تربى على المقاومة الشعبية، وأصوات القنابل، وعاش فى أحضان المدافع، وأزيز الطائرات، وتعايش مع صفارات الإنذار عند غارات الألمان، تنامت عنده روح القتال عندما كان يجلس بالساعات فى الخنادق والمخابئ فى انتظار دورية إسرائيلية أو سيارة مدرعة لإصابتها، ظل يقاوم بالكلمة ويقاتل بالقلم حتى كتابة هذه السطور. إنه د. صلاح قبضايا الخبير الاستراتيجى والمحلل السياسى ورئيس القسم العسكرى لأخبار اليوم لسنوات طويلة. تكونت عنده ملكة الصحافة والكتابة، فسجل مشاهداته لأستاذ الصحافة مصطفى أمين ليصنع منها مانشيتات وعناوين. سألناه عن ذكرياته الخاصة فقال الكثير عن حرب أكتوبر.. *متى بدأت علاقة المراسل صلاح قبضايا بالعسكرية؟ **نشأت فى بورسعيد، حيث المقاومة الشعبية، وغارات الألمان، ومعسكرات الإنجليز، وتولدت عندى وعند أبناء جيلى كراهية المحتل، وتنامى الروح القتالية، والبطولات الفردية، وتكونت عندى ملكة الكتابة والوصف، فكتبت مشاهداتى عن أبناء المدينة الباسلة وأرسلتها للأستاذ مصطفى أمين بجريدة الأخبار والتى صنع منها مانشيتات، وعناوين، وانفرادات، كانت حديث الصحافة وقتها، كما أنها كانت الباب الملكى لدخول عالم الصحافة من أوسع أبوابه، واختيارى محرراً عسكرياً لها، وبالتالى فقد حضرت وعايشت معارك الجبهة الأردنية، وحرب اليمن، و67 والاستنزاف و73. *ما الذى لفت نظرك من خلال تلك المعايشات؟ **الذى لفت نظرى هو عظمة الإنسان والمقاتل المصرى، والذى بإمكانه فعل المستحيل عند إحساسه بالمهانة أو الظلم، فالإنسان وراء السلاح، وقبل السلاح، وأهم من السلاح، ففى 56 مثلاً كان الفدائى يمسك برشاش 11 طلقة ويواجه به طائرات، وأساطيل ومدفعية، وأسلحة لا قبل للمصريين بها، وهذا ما حدث أيضاً فى حرب 73 المجيدة، حيث تغلبت إرادة الإنسان المصرى على كل المعوقات والصعوبات التى واجهته وأهمها أن الأسلحة التى كان يمتلكها الجيش المصرى لم تكن على نفس القدرة والكفاءة مقارنة بما يملكه العدو من سلاح، بالإضافة إلى عبور ثانى أكبر مانع مائى فى العالم بعد قناة بنما، وهى قناة السويس. واقتحام حاجز ترابى يزيد ارتفاعه فى بعض المواقع على 20 متراً، وبه أكثر من 22 موقعاً حصيناً أطلقوا عليه خط بارليف نسبة إلى رئيس الأركان الإسرائيلى فى 67، وادعوا أنه لم يتم تدميره إلا إذا امتلكت مصر قنبلة ذرية بالإضافة إلى عشرات الدشم وخطوط الألغام، والأسلاك الشائكة، وأنابيب النابالم والتى كان فى مقدورها حرق أكثر من 30 ألف جندى مصرى فى طلعات العبور الأولى.. كل هذا تغلبت عليه القوات المسلحة المصرية بفضل الإرادة والتخطيط والتنفيذ. *هل صحيح أن ضابط شاب مصرى هو الذى ابتكر خراطيم المياه لفتح السواتر الترابية فى خط بارليف الحصين؟ **نعم هو الضابط عبد الباقى، والذى كان منتدباً للعمل فى توربينات السد العالى وأكد أنه يمكن فتح ثغرات بواسطة طلمبات أو ماكينات ضخ للمياه، وقد نجح هذا الضابط المهندس فى أن تعمل تلك الطلمبات بالمازوت بدلاً من الكهرباء بالإضافة إلى رفعها عن الأرض باستخدام قواعد عائمة.