كيف يمكن إعادة صياغة الإعلام المصرى ليكون إعلام مجتمع- وليس إعلام دولة؟ تقديرى أنه من الضرورى إلغاء كل الأسس والرؤى السياسية التى قام عليها الإعلام المصرى منذ إنشائه فى الستينيات إعلام موجه من الدولة للشعب الذى ليس له اختيار فيما يقدمه الإعلام فهو مجرد مُتلقٍ لرسائل إعلامية من القيادة السياسية.. سياسة ينفذها بكل دقة كل من تربع على عرش الإعلام فى مصر..! الأمر الآن تغير فنحن أمام مرحلة سياسية ومجتمعية جديدة لم تشهدها البلاد من قبل لذا لابد من التفكير بدقة فى سياسة الإعلام فى المرحلة القادمة كيف تكون وإلى أى توجه سوف تسير؟.. وأقصد إعلام «ماسبيرو» الذى ظل قرابة 50 عاماً بوقا وليس مسموحاً لأى فكر أو تيار أن يخترقه تحت مسمى «الإرشاد القومى»- وازداد الأمر سوءاً مع بداية الثمانينيات حيث بلغت فاتورة تكلفته مليارات الجنيهات التى لو وجهت للإصلاح الاقتصادى لكانت مصر من دول النمور الاقتصادية. ليس هذا وقت فتح الملفات أو الحديث عن فساد فهناك مجال آخر بعد ذلك سوف أتحدث فيه عن الفساد الذى عاشه ماسبيرو. اليوم ليس هناك وزارة للإعلام- بداية جادة للتغيير- ولكن التغيير لا يكون بحذف المسميات أو إضافتها. فالإعلام المصرى يواجه معادلة صعبة بين التطهير والتطوير- لابد أن تبدأ أولاً مرحلة التطهير، فكم الفساد الموجود داخل الجهازالإعلامى أمر خطير لابد معه من وقفة حاسمة- الرواتب الخيالية التى يتقاضاها المسئولون ومحاسيبهم والإعلاميون من مقدمى البرامج تحت بنود الرواتب والحوافز واللجان والمكافآت والإشراف وغيرها من المليارات المهدرة التى كان يتم دفعها لكل هؤلاء. لابد من مراجعة كل هذا الفساد واقتلاعه من جذوره مع تحقيق مطالب الموظفين العادلة الذين لم يخطئوا فى شىء إلا أنهم أصبحوا موظفين فى هذا الجهاز الذى يضم 43 ألف مواطن، هم موظفون لهم مطالب فئوية فى كافة قطاعات الإعلام ولهم كل الحقوق فى ذلك وحتى تكون المنظومة عادلة لابد التعامل مع هؤلاء بما لايهدر حقوقهم المالية والصحية والتأمينية والمعاشية حقوقهم وحقوق أبنائهم قبل النظر إلى تفكيك الجهاز الإعلامى أو تسريحه أو وضع خطط للمعاش المبكر وغيرها. يبقى أن نعرف أن حجم العجز فى آخر ميزانية 2010 لاتحاد الإذاعة والتليفزيون قارب على 12 مليار جنيه أقر بذلك مجلس أمناء الاتحاد الذى لم ينعقد على مدار دورتين «6 سنوات» إلا 7 مرات فقط كان الهدف هو بحث وتعديل بنود الميزانية التى كان ينفقها جهاز الإعلام. ثم دعونا بالتوازى مع ذلك ننظر للتطوير فتجربة الإعلام المصرى فى الفترة الأخيرة مع بداية أحداث ثورة 25 يناير لابد من دراستها وتحليلها- كيف انفصل الإعلام الرسمى عن المجتمع بهذه الصورة السافرة..؟! إعلام ظل يدافع عن النظام ثم بعد ذلك تلّون وانقلب بكل قبح على النظام ورموزه ورئيسه!. هذه النماذج البشرية صاحبة القدرة على التحول 180 درجة بهذه السرعة تدعو للذهول- لابد من وقفة أمامها- فلم يعد هناك مجال لأن يضحك علينا هؤلاء الذين كانوا أبواقاً للنظام- وأصبحوا الآن مدافعين عن الثورة لاعنين النظام السابق وأيامه الغبرة فاستخفوا بنا وبعقول كل المصريين!! واليوم رؤوس الجهاز الإعلامى الفاسد- الوزير السابق ورئيس مجلس الأمناء فى محبسهم 15 يوماً على ذمة التحقيق فى قضايا فساد وإفساد. وأعلم أن قيادات أخرى طالها الفساد سوف تلقى نفس المصير الأيام القادمة. *** التغيير والتطوير واستقلالية وحرية الإعلام هى قضايا الفترة القادمة، فلم يعد مقبولاً ما كانت تسير عليه الأمور قبل 25 يناير التغيير والتطوير يجب أن يكونا متجانسين مع المرحلة القادمة مع فكر الثورة لابد أن يكون الإعلام إعلاما مجتمعياً وليس إعلاماً رئاسياً أو إعلام نظام، إعلام يملكه الشعب. الطريق طويل وصعب وكل المقترحات الوطنية مقبولة.