التسجيل الصوتى الذى أذاعته قناة العربية للرئيس المخلوع حسنى مبارك ينطبق عليه القول الشائع «إذا لم تستح قل ما شائت». إن التحليل المبدئى لكلام الرجل ينم عن عقلية متحجرة وفهم قاصر وغباء سياسى وانعزال شعورى، وكأنه - أى مبارك المخلوع - لا يدرك كم الكراهية والغضب الذى زرعه فى قلوب ونفوس المصريين، وكأن الرجل لا يعلم أن معظم رجال حكومته وحزبه مدانون بالفساد المالى والسياسى والأخلاقى. فكلام الرجل يجعلك تضحك وتغضب وتثور فى نفس اللحظة. تضحك عندما يبرئ نفسه وذمته المالية، بعد أن أعلنت البنوك فى الداخل والخارج أن مبارك له حسابات سرية وعلنية تقدر بالمليارات من العملات الأجنبية والمحلية وليس هذا فحسب بل إن الرجل استولى على تبرعات مكتبة الإسكندرية ووضعها فى حسابه الشخصى وقد أعلن البنك المركزى أن هناك حسابا باسم مبارك به عشرات الملايين من الجنيهات والدولارات رغم أنها فى الأساس تخص مكتبة الإسكندرية والمثير للضحك أكثر وأكثر عندما يقول - أى مبارك المخلوع - إنه لا يمتلك إلا ما هو مذكور فى إقرار ذمته المالية والذى لم يذكر فيه هذه الأموال التى سلبها من تبرعات مكتبة الإسكندرية، وهو ما يعنى تعمد إخفاء هذه الأموال عن الجهات الرقابية وهى جريمة يعاقب عليها القانون بالحبس الوجوبى، ليس هذا فحسب بل إن هناك جريمة أكبر وهى الكذب على شعب ارتضاه حاكما عليه لمدة 30 عاما ثم الحنث باليمين التى أقسم بها أمام الشعب أى أن الرجل حنث باليمين وظل يكذب على الشعب ثلاثين عاما وهى جريمة لا تغتفر. وقد قال لى أحد المواطنين البسطاء كيف لهذا الرجل أن يكذب بعد أن بلغ من العمر أرذله وليته كان اعتذر واعترف بأخطائه يمكن كنا سمحناه وعفا الله عما سلف. وقال آخر.. عيب عليك يا مبارك أن تبرئ نفسك وأن تخاطب الشعب الذى ظلمته وكأنك لا تزال تحكم من أين جاءتك هذه الجرأة وأنت تعلم أنك قمة هرم الفساد الذى بدأ يتراكم ويسقط كل يوم بل كل ساعة وكل دقيقة إذا لم تستح قل ما شائت. أما ما يثير الغضب فى كلمة الرئيس المخلوع هى نبرة الوعيد والتهديد، وكأنه يقول أنا مازلت قويا وأستطيع أن أفعل وسأقاضى كل من تناول سمعتى أنا وأسرتى.. يا سبحان الله أنت تقاضينا يا مبارك؟ لكن الحمد لله جاء قرار النائب العام بحبسك أنت وأبنائك لتنضم إلى عصابة الفساد فى سجن مزرعة طرة. ولعلك أيها المخلوع كنت تريد بتلك الكلمة أن توجه رسالة لأتباعك وأزنابك وبلطجية حزبك لكى يعبثوا بأمن الوطن والمواطنين. لكن الحق لا يمهل الباطل وجاء حبسك على خلفية قتل المتظاهرين فى بداية الثورة وقتل وجرح الآخرين من الشباب الشرفاء فى موقعة الجمل الشهيرة كل ذلك تم عن طريق بلطجية حزبك وبتمويل من لصوص الأعمال الذين قربتهم من بلاط فسادك وجعلتهم وزراء فى حكوماتك المتعاقبة، ومعظمهم الآن فى السجون. أما ابنك الغلام المبتسر والذى تربى فى حضانة الفساد السياسى والمالى والأخلاقى فلا استبعد أن يكون وبصورة مباشرة وراء أحداث ما يسمى بالثورة المضادة. أيها المخلوع من شعبه لقد أخذتك العزة بالإثم والآن لا عزة لك أيها الظالم بل عليك كل الإثم كيف تبرئ نفسك وذمتك وأنت قاتل لشباب الثورة وناهب لأموال الشعب؟. أيها المقهور الذى قهر المواطن المصرى وأذله وأفقره وأمرضه وأهدر كرامته كيف تبرئ نفسك وقد كنت تعيش بعد الثورة وقبلها فى قصر أهداه إليك أحد أكبر الفاسدين من لصوص الأعمال الذين جمعوا ثرواتهم على حساب أموال الشعب وثروات الوطن. إن الكلمات السامة التى بخها الرئيس المخلوع لا تثير الغضب فقط بل تجعلك فى حالة من الفوران والغيظ فالرجل الزنيم أراد إشعال الفتنة بين الشعب والجيش.. أراد أن يحطم صخرة التلاحم الوطنى بالتشكيك والمزايدة. كيف جرؤ هذا الواهم أن يوجه كلامه للخارجية والسفارات وكأنه لا يزال يحكم كيف يوجه كلامه العبيط للشعب وكأنه فى موقع المسئول؟.. ولماذا قناة العربية بالذات؟ هل لأنها؟ أيها الرئيس المخلوع لا يحق لك أن تكلم الشعب الذى خلعك.. إن أمرك الآن بيد الله والقضاء أما التاريخ الذى تحدثت عنه أكثر من مرة فلن يرحمك الآن تستطيع أن تكذب وتضلل، ولكن غدا أو بعد غد عندما تصمت إلى الأبد بأمر من الله سيرد عليك كذبك وظلمك وقهرك لشعبك.. وصدق الله العظيم «اليوم ننجيك ببدنك»