تمثل رواية «أنا أروى يا مريم» إلتفاف المرأة المهزومة على ذاتها من خلال الثورة التي تبدأ نطفة فعلقة، وتنتهي جثة على قارعات الطرق في ثورة لا يدرك كل من يشارك فيها سيحيا أم سيموت، والتي تشبه عملية التلقيح أو الولادة بعد ثورات كثيرة للبقاء، ولكن المثلية ما زالت تمثل في رمزيتها ضمن هذه الرواية الالتفاف الذاتي من خلال المرأة الرجل تلك القادرة على خوض الحياة، ولكن هل يتقبّل المجتمع الشرقي المتخذات الأخدان؟ وما بين الرفض والرفض ولن أقول القبول قمت بهذا الحوار مع الروائية أريج الجمال. - عبارة واحدة تختزل لحظاتك الأولى الولادة تسبقها ثورة؟ لماذا هذا التشبيه في نيل الحياة والدخول إليها؟ لأن الدخول إلى الحياة هو حقًّا معجزة، تصوّري معي كم الأطفال الذين يموتون كأجنّة في بطون أمهاتهم، أن نواصل الحياة لهي معجزة، واليوم عزّت الحياة أكثر من أي يوم مضى، مع انتشار العنف المجاني والإهمال والحرب. ثم إن هناك ميلادًا ثانيًا بعد الميلاد الأول، عندما نختار، عندما نحب، وعندما نقبل المرور بهذه الخبرة المدهشة التي اسمها الحياة حتى النهاية. - فانتازيا تميل إلى دغدغة المشاعر والانتقاد بروح طفولية ميّالة إلى الاكتشاف، ما رأيك؟ قد يكون وقد لا يكون، مَنْ يحدّد؟ في رأيي لا أحد لديه هذه القدرة أو الصلاحية، أعني أن يصدر حكمًا مطلقًا على عمل فني. - كل هؤلاء النسوة كن في حياتي من قبلك، لماذا هذا التشديد على التتابع في دور المرأة المهدور في المجتمعات من الماضي إلى الآن؟ المرأة هي في الأصل واهبة الحياة، وبالتالي دورها لا يمكن أن يكون مهدورًا، لكن النظم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، لا يعنيها واقعيًّا لا دور المرأة ولا الرجل، المصلحة تحكم، مصلحة السلطة أو الطبقات المنتمية لها، أتحدث عن المصلحة المادية بالطبع. - هدم المعادلة ومخالفة الطبيعة، ألا تظنين أن هذا انتهاكًا للإنسانية رغم أن الإنسان سيد الكون؟ الإنسان سيد الكون، وهناك عدّة أكوان أخرى تدور داخله، قد يعترف الإنسان ببعضها وقد يفضّل كبتها أو رفضها باسم المعتقدات أو التقاليد، شخصيًّا أو من بالحب، وبأنه فطرة الإنسان الأولى، وأعتنقه كدين في مواجهة ما نراه من خراب وقتل وإشاعة للأمراض، عندما أنظر إلى الشجر، أعتقد أنه ابن للرحمة، سقته الطبيعة وامتدّت جذوره إلى عمق الأرض، كل هذا التعاشق والانتماء هو الحب بالنسبة لي، ولو شئت فأنا أرى أن «أنا أروى يا مريم» هي رواية عن الحب أصلاً. - الألم يحدث من التاريخ أيضًا، لماذا كل هذا التخبّط في مقادير الحياة لأبطال كسروا المعايير ولم يتحرّر منهم أحد؟ لا أتصوّر أنه من الممكن إخضاع البشر لمعايير، فهم ليسوا جمادات ولا أفكار مجرّدة، واختزالهم بهذا الشكل، ينزع عنهم إنسانيتهم بكل هشاشتها وقوتها، أبطالي أشخاص أحبوا الحياة واكتشفوها في سياق زمني واجتماعي وسياسي محدد، وكان لهذا ثمنه بلا شك. - كنت أخاطبك في خيالي، جملة تختزل كل هذه الفانتازيا أو كل هذه الثورة المتخيّلة على كل القوانين والأعراف، لماذا كل هذا؟ أما «لماذا؟» فهو سؤال يجيب عنه الأدب في مجموعه، في تاريخه منذ بدأ وحتى اليوم الذي ستنتهي فيه الحياة على كوكب الأرض، لا يمكن لرواية واحدة الإجابة على سؤال بهذه العمومية، وإن كنت أعتقد أن القارئ متورّط معي ومعك في محاولة الإجابة، وأنه لا توجد إجابة واحدة حاسمة، ألا ترين في ذلك معي دليل متجدّد على روعة الأدب؟