فى العام 1987، قدم المخرج «أوليفر ستون» فيلمه الناجح «وول ستريت» بتكلفة لا تزيد على 15 مليون دولار، ومن بطولة النجم «مايكل دوجلاس» و«شارلى شين»، وهاهو اليوم يعود بعد الأزمة الاقتصادية العالمية وآثارها المدمرة ليقدم فيلمه «wall street 2, money never sleep» أو «وول ستريت 2. المال لا ينام» من بطولة «مايكل دوجلاس» أيضا، ولكن بميزانية أكثر ضخامة «70 مليون دولار».. هنا ينصرف الحديث إلى أسباب الأزمة المالية العالمية ولكن من خلال حبكة أقل جودة وأقل إقناعاً بحيث لم نفهم بالضبط هل يحاول الفيلم أن يتحدث عن غسيل الأموال أم عن غسيل القلوب؟ هل هو ينتقد بنية النظام الرأسمالى الذى سمح بفتح باب القروض «على البحرى»، وسمح للمضاربين أن يربحوا من الهواء أم أن الفيلم يؤكد أن النظام الرأسمالى يقظ وقادر على أن يصحح مساره، ويطرد الذين يحاولون الإضرار به! فى الجزء الأول كانت الحكاية عن الطريقة التى يتم من خلالها الحصول على الثروات السهلة بالمضاربات فى سوق المال الأشهر فى «وول ستريت»، وكانت اللعبة بين المضارب الكبير الخبير «جوردون جيكو» «مايكل دوجلاس»، والمضارب الصاعد الطموح «بادفوكس» «شارلى شين»، وكان شعار الأول المعروف هو «الجشع شىء جيد»، وانتهت الحكاية بعقاب النظام ل «جيكو» وفى الجزء الثانى نبدأ من خروجه من السجن متسلماً حاجياته على طريقة الأفلام المصرية، بل أنه يحاول بعد ابتعاده عن الأضواء أن يعود إليها من باب تأليف كتاب يحكى فيه تجربته فى المكاسب السريعة، ويدين فكرة الإثراء غير المشروع وغير المنتج، ومنح القروض بدون ضوابط مما تسبب فى الأزمة الاقتصادية العالمية، وفى الجزء الثانى أيضاً، سنعود إلى ثنائية العجوز الخبير عاشق المال، والشاب الطموح الذى يمثله هذه المرة الشاب «جاك مور» «شيالابوف» صديق ابنه «جيكو» الجميلة اليسارية «وينى جيكو» «كارى موليجان بطلة فيلم تعليم»، الحقيقة أن المشكلة لم تكن فى اجترار لعبة العجوز والشاب من جديد، ولكن فى الطريقة العجيبة والمشوَّشة التى رسمت بها الشخصيات المحورية الثلاث، فالأب «جيكو» عاشق المال يتأرجح بين رغبته فى العودة إلى عالم المال وبين محاولة استعادة حب ابنته، والابنة التى تبدو يسارية ورافضة للفوضى التى سببت الأزمة العالمية سرعان ما توافق صديقها وزوجها القادم «جاك» فى الحصول على الأموال التى أودعها والدها باسمها فى أحد بنوك سويسرا وكأنها توافق على غسيل أموال حصل عليها الأب قبل سجنه، حتى «جاك» نفسه لا يعرف بالضبط هل دخل اللعبة انتقاماً لأستاذه الذى دمرته الألعاب القذرة فى البورصة أم رغبة فى أن يكون «جيكو» الجديد. اختلطت الأوراق فى الجزء الثانى من «وول ستريت»، وانتهينا إلى خاتمة تصالحية تماماً، فالأب الشره للمال اختار أن ينحاز إلى حفيده القادم، و«جاك» سيستفيد من الأموال المغسولة فى مشروع لحماية البيئة، والنظام الرأسمالى مازال قادراً على حماية نفسه، رغم أن المال لا ينام، ولكن يبدو أن السيناريست هو الذى كان نائماً هذه المرة!