عمد الشاعر والناقد البحريني د. علوي الهاشمي في كتابه الصادر مؤخراً تحت عنوان «ظاهرة شعراء الظل» إلى تسليط الضوء على نخبة من الشعراء السعوديين بدراسته وتحليله لنتاجاتهم وإبراز إمكانياتها الفنية والإبداعية للقارئ العربي لتأخذ مكانتها التي تستحق في أوساط القراء والنقاد العرب، ولتخرج إلى النور كحركة تأسيسية للقصيدة السعودية الحديثة. الكتاب الصادر حديثاً عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت قدّم له الدكتور عبدالله البهلول الذي وصف مشروع الهاشمي بالتطبيقي الذي يسعى إلى تأصيل الكتابة في أدب الظلال بوصفها ظاهرة موغلة في شعر العرب ضاربة بجذورها في الحوليات والقصائد اليتيمة وما تناثر في ديوان العرب من شواهد منتقاة، وما ضاع من أبيات ومختارات لشعراء أنشؤوا قصائد وافرة الحظ من الجودة غير أنها لم تحفظ. ويتابع بتأكيده على أن مشروع «شعراء الظل» بتناوله النصوص بالنقد والتحليل لاستكشاف قيمتها الفنية الجمالية وتحديد منزلتها الإبداعية يسعى لاستصفاء جيد الأدب وعطف الذائقة على جميل القيم سبيلاً إلى تمييز الضوء الزائف من العتمة المضيئة عبر مشروع إنساني غايته مساعدة الشعراء ولا سيما المبتدئين على التفوق والنجاح دون أن يعني هذا الاختيار الوقوع في التسامح والمجاملة. من جهته يلفت المؤلف د. علوي الهاشمي في كتابه إلى أن اهتمامه بظاهرة «شعراء الظل» بدأت من عمل محررا في زاوية «في ظلال الشعر» في الملحق الثقافي بجريدة الرياض بين عامي 1995 و1998 إذ التفت آنذاك إلى بذور تلك الظاهرة في المملكة العربية السعودية، وزاد اهتمامه بها على مدى السنوات اللاحقة، وفقا للهاشمي، خاصة حين وجد أن أكثر شعراء المملكة تميزاً وإبداعاً يقعون في دائرة الظل. وينوه إلى أن شعراء ظاهرة الظل في المملكة العربية السعودية أعادوا إلى الأذهان صفحة أدبية كادت أن تنطوي مع الطوفان الإعلامي الراهن وإضاءاته الكاسحة التي لم تترك أحداً في ظله دون أن تكشف أمره أو تغريه بالخروج من قوقعة عزلته وانكفائه ولذلك يحسب لشعراء الظل الراهنين بعثهم لخصائص نفسية وفنية كان يتسم بها شعراء كبار نادراً ما تعرف عليهم جمهور الشعر في تاريخنا الأدبي الطويل. وتمنى المؤلف في خاتمته لكتابه التفات النقد العربي الحديث والمعاصر إلى مثل هؤلاء الشعراء مؤكداً على أن ظاهرة شعراء الظل موجودة في كل قطر من الأقطار العربية، حتى لا تندثر إنجازاتهم الشعرية في ظل تواضعهم وغيابهم الطويل من جهة، وبسبب جور الزمان عليهم وتجاهل وسائل الإعلام المثقفة والمتأنية، وكذلك نقاد الأدب والشعر لمنجزاتهم الثمينة. توزع الكتاب على ثمانية فصول تناولت كل من الشعراء: «لطيفة قاري، منصور الحازمي، علي ناجي، إبراهيم العواجي، أحمد مرضي، محمد الجهني، بينما أفرد المؤلف بقية فصول الكتاب لكل من الشعراء: محمد العلي، علي الدميني، محمد حبيبي، صالح الحربي، علي بافقيه».