يمكن أن نعتبر فيلم Fair game أو اللعبة العادلة الذى أخرجه «دوج ليمان» أحد أفضل الأفلام السياسية التى شاهدناها خلال السنوات الأخيرة، ليس فقط لأنه يقدم أحد جوانب فضيحة أكذوبة أسلحة الدمار الشامل التى تم على أساسها غزو العراق، ولكن لأن الفيلم شديد الاتقان فنيا فى كل عناصره، ونجح بامتياز فى دمج تجربتين فى فيلم واحد متماسك: تجربة السفير الأمريكى السابق «جوزيف ويلسون» التى كتبها فى كتاب بعنوان «سياسات الحقيقة»، وكشف فيه عن أكذوبة نقل كميات من اليورانيوم من النيجر إلى العراق، وتجربة «فاليرى بلام» الجاسوسة الأمريكية السابقة وزوجة جوزيف ويلسون، التى حكتها فى كتاب بعنوان «لعبة عادلة» وكشفت فيه عن دور البيت الأبيض فى تسريب إسمها وطبيعة عملها السرى فى المخابرات، انتقاما مما فعله زوجها بالكشف عن أكذوبة يورانيوم النيجر. نجح الفيلم فى الدفاع عن بطليه: جو «شون بن» الذى تحمل عمل زوجته فى المخابرات الأمريكية، وغيابها عن طفليه، والذى يتطوع من أجل وطنه للذهاب إلى النيجر للتأكد من معلومة اليورانيوم، كما أنه لايتردد فى كشف أكاذيب الأبيض فى مقال شهير فى «نيويورك تايمز» كان سببا فى إعلان الحرب عليه وعلى زوجته، من ناحية أخرى نجح الفيلم فى رسم ملامح بطليه فاليرى «ناعوس واتسى» التى تسافر من كوالالمبور إلى القاهرة وعمان فى مهمات عمل، والتى نجحت فى تجنيد سيدة عراقية تعيش فى أمريكا تدعى «زهرة؟ (الممثلة الاسرائيلية ليزار شارهى)، لكى تسافر إلى بغداد، وتلتقى مع شقيقها حمد (خالد النبوى) العالم العراقى الذى كان يعمل سابقا فى البرنامج النووى العراقى، ولكنه يؤكد لها إن البرنامد توقف تماما فى التسعينيات، وكل الأماكن تخضع للتفتيش، وفى مواجهة جو وزوجته فاليرى يقف موظفوا البيت الأبيض والمسئولون فى مكتب نائب الرئيس الأمريكى وقتها ديك تشينى، موقفا عدائيا يصل إلى حد تلطيخ سمعته، وتعريض حياة فاليرى للخطر بالإعلان عن اسمها كجاسوسة، ولكن اللعبة العادلة ينتصر فى النهاية لقيم الديمقراطية الأمريكية التى تعاقب على الكذب، والتى تعتمد على الإعلام والرأى العام والكونجرس للرقابة والحساب، ولذلك يمكن أن نعتبر ان ادانة الغزو الأمريكى للعراق يتم فى الفيلم انتصارا للقيم الأمريكية السياسية والاجتماعية سواء فى الانحياز للشفافية وحق الرأى العام فى المعرفة، أو فى الدفاع عن الأسرة بمعناها المباشر (العائلة) أو بمعناها الواسع (الوطن). نحن إذن أمام عمل شبه متكامل، سيناريو جيد ومتماسك يدمج الخاص بالعام فى وحدة واحدة، مونتاج احترافى نجح فى دمج المشاهد الوثائقية بسلاسة داخل بنية الدراما، تنوع كبير فى أماكن التصوير بين عدة دول من ماليزيا إلى القاهرة إلى عمان.. إلخ، موسيقى معبرة وأداء متميز من شون بن وناعومى واتس فى دورين يتميزان بثراء وتنوع التعبيرات وفقا لصعودهما وهبوطهما، خالد النبوى وهناء عبدالفتاح فى دورين قصيرين لايتطلبان قدرات خاصة كعالمين عراقيين فى المجال النووى ولكن مجرد ظهورهما فى فيلم كبير ومتميز عرض فى المسابقة الرسمية لمهرجان كان يستحق التنويه، ويفتح أمامهما ربما أبوابا لفرص أخرى قادمة.