يبدو أن جوبا قد استعدت للانفصال وإعلان الاستقلال عن السودان رغم المساعى العربية والأفريقية التى حاولت الإبقاء على السودان الموحد وتبدو نتائج الاستفتاء معلنة قبل إجرائه وقد أعد أهل الجنوب أنفسهم لفك الارتباط حتى فى ظل التصريحات التى تنطلق من الخرطوموجوبا بأن نتائج الاستفتاء سوف تحترم مهما كانت النتائج والنتيجة واضحة وستعلن دولة السودان الجنوبى بعد ستة أشهر من إجراء الاستفتاء ( المرحلة الانتقالية) ويبقى الأخطر فى التحديات التى تواجه الطرفين فى الشمال والجنوب والأكثر خطورة تعامل واشنطن مع ملف السودان حيث أوفدت وزيرة خارجيتها الى السودان لمتابعة الاستفتاء وهى سابقة تعد الأولى من نوعها . استطاع الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى التعامل مع المواقف الشائكة فى السودان وحالة الاحتقان التى خيمت على الساحة السودانية من خلال التقريب بين وجهات النظر ودعم سياسة الحوار وإقامة علاقات طبيعية تتناسب والروابط التاريخية بين أهل السودان جنوبه وشماله وقد انعكس ذلك بوضوح خلال المباحثات التى أجراها موسى فى جوبا مع الفريق سلفاكير وأعضاء حكومته وفى حوار ممتد استمر لأكثر من ساعتين تحدث كل طرف بما يريد لان يكون خلال الاستفتاء وما بعده وقد طرح موضوع الوجود الإسرائيلى فى الجنوب إلا أن الفريق سلفا كير قد أوضح بأن هذا الموضوع غير صحيح مؤكدا بأنه لا توجد أية علاقات خاصة بإسرائيل وأن التقارير الواردة فى هذا الشأن غير دقيقة ومغرضة وأكد بأن اللقاء مع الرئيس البشير سوف يبحث فى القضايا العالقة خاصة وضع منطقة ايبيى وقضايا ترسيم الحدود والعملة وقال سلفاكير نحن اتفقنا مع المؤتمر الوطنى أن كل المواضيع العالقة تتم مناقشتها عن طريق الحوار مع عدم اللجوء إلى العنف والحرب ونحن نسعى لجعل الأمن الموضوع الأول فى أجندتنا وأن نحل كل المواضيع بالحوار وأفاد بأنه يقبل بنتائج الاستفتاء حتى ولو كانت مع الوحدة. وسئل سلفا كير حول من ستعتمد عليه دولة الجنوب قال إذا أسفر الاستفتاء عن بناء دولة لدينا إمكانيات نعتمد عليها ونطرق أبواب كل الأصدقاء ولن نعتمد على شخص لأنه يزول وسوف نعتمد على أنفسنا . كما طلب سلفا كير من الأمين العام أن يكون للجامعة العربية مكتب دبلوماسى مستقل وامتدح عمل مكتب الجامعة العربية وبدوره رد موسى بأنه سوف يعرض الأمر على الدول العربية حتى يكون القبول بالموضوع ممكنا. من أجل تجاوز المشاكل أعرب كير عن ارتياحه للأخبار الجيدة التى حملها موسى من الشمال بشأن الجيرة الطيبة وقال إن العلاقات المتوازنة تكون دائما لصالح الاستقرار وأكد بدوره على أن حكومة الوحدة والجنوب والحركة الشعبية والمؤتمر الوطنى سوف تستمران فى التعاون من أجل مستقبل مشترك وقدم كير الشكر لموسى لجميع الجهود التى قام بها منذ توقيع اتفاق نيفاشا من اجل السلام الشامل ودعم الاستقرار وجذب التنمية العربية فى جنوب السودان مؤكدا ان علاقة الجنوب بالعالم العربى لا يمكن أن تنتهى بعد الاستفتاء وأضاف كير سيظل الجنوب على علاقات طيبة مع جميع العالم العربى دون استثناء وأشاد خلال الجلسة المغلقة مع موسى بالدعم المقدم من الدول العربية لصالح جنوب السودان وتحدث بالتفصيل عن عقد مؤتمر جوبا (اثنين) للتنمية الاقتصادية وأهمية التحضيرات الواجب القيام بها لتقديم كل ما يلزم لإعداد هذا المؤتمر العربى وقال أيضا إن هذه الفترة تشهد توترا إعلاميا وتؤثر بدورها على الحالة السياسية ولكن يجب التعامل مع كل هذا التوتر بحزم كما يجب عدم تصديق الشائعات والاتهامات وقال نحن متأكدون من دعم الجوار العربى لنا وسوف يساعدنا فى مواجهة الأزمة الاقتصادية الخانقة بما يدفع إلى الاستقرار فى هذه المنطقة المهمة وبدوره قال موسى لقد خرجت بانطباع قوى جدا خلال زيارتى للخرطوم وجوبا وان هناك رغبة قوية للصداقة بين الجوار الطيب والعلاقة الصحية . وأكد موسى خلال الجلسة المغلقة انه يجرى التحضير لجوبا (2) لعقده خلال شهرين أى فى غضون الفترة الانتقالية بعد الاستفتاء. وأضاف هناك قمة اقتصادية ستعقد فى شرم الشيخ خلال يناير المقبل وستبحث فى الاستثمار والسياحة والكهرباء وشبكة المواصلات بين أنحاء العالم العربى من المغرب إلى عمان ومن القاهرة إلى السودان ونأمل أن يكون إلى الجنوب وتعهد موسى بالاستمرار فى الدعوة للاستثمار العربى فى الجنوب وأكد أن الجامعة العربية سوف تدعم السلام والاستقرار فى ربوع السودان. وعلى الرغم من الصخب الذى تشهده الساحة السودانية ما بين الحديث عن المستقبل وبناء الدولتين من جديد شمال وجنوب إلا أن التحديات والمخاطر تلقى بجناحيها على كل السودان خاصة الشمال حيث توقع بعض المراقبين ممارسة واشنطن لضغوط أكبر على الرئيس البشير فى موضوع المحكمة الجنائية وارتفاع الأصوات التى كانت تتحدث على استحياء لفصل دارفور إلى المطالب بتقرير المصير ولكن ربما تفكر واشنطن إلى إعطاء دارفور حكم ذاتى موسع بدلا من الانفصال ربما الأيام المقبلة قد تشهد انفراجة فى هذا الوضع فيما أشاد المراقبون بما حققه سلفا كير فى الجنوب حيث تمكن من احتواء كل المعارضين بما فى ذلك أشرسهم لام أكول , وتبقى قضية ابيى معلقة فى نقطة واحدة هى من يحق له التصويت فى الاستفتاء أما القضية نفسها فقد تم حلها من خلال قرار المحكمة الدولية وقد كشف مصدر ل «أكتوبر» بأنه غير صحيح ما يشاع عن وجود النفط فى منطقة ابيى التى تحتوى على نسبة محدودة منه وان المنطقة الغنية بالنفط توجد فى ولاية الوحدة بالجنوب.