تطرح الندوة العلمية الدولية التي ينظّمها مهرجان "أيام الفداوي" بمدينة سوسة في الساحل التونسي بين الخامس والرابع عشر من مايو/أيار الجاري عددا من المواضيع التي تتعلّق بالحكاية من ذلك الحكاية والممارسات الفنية كالمسرح، السينما، الفنون التشكيلية، الفنون السمعية البصرية،... والحكاية ومضامينها الاجتماعية، المعرفية، السياسية، وحكاية الضحك والحكاية على محكّ الرقمنة والافتراضية، والحكاية بين الشفاهي والمكتوب وخاصة منها الموجهة للطفل اليوم، فضلا عن الخرافة بين الاستمرارية والقطيعة وآلياتهما والحكاية كآلية لتطوير المخيال الفردي وإنتاج العجيب والحلم وروّاد الحكاية الشعبية (نقلتها ودارسوها) في البلاد العربيّة والمغاربيّة. وتمثّل الخرافة "إحدى أهمّ وربّما أذكى، بنية ذهنيّة صاغها الإنسان، استمرّت أجيال الرواة تنقلها عبر القرون، ويتلقّاها الكهول والأطفال، على حدّ السواء، للإمتاع والمؤانسة، ومعينا للقيم وللعبر..." وللخرافة، بالإضافة إلى أنّها مكوّن من مكونات الذاكرة الجمعيّة، وظائف متنوّعة تتعلّق بالمعارف وتقنيات حذقها وبمنظومات القيم والأخلاق التي تميّز بعض المجموعات الإنسانية بعضها عن بعض. ولها أيضا وظائف أخرى، فنيّة وبلاغيّة تستثمر التقنيات السمعيّة البصريّة ووسائطها، من مذياع، وسينما، وتلفزيون، والمستحدثة، الرقمية والافتراضيّة..." وإذ تمكّنت الخرافة من تطويع هذه الوسائط لحاجتها فلأنّها، كما قال ميشال هندنخت، «حلم يقظ يستنسخ نفسه باستمرار، ولأنّها حكاية قصيرة حبلى بالخلود»، وهذه القدرة التي تتّسم بها الحكاية الشعبية على استنساخ نفسها في أشكال فنيّة مختلقة تدّل على أنّها تكتنف مقومات تجعلها لا تتراجع أمام الأشكال الإبداعية الأخرى. وقد يكون من المفيد سبر طبيعة هذه المقومات. ورغم الحضور المتميّز ل «حامل الذاكرة الجمعيّة» الإفريقي، والنقّال الفارسي- الإيراني، والﭬوّال الجزائري، والفداوي التونسي، والحكواتي اللبناني، والحلايقي المغربي، إلاّ أننا نعاين الاختفاء التدريجي لهؤلاء، وصعود كتاب السيناريوهات، وكتاب المسرح، وأهل الهزل والإضحاك، وأولائك الذين يعبرون بأجسادهم كما يعبّر الحكواتي بكلماته. وبجمعه لنخبة من الباحثين في السرديّة بأصنافها ونقاد الأدب، ومن المختصين في أساليب الأداء ومن الفداويّة (الﭬوّالين) والفنانين، يرنو هذا المهرجان إلى إقامة حوار يستشرف آفاقا جديدة في استقراء طبيعة الخرافة، ووظائفها المعرفيّة والاجتماعيّة والتعليميّة والفنيّة، بصفة عامة، وفي توظيفها في مجالات الفنون الركحيّة (مسرحية وأدائيّة واستعراضيّة)، وفي فنون الشاشة (السينما والفنون السمعية البصرية والفنون الافتراضية)، بصفة خاصّة. وتستقبل جوهرة الساحل التونسي على وقع الحكاية انطلاقا من اليوم وحتى يوم 14 مايو/آيار الجاري، حيث ستكون جوهرة الساحل عاصمة الحكايا وفنون الأداء من خلال الدورة السابعة عشر لأيام الفداوي والتي تلتئم هذا العام بمشاركة مكثّفة ككل دورة. افتتاح التظاهرة سيكون في المتحف الأثري بسوسة في حدود الخامسة مساء بعرض فرجوي بمشاركة هدى بن عمر، عبدالحميد قياس، الشادلي الورغي، الصادق عمار، طارق الزرقاطي، عبداللّه القابسي. وفي اليوم التالي يتمّ افتتاح معرض "ومضات من الذاكرة" للفنان التشكيلي المنصف مشيش بالمكتبة الجهوية بسوسة، ويوم 7 مايو/آيار تنطلق بذات الفضاء الدورة الرابعة لتظاهرة "الحكواتي الصغير" وفيها مسابقات في فنّ الحكي تشمل أطفال المدارس الإبتدائية والمكتبات العمومية بالولاية. وفي يومي 09 و10 مايو/آيار تنطلق صباحا أشغال الورشات، ورشة الإلقاء والتلفظ في فن الحكي تأطير هدى بن عمر بالمركز الثقافي بسوسة، وورشة تحويل الحكاية الى صور متحرّكة تأطير جلال بوزرارة بالمركز الثقافي بسوسة، وورشة بيداغوجيا الحكي بالمدارس الابتدائية تأطير نعيمة محايلية (الجزائر) بالمكتبة الجهوية بسوسة، وورشة رسم الحكايات والأساطير تأطير ياسين الليل: بالمكتبة الجهوية بسوسة. ويكون افتتاح المعرض الجماعي للفنون التشكيلية "محاكاة" بالمركز الثقافي بسوسة، وفي نفس اليوم تنطلق فعاليات الندوة العلمية الدولية حول "الحكاية وفنون الأداء" والتي تتواصل حتى الرابع عشر من الشهر الجاري. وفي برنامج المهرجان أيضا تظاهرة "حكواتي البطحة" في الخامسة مساء بساحة الفنون وساحة المدن المتوأمة وذلك يوميّا من 06 إلى 13 مايو/آيار، فيما تنتظم ليلة الجازية بداية من الثامنة مساء بدار قمر بالمدينة العتيقة يوم 13 مايو/آيار بمشاركة التونسيين طارق الزرقاطي وبلقاسم بلحاج علي والمصري أبوالعباس محمد. كما تتضمّن التظاهرة عروضا للفداوي بمختلف المؤسسات الثقافية بالولاية من 5 إلى 14 مايو/آيار وفي إطار فقرة "الحكواتي الجوال" تنتظم عديد العروض بالمدرسة الابتدائية بسيدي الهاني (كروسية والمدرسة الابتدائية بالشباب والمدرسة الابتدائية الفوقاعية ليكون الاختتام الأحد 14 مايو/آيار بتظاهرة "تكرونة قلعة الحكايات"، وفيها عروض فداوي وعروض تنشيطية للأطفال والكهول ابتداء من العاشرة بالقرية الأثرية تكرونة بمشاركة وحيدة الدريدي وعماد الوسلاتي من تونس، نعيمة محايلية من الجزائر، أبو العباس محمد من مصر.