3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    الدولار ب50.56 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الاثنين 16-6-2025    خلال عودته من الديوان العام للاستراحة.. المحافظ يتجول بدراجة هوائية بشوارع قنا    ارتفاع عدد القتلى الإسرائيليين بعد انتشال جثتين من موقع سقوط صاروخ إيراني بمدينة بات يام    الأمن الإيراني يطارد سيارة تابعة للموساد الإسرائيلي وسط إطلاق نار| فيديو    الآن.. ارتفاع عدد القتلى في إسرائيل بعد الهجوم الإيراني الجديد    بعد نهاية الجولة الأولى| ترتيب مجموعة الأهلي بكأس العالم للأندية    مفاجآت في تشكيل السعودية ضد هايتي بكأس كونكاكاف الذهبية 2025    لحظة انتشال الضحايا من أسفل مدخنة مصنع طوب بالصف (فيديو)    ننشر حالة الطقس اليوم الاثنين ودرجات الحرارة المتوقعة بالمحافظات    مراجعة اللغة الفرنسية الصف الثالث الثانوي 2025 الجزء الثاني «PDF»    نجوى كرم تطلق ألبوم «حالة طوارئ» وسط تفاعل واسع وجمهور مترقب    بعد تعرضها لوعكة صحية.. كريم الحسيني يطلب الدعاء لزوجته    مجموعة الأهلي - بورتو وبالميراس يتعادلان في مباراة رائعة    "بعد لقطة إنتر ميامي".. هل يلقى حسين الشحات نفس مصير محمد شريف مع الأهلي؟    كأس العالم للأندية.. الأهلي يحافظ على الصدارة بعد تعادل بورتو أمام بالميراس    أحمد سعد يشعل حفل الجامعة الأمريكية، ويحيي الأوائل    ترامب: سنواصل دعم إسرائيل للدفاع عن نفسها    زيادة جديدة ب 400 للجنيه.. أسعار الذهب اليوم الإثنين بالصاغة وعيار 21 الآن بالمصنعية    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأثنين 16 يونيو 2025    صرف الخبز البلدي المدعم للمصطافين في عدد من المحافظات    الأكل بايت من الفرح.. إصابة سيدة وأبنائها الثلاثة بتسمم غذائي في قنا    وفاة تلميذ متأثرًا بإصابته بلدغة ثعبان في قنا    إيران.. الدفاعات الجوية تسقط مسيرات إسرائيلية في مناطق مختلفة من البلاد    نشوة البداية وخيبة النهاية.. لواء إسرائيلي يكشف عن شلل ستعاني منه تل أبيب إذا نفذت إيران خطتها    إمام عاشور: أشكر الخطيب.. ما فعله ليس غريبا على الأهلي    شركة مياه الشرب بكفر الشيخ تُصلح كسرين في خط مياه الشرب    رجال الأعمال المصريين الأفارقة تطلق أكبر خريطة استثمارية شاملة لدعم التعاون الاقتصادي مع إفريقيا    ختام فعاليات اليوم الأول من برنامج "المرأة تقود" بكفر الشيخ    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل الدراسة في فارم دي صيدلة إكلينيكية حلوان    بى إس جى ضد أتلتيكو مدريد.. إنريكى: نسير على الطريق الصحيح    رابط نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 الترم الثاني محافظة القاهرة.. فور ظهورها    رصاص في قلب الليل.. أسرار مأمورية أمنية تحولت لمعركة في أطفيح    حريق داخل مدينة البعوث الإسلامية بالدراسة    ملخص وأهداف مباراة بى إس جى ضد أتلتيكو مدريد فى كأس العالم للأندية    مباريات كأس العالم للأندية اليوم الإثنين والقنوات الناقلة    وزير الثقافة يشيد ب"كارمن": معالجة جريئة ورؤية فنية راقية    ليلى عز العرب: كل عائلتى وأصحابهم واللى بعرفهم أشادوا بحلقات "نوستالجيا"    يسرا: «فراق أمي قاطع فيّا لحد النهارده».. وزوجها يبكي صالح سليم (فيديو)    علاقة مهمة ستنشئ قريبًا.. توقعات برج العقرب اليوم 16 يونيو    حدث بالفن | وفاة نجل صلاح الشرنوبي وموقف محرج ل باسكال مشعلاني والفنانين في مباراة الأهلي    رياضة ½ الليل| الأهلي يفسخ عقد لاعبه.. غرامة تريزيجيه.. عودة إمام عاشور.. والاستعانة بخبير أجنبي    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    عانى من أضرار صحية وتسبب في تغيير سياسة «جينيس».. قصة مراهق ظل 11 يوما دون نوم    سبب رئيسي في آلام الظهر والرقبة.. أبرز علامات الانزلاق الغضروفي    لدغة نحلة تُنهي حياة ملياردير هندي خلال مباراة "بولو"    صحة الفيوم تعلن إجراء 4،441 جلسة غسيل كلوي خلال أيام عيد الأضحى المبارك    الثلاثاء.. تشييع جثمان شقيق الفنانة لطيفة    عميدة إعلام عين شمس: النماذج العربية الداعمة لتطوير التعليم تجارب ملهمة    غرفة الصناعات المعدنية: من الوارد خفض إمدادات الغاز لمصانع الحديد (فيديو)    "نقل النواب" تناقش طلبات إحاطة بشأن تأخر مشروعات بالمحافظات    3 طرق شهيرة لإعداد صوص الشيكولاتة في المنزل    وزير الشئون النيابية يحضر جلسة النواب بشأن قانون تنظيم بعض الأحكام المتعلقة بملكية الدولة في الشركات المملوكة لها    بوستات تهنئة برأس السنة الهجرية للفيس بوك    تنسيقية شباب الأحزاب تحتفل بمرور 7 سنوات على تأسيسها.. وتؤكد: مستمرين كركيزة سياسية في الجمهورية الجديدة    جبل القلالي يحتفل بتجليس الأنبا باخوميوس أسقفًا ورئيسًا للدير (صور)    بمناسبة العام الهجري الجديد 1447.. عبارات تعليمية وإيمانية بسيطة للأطفال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جابرييل جارثيا ماركيز في ذاكرة غانياتي الحزينات
نشر في نقطة ضوء يوم 28 - 08 - 2009

لايختلف اثنان حول القيمة الادبية العالية التي تتمتع بها الاعمال الروائية والقصصية للكاتب الكولومبي الشهير جابرييل جارثيا ماركيز الحاصل علي جائزة نوبل في الاداب عام 1995 عن رائعته مائة عام من العزلة وغيرها من الاعمال مثل ليس لدي الكولونيل من يكاتبه ، خريف البطريرك في ساعة نحس، و الحب في زمن الكوليرا والجنرال في متاهته، ودائما مايصاب القراء في العالم العربي بالفرح عند صدور رواية جديدة لهذا الكاتب تحديدا والذي يتزامن صدور روايته بالاسبانية مع صدورها بالعربية في نفس الوقت، وبأكثر من مترجم وهو ما حدث مع روايته الجديدة ذكريات عن عاهراتي الحزينات كما ترجمها طلعت شاهين لدار سنابل، او باسم ذاكرة غانياتي الحزينات كما ترجمها صالح علواني لدار المدي .
الترجمتان صدرتا في نفس الوقت تقريبا، وقد قرأتهما معا وفي ذهني ما قرأته عن هذه الرواية وما دار حولها قبل ظهورها، فقد نقلت وكالات الانباء اخبارا عن صدور طبعة مقرصنة من الرواية دون اذن من الناشر الاسباني، ولا حتي من الكاتب نفسه، وتم توجيه الاتهام الي مصححي بروفات الرواية لتسريبهم النص الاصلي، وقد ادعي الناشر الاصلي ان هذا التسريب دفع بالكاتب جابرييل جارثيا ماركيز الي تغيير نهاية الرواية لتختلف عن النسخة المقرصنة، وهو ما نفاه ماركيز فيما بعد. وقبيل صدور الرواية ادعت دار النشر الاسبانية والتي قامت بنشرها انها فرضت حراسة مشددة علي كل العاملين في جمع وصف وتصحيح الكتاب حتي لا تتسرب اي نسخ او معلومات عنه، وبعد قراءتي للرواية، بدا لي ان كل هذا اللغط الذي دار حولها هو من قبيل الدعاية والاعلان ليس إلا فإن ماركيز الذي صرح اكثر من مرة في احاديثه الصحفية وفي مقالاته ايضا باعجابه الشديد برواية الكاتب الياباني ياسوناري كاوابا (منزل الجميلات النائمات) وانه يتمني ان يكتب رواية مثلها، ورواية ماركيز لايمكن النظر اليها باعتبارها تقليدا لرواية كاواباتا ، كما لايمكن النظر اليها كذلك من عنوانها - المراوغ - وكأنها تحكي عن ذلك العالم السري الذي يعيشه بعض الكتاب في شبابهم، ومن ثم يحاولون تذكره في شيخوختهم من قبيل الحنين الي ماض ولي واندثر ولايمكنهم الرجوع اليه.
رواية ذكريات عن عاهراتي الحزينات تحكي قصة رجل عجوز يتنبه فجأة الي ان عيد ميلاده التسعين علي وشك التحقق، بينما يعيش في عزلة تامة، وكل علاقته بالحياة تكمن في مقاله الاسبوعي الذي يكتبه كل يوم جمعة لصحيفة المدينة، وهو لايتحدث الي احد سوي خادمته دميانة الانسان الوحيد الذي يتحمله، وهو هذه المرة يقرر ان يحتفل بعيد ميلاده التسعين علي طريقته الخاصة بأن يعود الي ماضيه السابق من خلال روسا كاباركاس تلك السيدة التي تدير البيت السري والذي كان نافذته الوحيدة الي هذه الدنيا وتنفيذا لحلمه اراد ان يعيش ليلة حب مجنونة، فطلب منها ان تبحث له عن رفيقة لهذه الليلة صبية صغيرة مراهقة بشرط ان تكون عذراء .
الرواية كتبت بضمير الانا او الراوي المتكلم، والاحداث تروي من خلال الرجل التسعيني فيما يشبه كتابة مذكراته الاخيرة عن اعوامه التسعين التي انسربت من بين يديه دون ان يفعل شيئا سوي ان يدخل في عزلته المتوحدة، وتتوالي الاحداث فنتعرف علي المجتمع الذي يعيش فيه الكاتب، سياسيا، واجتماعيا، واقتصاديا، وتلك الحياة التي تدفع الكثير من الاباء الي بيع بناتهم مقابل لقمة خبز للصغار الآخرين الذين يتضورون جوعا، لان عائد العمل لايكفي الحياة ومتطلباتها في ظل جشع اصحاب الاعمال.
وتكشف الرواية ايضا ذلك السوس الذي ينخر في المجتمع والمتمثل في النظام السياسي الذي يرفع شعار المحافظة علي قيم المجتمع بان يضع رقيبا في كل صحيفة لفرض قيم هذا النظام علي كتابه اصحاب الرأي، بينما يمارس في الوقت نفسه تعتيما علي ما يحدث في الواقع، كما تتناول الرواية ايضا نظرة المجتمع الذكوري الذي لايري في المرأة سوي جسدها ورفض الكاتب لهذه النظرة المتدنية للمرأة باعتبارها للمتعة فقط، وهو ما نلمحه في علاقته بتلك الصبية العذراء والتي يلتقي بها في رحلته الثانية للحياة بعد التسعين، المغيبة الاسم والوجود، فهي معه طوال الوقت نائمة بفعل مخدر قوي، ولأنه لايعرف لها اسما، فقد اعاد تسميتها من جديد، ذلك الاسم الذي يحبه ديلجادينا لكنها ايضا تجعله يغير نظرته الي الحياة والي وجوده كله، ومعها تتحول طريقته في كتابة مقالاته الاسبوعية والتي ظلت علي وتيرة واحدة لأكثر من خمسين سنة، فيكتب للمرة الاولي عن الحب والحياة ويعود عبر الذاكرة الي من عرفهن من نساء في حياته، ويكتشف فلسفة ما لوجوده، وانه كان لحياته ان تتغير لو كان واعيا الي علاقة صحيحة سوية مع الجنس الاخر بعيدا عن تابوهات المجتمع الذكوري، يقول الراوي: اخترقتني الفكرة السعيدة بان الحياة ليست شيئا يجري كنهر هيراكليتو ، العكر، بل هي فرصة وحيدة للتقلب علي النار ومواصلة شواء النفس من الجانب الاخر خلال تسعين سنة اخري. ربما كان هذا المعني هو ما يبحث عنه جابرييل جارثيا ماركيز نفسه ، امكانية الحياة بعد التسعين، لتسعين سنة اخري، وليس سوي الحب وحده، هو ما يعطينا متعة العيش في هذه الحياة.
لماذا نترك انفسنا لاغواء الدنيا ونجعل حياتنا تنجرف كالطمى .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.