محافظ القليوبية يتفقد مشروعات التطوير والرصف وإزالة الإشغالات بشبرا الخيمة    الملاذ الآمن يتألق من جديد.. ارتفاع ب أسعار الذهب مع تراجع الدولار وتصنيف «موديز»    فلسطين.. الطائرات الإسرائيلية تشن 10 غارات على شرق غزة وجباليا شمال القطاع    لحل أزمة استقالة كامل أبو علي.. جلسة طارئة مع محافظ بورسعيد    عاجل| عرض خليجي خرافي لضم إمام عاشور.. وهكذا رد الأهلي    حريق هائل يلتهم مزرعة دواجن بالفيوم ويتسبب في نفوق 5 آلاف كتكوت    سيد علي عن سرقة منزل نوال الدجوي: ال200 مليون جنيه يجيبوا فيلا في كومباوند    رئيس شعبة مواد البناء: لولا تدخل الحكومة لارتفع سعر طن الأسمنت إلى 5000 جنيه    جيش الاحتلال يعلن مقتل رقيب وإصابة اثنين آخرين في عملية عربات جدعون    وسام البحيري يعلن مفاجأة ببرنامجه "من تراثنا الإذاعي" بإذاعة القرآن الكريم    ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي الممتاز بعد خسارة ليفربول    منافس الزمالك في ربع نهائي كأس الكؤوس الأفريقية لليد    «ليست النسخة النهائية».. أول تعليق من «الأعلى للإعلام» على إعلان الأهلي (فيديو)    سفير مصر في بروكسل يستعرض أمام البرلمان الأوروبي رؤية مصر تجاه أزمات المنطقة    جدول ترتيب الدوري الإنجليزي بعد خسارة ليفربول أمام برايتون    إغلاق 7 منشآت طبية مخالفة و7 محال تجارية فى حملة بقنا    أحمد كمال صاحب دور المجنون ب إعلان اتصالات: مكناش نقصد نزعل الزملكاوية والأهلي عشق (فيديو)    الرئاسة الفلسطينية ترحب بالبيان الصادر عن قادة بريطانيا وفرنسا وكندا    استشهاد 10 فلسطينيين بينهم أم وأطفالها الستة في قصف للاحتلال على قطاع غزة    ترامب يوقع مشروع قانون يجعل نشر الصور الإباحية الانتقامية جريمة اتحادية    سلطات فرنسا تعلن مصرع مهاجر وإنقاذ أكثر من 60 آخرين فى بحر المانش    حزب الجبهة الوطنية يعلن تشكيل الأمانة المركزية للطاقة والتعدين    وزير الاستثمار يتوجه للعاصمة الألمانية برلين لتعزيز العلاقات الاقتصادية المشتركة بين البلدين    توريد 178 ألف طن من القمح المحلي في كفر الشيخ    هل يوجد في مصر فقاعة عقارية؟.. أحمد صبور يُجيب    رسميًا بعد الانخفاض.. سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الثلاثاء 20 مايو 2025    هشام زكريا: الأهلي الأفضل في أفريقيا.. وتدريب الزمالك شرف كبير    "دوري إنجليزي وسعودي".. موعد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    أحمد دياب: خصم 6 نقاط من رصيد الأهلي وتخفيف العقوبة ل 3 فقط قراران صحيحان مليون%    شعبة المواد الغذائية تكشف 4 أسباب لعدم انخفاض أسعار اللحوم مقارنة بالسلع التموينية (خاص)    وفد قبطي من الكنيسة الأرثوذكسية يلتقي بابا الڤاتيكان الجديد    سامي شاهين أمينا للحماية الاجتماعية بالجبهة الوطنية - (تفاصيل)    جامعة حلوان تنظم ندوة التداخل البيني لمواجهة تحديات الحياة الأسرية    «شغلوا الكشافات».. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الثلاثاء (تفاصيل)    قوات حرس الحدود تكثف أنشطتها على كافة الإتجاهات الاستراتيجية للدولة    بلاغ بسرقة "كنز" نوال الدجوي.. من سيحسم قضية الساعة؟    بعد نجل محمد رمضان.. مشاجرات أبناء الذوات عرض مستمر في نيو جيزة| فيديو    4 أبراج «زي الصخر».. أقوياء لا ينكسرون ويتصرفون بحكمة في المواقف العصيبة    عليك إعادة تقييم أسلوبك.. برج الجدي اليوم 20 مايو    تامر أمين ينتقد وزير الثقافة لإغلاق 120 وحدة ثقافية: «ده إحنا في عرض مكتبة متر وكتاب»    "يا بختك يا أبو زهرة".. الصحفي محمد العزبي يكشف تفاصيل وقف معاشه بعد بلوغه ال90 عاما    حدث بالفن | حقيقة إصابة عبدالرحمن أبو زهرة ب "الزهايمر" وموعد حفل زفاف مسلم    موعد نقل القناع الذهبي لتوت عنخ آمون إلى المتحف المصري الكبير    أستاذ علاقات دولية: الاتفاق بين الهند وباكستان محفوف بالمخاطر    ما مصير إعلان اتصالات بعد شكوى الزمالك؟.. رئيس المجلس الأعلى للإعلام يوضح    قدميها لأبنائك قبل وخلال الامتحانات، أطعمة تعزز الطاقة والنشاط للطلاب    سرعة الانتهاء من الأعمال.. محافظ القليوبية يتفقد أعمال تطوير مستشفى النيل    وزيرة التنمية المحلية: تطوير الهياكل التنظيمية والوظيفية بدواوين المحافظات أولوية قصوى    هل يجوز للمرأة أداء فريضة الحج عن زوجها أو شقيقها؟.. أمينة الفتوى: هناك شروط    «للرجال 5 أطعمة تحميك من سرطان البروستاتا».. تعرف عليهم واحرص على تناولهم    ما حكم تأخير الصلاة عن وقتها؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: الحجاب لم يُفرض إلا لحماية المرأة وتكريمها    مزارع الدواجن آمنة إعلامى الوزراء: لم نرصد أى متحورات أو فيروسات    ما حكم صيام يوم عرفة للحاج وغير الحاج؟    رئيس جامعة دمياط يفتتح المعرض البيئي بكلية العلوم    موعد امتحانات الشهادة الإعدادية بالمنيا 2025.. جدول رسمي    وزارة الصحة تدعم مستشفى إدكو المركزي بمنظار للجهاز الهضمي    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إضافات جديدة لرؤية عبدالوهاب العمراني في أدب الرحلات
نشر في نقطة ضوء يوم 21 - 05 - 2017

يقول أديب اليمن الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح في مقدمة الطبعة الثانية من كتاب "مشاهدات وانطباعات من الشرق والغرب .. رؤية يمنية في أدب الرحلات" للسفير عبدالوهاب العمراني: إن في هذا المؤلف القيم إضافات لم تكن في الطبعة الأولى، ولقد احتفيت بالطبعة السابقة ورأيت فيه مساهمة يمانية في فتح نوافذ جديدة نرى من خلالها جوانب من العالم الذي لم نره بعد، ولكي نقترب من اكتشاف العوالم الظاهرة التي قد تؤدي بنا حتماً إلى اكتشاف أعماق الروح الإنسانية وما أنجزه الإنسان على ظهر الأرض من إعجاز في المعمار والطرقات والحدائق، وما توصل إليه من أنظمة سياسية واجتماعية واقتصادية .. الخ
وبديع وفاتن هو أدب الرحلات، ويمكن القول إنه بات في الآونة الأخيرة بخاصة ينافس الشعر والرواية لدى القارئ الباحث عن المعرفة والمتعة والرؤية الفنية للأشياء والكائنات.
وكتاب الصديق السفير العمراني ليس دراسة في أدب الرحلات لكنه فصل من فصول الرحلات المهمة التي حرصت على تقديم أجزاء من هذا العالم عبر الانطباعات العميقة والمشاهدات المتأنية. وما أحوج البشر إلى مثل هذه الكتابات، لاسيما الغالبية العظمى منهم الذين لم تتح لهم الظروف مبارحة أوطانهم فاكتفوا بأن يتعرفوا على العالم من خلال حدقات الرحّالة الذين لم يستأثروا لأنفسهم بما رأوه ووعته ذاكرتهم في كثير من خواطر العام، بل كانوا أحرص على أن يشاركهم القارئ متعهم ومرائيهم، وهو نوع من الإيثار جدير بالتقدير والإعجاب.
واللافت في زمننا أن الأرض التي كانت إلى عهد قريب تترامى إلى آماد يصعب الإحاطة ببعضها، قد جعلتها المعرفة الحديثة تنكمش في وعينا الحاضر إلى درجة جعلت البعض من أبنائها يعتبرونها قرية صغيرة يمكن التجول في أحيائها وشوارعها بسهولة. وليس الفضل في ذلك لوسائل الإيصال والاتصال وحدها، بل ولهؤلاء الذين يتنقلون فيها من مكان إلى آخر تصاحبهم أقلامهم وأحياناً كاميراتهم ليقرّبوا بها البعيد. وتبقى الأقلام في جميع الحالات أكثر قدرة على الإمساك بحقائق هذه الأرض وخفاياها من الصور الجامدة أو المتحركة.
وهي - أي الأقلام - أصرح وأصدق من خلال الكلمات التي تتكلم عن تكوينات البلدان، وآثارها وتاريخها وعقائدها وتقاليدها، وما يتميز به هذا البلد عن غيره من مناظر طبيعية أو مواقع تاريخية.
ويضيف المقالح: لا أخفي أن هذا الكتاب قد أمتعني وأضاف إلى معلوماتي الكثير مما كنت أجهله عن عدد من البلدان التي زارها مؤلفه وأمضى في بعضها وقتاً كافياً يمده بما يرغب فيه من تكوين رؤية الباحث المتتبع لا الزائر السائح العابر الذي ينظر إلى واجهات المدن لا إلى روحها وأبعاد مكوناتها الثقافية والحضارية وما يشغل أبناءها من هموم وما تحركهم من آمال. وإنني ومعي ألوف القراء نغبطه على الظروف التي هيأت له القيام برحلاته الشرقية والغربية ومكنت له من الاطلاع الواسع على الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلدان التي زارها أو أقام فيها أثناء عمله الدبلوماسي والتي استطاع خلالها أن يختزن في ذاكرته كما في يومياته جوانب مهمة من المشاهدات والانطباعات الواقعية.
في المقدمة التي كتبها المؤلف أكثر من إشارة إلى أهمية الترحال وإلى ضرورة أن يكون الرحالة واعياً لهدفه باحثاً في البلدان التي يزورها - كما يقول - عن القيمة والمعنى، وليس عن التسلية وشغل القارئ بالسطحي من الأمور، وهذا ما يؤكد أنه كان قد استعد لذلك بقراءة قائمة من كتب الرحلات القديم منها والحديث ليتمكن في رحلاته الشرقية والغربية من تمثل القيمة والمعنى لهذه الرحلات، وأعتقد أنه نجح إلى حد بعيد فجاءت رحلاته تطبيقاً لما هدف إليه، كما جاءت لغة الكتاب بديعة تلقائية خالية من التكلف والتصنع يمكن للقارئ متابعتها بسلاسة وبسر، وكلما قطع جزءاً من الكتاب زاد شوقه إلى استكمال بقية الأجزاء. وبوصفي واحداً من أوائل قرائه أتمنى أن يواصل السفير العمراني كتاباته عن أسفاره.
بينما أشار السفير اليمني السابق في اليونسكو حميد العواضي في مقدمة الطبعة الثانية بأن أهمية هذا الكتاب في أنه قد نجح في أن يجمع بين المنزع التقريري والمنزع التفسيري من ناحية، وبين الوجهة الأدبية والوجهة الإعلامية من ناحية ثانية، كما جمع بين الملاحظة الفردية والرأي العام المشهور، والخاطرة المرتجلة والمعلومة الموثقة. وبالتالي فإن قراءة متأنية له تبوؤه موضعاً وسطاً بين أدب الرحلات والجغرافيا الثقافية والخواطر الذاتية، باعتبار أن الجغرافيا الثقافية تقربه من الاختصاص العلمي التقريري بما يتضمنه من معلومات فكرية وأدبية وفنية وتاريخية وسياسية واقتصادية وسياحية.
وأدب الرحلات يشده إليه بما انطوى عليه من وصف وعرض ولغة. وقد تبدت الذات في حركتها المتنقلة في الزمان والمكان وتدخلها في توجيه المعلومة والرأي. هذا من وجه، ومن وجه آخر فإن المكتبة العربية واليمنية على وجه الخصوص تفتقر لهذا النوع من الكتب مقارنة بمجمل محتويات المكتبة العربية.
ولعل السفير عبدالوهاب العمراني بكتابه هذا يعد أول مؤلف تناول بهذه الشمولية نطاقاً واسعاً من الدول والأماكن التي شملتها تلك المشاهدات أو في وصف أدب الرحلات كجانب نظري؛ حيث تضمنت مقدمة الكتاب طرفاً من تاريخ أدب الرحلات عند العرب وغيرهم منذ أقدم العصور وحتى عصرنا الحاضر. كما يحسب له أنه أوجز في هذا السياق دور اليمينين في هذا الجنس من الكتابة
وفي سياق مقدمة الدكتور السفير العواضي يسترسل بالوصف بقوله: يجول بنا السفير والكاتب العمراني من خلال سطور كتابه برحلة في أصقاع متنوعة في العالم: بغداد، اسطنبول، أصفهان، تاج محل، جزر الملايو، سنغفورة. ثم يذهب بنا غرباً إلى المغرب الأقصى ويَجول بِنا في أزقة ومساجد فاس ومكناس وبوابات مراكش ويصعد بِنا إلى مُدن الأندلس غرناطة وقرطبة وإشبيلية وغيرها فضلاً عن مدريد تلك الحواضر العريقة التي يفوح منها عبق التاريخ العربي والإسلامي، ثم يصعد بنا شمالاً إلى باريس بألقها ورقتها وبروكسل عاصمة أوروبا ثم يختتم الرحلات في أقدم المدائن وأجلِّها عاصمة الإغريق.
إن أهمَّ ما أحسست به بعد قراءة هذا العمل هو كيف أن الدبلوماسي ينبغي أن يكون همزة وصل بين بلدة وبلد اعتماده في نطاق مهمته الدبلوماسية، لكنه مطالب أن يكون ترجماناً بين الثقافات ينقل من هذه إلى تلك، ومن تلك إلى هذه في نتاج قابل للتداول والبقاء وقابل أن يتطور بتحول الأيام وتواليها.
بينما كتب الكاتب العراقي الدكتور الراوي مشيداً بالكتاب قائلا "استقى الكاتب مصادره من أمُهات الكتب في هذا اللون من الأدب ولم يكتف بآخر ما يصدر من الكتب والدوريات، بل لاحظت اهتمامه بأقدمها وأشهرها عبر كل العصور ولاحظت أيضا همته ومثابرته وتيقنت عن قرب مدى عشق كثير من المثقفين اليمنيين للمعرفة رغم الظروف الاقتصادية والسياسية التي تلازم بلداننا العربية ومنها اليمن، الذي يمثل جيلا من الدبلوماسيين الموهوبين بملكات الكتابة الغنية بالثقافة المتنوعة، وما ان استهللت قراءة هذا الإنجاز الرائع وبرغبة مزدوجة إلا وقد انغمست في آفاق رحبة لبستان من المعرفة من خلال أدب الرحلات الذي خُيل لي أن الكتاب سيكون على غرار ما قرأته لكُتاب آخرين يحصرون اهتمامهم بالتركيز فقط على مشاهداتهم دون التعمق فيما وراء الأسباب كما يقول المؤلف (في رحلتي بين صفحات الكتاب سواء في المتن أو الهوامش).
انتابني أحاسيس بعشق المعرفة واكتشاف المجهول وبعبق التاريخ الذي يلازم معظم فصول الكتاب، زادت من حبي لهذا النوع من الكتابات الشيقة ولاسيما أن كاتبه يُضفي عليها صبغة أدبية وبعمق تاريخي.
لقد أذهلني حجم وكثافة المعلومات بين دفتي هذا الكتاب وفي مفردة واحدة ضمن أحد عشر موضوعا شملها الكتاب، وهي العراق، لقد عرفت خلال حواري مع مؤلفه مدى حبه لتاريخ العراق وشعبه ليس فقط لأنه عاش مع أقرانه أثناء دراسته الجامعية نهاية السبعينيات، ولكنه في مؤلفه كتب عن العراق بأحاسيس أبناء الرافدين ولفت نظري مدى غزارة المعلومات التي عكست لا شك معرفة ودقة في مصادر قد لا يعرفها الكثير من العراقيين أنفسهم، سواء بوصف المجتمع العراقي أو تاريخه الحديث ودياناته وقومياته.
ولقد أعجبت بتواضع الكاتب في مقدمته عندما يقول: "لست شاعراً أديبا ولا مؤرخا، ولكني أحاول ببساطة نقل مشاعري في تجربة أدبية متواضعة".
وقد أوصى هذا الباحث العراقي إضافة لمؤسسات أكاديمية اُهدي لها نسخة من الكتاب بأن يترجم للانجليزية ليعكس حضارة العرب من زاوية أدب الرحلات، وهذا ما سيعمل به المؤلف في خطته المقبلة. ويعكف الباحث العمراني في مسودة كتابه الأخير: التلاقح الحضاري بين العرب وجيرانهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.