إقبال كثيف للمصريين بدول الخليج في انتخابات النواب    جامعة المنوفية تواصل صعودها العالمي: ظهور متميز في تصنيف QS للاستدامة 2026    جيش الاحتلال الإسرائيلى يعترف باغتيال جندى واعتقال آخر فى نابلس    استشهاد شخص إثر غارة إسرائيلية استهدفت سيارة جنوبي لبنان    الأهلي ينهي استعداداته لمواجهة شبيبة القبائل في دوري الأبطال    الشوط الأول .. الجيش الملكي يتقدم علي أسيك بهدف فى نهائى أفريقيا للسيدات    تعرض لخسائر مالية كبيرة.. صاحب شركة ينهي حياته بقرص الغلة داخل فيلا بأكتوبر    بالصور..نجمات الفن تتألق على السجادة الحمراء لختام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي    عالم بالأوقاف: الإمام الحسين هو النور المكتمل بين الإمامة والنبوة    بسبب رسامة فتيات كشمامسة.. الأنبا بولس يطلب من البابا تواضروس خلوة بدير العذراء البراموس    أبرزها خسارة الزمالك.. نتائج دوري الكرة النسائية اليوم    اتحاد جدة يستعيد الانتصارات أمام الرياض في الدوري السعودي    الذهب يستقر مع تزايد آمال خفض الفائدة الأمريكية في ديسمبر    الرئيس الفنزويلي يأمر بنشر صواريخ على سواحل الكاريبي ردًا على التهديدات الأمريكية    حسين فهمى: التكنولوجيا والشباب يرسمان مستقبل مهرجان القاهرة السينمائى    أحمد فؤاد سليم يكشف سر استمرار زواجه 50 عاما: الحب هو الأساس والأحفاد فلفل الحياة    شعبة مواد البناء توجه رسالة هامة للمواطنين حول أسعار الحديد في الأسواق    إقبال جماهيري كبير على حفل روائع عمار الشريعي بتوقيع الموسيقار هاني فرحات    تشكيل أهلي جدة الرسمي أمام القادسية بالدوري السعودي    ضبط طفلان تعديا على طلاب ومعلمي مدرسة بالسب من سطح منزل بالإسكندرية    «المال في مواجهة الطموح».. هل يحسم «طوفان اللافتات» مقاعد البرلمان؟    أول تعليق من نادية مصطفى على أزمة ملف الإسكان بنقابة الموسيقيين    إقبال كثيف وانتظام لافت للجالية المصرية في الأردن بانتخابات النواب 2025    شوقي علام حول التعاملات البنكية: الفتوى الصحيحة تبدأ بفهم الواقع قبل الحكم    إحالة طبيبة النوبتجية وطبيبة الأسنان بمركز «63 متر» للتحقيق    كاف يدرس تعديل آلية التصويت في جوائزه بعد عتاب ممدوح عيد    رفع 30 طنا من القمامة والمخلفات والأتربة بمدينة ناصر بحى شرق سوهاج    أصداء إعلامية عالمية واسعة للزيارة التاريخية للرئيس الكوري الجنوبي لجامعة القاهرة    بالصور.. استعدادات حفل ختام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته ال46    ميدو عادل: خشيت فى بعض الفترات ألا يظهر جيل جديد من النقاد    حافظ الشاعر يكتب عن: دولة التلاوة.. حين تتكلم الأرواح بلسان القرآن    ضبط إشغالات متنوعة بحي العجوزة بالجيزة    ارتفاع حصيلة ضحايا زلزال بنجلاديش إلى 5 قتلى ونحو 100 مصاب    تعرف علي مواقيت الصلاة اليوم الجمعة فى سوهاج    المصري الديمقراطي يطالب خطوات "الوطنية للانتخابات" لمنع تكرار مخالفات المرحلة الأولى    كيف يؤثر تناول السكر على مرضى السكري وما الكمية المسموح بها؟    طريقة عمل القرنبيط المقلي الكرسبي بتتبيلة مميزة    «الزراعة» تواصل حملاتها لحماية الثروة الداجنة    انفوجراف| الحصاد الأسبوعي لوزارة الزراعة    جامعة بنها ومؤسسة حياة كريمة ينظمان قافلة بيطرية بمنشاة القناطر    دعاء يوم الجمعة لأهل غزة بفك الكرب ونزول الرحمة.. اللهم يا فارج الهم ويا كاشف الغم فرّج عن أهل غزة فرجًا عاجلًا    الحكومة الفرنسية: أطفالنا لن يذهبوا للقتال والموت فى أوكرانيا    فليك: ميسي أفضل لاعب في العقد الأخير.. وتدريبه ليس من اختصاصي    بعد إحالته للجنايات.. تفاصيل 10 أيام تحقيقات مع المتهم بقتل صديقه مهندس الإسكندرية    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    السفير المصري بنيوزيلندا: انتخابات النواب تسير بسهولة ويسر    إصابة 3 شباب في حادث مروري بنجع حمادي    وزيرة التخطيط: ملتزمون بتمكين المرأة اقتصاديًا بما يتماشى مع رؤية مصر 2030    زيلينسكي يرفض إقالة أقوى مستشاريه رغم تفاقم فضيحة فساد كبرى    اليابان تعيد تشغيل أكبر محطة نووية بالعالم بعد أكثر من عقد على فوكوشيما    أفضل وقت لقراءة سورة الكهف يوم الجمعة وفضلها العظيم    رشا عبد العال: النظام الضريبي المتكامل للمشروعات التي لا يتجاوز حجم أعمالها السنوي 20 مليون جنيه    كهرباء الإسماعيلية مهتم بضم كهربا    اسعار الدواجن اليوم الجمعه 21 نوفمبر 2025 فى المنيا    فيديو| ضحايا ودمار هائل في باكستان إثر انفجار بمصنع كيميائي    الجالية المصرية بالأردن تدلي بأصواتها في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    أخبار مصر: مصير طعون إلغاء الانتخابات، تفاصيل اعتداء 4 عاملين بمدرسة دولية على 6 تلاميذ، أبرز بنود خطة السلام في أوكرانيا    تحذير جوي بشأن طقس اليوم الجمعة.. خد بالك من الطريق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شعرية العنف في "خان الشّابندر"
نشر في نقطة ضوء يوم 20 - 05 - 2017

ينهض العمل الروائي على اشتغال السارد، باعتباره الوكيل الرسمي للكاتب الضمني، والقائم على حياكة البساط السردي والحكائي للشخصيات، من خيوط العهن الواقعي والمتخيل، وذلك كي تتمكن هذه الشخصيات بمعية المتلقي من الإبحار في عوالم النص، واكتشاف مجاهله وتخومه ومغامراته.
ولأن متن النص الأدبي يتخلق من الحروف والكلمات والجمل، وكلها معطيات تنتسب بالضرورة للغة، باعتبارها معطى اجتماعيا ديناميكيا، يتفاعل بالتواصل والتداول الاجتماعي والواقعي في آن واحد، فإن المبدع الأدبي ما انفك يستوحي مادته الأولى من الواقع الاجتماعي، ويعيد تصنيعها في مختبر مخياله، ليخرجها إبداعا جماليا سويا، ليتأطر في خانة جنس إبداعي أو فني ما، بحسب مقوماته وآليات اشتغاله الداخلية.
من البديهي القول بأن العمل الروائي شأنه شأن كل نص أدبي أو فني لا يعيد إنتاج الواقع، بقدر ما يبني واقعا متخيلا، ومجتمعا افتراضيا، بشخصيات من ورق ولغة، ولا يقف بالضرورة عند ذلك الحد، من غير ما اشتباك مع الواقع الواقعي، وقراءته، وربما تفسيره وتأويله والاشتباك معه، وفق منظورات موضوعاتية وتقنية وجمالية، ابتغاء اكسابه نوعا من التوازن المفقود فيه، من وجهة نظر كاتبه أو مبدعه، والتي لن تكون ملزمة لقرائه المتعددين، الشيء الذي تتعدد معه وجهات النظر للنص المنتج نفسه، انطلاقا من مختلف القراءات المنتجة لما لا نهاية له من المعاني والمدلولالات.
وفق هذا المنظور تبتغي هذه القراءة في رواية "خان الشّابندر" لمحمد حياوي (الصادرة عن دار الآدب، بيروت 2015) - مقاربة موضوعة العنف، باعتبارها ثيمة ذات هيمنة في النص الروائي، سواء على مستوى السرد والوصف ومحكي الشخصيات ورؤاها.
وبالنظر لمرجع الحكاية فضائيا وزمانيا، حيث يتنزل السارد الممسرح/الصحفي علي موحان، في إطار ترهين سردي، يخبر من خلاله قارئه بغايته من تحمل مقاليد رواية النص، وهي قول الحقيقة الوجودية التالية: "لقد خلقنا في هذا العالم لنشهد سلسلة من المسرات الطويلة والآلام المتناسخة" (ص 7)، وعليه سيكون من مهامه الزج بالمتلقي في "..عالم القصص الحزينة والاحلام المحبطة والامنيات الذابلة" ص 26.
لذلك يتمثل الراوي مهنته بحذق بالإصغاء المتأني لشخصيات النص ونقل كل شيء عنها، يقول مخاطبا ضويَّة: "أنا أريد أن أعرف كل شيء عنك لكن، لو احببت أن تبدئي من هذه النقطة، فلا بأس.." (ص 16)، ومن ثم تنحصر مهمة السارد بالإخبار عن النقلات الزمنية والمكانية ووصف فضاءات الأحداث والحكايات حسب توارد الشخصيات في ثنايا المحكي الروائي، فيما يشبه فيلما وثائقيا، تلعب فيه الكاميرا دورا محايدا إلى حد ما، ويتخذ فيه السارد من كل شخصية دليلا لقراءة وتصوير تمظهرات العنف، التي تسري في جسد مدينة بغداد وتنخر ذاكرتها، وتدثر نهاراتها بالظلمة ودخان الحرائق السابحة في سمائها.
تتوزع أدلة المسار الحكائي والسردي إلى ثلاثة أنواع من الأدلة، والتي يمكن توصيفها على الشكل التالي:
الدليل الجغرافي:
ويمثله كل من محمود وسالم وزينب؛ فمحمود هو من يقود السارد/علي الصحفي إلى بيت أم صبيح، بقصد التعرف على البنات، وسماع حكاياتهن، وهناك سيلتقي بضويَّة وهند، وسينحصر دور محمود في إخراج الراوي من أزقة المدينة القديمة إلى ساحة الميدان ليلا، حيث سيواجه السارد أولى صور العنف، عندما مر "... على نقطة تفتيش.. كان جنودها يشعلون نارا في برميل صغير ويتدفأون..صاح بي أحدهم:
إلى أين؟
كانت لهجته غير ودية.. وعندما اقتربت منه، هتف متحفزا:
قف.. لا تقترب.. ماذا تريد؟
وصوب بندقيته ناحيتي.. كانت العتمة تحول دون التعرف على ملامحه، كما أنه كان ملثما ومستفزا..." (ص 42).
سار الراوي علي على غير هدى بين العطفات المعتمة، الحائمة حولها الأطياف والأشباح، إلى أن تلقفه صديق قديم يدعى سالم محمد حسين، متلبس بالحياة وإن كان قد أعدم في سجن "أبو غريب" منذ خمس وعشرين سنة:
" سالم.. يا صديقي الحبيب.. ألم تمت؟ سمعت أنهم أطلقوا عليك الرصاص؟
أي رصاص هذا؟ ها أنا أمامك كما ترى. دعك من هذا الحديث وأخبرني...
كنت أحكي له وهو يقودني بين الأزقة المظلمة التي خبرها جيدا...
اسمع.. الوضع خطير جدا، يجب أن تبيت هنا الليلة.. في غرفتي فوق السطح..." (ص 44)، وبعد حديث طويل عن أيام الجامعة والأصدقاء ومآل أحوال البلد، سيترك سالم سريره لعلي ويغادر تحت جنح الظلام.
يأتي المقطع الحواري الثاني متجاورا مع سابقه، يحسبه الراوي بلسما لعنف الحاضر، وهروبا من قسوته وصقيعه إلى ماضي الذاكرة، غير أنه لم يكن إلا روحا هائمة لموت معلن، في مقابل موت مؤجل في بندقية الجندي الملثم؛ فصدمة واقع بغداد دفعت بالسارد إلى تخيلات واستيهامات بعيدة عن الواقع المدجج بالعنف الغامض والذي لا يزال مستترا ويحتاج لجواب عن سؤال سالم:
"ما الذي يجري لنا.. لم الزمن طاغ إلى هذا الحد؟" (ص48).
لقد كان السارد على علم بالجواب الذي قدمه لسالم والكامن في "زمن الحروب"، ذاك الزمن الذي يلون كل شيء باللالون، ويقفز بالطفولة خارج أعمارها، فيحرق أحلامها، ويجهض أمنياتها الصغيرة في التعلم واللعب ويَحْمِلُها على الاكتواء بنار السؤال الصعب:
"لا أدري لماذا أبي فقط هو الذي قُتل في الانتفاضة؟" (ص70) .
فزينب بائعة الكعك، التي رافقت السارد لشارع المتنبي، وبسطت له محكيها، باعتبارها معيلة لإخوتها، بعدما اغتصبت طفولتها، لتشكل مع الأطفال اليتامى والمشردين في بيت الممرضة "أم غرايب"، تمظهرا لتمدد العنف في الزمن الماضي والحاضر والمستقبل، ووضع هذه الطفولة في حيز التشرد والعاهات النفسية والفكرية.
الدليل التاريخي:
وتمثله ضويَّة وهند يمضي السارد في حفرياته، من خلال النبش في الذاكرة الشخصية للبنات المقيمات في بيت أم صبيح، ومن بينهن ضويَّة، أصغر البنات وأكثرهن جرأة على الإفصاح بالحقيقة الصادمة:
"... كل ما في القصة أن أبي نام معي عندما كنت في الرابعة عشرة ..." (ص 16) .
فتجربة "ضويَّة" مع العنف، هي مدعاة لعلاقة العنف بالرغبة النفسية والبيولوجية، والتي يمثل الجنس أحد علاماتها البارزة، حيث يقوم الأب باقتراف زنا المحارم، متحديا الأعراف والتقاليد العرفية والدينية، والتي تقف حاجزا أمام تحقيق الرغبات المكبوتة وتكبح جماحها، ولذلك سيمارس سلطته الأبوية عنفا واغتصابا لابنته؛ تحقيقا للممنوع المرغوب، وبالتالي سيغدو جسد ضويَّة ضحية لاغتصابات متعددة، بعد أن فُرِضَ عليها الموت الرمزي، بإدخالها في دائرة الصمت، والإقصاء من الانتساب العائلي، والهروب بعيدا من جحيم الخوف والعنف.
"البنات هنا يشعرن بالخوف، وحذرات جدا جميعهن هاربات من أهاليهن" (ص 15).
وهو ذات المصير الذي لقيته "هند" بعد خروجها، زمن الانتفاضة، من الناصرية إلى بغداد، ومقتل زوجها على يد الحرس الجمهوري قرب مدينة "الكوت"، لتعود ثانية الى الناصرية حطام امرأة، تبحث عن أية طريقة للانتقام:
"عدتُ الى الناصرية، مشلولة التفكير، لأكثر من سنة،... وتَلَبَّسَني هاجس الانتقام منذ ذلك الحين.." (ص 135).
ولئن كانت هند ضحية للعنف المشرعن، على يد الحرس الجمهوري، فقد حولها هذا العنف إلى طاقة انتقامية، أعوزتها الوسيلة كذات مستضعفة، فانكفأت على ذاتها، وصارت تنتقم منها:
"صدقني.. أنا فقط أنتقم من جسدي بالنوم مع هؤلاء الحثالات".
لا شك أن وحش العنف ينشب أظافره في الجسد الأضعف، والجسد الأنثوي بشكل مخصوص، فعلى كاهل النساء يقع كلكل العنف ومآسيه في أزمنة الحروب والنكبات، وما حضور الجسد الأنثوي في رواية "خان الشّابندر" إلا تجل مرعب وصادم للعنف الشرعي ممثلا في السلطة والنظام، والعنف اللاشرعي ممثلا في جماعة "الملا جليل" والميليشيات المناوئة له في حي "الحيدر خانة"، وكل منها يتخذ من الجسد الأنثوي أساسا فضاءً مستباحا لممارسة أبشع أنواع العنف، سواء بدعوى خرق النظام واحترام القانون، أو بدعاوى الطهرانية، وفصل الجسد عن العقل المغيب، ولذلك يصبح هذا الجسد مساحة لتصفية الحسابات بين الميليشيات المتصارعة، حينا، وضحية للانتهاك والاغتصاب والقتل والتشويه والتمثيل، حينا آخر، بدعوى ردّه لجادة الصواب، وتخليص العقل والروح الساكنين فيه من براثن الرذيلة والمحرمات.
الدليل العاطفي والروحي:
ويمثله نفين ومجر
لا تتوقف الحكاية، بمسرودها الذاتي والغيري، عند المستويين التعاقبي/التاريخي والتزامني الجغرافي، بل تستدعي بعدا ثالثا، يستبطن عمقها العاطفي والروحي، ممثلا في الصحفية "نيفين" المتكفلة برعاية الراوي/البطل بعد عودته إلى بغداد، وتقديم المشورة له، وتفهم مغامراته:
"لقد غبت عن بغداد أكثر من خمسة وعشرين عاما.. المدينة تغيرت وملامحها طُمست، والناس غير الناس.. عليك أن تحذر.. الأوضاع هنا ما زالت خطرة..." (ص 88).
وهي الحارسة على ما تبقى من قلاع الحب، بقفص طيور الحب الذي تحتفظ به في شرفة غرفتها، ولوحة "سيدوري" في مرسمها، انها صورة المتشبثين بالوطن بالرغم من توالي النكبات، وسريان الحرائق والانفجارات، وتداعي السقوف والشرفات على جدران الخرائب والبيوت الآيلة للسقوط.
بينما يحمل "مجر عمارة" رمز الدال الروحاني، الباحث عن نور هارب وسط الحرائق، وضياء متوار خلف سدول الليل.
وبالتالي فإن كلا من نيفين ومجر، هما القائمان بتعديل بوصلة الراوي/البطل، كلما تاه في أزقة الحيدر خانة أو في دروب الذاكرة، لقد ظلا يعززان صموده أمام صدمات العنف المتوالية، طيلة المسار السردي للنص الروائي، كما شكلا بالنسبة له محطة استراحة لإعادة التوازن.
تسري في أديم النص الروائي "خان الشّابندر" أسطورة عشتار العائدة من رمادها والمتلبسة في شخصيات سالم وضويَّة وهند وسائق التاكسي:
"الا تعرفين معنى الخوف"
"... لقد خبرته من قبل.. مت وحييت عشرين ألف مرة.. فلا تقلق يا عزيزي" (ص 147و 148).
"لقد خبرنا الموت يا أستاذ.. أنا شخصيا استشهدت في القادسية، ثم تبين أنني فقدت في الشيب، وبعد ذلك أسرت في إيران، وبعد سنين وجدت نفسي في مصحة عقلية" (ص 90) .
فعندما يتمطى العنف في الحياة الاجتماعية، تختلط الحياة بالموت، والموت بالحياة، كذلك تحدثت الشخصيات للسارد، وهي تحكي تجاربها الخاصة مع العنف، خوفا ورعبا وقتلا واغتصابا ونزوحا وهجرة وتمثيلا وتشويها، ومن بينها السارد الذي بدا كثير التخيلات والاستيهامات لأرواح هائمة، تناديه بأصواتها مرّة، ويراها في أجسادها مرة أخرى، الشيء الذي يجعل من الموت عيشا ووجودا، ومن الحياة طيف خيال، لتصبح الأمنيات في درجة الصفر، أو في حدودها الدنيا، عيش ساعة أو يوم آخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.