لم يكن يتوقع أكثر المتفائلين الذين خرجوا فى مظاهرة مليونية فى جمعة التطهير أن تتم الاستجابة لمطالبهم بهذه السرعة وأن يخضع رأس النظام السابق للتحقيق بل والحبس لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيق.. جاءت تلك الإجراءات لتنفى الافتراءات والادعاءات التى طالت القضاء والنائب العام فى الفترة الأخيرة والتى اتهمتهم بالتباطؤ فى إجراء محاكمات عاجلة وعادلة لرموز النظام الفاسد. «أكتوبر» التقت رئيس نادى القضاة المستشار أحمد الزند لتناقش معه العديد من القضايا الساخنة المطروحة على الساحة.. وكيف نضمن محاكمة عادلة ونزيهة للمتورطين فى قضايا الفساد والاعتداء على المتظاهرين. رئيس نادى قضاة مصر بدأ حديثه عن مصير محاكمة الرئيس السابق حسنى مبارك على خلفية اتهامه بالتحريض على قتل المتظاهرين فى ميدان التحرير حيث قال: لو ثبتت إدانته فلابد أن يحاكم حتى لو وصل الحُكم إلى الإعدام، فمبارك لم يعد رئيساً للجمهورية بل هو مواطن عادى، فالقانون لا يفرق بين المواطنين فى الأحكام، ونحن لا نخشى إلا الله وإذا تسرب للقاضى الخوف فلابد أن يترك منصة القضاء، ما دام القاضى متمسكاً بموقعه فى منصة الحكم فهو حُر. وحول ما يتردد من أن القانون يحظر شنق من تعدى الثمانين قال الزند: إن هذا الكلام عار تماماً من الصحة.. فأى متهم يدان ويحكم عليه ينفذ الحكم مهما كان سنه، لكن القانون أعطى سلطات معينة للنائب العام بوقف التنفيذ إذا رأى ذلك. وأضاف أن حبس وزير الداخلية السابق حبيب العادلى ورئيس مجلس الشورى السابق صفوت الشريف ورئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق زكريا عزمى ومن قبلهم وزير الإسكان السابق أحمد المغربى وأمين التنظيم الأسبق بالحزب الوطنى أحمد عز وغيرهم من رموز الفساد يعطى مؤشراً على أن هناك شفافية ونزاهة فى القرارات. قاض لكل صندوق وحول انتخابات مجلسى الشعب والشورى القادمة قال الزند: يمكن وجود قاض على كل صندوق إذا قرر المشرفون على الانتخابات إجراءها على ثلاث مراحل وإعادة تقسيم الدوائر، لأن عدد القضاة حوالى 12 ألف قاض وهو رقم يساعد على إجراء الانتخابات فى جو من الشفافية والنزاهة والحياد فى حال تقسيم الدوائر، مادام جميع أطراف العملية الانتخابية ملتزمين بالشرعية دون تدخل من أحد أو إثارة المشاكل من قبل البلطجية وهى الصور السلبية التى كانت تحدث فى ظل النظام السابق، وأنا واثق أن هذه المرحلة انتهت. المحاكمات الشعبية وأبدى المستشار الزند اندهاشه من تظاهرات الجمعة التى تتحول لمحاكمات شعبية للمسئولين المتورطين فى قضايا فساد، مؤكداً أن تلك التظاهرات تؤثر بشكل سلبى على مناخ الاستثمار وتعوق الاستقرار الاقتصادى، وهو ما يترتب عليه تراجع حجم الاستثمارات الأجنبية فى مصر. وقال: أتمنى أن ينظم الشباب جمعة مليونية لدعم الاقتصاد وأخرى للارتقاء بالمستوى المعيشى للمواطنين ومعالجة مشكلة البطالة بدلاً من التدخل فى شئون القضاء والهجوم على النائب العام واتهامه بالتباطؤ فى إجراءات التحقيق مع المسئولين والوزراء السابقين دون دراية حقيقية لإجراءات التقاضى التى تضمن نزاهة القضاء وإصدار الحكم العادل على من تثبت إدانته، مشيراً إلى أن هناك كماً هائلاً من البلاغات والقضايا التى تحتاج لتحريات الأجهزة الرقابية والتأكد من صدقها وجديتها. هجوم حاد وانتقد رئيس نادى القضاة الهجوم الحاد على القضاء والقضاة.. وقال: «كل واحد أصبح فقيها فى القانون».. يتحدث عن أخطاء القضاة ويشن حرباً عليهم وينتقد الأحكام القضائية، مؤكداً ضرورة أن يترك أمر القضاء والقانون لأهل الخبرة وأن يفسح المجال أمام القضاء للنظر فى القضايا دون ضغوط شعبية خارج المحكمة حتى نضمن نزاهة وشرف القضاء. وتابع: وصلت حدة الهجوم على القضاء والنائب العام إلى مستوى خروج مطرب مغمور على إحدى القنوات الفضائية يطالب بإقالة النائب العام تحت دعوى أنه فقد شرعيته وأنه من بقايا النظام القديم ويجب أن يسقط مع سقوط النظام. ولم يكتف المطرب بذلك بل طالب بتغيير رئيس نادى القضاة ورئيس مجلس القضاء الأعلى.. وتساءل الزند: هل هذا معقول؟! مؤكداً أن هناك إجراءات صارمة سوف يتم اتخاذها خلال اجتماعنا مع المجلس الأعلى للقضاء ووزير العدل لتجريم سب القاضى دون وجه حق أو المساس بهيبة القضاء. قضاء شامخ وتابع: قضاء مصر «بخير وشامخ» والدليل على ذلك أن العديد من الدول العربية تحرص على استقدام القضاة المصريين لتشريع القوانين والاستفادة من خبراتهم، كما أننا نطهر مجتمع القضاة أولاً بأول وننقى أنفسنا بأنفسنا، لدرجة أنه تم فصل أحد أبناء عضو بمجلس القضاء الأعلى وأيضاً فصل نجل مساعد وزير العدل للتفتيش القضائى وأبناء رؤساء محاكم استئناف وغيرهم من الذين خرجوا عن واجبهم الوظيفى والشرعية القضائية. وقال: على كل من يهاجم القضاة أن يتحلى بالصمت لأنه يطعن فى ذمة قاض وليس موظفاً فى الصرف الصحى! مع احترامنا لجميع الوظائف الشريفة.. وناشد رئيس نادى القضاة المجلس العسكرى لحماية القضاة ودار القضاء العالى لأنها أكبر دار قضائى بالشرق الأوسط. تجاوزات مرفوضة وتعرض الزند خلال حديثه للاعتداءات التى قام بها بعض المحامين على القضاة حيث قال: للأسف حدثت تجاوزات من بعض المحامين فى محافظة الغربية أثناء محاكمة محام متهم فى قضية تزوير، وأصدر القاضى حكمه بالحبس عشر سنوات فقام المحامون بسب القاضى واقتحام غرفة المداولة وكسر الباب الحديدى لقفص الاتهام ولتهريب المتهم وقالوا للمحكمة «احنا مش عايزينكم.. احنا كارهينكم» وهددوا بإشعال النار فى مبنى المحكمة، وعلى الفور تدخلنا لحل المشكلة وحسم الأمور حتى نتفادى حدوث أى مشاحنات أو تجاوزات فى المستقبل وسوف نقوم بوضع معايير وأسس لتعامل القاضى مع المحامى والأطر القانونية التى تكفل احترام وهيبة القضاء. هجوم مرفوض وعن تراجع دور الأمن بعد الثورة رفض الزند الهجوم على الشرطة وتوجيه الاتهامات إليهم بشكل مطلق فى الاعتداء على المتظاهرين، مؤكداً أن النائب العام أصدر قراراً بحبس حبيب العادلى وإسماعيل الشاعر وأحمد رمزى وحسن عبد الرحمن ومدير أمن الإسكندرية السابق وعدد آخر من القيادات التى اشتركت فى معركة الجمل الشهيرة وتورطت فى حوادث اعتداءات على المتظاهرين فى جمعة الغضب. وقال: إذا كان جهاز الشرطة به عناصر فاسدة فعددهم لا يتعدى 10% أما باقى رجال الأمن فهم شرفاء وهم النسبة الغالبة ويجب مساندتهم وتشجيعهم على النزول للشارع، حتى يعود الاستقرار الأمنى مرة أخرى، لأنه لا يمكن أن تستقيم الحياة السياسية دون الشعور بالأمان، مؤكداً على ضرورة احترام ضباط الشرطة وإعادة الهيبة لهم، لأن الضابط إذا فقد هيبته لا يستطيع السيطرة وضبط الشارع - على حد تعبيره.