مرشح الجبهة الوطنية: تمكين الشباب رسالة ثقة من القيادة السياسية    تحت عنوان «إتقان العمل».. أوقاف قنا تعقد 126 قافلة دعوية    نشرة التوك شو| الوطنية للانتخابات تعلن جاهزيتها لانتخابات الشيوخ وحقيقة فرض رسوم على الهواتف بأثر رجعي    سكان الجيزة بعد عودة انقطاع الكهرباء والمياه: الحكومة بتعذبنا والقصة مش قصة كابلات جديدة    هولندا تمنع الوزيرين المتطرفين سموتريتش وبن غفير من دخول البلاد وتستدعي السفير الإسرائيلي    بسبب حسن شحاتة.. اتحاد الكرة يشكر الرئيس السيسي    6 صور لشيما صابر مع زوجها في المصيف    "الحصول على 500 مليون".. مصدر يكشف حقيقة طلب إمام عاشور تعديل عقده في الأهلي    علاء عبد الغني: على نجوم الزمالك دعم جون إدوارد.. ومشكلة فتوح يجب حلها    تشييع جثماني طبيبين من الشرقية لقيا مصرعهما في حادث بالقاهرة    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الثلاثاء 29-7-2025    السيطرة على حريق بمولدات كهرباء بالوادي الجديد.. والمحافظة: عودة الخدمة في أقرب وقت- صور    وزير الثقافة يشهد العرض المسرحي «حواديت» على مسرح سيد درويش بالإسكندرية    سميرة صدقي تكشف حقيقة زواجها من معمر القذافي (فيديو)    تغيير في قيادة «إجيماك».. أكرم إبراهيم رئيسًا لمجلس الإدارة خلفًا لأسامة عبد الله    لجنة للمرور على اللجان الانتخابية بالدقهلية لبحث جاهزيتها لانتخابات الشيوخ    الاندبندنت: ترامب يمنح ستارمر "الضوء الأخضر" للاعتراف بدولة فلسطينية    الرئيس الفلسطيني يثمن نداء الرئيس السيسي للرئيس الأمريكي من أجل وقف الحرب في غزة    وزير الخارجية السعودي: لا مصداقية لحديث التطبيع وسط معاناة غزة    3 شهداء جراء استهداف الاحتلال خيمة نازحين في مواصي خان يونس    وزير الخارجية السعودي: لن نفيم علاقات مع إسرائيل دون إعلان دولة فلسطين    عبور قافلة مساعدات إنسانية إلى السويداء جنوب سوريا    تعرّضت للسرقة المنظمة بمحور "موراج".. معظم المساعدات المصرية لم تصل إلى قطاع غزة    «طنطاوي» مديرًا و «مروة» وكيلاً ل «صحة المنيا»    سوبر ماركت التعليم    في عامها الدراسي الأول.. جامعة الفيوم الأهلية تعلن المصروفات الدراسية للعام الجامعي 2025/2026    تنسيق الجامعات 2025.. موقع التنسيق يفتح باب التقديم بالمرحلة الأولى    الأهلي يضغط على نجمه من أجل الرحيل.. إبراهيم عبدالجواد يكشف    أحمد فتوح يتسبب بأزمة جديدة في الزمالك.. وفيريرا يرفض التعامل معه (تفاصيل)    قرار مفاجئ من أحمد عبدالقادر بشأن مسيرته مع الأهلي.. إعلامي يكشف التفاصيل    أسعار الفاكهة والموز والمانجو بالأسواق اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025    سعر الذهب اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025 بالصاغة.. وعيار 21 الآن بعد الانخفاض الكبير    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية قبل بداية تعاملات الثلاثاء 29 يوليو 2025    النجاح له ألف أب!    «قد تُستخدم ضدك في المحكمة».. 7 أشياء لا تُخبر بها الذكاء الاصطناعي بعد تحذير مؤسس «ChatGPT»    6 مصابين في حريق شقة سكنية بالمريوطية بينهم شرطي (تفاصيل)    ضبط 400 علبة سجائر مجهولة المصدر بمركز المنشاة فى سوهاج    محمد معيط: العام المقبل سيشهد صرف شريحتين متبقيتين بقيمة تقارب 1.2 مليار دولار لكل شريحة    أخبار 24 ساعة.. انطلاق القطار الثانى لتيسير العودة الطوعية للأشقاء السودانيين    صراع على السلطة في مكان العمل.. حظ برج الدلو اليوم 29 يوليو    نوسة وإحسان وجميلة    تعرف على برجك اليوم 2025/7/29.. «الحمل»: تبدو عمليًا وواقعيًا.. و«الثور»: تراجع معنوي وشعور بالملل    أحمد صيام: محبة الناس واحترامهم هي الرزق الحقيقي.. والمال آخر ما يُذكر    أهم الأخبار الفنية على مدار الساعة.. الرئيس اللبنانى يمنح زياد الرحبانى وسام الأرز الوطنى رتبة كومندور.. وفاة شقيق المخرج خالد جلال.. منح ذوى القدرات الخاصة المشاركة بمهرجان الإسكندرية مجانا    محافظ سوهاج يوجه بتوفير فرصة عمل لسيدة كفيفة بقرية الصلعا تحفظ القرآن بأحكامه    للحماية من التهاب المرارة.. تعرف على علامات حصوات المرارة المبكرة    من تنظيم مستويات السكر لتحسين الهضم.. تعرف على فوائد القرنفل الصحية    لها مفعول السحر.. رشة «سماق» على السلطة يوميًا تقضي على التهاب المفاصل وتخفض الكوليسترول.    جامعة الإسماعيلية الجديدة الأهلية تُقدم خدماتها الطبية ل 476 مواطناً    حزب مستقبل وطن بالبحيرة يدعم المستشفيات بأجهزة طبية    حرائق الكهرباء عرض مستمر، اشتعال النيران بعمود إنارة بالبدرشين (صور)    16 ميدالية، حصاد البعثة المصرية في اليوم الثاني من دورة الألعاب الأفريقية للمدارس    مي كساب بإطلالة جديدة باللون الأصفر.. تصميم جذاب يبرز قوامها    ما الوقت المناسب بين الأذان والإقامة؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس الوزراء يتابع مع وزيرة التخطيط استعدادات إطلاق السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية    هل "الماكياج" عذر يبيح التيمم للنساء؟.. أمينة الفتوى تُجيب    إلقاء بقايا الطعام في القمامة.. هل يجوز شرعًا؟ دار الإفتاء توضح    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منى السعودي تجسد شموس الشعراء
نشر في نقطة ضوء يوم 02 - 10 - 2017

إنها حقيقة شعرية تلك التي تجعل الحالِم يصف الخط المنحني أو المقبب بالدفء. هل يستطيع أحد أن يتهم الفنانة منى السعودي بالمغالاة حين تقول إن لأعمالها ذاكرة شعرية، أو حين تزاول تجاربها على سطوح تتنوع حواملها بين الورق والحجر، كما تتنوع ينابيع مصادرها وإلهاماتها، كي تعكس رؤيتها الفلسفية الخاصة بالطبيعة والكون والوجود. ولطالما وجدت منى السعودي في الشعر الحلم الذي تبحث عنه يداها في الفن.
وإطلالة منى السعودي في معرض ضخم يقام في غاليري صالح بركات (كليمنصو- شارع جوستينيان- لغاية 28 تشرين الأول/ أوكتوبر)، يتمحور حول العلاقة بين نتاجها الفني وقصائد الشعراء، ويضم أكثر من مئة عمل يعود تاريخها إلى ما بين 1995- 2017، ومنها ما يرجع إلى مرحلة السبعينات، وهي مرتبطة بقصائد لمحمود درويش وأدونيس ويانيس ريتسوس، يضاف إلى تلك القائمة تنويعات من الرسوم منبثقة من وحي قصيدة سان جون برس «نشيد اعتدال»، بترجمة ادونيس التي عادت إليها منى السعودي بعد أن قراتها منذ 40 عاماً لتكتشف أغوار ما حفرته هذه القصيدة في أعماقها :»أعرفُ، رأيتُ: الحياة تصعد إلى ينابيعها والصاعقة تلمّ أدواتها من المقالع المهجورة.. ينهض فينا نشيد لم يُعرف منبعه، ولن يكون له مصب في الموت: اعتدال ساعة بين الأرض والإنسان». بدأت الرسوم بتخطيطات تلقائية بالريشة والحبر، ثم أعيدت طباعتها على طريقة السيريغرافي (ضمن 77 طبعة أصلية)، وفي هذه الطبعات تَظهر القصيدة نفسها بعشر لغات من أنحاء العالم، احتفاءاً بمجد الشعر: «وما زال الشاعر حاضراً بيننا». فالكلمة معمّرة وكذلك كتابة الريح على وجه الحجر.
«لأن الشعر براءة العالم» كما يقول هولدرلن، هكذا كان استهلال الرسوم المرافقة لقصيدة البتراء لأدونيس: «يد الحجر ترسم المكان»، في سفر الخطوط ذاتها إلى المجهول، حيث الإشراقات المتوهمة للطفولة البعيدة لذاكرة النهر، حيث ترسم الشواطئ زيوحها التي تتلوى، وترسل الأنهار مسارات هبوطها في خطوط لولبية إلى وديان الأرض، وعيون تراقب تحولات الأمكنة والناس والأشياء. هكذا يمسي الشعر مساراً للبوح وخلجات المشاعر، ومحفّزاً لكل ما لا يُقال، ليس لأن القصيدة متصلة عضوياً وبيانياً بالرسم أو بالمنحوتة، بل بالعكس لأنها منفصلة عنهما، فإن هذا الانفصال هو العصيان بحد ذاته أو الذريعة الظاهرة للعامة، هو بالضرورة مجاز الحرية، حرية الفنانة أن تقرأ الشعر وتنسخه بخط يدها أو تستوحيه في منحوتاتها وهي تكتب قصائد أخرى، بملامح أشكالها وتنقشها وترصّعها بالضوء. ومن ضمن الاستعارات الشعرية ذاتها بالإمكان أن نرى نساء الأرض وحركة الطيور، أن نرى أقماراً وشموساً وهياكل مدن وشلالات مياه تتدفق على الوديان. إذ بلغة الرموز وحدها وقوة إيماءاتها، بالإمكان أن يروي الحجر الملازم لصفة الجماد سيولة الماء وحركة الأنهار وضياء الشمس ونهوض الأشجار وحكاية الجسد ويقظة الحواس.
ليس عبثاً انعطاف التكاوين إلى الداخل في أعمال منى السعودي رسماً ونحتاً، بل يعكس سطوة الشعور بأمان الخطوط الحانية، وأسرار تكاوين الحروف التي تعيدنا الى ذاكرة حرف النون الذي هيمن بتقاطيعه وتردداته الهندسية على حقبة من نتاج السعودي، يضاف إلى تلك الذاكرة، تيمات أخرى كحركة خطوط الأصابع، وتكاوين المرأة والأرض- الأم وانحدار النهر والتحام الجسد الإنساني بالأرض في التعبير عن المقاومة (والجرح الفلسطيني على وجه الخصوص). ثمة مفردات أضحت راسخة في بنائية منحوتة منى السعودي، القائمة على هندسة الشكل التجريدي، بوصفه كتلة وبوصفه فراغاً وخطوطاً لمحيط الأحلام وكونه حجراً من قماشة تخاريم الطبيعة وألوان ترابها ونقوش رياحها. وكأن العمل وهو يتردد في مدارات الرؤية يخاطب فكرة أو مفردة مجردة من تفاصيلها، لكنها تأخذ المعنى الغيبي إلى حقيقة جمالية أقرب إلى الواقع (كتأويل) منها إلى المجرد لنفسه. هكذا بالإمكان النظر إلى بوابات المدن التاريخية بألوانها الترابية المشرّعة على المدى الصحراوي، وحكايات رحيلها واختفائها.
لا يبتعد الرسم من النحت بل يدور في أفلاكه، يتناسل منه ويتكاثر من سلالات الضوء والظل والحركة والسكون حيث تتقاطع شطور القصيدة وأحبارها. فالرسم هو كتابة من نوع آخر، أو محفور بلغة اخرى قوامها الشكل المتجرّد والحيّ والنابض. هكذا يأخذ التجريد في رسوم منى السعودي رحابة العلاقة بين الأطباق (وتر وقوس) والأخاديد المنكسرة والأصابع المطبقة على زنود المتسطيلات المقفلة على ذاتها وعزلتها، وأشكال العيون والرؤوس وعناق العاشقين، لا سيما الشكل الهلالي بأبعاده الروحية المستمدة من الذاكرة الشعبية الذي يظهر في خلفيات كلمات الشاعر محمود درويش «أرتديك وأخلع الأيام. لا تاريخ قبل يديك. لا تاريخ بعد يديك». تستعير منى السعودي الشعر دوماً حتى أضحى من أدواتها اللازمة للعمل، وهي تروي وتكتب وتختزل وتستحضر الألوان والقامات وزغاريد الأرض وتحلم بالأشجار ورائحة البرتقال وغصون الزيتون وأناشيد المدى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.