مجلس الشيوخ 2025.. مرشحي حزب الجبهة الوطنية بقائمة من أجل مصر    بريطانيا: إجراءات جديدة لتقليص عائدات روسيا النفطية    الجيش اللبناني: لن نسمح بالإخلال بالأمن    هاني الجمل: مصر والسعودية جناحا الأمة العربية وتنسيقهما يعزز الأمن الإقليمي    «يسخرون مما يخشونه»| زيزو يثير الجدل برسالة غامضة من معسكر الأهلي في تونس    هنا هشام تفوز ببرونزية الوثب العالي في بطولة أفريقيا لألعاب القوى بنيجيريا    مبادرة لمكافحة الحرائق    فرق الطوارئ تتوجه إلى موقعي انهيار عقاري شبرا ومصر القديمة    محمود الليثي يستعد لإحياء حفلي «مراسي وقرطاج».. 19 غسطس و29 يوليو    حكاياتنا بين السماء والأرض    آمال ماهر تتصدر التريند ب «خبر عاجل» وتستعد لطرح الألبوم الأحد المقبل    إنقاذ حياة طفل يعاني انسداد الإثنى عشر بمستشفى القناطر الخيرية    فحص 1250 مواطنا ضمن قوافل مبادرة حياة كريمة الطبية فى دمياط    البورصة المصرية تحقق مكاسب بقيمة 27.4 مليار جنيه خلال أسبوع    أبطال فيلم الشاطر ل«الشروق»: العمل يقدم مزيجا غير تقليدى من الأكشن والكوميديا    تعرف على فريق عمل مسلسل ولد وبنت وشايب.. علاء عرفة أحدث المنضمين    هل مساعدة الزوجة لزوجها ماليا تعتبر صدقة؟.. أمين الفتوى يجيب    اتفاقية بين مصر وأمريكا لمنح درجات الماجستير    من قلب برلين.. أشرف منصور: الجامعة الألمانية جسْر أكاديمي وثقافي بين مصر وأوروبا    وزارة الصحة تكشف نتائج التحاليل فى واقعة وفاة 5 أطفال أشقاء بمحافظة المنيا    الصحة: حملة تفتيشية على المنشآت الطبية الخاصة بغرب النوبارية بالبحيرة للتأكد من استيفائها للاشتراطات الصحية    خبر في الجول - إبراهيم عادل يجتاز الكشف الطبي مع الجزيرة الإماراتي    موعد نتيجة الثانوية العامة 2025    دي مارزيو: إنزاجي يطالب الهلال بالتعاقد مع إيزاك    المبعوث الأممي إلى سوريا يدعو لوقف الانتهاكات الإسرائيلية فورا    منها «الغيرة يعني حب».. 7 خرافات عن الحب والعلاقات يجب أن تعرفها    أيمن سلامة يختتم ورشة الكتابة المسرحية بالمهرجان القومي للمسرح    تقرير: نجم مانشستر سيتي على أعتاب الرحيل    حماس: المقاومة جاهزة تماما لمواصلة معركة استنزاف طويلة ضد قوات الاحتلال    «النواب» يقر خطة ترامب لخفض تمويل المساعدات الخارجية ب 9 مليارات دولار    براتب 10000 جنيه.. «العمل» تعلن عن 90 وظيفة في مجال المطاعم    «الصحة»: حملة تفتيشية على المنشآت الطبية بغرب النوبارية    الهيئة الوطنية تعلن القائمة النهائية لمرشحي الفردي ب"الشيوخ" 2025 عن دائرة الإسكندرية    التفاصيل الكاملة لأزمة «الوفد في القرآن».. و«كريمة» يطالب بمحاكمة عبدالسند يمامة    حزب مصر أكتوبر: العلاقات "المصرية السعودية" تستند إلى تاريخ طويل من المصير المشترك    وسط أجواء احتفالية وإقبال كبير.. انطلاق الموسم الخامس من مهرجان "صيف بلدنا" بمطروح    جهاز تنمية المشروعات ينفذ خطة طموحة لتطوير الخدمات التدريبية للعملاء والموظفين    لموظفي العام والخاص.. موعد إجازة ثورة 23 يوليو والمولد النبوي    وزير الأوقاف ومفتي الجمهورية ومحافظ كفر الشيخ يفتتحون المرحلة الأولى من تطوير مسجد إبراهيم الدسوقي    مصرع عامل في حريق اندلع داخل 3 مطاعم بمدينة الخصوص    فتح طريق الأوتوستراد بعد انتهاء أعمال الإصلاح وعودة المرور لطبيعته    تقارير: النصر يتمم ثاني صفقاته الصيفية    كيان وهمي وشهادات مزورة.. سقوط المتهم بالنصب والاحتيال على المواطنين بالقاهرة    زلزال بقوة 4 درجات يضرب مدينة نابولي    بعد تصريحه «الوفد مذكور في القرآن».. عبدالسند يمامة: ما قصدته اللفظ وليس الحزب    وزير الخارجية يواصل اتصالاته لخفض التصعيد بين إيران وإسرائيل وتفعيل المسار الدبلوماسي    المشاط تعقد اجتماعًا موسعًا مع منظمات الأمم المتحدة و التمويل الدولية لبحث تنفيذ مخرجات المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية    اليوم.. "الوطنية للانتخابات" تعلن القائمة النهائية لمرشحي مجلس الشيوخ    عاشور وناجي في القائمة النهائي لحكام أمم إفريقيا للمحليين    مجلس الوزراء: إعلانات طرح وحدات سكنية بالإيجار التمليكي مزيفة ووهمية    نصر أبو الحسن وعلاء عبد العال يقدمون واجب العزاء في وفاة ميمي عبد الرازق (صور)    الرعاية الصحية وهواوي تطلقان أول تطبيق ميداني لتقنيات الجيل الخامس بمجمع السويس الطبي    قبل ترويجها للسوق السوداء.. ضبط 4 طن من الدقيق الأبيض والبلدي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 18-7-2025 في محافظة قنا    «أمن المنافذ» يضبط قضيتي تهريب ويحرر 2460 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فشكراً أشرف!?    انخفاض أسعار الذهب الفورية اليوم الجمعة 18-7-2025    هل تعد المرأة زانية إذا خلعت زوجها؟ د. سعد الهلالي يحسم الجدل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحو منهجية علمية للنقد العربي المعاصر
نشر في نقطة ضوء يوم 06 - 05 - 2017

يقصد بالمنهجية النقدية: الطرائق والمناهج والأساليب التي ينتهجها الناقد الأدبي عند تناوله النصوص بالبحث والدراسة والتأويل، وهي في باطنها تشمل المعايير التي وضعها الناقد في تناول العمل بالسلب أو الإيجاب، كما تشمل أيضا ذائقة الناقد نفسه، التي تجعله يعلي نصوصا ومبدعين على آخرين.
إن الحديث عن المنهجية النقدية ذو شجون، لأننا نعاني من غياب الموضوعية، وشيوع المجانية، فشتان ما بين ناقد يتحدث وفقا لمعايير، وآخر لديه أسس ومقاييس، فالأول أشبه بالمتحدث (السوفسطائي أحيانا) الذي يحكّم ذائقته ونماذج قراءاته في حالة موضوعيته، ويحكم هواه الشخصي في حالة انحيازاته.
أما الثاني، فهو في الحالتين يمكن أن نناقشه وفقا لمعاييره ومنهجيته، فالمنهج يقدم طرائق علمية معتمدة، ومن ورائها رؤية واضحة.
يمتاز النموذج الأول بكونه سهلا، تلقائيا، مباشرا، حاضرا في الندوات والمناقشات، وفي الصحف ومواقع الإنترنت، بتكرار ما يقول، ناهيك عن مجاملات هنا وهناك. أما الثاني فإن امتاز بمنهجيته، إلا أنه يعيبه البطء في المتابعة، وقلة الحضور والتفاعل، ونخبوية الخطاب.
وبالنظر إلى تعدد المناهج النقدية، فإن هجوم البعض على منهج جديد لكونه لم يستوعبه، أو استهتاره بنهج سابق بحجة قدمه؛ مشكلة تبدو في بعدين متناقضين، الأول: تحجر البعض عند منهج ما؛ عرفه وتمرّس به، أو أن لا يكون لا منهجية له، لذا فهو يهاجم ما يسميه بفوضى المناهج، واللاهثون وراء الجديد فيها.
والثاني: من يلهث بالفعل وراء الجديد في المناهج والطرائق، ويفتخر بهذا الدور الذي لا يتعدى في أحسن الأحوال مرحلة التعريف، ونادرا ما يتخطاها إلى مرحلة التطبيق. فنحن بين شقي رحى.
ونرى أن تعدد المناهج النقدية في صالح النص الإبداعي، وليس ضده، فكل منهج يشكّل مدخلا لقراءة النص، فهناك مناهج البنيوية والأسلوبية (الشكلانية)، وهناك مناهج الهرمنوطيقا (التأويل)، والنقد الاجتماعي، والنقد النفسي، والنقد التاريخي، والنقد المضموني، والتناص وغير ذلك من المناهج التي جاءتنا من الغرب، والتي لو تأمّلناها، فإنها – ومن عناوينها – تشكل سبلا لقراءة النص الأدبي، ووكلها تصب في صالح النصوص، المشكلة الحقيقية في تجمد أو تعصب ناقد ما لمنهج بعينه، والانتصار له، أو الانتصار لتيار أدبي ما.
على جانب آخر، فإن هناك غيابا حقيقيا لمدرسة نقدية عربية، تعبر عن خصوصياتنا الثقافية، فلا يزال الغرب قبلة لنا في النقد الأدبي، مثله مثل كثير من المجالات والعلوم، لأننا ببساطة في مرحلة تراجع حضاري واستلاب، ولا يمكن أن تضيف إلى النقد العالمي، وتتمتع بخصوصيتك إلا إذا كان لديك علوم ومعارف عميقة وثرية، تقدم نظريات جديدة، تثري حركة النقد العالمية. وهذا بالطبع غير موجود، ولم يتواجد في العصر الحديث، وانظر إلى كل المدارس الأدبية والنقدية المعاصرة، ومنذ أكثر من مئة عام، ستجد أنها تمتاح من الغرب، وتتباهى بذلك، بدءا من مدرسة الديوان وانتهاء بالحداثة وما بعدها.
حول منهجية نقدية عربية
في رأيي، لم يستطع النقاد العرب تأسيس نظرية نقدية عربية متكاملة الآن، لعوامل عديدة، فالعرب حضاريا في حالة تراجع، وثقافيا في حالة استلاب، وسياسيا في حالة تمزق، ناهيك عن انعزال النقاد الأكاديميين عن حركية الإبداع العربي ومستجداته، وافتقاد كثير من النقاد المتصدين على الساحة لمهارات ومناهج نقدية كثيرة، فالأمر يرتبط بنهضة شاملة للأمة على مستوى الثقافة والجامعة والإبداع.
وكل المحاولات التي حاولت التنظير لنظرية نقدية عربية استندت إلى المنجز النقدي القديم عند عبدالقاهر الجرجاني والسلجماسي والبلاغيين العظام، وأيضا النظريات اللغوية لابن جني، مثلما رأينا في كتاب "المرايا المقعرة" لعبدالعزيز حمودة.
وهذا جهد محمود بلا شك، ويظل جهدا فرديا في نهاية الأمر، سواء اتفقنا أم اختلفنا عليه، لأن تأسيس نظرية ومدرسة نقدية عربية لا يعني التأليف فقط فيها، وإنما البحث الأساسي عن ملامح شخصية الأدب العربي، وما يستجد من تيارات وأشكال واتجاهات في الأدب العربي، ومن ثم وضع الأسس المميزة، ثم المدرسة النقدية المتابعة والمقومة والمرشدة، والأهم، النظر في انتشار هذه الرؤية لدى باقي النقاد والباحثين والمتلقين على اختلاف درجاتهم التذوقية. كي تستقر المدرسة، وتتراكم الجهود البحثية والفكرية والتطبيقية التي تعضدها، وتعمّق مجراها.
وربما يكون هذا البعد هو الغائب عن المنادين بإيجاد مدرسة نقدية عربية خاصة، فلا تزال الفردانية هي المسيطرة على الجهود في هذا الشأن، مما يجعل الناقد يبحر وحيدا، ويجتهد في عزلة، ولا يجد من يعزز جهوده بالنقاش المثمر، ولا التطبيق الجاد.
ولعل المثال الأبرز في ذلك، ما أسلفناه عن جهد عبدالعزيز حمودة، رغم تحفظنا على ما قام به، فإن ما اقترحه، أحدث جلبة، سرعان ما انتهت سريعا، وكأنها حجر ألقي في بحيرة، حرّك بعض مياهها، ولم يؤثر في مياهها، وكانت الظاهرة الأبرز لهذا الكتاب هو معركة بين أنصار المناهج النقدية الجديدة، وبين صاحب الكتاب وبعض من أيدوه، فكانت في النهاية معركة، وسرعان ما انطفأ لهيبها.
أرى أن السبيل الوحيد لتأسيس نظرية نقدية عربية، يبدو في إفساح المجال واسعا والترحيب بكل الجهود التي تضع في وعيها هذا البعد الاستراتيجي، سواء بأبحاث تنظيرية، أو بدراسات تطبيقية، على أن تعقد مؤتمرات وندوات تناقش هذه الجهود بشكل موضوعي، فكم من أفكار ورؤى بدأت بسيطة، وسرعان ما استوى عودها واستقامت سيقانها، بالاهتمام والرعاية.
إن الجهود التنظيرية الحالية لا تزال في غالبيتها تقف عند نظرات أو ملامح جزئية، وكثير منها يدور في فلك المناهج النقدية الغربية، دون رؤية استراتيجية شاملة، تضع أمامها التأصيل المعمق للنقد العربي الحديث، وتختبر فروضاتها فيما تناقشه من نصوص وإبداعات.
ولا أرى أن هناك مشكلة في الإبداعات، بقدر ما إن هناك مشكلة في الجهود النقدية، صحيح أن الإبداعات تتراوح ما بين الاقتباس والنقل والتأثر من الآخر الغربي، ولكن هذا في بداياتها، وسرعان ما يقوى الإبداع، ويعبر عن الروح والثقافة العربية بكل تجلياتها وتاريخيتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.