جريمة اغتيال أحلام وطموحات الشعب المصرى- نعم هم قتلوا أحلامنا وطموحاتنا وخربوا نفوس وضمائر الكثيرين وتلاعبوا بأقدارنا وبأقدار أولادنا فى سبيل مصالحهم ومصالح أولادهم- فقد عاشوا بمنطق الباشوات- مصر كلها عزبة خاصة بهم- عاشوا ينظرون إلى الشعب على أنه الخدم والعبيد وهم الأسياد!! يأتى طعامهم من أوروبا بالطائرات، والملايين جوعى أو تأكل من صناديق القمامة!! يُعالجون فى أغلى مستشفيات العالم والملايين من شعب مصر عاجزة عن العلاج أو دفع ثمن علبة الدواء!! يسكنون الفيلات والقصور- ويعيشون فى المنتجعات والملايين تسكن المقابر والعشوائيات!! يستقلون السيارات الفارهة على حساب شعب مصر تتبعهم قوافل الحراسة والملايين من المصريين يتكدسون فى وسائل النقل العام..!! تتعالى أصواتهم وشعاراتهم ووعودهم الزائفة فى مؤتمراتهم وخطبهم الممجوجة الممتلئة بالباطل- ويكممون أفواه الملايين ويعتقلون صوت الحق!! يعطون أنفسهم كل الحرية- يفعلون ما يشاءون بأقدار المصريين- يعدلون مواد الدستور وفق أهوائهم- ويزورن الانتخابات لصالح حزبهم الأوحد، ويدعون للتوريث والفساد- ويسلبون حريات الملايين ويُودعُون الآلاف فى السجون والمعتقلات!! نعم قتلوا أحلامنا البسيطة فى العدالة والحياة الكريمة وقبلهما الحرية!! ** هل من المعقول أن دولة مثل مصر كانت تدار بهذا الأسلوب من جانب هؤلاء البلطجية واللصوص على مدى 30 عاما؟! إنها بكل المقاييس الجريمةالكبرى التى يجب أن يكون الاتهام فيها واضحاً نحو الرئيس السابق وهى الجريمة الكبرى التى لن يغفرها التاريخ لمبارك وأعوانه من النظام الفاسد الذين لم تصح ضمائرهم ولو لمرة واحدة ليفكروا فى مسئوليتهم الوطنية تجاه شعب مصر- للأسف لم يحدث!!