للمرة الثانية على التوالى تتخلى الحكومة عن «عمر أفندى» وذلك عندما سمحت لجميل القنبيط رئيس شركة أنوال السعودية ببيع حصته والتى تبلغ 85% من أسهم شركة «عمر أفندى» إلى رجل الأعمال المصرى محمد متولى رئيس الشركة العربية للاستثمار والتنمية فى صفقة لم يتم الإعلان عن قيمتها حتى الآن. ففى المرة الأولى ومنذ 4 سنوات بالتحديد فى نهاية عام 2006 وبعد تمثيلية خيالية كان بطلها رجل أعمال يدعى «الحنش» تم بيع 85% من أسهم «عمر أفندى» للقنبيط بسعر 38.5 جنيه للسهم وبقيمة إجمالية تبلغ 589 مليون جنيه فى صفقة أثير حولها العديد من الشكوك وردود الأفعال الغاضبة سواء بسبب قيمة الصفقة نفسها أو ما فعله بعد ذلك القنبيط من تشريد للعمالة وبيع بعض الأصول المهمة إلى جانب تحقيق الشركة خسائر باهظة فى الفترة الماضية ووصولها إلى حالة يرثى لها.. بعد أن كان اسم عمر أفندى يعد أحد أوائل العلامات التجارية فى مصر والشرق الأوسط وأول كيان للبيع بالتجزئة فى المنطقة والمقصد الأول للأسرة المصرية لشراء احتياجاتها بأسعار مناسبة. وفى الوقت الحاضر تريد الحكومة أن ترتكب نفس الخطأ وذلك حسب رأى د.محمود الجندى أستاذ الاقتصاد بجامعة بنها حيث سيتم البيع لمستثمر غير استراتيجى حيث إن نشاط شركته ينحصر فى الاستثمار فى الأوراق المالية وفى العقارات وليس له أى علاقة بنشاط البيع بالتجزئة أو التجارة الداخلية. وقال إن ما تفعله الحكومة حاليا بسماحها ببيع عمر أفندى دليل كبير على مقولة «الحكومة تاجر فاشل» مشيرا إلى ضرورة أن يعود «عمر أفندى» مرة أخرى إلى أحضان الحكومة وتقوم هى بالتطوير عن طريق ضخ استثمارات والاتفاق مع شركات إدارة متطورة محلية أو أجنبية لإدارة فروع الشركة أو استخدام نظام التأجير بالمشاركة فى إدارة هذه الفروع. الغريب أن الحكومة كانت لديها نية فى الأساس فى إتمام الصفقة بين القنبيط ومحمد متولى وهذا يتضح من تصريحات المهندس أحمد السيد رئيس الشركة القومية للتشييد والتى تمتلك 10% من أسهم عمر أفندى. حيث قال إن الشركة يهمها فى الأساس عودة كيان شركة عمر أفندى كصرح حضارى مهم لخدمة الاقتصاد الوطنى بصرف النظر عن الملكية وذلك بالحفاظ على أصولها والحفاظ على العمالة وتطوير النشاط ورد حقوق الدولة. وبالرغم من أن قرار مركز القاهرة الإقليمى للتحكيم التجارى والدولى للفصل بين الشركة القابضة والقنبيط لم يصدر بعد إلا أن السيد أكد على عدم وجود أى قيود على جميل القنبيط لبيع حصته فى الشركة مشددا على وجود شروط لبيع الأصول العقارية للشركة والحفاظ على نشاطها وحقوق العاملين بها. وقال رئيس الشركة القابضة إن التعاقد المبرم بين القنبيط والشركة القابضة تضمن قيودا وإجراءات محددة لبيع الأصول العقارية للشركة مشيرا إلى أن المستثمر الحالى أو أى مستثمر جديد ملتزم بشروط العقد وجيمع الالتزامات الناشئة عنه. الطريف أن تقرير لجنة الخبراء المشكلة للنظر فى مدى صحة عقد بيع عمر أفندى قد أشار إلى صحة العقد وانتقد الحكومة ممثلة فى الشركة القابضة للتشييد فى نقاط تتعلق بالعلاقات المالية بين الطرفين دون أن يمس العقد. وفى الوقت الذى لزم المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة والمشرف على وزارة الاستثمار الصمت فى هذه الأزمة جاءت سيرة وتصريحات محمد متولى صاحب الصفقة لتؤكد أن الحكومة ارتكبت خطأ كبيرا عندما تخلت للمرة الثانية عن «عمر أفندى». فهو محمد كامل متولى ابن رجل الأعمال الإخوانى كامل متولى الذى كون ثروته من العمل بالسعودية عاد من أمريكا عام 2007 وذلك بعد هروبه قبل عامين بسبب وصول ديونه للبنوك المصرية إلى ما يقرب من نصف المليار جنيه والذى ترتب عليه فرض الحراسة عليه بقرار من المدعى الاشتراكى وقتها. متولى تردد اسمه فى الآونة الأخيرة بسبب رغبته فى الاستحواذ على جريدة الفجر والتى قوبلت بالرفض وأيضا محاولته الاستحواذ على الدستور قبل د.السيد البدوى ورضا إدوارد. كما أنه استحوذ على النسبة الأكبر من أسهم توكيل «بيجو» وشارك وجيه أباظة فيها واتفق مع قطاع البترول لإنشاء معمل تكرير بالصعيد ولم يتم التنفيذ حتى الآن. تعمل شركته «العربية للاستثمارات والتنمية» فى مجال الاستثمار فى الأوراق المالية ونشاط المقاولات ويبلغ رأس مالها 943 مليون جنيه بقيمة جنيه واحد للسهم والذى قفز سعره من 93 قرشا إلى 98 قرشا فى البورصة بعد سماع خبر صفقة عمر أفندى. الخطير أن متولى يشارك فى إحدى الشركات التابعة للشركة القابضة وهى شركة «كهروميكا» منذ 14 عاما بنسبة 51%، مما يسير شكوك حول اتفاق خفى بين متولى والحكومة. يذكر أن الشركة العربية للاستثمارات والتنمية التى يملكها متولى أصدرت بيانا طمأنت فيه العاملين ب «عمر أفندى» ووعدتهم بالمحافظة على حقوقهم ورغبة الشركة فى استعادة سمعة «عمر أفندى» التاريخية والاجتماعية. وأكدت الشركة التزامها بنص العقد المبرم بين الحكومة المصرية والمستثمر السعودى فى أنه لا يجوز للمالك بيع أى أصول للشركة إلا عن طريق البورصة ولا يصح إلا بموافقة مجلس الإدارة والجمعية العمومية غير العادية. متولى نفسه الذى اجتمع بالعاملين مرتين على الأقل الأسبوع الماضى أكد أن مسئولين بالحكومة وافقوا على إتمام بيع أسهم الشركة لمجموعته فى إطار حرص الدولة على الاستثمار الأمثل لمواردها. وقال إن الهدف من شراء 85% من أسهم عمر أفندى هو الحفاظ على كيان الشركة واستمرار نشاطها وعلامتها التجارية. واستغل متولى هذه الصفقة ودعا المصريين لشراء سهم واحد فى شركته من خلال البورصة المصرية كى يكون الجميع مشتركا فى ملكية عمر أفندى. وكان المستشار عبد المجيد محمود النائب العام قد طلب من المهندس رشيد إبلاغه بتفاصيل البيع حيث يتم التحقيق فى البلاغ المقدم من مصطفى بكرى عضو مجلس الشعب حول هذه الصفقة. ومن المنتظر أن تتم التسوية بين الشركة القومية للتشييد وجميل القنبيط وذلك قبل موعد قرار مركز التحكيم الذى سيصدر فى ديسمبر القادم يتم بموجب هذه التسوية تخفيض المبالغ المستحقة للحكومة لدى القنبيط من 59 مليون جنيه إلى 27 مليون جنيه فقط.