ألفونس دينييه رسام فرنسى شهير استوحى أغلب لوحاته من حياة العرب، حيث عاش فى الجزائر وتعلم اللغة العربية واعتنق الإسلام، ثم قرر زيارة القدس وأتم فريضة الحج لبيت الله الحرام، وكتب عدة مؤلفات دفاعاً عن الإسلام، وتمثل لوحة «غداة رمضان» أهم أعماله الفنية وتعرض حتى الآن فى متحف باريس.. وعندما توفى فى أحد مستشفيات باريس تم نقل جثمانه إلى بوسعادة بالجزائر ودفن بها حسب وصيته. وفى هذه البلدة الصغيرة التى يوجد فيها قبره أنشأت الحكومة الجزائرية متحفا خاصا لذلك الفنان الذى أحبها، وحكاية دينييه تبدأ بعد حصوله على شهادة الباكالوريا عام 1881 حيث دخل المعهد العالى للفنون الجميلة بباريس وعرض أعماله لأول مرة سنة 1882فى صالون الفنانين الفرنسيين، وفى سنة 1884 سافر مع مجموعة من علماء الحشرات الى مدينة «بوسعادة» الجزائرية، ثم تنقل إلى مدن أخرى فى الجزائر ورسم أوائل لوحاته بهذا البلد : ساحات الأغواط «الأغواط منطقة جزائرية» و«وادى المسيلة بعد العاصفة». فى 1886 بدأ يتعلم العربية وفى 1887 عاد مجددا إلى الجزائر ليقضى بها ابتداء من هذا التاريخ ستة أشهر من كل سنة. سنة 1889 حصل على الوسام الفضى فى معرض باريس العالمى وأسس مع فنانين آخرين الجمعية الوطنية للفنون الجميلة . سنة 1896 حصل على وسام شرف بدرجة فارس وهو من أسمى الأوسمة الفرنسية، سنة 1900 أقام ورشة له بمدينة بسكرةالجزائرية وحصل فى نفس السنة على ميدالية ذهبية فى المعرض العالمى بميونيخ. سنة 1905 اشترى منزلا ببوسعادة ليقضى ثلث أرباع العام، و كان بيتا متواضعا سقفه من التراب و القصب و هذا السقف مدعم بالعارضات التقليدية من العرعر وفى هذا البيت بالذات يوجد الآن المتحف الذى يحمل اسمه (متحف ناصر الدين دينييه فى حى الموامين ببوسعادة)، فعرف الكثير عن الإسلام بحكم معايشته للبيئة الإسلامية، وقد تمخضت هذه المعرفة عن اعتناقه للإسلام، ووضع عدة مؤلفات قيمة ترجمت للغة العربية مثل «محمد رسول الله» بالاشتراك مع سليمان الجزائرى وقام بترجمته إلى العربية الدكتور عبد الحليم محمود وابنه، و«أشعة خاصة بنور الإسلام» ترجمة راشد رستم.. «والحج إلى بيت الله الحرام».. و»الشرق فى نظر الغرب»... وغيرها. وفى سنة 1908 اعترف لأحد أصدقائه بأنه اعتنق الإسلام منذ سنوات طوال،وصاراسمه ناصر الدين دينييه و قال: إن اعتناقه للإسلام لم يكن مصادفة لكن عن دراسة واقتناع. فى عام 1913 نطق الشهادة أمام مفتى الجزائر العاصمة وسمى بناصر الدين دينييه وقال أيضا: إن اعتناقى للإسلام ليس وليد المصادفة وإنما كان عن دراية واقتناع وبعد دراسة تاريخية ودينية متعمقة لجميع الديانات لفترة طويلة. وفى عام 1928م زار ناصر الدين دينييه البقاع المقدسة وسيناء وجبل الطور فى رحلة الحج التى خلدها فى كتاب أسماه «الحج إلى بيت الله الحرام» وقد امتدحه أمير البيان شكيب أرسلان بقوله (أسلم وحج وألف كتابًا عن حجته إلى البيت الحرام من أبدع ما كتب فى هذا العصر). وبعد عودته من مكةالمكرمة سقط إثر نوبة مرضية ألزمته الفراش فنقل إلى مستشفى باريس حيث توفى هناك يوم 24 ديسمبر 1929 فنقل جثمانه إلى المقبرة الإسلامية ببوسعادة وشيع جنازته الآلاف من محبيه ودفن تحت قبة بيضاء ببوسعادة طبقا لوصيته. الفنان له أكثر من عمل فنى متواجد فى مختلف أروقة العالم كطوكيو، سيدنى باريس، الجزائر، المملكة العربية السعودية، و كانت أغلب أعماله مستوحاة من الحياة اليومية للجزائريين والبوسعاديين على وجه الخصوص. و قد التحق الفنان ناصر الدين دينييه بمدرسة لتعليم اللغة العربية و كذلك تتلمذ على يد (سى أحمد الصغير) مدرس القرآن والذى يدعى- بابا أحمد البوسعادى- فأصبح ناصر الدين دينييه يكتب ويقرأ اللغة العربية جيدا. وكتب أعمالا أدبية عديدة منها: شعر عنتر، ربيع القلوب، آفات الألوان، لعبة الأضواء، السراب، نظرة الغرب للشرق، الصحراء، لوحات الحياة العربية، خضرة، حياة محمد «صلى الله عليه و سلم» وطبع له كتاب «الحج إلى بيت الله الحرام».