السكة الحديد تعتذر عن سقوط قطار بضائع بالقليوبية.. وإجراءات قانونية للمتسببين    فوضى الأمطار في سياتل، انهيار سد أمريكي يهدد 3 ضواحي بأمواج وفيضانات مفاجئة    حورية فرغلي: بقضي وقتي مع الحيوانات ومبقتش بثق في حد    حورية فرغلي: لسه بعاني من سحر أسود وبتكلم مع ربنا كتير    محمد القس: أحمد السقا أجدع فنان.. ونفسي اشتغل مع منى زكي    جلال برجس: الرواية أقوى من الخطاب المباشر وتصل حيث تعجز السياسة    بسبب سوء الأحوال الجوية.. تعطيل الدراسة في شمال سيناء اليوم    وكيل صحة الغربية يعلن افتتاح وحدة التصلب المتعدد والسكتة الدماغية بمستشفى طنطا العام    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الثلاثاء 16 ديسمبر    وفاة شخص وإصابة شقيقه في مشاجرة بالغربية    تأجيل محاكمة 9 متهمين بخلية المطرية    توسك: التنازلات الإقليمية لأوكرانيا شرط أمريكي لاتفاق السلام    ترامب يعلن مادة الفينتانيل المخدرة «سلاح دمار شامل»    مباراة ال 8 أهداف.. بورنموث يفرض تعادلا مثيرا على مانشستر يونايتد    أيامى فى المدينة الجامعية: عن الاغتراب وشبح الخوف!    لإجراء الصيانة.. انقطاع التيار الكهربائي عن 21 قرية في كفر الشيخ    لقاح الإنفلونزا.. درع الوقاية للفئات الأكثر عرضة لمضاعفات الشتاء    إنقاذ قلب مريض بدسوق العام.. تركيب دعامتين دوائيتين ينهي معاناة 67 عامًا من ضيق الشرايين    «المؤشر العالمي للفتوى» يناقش دور الإفتاء في مواجهة السيولة الأخلاقية وتعزيز الأمن الفكري    وزير قطاع الأعمال العام: عودة منتجات «النصر للسيارات» للميني باص المصري بنسبة مكون محلي 70%    العربية لحقوق الإنسان والمفوضية تدشنان حوارا إقليميا لإنشاء شبكة خبراء عرب    ثماني دول أوروبية تناقش تعزيز الدفاعات على الحدود مع روسيا    5 أعشاب تخلصك من احتباس السوائل بالجسم    لجنة فنية للتأكد من السلامة الإنشائية للعقارات بموقع حادث سقوط حاويات فارغة من على قطار بطوخ    صعق كهرباء ينهي حياة عامل داخل مصنع بمدينة 6 أكتوبر    تحطم زجاج سيارة ملاكي إثر انهيار شرفة عقار في الإسكندرية    فتش عن الإمارات .. حملة لليمينيين تهاجم رئيس وزراء كندا لرفضه تصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية    الكونغو: سجن زعيم المتمردين السابق لومبالا 30 عامًا لارتكابه فظائع    محافظ القليوبية ومدير الأمن يتابعان حادث تساقط حاويات من قطار بضائع بطوخ    نهائي كأس العرب 2025.. موعد مباراة المغرب ضد الأردن والقنوات الناقلة    كأس العرب، حارس مرمى منتخب الأردن بعد إقصاء السعودية لسالم الدوسري: التواضع مطلوب    منذر رياحنة يوقّع ختام «كرامة» ببصمته... قيادة تحكيمية أعادت الاعتبار للسينما الإنسانية    إبراهيم المعلم: الثقافة بمصر تشهد حالة من المد والجزر.. ولم أتحول إلى رقيب ذاتي في النشر    التموين تواصل افتتاح أسواق اليوم الواحد بالقاهرة.. سوق جديد بالمرج لتوفير السلع    نقيب أطباء الأسنان يحذر من زيادة أعداد الخريجين: المسجلون بالنقابة 115 ألفا    مصرع طفلين وإصابة 4 أشخاص على الأقل فى انفجار بمبنى سكنى فى فرنسا    شيخ الأزهر يهنئ ملك البحرين باليوم الوطني ال54 ويشيد بنموذجها في التعايش والحوار    حسام البدرى: من الوارد تواجد أفشة مع أهلى طرابلس.. والعميد يحظى بدعم كبير    الأهلى يوافق على عرض إشتوريل برايا البرتغالى لضم محمد هيثم    الأمر سيصعب على برشلونة؟ مدرب جوادلاخارا: عشب ملعبنا ليس الأفضل    منتدى «السياحة والآثار» وTripAdvisor يناقشان اتجاهات السياحة العالمية ويبرزان تنوّع التجربة السياحية المصرية    في جولة ليلية.. محافظ الغربية يتفقد رصف شارع سيدي محمد ومشروعات الصرف بسمنود    محافظ الجيزة يتابع تنفيذ تعديلات مرورية بشارع العروبة بالطالبية لتيسير الحركة المرورية    العمل: طفرة في طلب العمالة المصرية بالخارج وإجراءات حماية من الشركات الوهمية    حضور ثقافي وفني بارز في عزاء الناشر محمد هاشم بمسجد عمر مكرم    الثلاثاء إعادة 55 دائرة فى «ثانية نواب» |139 مقرًا انتخابيًا بالسفارات فى 117 دولة.. وتصويت الداخل غدًا    غزل المحلة يطلب ضم ناصر منسى من الزمالك فى يناير    السعودية تودع كأس العرب دون الحفاظ على شباك نظيفة    القبض على المتهم بالشروع في قتل زوجة شقيقه وإبنته ببولاق الدكرور    متحدث الصحة: إطلاق الرقم الموحد 105 لتلقي استفسارات المواطنين    هل الزيادة في الشراء بالتقسيط تُعد فائدة ربوية؟.. "الإفتاء" تُجيب    الإدارية العليا ترفض الطعون المقدمة في بطلان الدوائر الانتخابية في قنا    اللمسة «الخبيثة» | «لا للتحرش.. بيئة مدرسية آمنة» حملات توعية بالإسكندرية    كيف أرشد الإسلام لأهمية اختيار الصديق؟ الأزهر للفتوي يوضح    وزير التعليم: تطوير شامل للمناهج من رياض الأطفال حتى الصف الثاني الثانوي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15-12-2025 في محافظة قنا    الأزهر يدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف تجمعًا لأستراليين يهود ويؤكد رفضه الكامل لاستهداف المدنيين    حُسن الخاتمة.. مفتش تموين يلقى ربه ساجدًا في صلاة العشاء بالإسماعيلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحو منهجية علمية للنقد العربي المعاصر
نشر في صوت البلد يوم 06 - 05 - 2017

يقصد بالمنهجية النقدية: الطرائق والمناهج والأساليب التي ينتهجها الناقد الأدبي عند تناوله النصوص بالبحث والدراسة والتأويل، وهي في باطنها تشمل المعايير التي وضعها الناقد في تناول العمل بالسلب أو الإيجاب، كما تشمل أيضا ذائقة الناقد نفسه، التي تجعله يعلي نصوصا ومبدعين على آخرين.
إن الحديث عن المنهجية النقدية ذو شجون، لأننا نعاني من غياب الموضوعية، وشيوع المجانية، فشتان ما بين ناقد يتحدث وفقا لمعايير، وآخر لديه أسس ومقاييس، فالأول أشبه بالمتحدث (السوفسطائي أحيانا) الذي يحكّم ذائقته ونماذج قراءاته في حالة موضوعيته، ويحكم هواه الشخصي في حالة انحيازاته.
أما الثاني، فهو في الحالتين يمكن أن نناقشه وفقا لمعاييره ومنهجيته، فالمنهج يقدم طرائق علمية معتمدة، ومن ورائها رؤية واضحة.
يمتاز النموذج الأول بكونه سهلا، تلقائيا، مباشرا، حاضرا في الندوات والمناقشات، وفي الصحف ومواقع الإنترنت، بتكرار ما يقول، ناهيك عن مجاملات هنا وهناك. أما الثاني فإن امتاز بمنهجيته، إلا أنه يعيبه البطء في المتابعة، وقلة الحضور والتفاعل، ونخبوية الخطاب.
وبالنظر إلى تعدد المناهج النقدية، فإن هجوم البعض على منهج جديد لكونه لم يستوعبه، أو استهتاره بنهج سابق بحجة قدمه؛ مشكلة تبدو في بعدين متناقضين، الأول: تحجر البعض عند منهج ما؛ عرفه وتمرّس به، أو أن لا يكون لا منهجية له، لذا فهو يهاجم ما يسميه بفوضى المناهج، واللاهثون وراء الجديد فيها.
والثاني: من يلهث بالفعل وراء الجديد في المناهج والطرائق، ويفتخر بهذا الدور الذي لا يتعدى في أحسن الأحوال مرحلة التعريف، ونادرا ما يتخطاها إلى مرحلة التطبيق. فنحن بين شقي رحى.
ونرى أن تعدد المناهج النقدية في صالح النص الإبداعي، وليس ضده، فكل منهج يشكّل مدخلا لقراءة النص، فهناك مناهج البنيوية والأسلوبية (الشكلانية)، وهناك مناهج الهرمنوطيقا (التأويل)، والنقد الاجتماعي، والنقد النفسي، والنقد التاريخي، والنقد المضموني، والتناص وغير ذلك من المناهج التي جاءتنا من الغرب، والتي لو تأمّلناها، فإنها – ومن عناوينها – تشكل سبلا لقراءة النص الأدبي، ووكلها تصب في صالح النصوص، المشكلة الحقيقية في تجمد أو تعصب ناقد ما لمنهج بعينه، والانتصار له، أو الانتصار لتيار أدبي ما.
على جانب آخر، فإن هناك غيابا حقيقيا لمدرسة نقدية عربية، تعبر عن خصوصياتنا الثقافية، فلا يزال الغرب قبلة لنا في النقد الأدبي، مثله مثل كثير من المجالات والعلوم، لأننا ببساطة في مرحلة تراجع حضاري واستلاب، ولا يمكن أن تضيف إلى النقد العالمي، وتتمتع بخصوصيتك إلا إذا كان لديك علوم ومعارف عميقة وثرية، تقدم نظريات جديدة، تثري حركة النقد العالمية. وهذا بالطبع غير موجود، ولم يتواجد في العصر الحديث، وانظر إلى كل المدارس الأدبية والنقدية المعاصرة، ومنذ أكثر من مئة عام، ستجد أنها تمتاح من الغرب، وتتباهى بذلك، بدءا من مدرسة الديوان وانتهاء بالحداثة وما بعدها.
حول منهجية نقدية عربية
في رأيي، لم يستطع النقاد العرب تأسيس نظرية نقدية عربية متكاملة الآن، لعوامل عديدة، فالعرب حضاريا في حالة تراجع، وثقافيا في حالة استلاب، وسياسيا في حالة تمزق، ناهيك عن انعزال النقاد الأكاديميين عن حركية الإبداع العربي ومستجداته، وافتقاد كثير من النقاد المتصدين على الساحة لمهارات ومناهج نقدية كثيرة، فالأمر يرتبط بنهضة شاملة للأمة على مستوى الثقافة والجامعة والإبداع.
وكل المحاولات التي حاولت التنظير لنظرية نقدية عربية استندت إلى المنجز النقدي القديم عند عبدالقاهر الجرجاني والسلجماسي والبلاغيين العظام، وأيضا النظريات اللغوية لابن جني، مثلما رأينا في كتاب "المرايا المقعرة" لعبدالعزيز حمودة.
وهذا جهد محمود بلا شك، ويظل جهدا فرديا في نهاية الأمر، سواء اتفقنا أم اختلفنا عليه، لأن تأسيس نظرية ومدرسة نقدية عربية لا يعني التأليف فقط فيها، وإنما البحث الأساسي عن ملامح شخصية الأدب العربي، وما يستجد من تيارات وأشكال واتجاهات في الأدب العربي، ومن ثم وضع الأسس المميزة، ثم المدرسة النقدية المتابعة والمقومة والمرشدة، والأهم، النظر في انتشار هذه الرؤية لدى باقي النقاد والباحثين والمتلقين على اختلاف درجاتهم التذوقية. كي تستقر المدرسة، وتتراكم الجهود البحثية والفكرية والتطبيقية التي تعضدها، وتعمّق مجراها.
وربما يكون هذا البعد هو الغائب عن المنادين بإيجاد مدرسة نقدية عربية خاصة، فلا تزال الفردانية هي المسيطرة على الجهود في هذا الشأن، مما يجعل الناقد يبحر وحيدا، ويجتهد في عزلة، ولا يجد من يعزز جهوده بالنقاش المثمر، ولا التطبيق الجاد.
ولعل المثال الأبرز في ذلك، ما أسلفناه عن جهد عبدالعزيز حمودة، رغم تحفظنا على ما قام به، فإن ما اقترحه، أحدث جلبة، سرعان ما انتهت سريعا، وكأنها حجر ألقي في بحيرة، حرّك بعض مياهها، ولم يؤثر في مياهها، وكانت الظاهرة الأبرز لهذا الكتاب هو معركة بين أنصار المناهج النقدية الجديدة، وبين صاحب الكتاب وبعض من أيدوه، فكانت في النهاية معركة، وسرعان ما انطفأ لهيبها.
أرى أن السبيل الوحيد لتأسيس نظرية نقدية عربية، يبدو في إفساح المجال واسعا والترحيب بكل الجهود التي تضع في وعيها هذا البعد الاستراتيجي، سواء بأبحاث تنظيرية، أو بدراسات تطبيقية، على أن تعقد مؤتمرات وندوات تناقش هذه الجهود بشكل موضوعي، فكم من أفكار ورؤى بدأت بسيطة، وسرعان ما استوى عودها واستقامت سيقانها، بالاهتمام والرعاية.
إن الجهود التنظيرية الحالية لا تزال في غالبيتها تقف عند نظرات أو ملامح جزئية، وكثير منها يدور في فلك المناهج النقدية الغربية، دون رؤية استراتيجية شاملة، تضع أمامها التأصيل المعمق للنقد العربي الحديث، وتختبر فروضاتها فيما تناقشه من نصوص وإبداعات.
ولا أرى أن هناك مشكلة في الإبداعات، بقدر ما إن هناك مشكلة في الجهود النقدية، صحيح أن الإبداعات تتراوح ما بين الاقتباس والنقل والتأثر من الآخر الغربي، ولكن هذا في بداياتها، وسرعان ما يقوى الإبداع، ويعبر عن الروح والثقافة العربية بكل تجلياتها وتاريخيتها.
يقصد بالمنهجية النقدية: الطرائق والمناهج والأساليب التي ينتهجها الناقد الأدبي عند تناوله النصوص بالبحث والدراسة والتأويل، وهي في باطنها تشمل المعايير التي وضعها الناقد في تناول العمل بالسلب أو الإيجاب، كما تشمل أيضا ذائقة الناقد نفسه، التي تجعله يعلي نصوصا ومبدعين على آخرين.
إن الحديث عن المنهجية النقدية ذو شجون، لأننا نعاني من غياب الموضوعية، وشيوع المجانية، فشتان ما بين ناقد يتحدث وفقا لمعايير، وآخر لديه أسس ومقاييس، فالأول أشبه بالمتحدث (السوفسطائي أحيانا) الذي يحكّم ذائقته ونماذج قراءاته في حالة موضوعيته، ويحكم هواه الشخصي في حالة انحيازاته.
أما الثاني، فهو في الحالتين يمكن أن نناقشه وفقا لمعاييره ومنهجيته، فالمنهج يقدم طرائق علمية معتمدة، ومن ورائها رؤية واضحة.
يمتاز النموذج الأول بكونه سهلا، تلقائيا، مباشرا، حاضرا في الندوات والمناقشات، وفي الصحف ومواقع الإنترنت، بتكرار ما يقول، ناهيك عن مجاملات هنا وهناك. أما الثاني فإن امتاز بمنهجيته، إلا أنه يعيبه البطء في المتابعة، وقلة الحضور والتفاعل، ونخبوية الخطاب.
وبالنظر إلى تعدد المناهج النقدية، فإن هجوم البعض على منهج جديد لكونه لم يستوعبه، أو استهتاره بنهج سابق بحجة قدمه؛ مشكلة تبدو في بعدين متناقضين، الأول: تحجر البعض عند منهج ما؛ عرفه وتمرّس به، أو أن لا يكون لا منهجية له، لذا فهو يهاجم ما يسميه بفوضى المناهج، واللاهثون وراء الجديد فيها.
والثاني: من يلهث بالفعل وراء الجديد في المناهج والطرائق، ويفتخر بهذا الدور الذي لا يتعدى في أحسن الأحوال مرحلة التعريف، ونادرا ما يتخطاها إلى مرحلة التطبيق. فنحن بين شقي رحى.
ونرى أن تعدد المناهج النقدية في صالح النص الإبداعي، وليس ضده، فكل منهج يشكّل مدخلا لقراءة النص، فهناك مناهج البنيوية والأسلوبية (الشكلانية)، وهناك مناهج الهرمنوطيقا (التأويل)، والنقد الاجتماعي، والنقد النفسي، والنقد التاريخي، والنقد المضموني، والتناص وغير ذلك من المناهج التي جاءتنا من الغرب، والتي لو تأمّلناها، فإنها – ومن عناوينها – تشكل سبلا لقراءة النص الأدبي، ووكلها تصب في صالح النصوص، المشكلة الحقيقية في تجمد أو تعصب ناقد ما لمنهج بعينه، والانتصار له، أو الانتصار لتيار أدبي ما.
على جانب آخر، فإن هناك غيابا حقيقيا لمدرسة نقدية عربية، تعبر عن خصوصياتنا الثقافية، فلا يزال الغرب قبلة لنا في النقد الأدبي، مثله مثل كثير من المجالات والعلوم، لأننا ببساطة في مرحلة تراجع حضاري واستلاب، ولا يمكن أن تضيف إلى النقد العالمي، وتتمتع بخصوصيتك إلا إذا كان لديك علوم ومعارف عميقة وثرية، تقدم نظريات جديدة، تثري حركة النقد العالمية. وهذا بالطبع غير موجود، ولم يتواجد في العصر الحديث، وانظر إلى كل المدارس الأدبية والنقدية المعاصرة، ومنذ أكثر من مئة عام، ستجد أنها تمتاح من الغرب، وتتباهى بذلك، بدءا من مدرسة الديوان وانتهاء بالحداثة وما بعدها.
حول منهجية نقدية عربية
في رأيي، لم يستطع النقاد العرب تأسيس نظرية نقدية عربية متكاملة الآن، لعوامل عديدة، فالعرب حضاريا في حالة تراجع، وثقافيا في حالة استلاب، وسياسيا في حالة تمزق، ناهيك عن انعزال النقاد الأكاديميين عن حركية الإبداع العربي ومستجداته، وافتقاد كثير من النقاد المتصدين على الساحة لمهارات ومناهج نقدية كثيرة، فالأمر يرتبط بنهضة شاملة للأمة على مستوى الثقافة والجامعة والإبداع.
وكل المحاولات التي حاولت التنظير لنظرية نقدية عربية استندت إلى المنجز النقدي القديم عند عبدالقاهر الجرجاني والسلجماسي والبلاغيين العظام، وأيضا النظريات اللغوية لابن جني، مثلما رأينا في كتاب "المرايا المقعرة" لعبدالعزيز حمودة.
وهذا جهد محمود بلا شك، ويظل جهدا فرديا في نهاية الأمر، سواء اتفقنا أم اختلفنا عليه، لأن تأسيس نظرية ومدرسة نقدية عربية لا يعني التأليف فقط فيها، وإنما البحث الأساسي عن ملامح شخصية الأدب العربي، وما يستجد من تيارات وأشكال واتجاهات في الأدب العربي، ومن ثم وضع الأسس المميزة، ثم المدرسة النقدية المتابعة والمقومة والمرشدة، والأهم، النظر في انتشار هذه الرؤية لدى باقي النقاد والباحثين والمتلقين على اختلاف درجاتهم التذوقية. كي تستقر المدرسة، وتتراكم الجهود البحثية والفكرية والتطبيقية التي تعضدها، وتعمّق مجراها.
وربما يكون هذا البعد هو الغائب عن المنادين بإيجاد مدرسة نقدية عربية خاصة، فلا تزال الفردانية هي المسيطرة على الجهود في هذا الشأن، مما يجعل الناقد يبحر وحيدا، ويجتهد في عزلة، ولا يجد من يعزز جهوده بالنقاش المثمر، ولا التطبيق الجاد.
ولعل المثال الأبرز في ذلك، ما أسلفناه عن جهد عبدالعزيز حمودة، رغم تحفظنا على ما قام به، فإن ما اقترحه، أحدث جلبة، سرعان ما انتهت سريعا، وكأنها حجر ألقي في بحيرة، حرّك بعض مياهها، ولم يؤثر في مياهها، وكانت الظاهرة الأبرز لهذا الكتاب هو معركة بين أنصار المناهج النقدية الجديدة، وبين صاحب الكتاب وبعض من أيدوه، فكانت في النهاية معركة، وسرعان ما انطفأ لهيبها.
أرى أن السبيل الوحيد لتأسيس نظرية نقدية عربية، يبدو في إفساح المجال واسعا والترحيب بكل الجهود التي تضع في وعيها هذا البعد الاستراتيجي، سواء بأبحاث تنظيرية، أو بدراسات تطبيقية، على أن تعقد مؤتمرات وندوات تناقش هذه الجهود بشكل موضوعي، فكم من أفكار ورؤى بدأت بسيطة، وسرعان ما استوى عودها واستقامت سيقانها، بالاهتمام والرعاية.
إن الجهود التنظيرية الحالية لا تزال في غالبيتها تقف عند نظرات أو ملامح جزئية، وكثير منها يدور في فلك المناهج النقدية الغربية، دون رؤية استراتيجية شاملة، تضع أمامها التأصيل المعمق للنقد العربي الحديث، وتختبر فروضاتها فيما تناقشه من نصوص وإبداعات.
ولا أرى أن هناك مشكلة في الإبداعات، بقدر ما إن هناك مشكلة في الجهود النقدية، صحيح أن الإبداعات تتراوح ما بين الاقتباس والنقل والتأثر من الآخر الغربي، ولكن هذا في بداياتها، وسرعان ما يقوى الإبداع، ويعبر عن الروح والثقافة العربية بكل تجلياتها وتاريخيتها.
يقصد بالمنهجية النقدية: الطرائق والمناهج والأساليب التي ينتهجها الناقد الأدبي عند تناوله النصوص بالبحث والدراسة والتأويل، وهي في باطنها تشمل المعايير التي وضعها الناقد في تناول العمل بالسلب أو الإيجاب، كما تشمل أيضا ذائقة الناقد نفسه، التي تجعله يعلي نصوصا ومبدعين على آخرين.
إن الحديث عن المنهجية النقدية ذو شجون، لأننا نعاني من غياب الموضوعية، وشيوع المجانية، فشتان ما بين ناقد يتحدث وفقا لمعايير، وآخر لديه أسس ومقاييس، فالأول أشبه بالمتحدث (السوفسطائي أحيانا) الذي يحكّم ذائقته ونماذج قراءاته في حالة موضوعيته، ويحكم هواه الشخصي في حالة انحيازاته.
أما الثاني، فهو في الحالتين يمكن أن نناقشه وفقا لمعاييره ومنهجيته، فالمنهج يقدم طرائق علمية معتمدة، ومن ورائها رؤية واضحة.
يمتاز النموذج الأول بكونه سهلا، تلقائيا، مباشرا، حاضرا في الندوات والمناقشات، وفي الصحف ومواقع الإنترنت، بتكرار ما يقول، ناهيك عن مجاملات هنا وهناك. أما الثاني فإن امتاز بمنهجيته، إلا أنه يعيبه البطء في المتابعة، وقلة الحضور والتفاعل، ونخبوية الخطاب.
وبالنظر إلى تعدد المناهج النقدية، فإن هجوم البعض على منهج جديد لكونه لم يستوعبه، أو استهتاره بنهج سابق بحجة قدمه؛ مشكلة تبدو في بعدين متناقضين، الأول: تحجر البعض عند منهج ما؛ عرفه وتمرّس به، أو أن لا يكون لا منهجية له، لذا فهو يهاجم ما يسميه بفوضى المناهج، واللاهثون وراء الجديد فيها.
والثاني: من يلهث بالفعل وراء الجديد في المناهج والطرائق، ويفتخر بهذا الدور الذي لا يتعدى في أحسن الأحوال مرحلة التعريف، ونادرا ما يتخطاها إلى مرحلة التطبيق. فنحن بين شقي رحى.
ونرى أن تعدد المناهج النقدية في صالح النص الإبداعي، وليس ضده، فكل منهج يشكّل مدخلا لقراءة النص، فهناك مناهج البنيوية والأسلوبية (الشكلانية)، وهناك مناهج الهرمنوطيقا (التأويل)، والنقد الاجتماعي، والنقد النفسي، والنقد التاريخي، والنقد المضموني، والتناص وغير ذلك من المناهج التي جاءتنا من الغرب، والتي لو تأمّلناها، فإنها – ومن عناوينها – تشكل سبلا لقراءة النص الأدبي، ووكلها تصب في صالح النصوص، المشكلة الحقيقية في تجمد أو تعصب ناقد ما لمنهج بعينه، والانتصار له، أو الانتصار لتيار أدبي ما.
على جانب آخر، فإن هناك غيابا حقيقيا لمدرسة نقدية عربية، تعبر عن خصوصياتنا الثقافية، فلا يزال الغرب قبلة لنا في النقد الأدبي، مثله مثل كثير من المجالات والعلوم، لأننا ببساطة في مرحلة تراجع حضاري واستلاب، ولا يمكن أن تضيف إلى النقد العالمي، وتتمتع بخصوصيتك إلا إذا كان لديك علوم ومعارف عميقة وثرية، تقدم نظريات جديدة، تثري حركة النقد العالمية. وهذا بالطبع غير موجود، ولم يتواجد في العصر الحديث، وانظر إلى كل المدارس الأدبية والنقدية المعاصرة، ومنذ أكثر من مئة عام، ستجد أنها تمتاح من الغرب، وتتباهى بذلك، بدءا من مدرسة الديوان وانتهاء بالحداثة وما بعدها.
حول منهجية نقدية عربية
في رأيي، لم يستطع النقاد العرب تأسيس نظرية نقدية عربية متكاملة الآن، لعوامل عديدة، فالعرب حضاريا في حالة تراجع، وثقافيا في حالة استلاب، وسياسيا في حالة تمزق، ناهيك عن انعزال النقاد الأكاديميين عن حركية الإبداع العربي ومستجداته، وافتقاد كثير من النقاد المتصدين على الساحة لمهارات ومناهج نقدية كثيرة، فالأمر يرتبط بنهضة شاملة للأمة على مستوى الثقافة والجامعة والإبداع.
وكل المحاولات التي حاولت التنظير لنظرية نقدية عربية استندت إلى المنجز النقدي القديم عند عبدالقاهر الجرجاني والسلجماسي والبلاغيين العظام، وأيضا النظريات اللغوية لابن جني، مثلما رأينا في كتاب "المرايا المقعرة" لعبدالعزيز حمودة.
وهذا جهد محمود بلا شك، ويظل جهدا فرديا في نهاية الأمر، سواء اتفقنا أم اختلفنا عليه، لأن تأسيس نظرية ومدرسة نقدية عربية لا يعني التأليف فقط فيها، وإنما البحث الأساسي عن ملامح شخصية الأدب العربي، وما يستجد من تيارات وأشكال واتجاهات في الأدب العربي، ومن ثم وضع الأسس المميزة، ثم المدرسة النقدية المتابعة والمقومة والمرشدة، والأهم، النظر في انتشار هذه الرؤية لدى باقي النقاد والباحثين والمتلقين على اختلاف درجاتهم التذوقية. كي تستقر المدرسة، وتتراكم الجهود البحثية والفكرية والتطبيقية التي تعضدها، وتعمّق مجراها.
وربما يكون هذا البعد هو الغائب عن المنادين بإيجاد مدرسة نقدية عربية خاصة، فلا تزال الفردانية هي المسيطرة على الجهود في هذا الشأن، مما يجعل الناقد يبحر وحيدا، ويجتهد في عزلة، ولا يجد من يعزز جهوده بالنقاش المثمر، ولا التطبيق الجاد.
ولعل المثال الأبرز في ذلك، ما أسلفناه عن جهد عبدالعزيز حمودة، رغم تحفظنا على ما قام به، فإن ما اقترحه، أحدث جلبة، سرعان ما انتهت سريعا، وكأنها حجر ألقي في بحيرة، حرّك بعض مياهها، ولم يؤثر في مياهها، وكانت الظاهرة الأبرز لهذا الكتاب هو معركة بين أنصار المناهج النقدية الجديدة، وبين صاحب الكتاب وبعض من أيدوه، فكانت في النهاية معركة، وسرعان ما انطفأ لهيبها.
أرى أن السبيل الوحيد لتأسيس نظرية نقدية عربية، يبدو في إفساح المجال واسعا والترحيب بكل الجهود التي تضع في وعيها هذا البعد الاستراتيجي، سواء بأبحاث تنظيرية، أو بدراسات تطبيقية، على أن تعقد مؤتمرات وندوات تناقش هذه الجهود بشكل موضوعي، فكم من أفكار ورؤى بدأت بسيطة، وسرعان ما استوى عودها واستقامت سيقانها، بالاهتمام والرعاية.
إن الجهود التنظيرية الحالية لا تزال في غالبيتها تقف عند نظرات أو ملامح جزئية، وكثير منها يدور في فلك المناهج النقدية الغربية، دون رؤية استراتيجية شاملة، تضع أمامها التأصيل المعمق للنقد العربي الحديث، وتختبر فروضاتها فيما تناقشه من نصوص وإبداعات.
ولا أرى أن هناك مشكلة في الإبداعات، بقدر ما إن هناك مشكلة في الجهود النقدية، صحيح أن الإبداعات تتراوح ما بين الاقتباس والنقل والتأثر من الآخر الغربي، ولكن هذا في بداياتها، وسرعان ما يقوى الإبداع، ويعبر عن الروح والثقافة العربية بكل تجلياتها وتاريخيتها.
يقصد بالمنهجية النقدية: الطرائق والمناهج والأساليب التي ينتهجها الناقد الأدبي عند تناوله النصوص بالبحث والدراسة والتأويل، وهي في باطنها تشمل المعايير التي وضعها الناقد في تناول العمل بالسلب أو الإيجاب، كما تشمل أيضا ذائقة الناقد نفسه، التي تجعله يعلي نصوصا ومبدعين على آخرين.
إن الحديث عن المنهجية النقدية ذو شجون، لأننا نعاني من غياب الموضوعية، وشيوع المجانية، فشتان ما بين ناقد يتحدث وفقا لمعايير، وآخر لديه أسس ومقاييس، فالأول أشبه بالمتحدث (السوفسطائي أحيانا) الذي يحكّم ذائقته ونماذج قراءاته في حالة موضوعيته، ويحكم هواه الشخصي في حالة انحيازاته.
أما الثاني، فهو في الحالتين يمكن أن نناقشه وفقا لمعاييره ومنهجيته، فالمنهج يقدم طرائق علمية معتمدة، ومن ورائها رؤية واضحة.
يمتاز النموذج الأول بكونه سهلا، تلقائيا، مباشرا، حاضرا في الندوات والمناقشات، وفي الصحف ومواقع الإنترنت، بتكرار ما يقول، ناهيك عن مجاملات هنا وهناك. أما الثاني فإن امتاز بمنهجيته، إلا أنه يعيبه البطء في المتابعة، وقلة الحضور والتفاعل، ونخبوية الخطاب.
وبالنظر إلى تعدد المناهج النقدية، فإن هجوم البعض على منهج جديد لكونه لم يستوعبه، أو استهتاره بنهج سابق بحجة قدمه؛ مشكلة تبدو في بعدين متناقضين، الأول: تحجر البعض عند منهج ما؛ عرفه وتمرّس به، أو أن لا يكون لا منهجية له، لذا فهو يهاجم ما يسميه بفوضى المناهج، واللاهثون وراء الجديد فيها.
والثاني: من يلهث بالفعل وراء الجديد في المناهج والطرائق، ويفتخر بهذا الدور الذي لا يتعدى في أحسن الأحوال مرحلة التعريف، ونادرا ما يتخطاها إلى مرحلة التطبيق. فنحن بين شقي رحى.
ونرى أن تعدد المناهج النقدية في صالح النص الإبداعي، وليس ضده، فكل منهج يشكّل مدخلا لقراءة النص، فهناك مناهج البنيوية والأسلوبية (الشكلانية)، وهناك مناهج الهرمنوطيقا (التأويل)، والنقد الاجتماعي، والنقد النفسي، والنقد التاريخي، والنقد المضموني، والتناص وغير ذلك من المناهج التي جاءتنا من الغرب، والتي لو تأمّلناها، فإنها – ومن عناوينها – تشكل سبلا لقراءة النص الأدبي، ووكلها تصب في صالح النصوص، المشكلة الحقيقية في تجمد أو تعصب ناقد ما لمنهج بعينه، والانتصار له، أو الانتصار لتيار أدبي ما.
على جانب آخر، فإن هناك غيابا حقيقيا لمدرسة نقدية عربية، تعبر عن خصوصياتنا الثقافية، فلا يزال الغرب قبلة لنا في النقد الأدبي، مثله مثل كثير من المجالات والعلوم، لأننا ببساطة في مرحلة تراجع حضاري واستلاب، ولا يمكن أن تضيف إلى النقد العالمي، وتتمتع بخصوصيتك إلا إذا كان لديك علوم ومعارف عميقة وثرية، تقدم نظريات جديدة، تثري حركة النقد العالمية. وهذا بالطبع غير موجود، ولم يتواجد في العصر الحديث، وانظر إلى كل المدارس الأدبية والنقدية المعاصرة، ومنذ أكثر من مئة عام، ستجد أنها تمتاح من الغرب، وتتباهى بذلك، بدءا من مدرسة الديوان وانتهاء بالحداثة وما بعدها.
حول منهجية نقدية عربية
في رأيي، لم يستطع النقاد العرب تأسيس نظرية نقدية عربية متكاملة الآن، لعوامل عديدة، فالعرب حضاريا في حالة تراجع، وثقافيا في حالة استلاب، وسياسيا في حالة تمزق، ناهيك عن انعزال النقاد الأكاديميين عن حركية الإبداع العربي ومستجداته، وافتقاد كثير من النقاد المتصدين على الساحة لمهارات ومناهج نقدية كثيرة، فالأمر يرتبط بنهضة شاملة للأمة على مستوى الثقافة والجامعة والإبداع.
وكل المحاولات التي حاولت التنظير لنظرية نقدية عربية استندت إلى المنجز النقدي القديم عند عبدالقاهر الجرجاني والسلجماسي والبلاغيين العظام، وأيضا النظريات اللغوية لابن جني، مثلما رأينا في كتاب "المرايا المقعرة" لعبدالعزيز حمودة.
وهذا جهد محمود بلا شك، ويظل جهدا فرديا في نهاية الأمر، سواء اتفقنا أم اختلفنا عليه، لأن تأسيس نظرية ومدرسة نقدية عربية لا يعني التأليف فقط فيها، وإنما البحث الأساسي عن ملامح شخصية الأدب العربي، وما يستجد من تيارات وأشكال واتجاهات في الأدب العربي، ومن ثم وضع الأسس المميزة، ثم المدرسة النقدية المتابعة والمقومة والمرشدة، والأهم، النظر في انتشار هذه الرؤية لدى باقي النقاد والباحثين والمتلقين على اختلاف درجاتهم التذوقية. كي تستقر المدرسة، وتتراكم الجهود البحثية والفكرية والتطبيقية التي تعضدها، وتعمّق مجراها.
وربما يكون هذا البعد هو الغائب عن المنادين بإيجاد مدرسة نقدية عربية خاصة، فلا تزال الفردانية هي المسيطرة على الجهود في هذا الشأن، مما يجعل الناقد يبحر وحيدا، ويجتهد في عزلة، ولا يجد من يعزز جهوده بالنقاش المثمر، ولا التطبيق الجاد.
ولعل المثال الأبرز في ذلك، ما أسلفناه عن جهد عبدالعزيز حمودة، رغم تحفظنا على ما قام به، فإن ما اقترحه، أحدث جلبة، سرعان ما انتهت سريعا، وكأنها حجر ألقي في بحيرة، حرّك بعض مياهها، ولم يؤثر في مياهها، وكانت الظاهرة الأبرز لهذا الكتاب هو معركة بين أنصار المناهج النقدية الجديدة، وبين صاحب الكتاب وبعض من أيدوه، فكانت في النهاية معركة، وسرعان ما انطفأ لهيبها.
أرى أن السبيل الوحيد لتأسيس نظرية نقدية عربية، يبدو في إفساح المجال واسعا والترحيب بكل الجهود التي تضع في وعيها هذا البعد الاستراتيجي، سواء بأبحاث تنظيرية، أو بدراسات تطبيقية، على أن تعقد مؤتمرات وندوات تناقش هذه الجهود بشكل موضوعي، فكم من أفكار ورؤى بدأت بسيطة، وسرعان ما استوى عودها واستقامت سيقانها، بالاهتمام والرعاية.
إن الجهود التنظيرية الحالية لا تزال في غالبيتها تقف عند نظرات أو ملامح جزئية، وكثير منها يدور في فلك المناهج النقدية الغربية، دون رؤية استراتيجية شاملة، تضع أمامها التأصيل المعمق للنقد العربي الحديث، وتختبر فروضاتها فيما تناقشه من نصوص وإبداعات.
ولا أرى أن هناك مشكلة في الإبداعات، بقدر ما إن هناك مشكلة في الجهود النقدية، صحيح أن الإبداعات تتراوح ما بين الاقتباس والنقل والتأثر من الآخر الغربي، ولكن هذا في بداياتها، وسرعان ما يقوى الإبداع، ويعبر عن الروح والثقافة العربية بكل تجلياتها وتاريخيتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.