"لا رسوم لا استسلام".. محامو المنيا ينظمون وقفات احتجاجية أمام المحاكم    وزير التعليم عن الطلاب المصريين بجامعة كامبريدج: نماذج مشرفة    أرباح البنك العربي الأفريقي ترتفع إلى 3.2 مليار جنيه بزيادة 21% في 3 أشهر    رئيس الوزراء يتابع تنفيذ عدد من المشروعات بالوادي الجديد    تقرير أممي يكشف عمق الكارثة في فلسطين.. ويؤكد: إسرائيل استخدمت سلاح التجويع بشكل متعمد    بسبب إسرائيل.. كيف تدفع هارفارد تدفع ثمن دعم طلابها لغزة؟    المبعوث الأمريكي لسوريا: ترامب سيعلن أن سوريا ليست دولة راعية للإرهاب    فون دير لاين تدعو لبناء "أوروبا مستقلة" وتتوقع تشكيل نظام عالمي جديد    هييرو: عقد رونالدو ينتهي فى 30 يوليو ولدينا ثقة فى تمديده    يتواجد في التتش.. الأهلي يستعد لإعلان المدرب الجديد.. ومفاجأة الجهاز المعاون    مكالمة أثناء توقيعي لآخر.. صاحبة أول بطولة في تاريخ الأهلي تحكي لمصراوي كواليس انضمامها للفريق    ضبط 2000 جرام مخدرات وبندقية آلية بحوزة شخصين في قنا    جريمة مروعة بالإسكندرية.. شابان يقتلان آخر ويمثلان بجثته ويلتقطان سيلفي بالدماء    وكيل الأزهر يتابع امتحانات "علمي الثانوية" بمجمع الشروق    وفاة الممثل الأمريكي إد جيل صاحب شخصية الدمية "تشاكي"    يحتوي على 5 أغنيات.. تفاصيل ألبوم حاتم العراقي الجديد    لجنة هندسية تتفقد مستشفى التل الكبير المركزي الجديد تمهيدًا لافتتاحه    العالمية لخريجى الأزهر بسوهاج تشارك فى ندوة حول الدعم النفسى ل"الأمراض المزمنة"    كلمات تهنئة معبرة للحجاج في يوم التروية ويوم عرفة    ب14 ألفا شهريا.. توافر 600 فرصة عمل في مشروع الضبعة النووية «3 وجبات وجمعة وسبت إجازة»    السيطرة على حريق محل مشويات بمدينة بنها    عيد الأضحى 2025.. هل يجوز التضحية في ليالي أيام النحر؟ وما هو أفضل وقت؟    أمين الفتوى يرد: هل يجوز التكبير المطلق من أول أيام ذي الحجة أم أنه للحجاج فقط    قومية المنيا تعرض الإسكافي ملكا ضمن عروض الموسم المسرحي    إعلان أسماء الفائزين بمسابقة "توفيق الحكيم للتأليف" بالمركز القومي للمسرح    كاف يوافق على إقامة دورة الرخصة PRO بمصر    دموع معلول وأكرم واحتفال الدون وهدية القدوة.. لحظات مؤثرة في تتويج الأهلي بالدوري.. فيديو    عرفات يتأهب لاستقبال الحجاج فى الموقف العظيم.. فيديو    رسميًا.. بايرن ميونيخ يُعلن عن أولى صفقاته الصيفية استعدادًا لمونديال الأندية 2025    يوم توظيفي لذوي همم للعمل بإحدى شركات صناعة الأغذية بالإسكندرية    رئيس جامعة بنها يتفقد سير الامتحانات بكلية الهندسة في شبرا.. صور    حملات تفتيشية على محلات اللحوم والأسواق بمركز أخميم فى سوهاج    صور.. رئيس الوزراء يتفقد المقر الجديد لجهاز حماية المستهلك    رئيس قطاع المتاحف: معرض "كنوز الفراعنة" سيشكل حدثا ثقافيا استثنائيا في روما    مصنع حفاضات أطفال يسرق كهرباء ب 19 مليون جنيه في أكتوبر -تفاصيل    لأول مرة في القاهرة.. انطلاق منتدى الشرق الأوسط للتأمين البحري    قرار مفاجئ من الأهلى تجاه معلول بعد دموعه خلال التتويج بالدوري    إعلام إسرائيلى: نتنياهو وجه بالاستعداد لضرب إيران رغم تحذيرات ترامب    "قالوله يا كافر".. تفاصيل الهجوم على أحمد سعد قبل إزالة التاتو    ندب الدكتورة مروى ياسين مساعدًا لوزير الأوقاف لشئون الواعظات    أسوشيتدبرس: ترك إيلون ماسك منصبه يمثل نهاية لمرحلة مضطربة    لندن تضغط على واشنطن لتسريع تنفيذ اتفاق تجارى بشأن السيارات والصلب    انتهاء حرب غزة بعد شهرين وخروج سكانها منها، توفيق عكاشة يكشف الخطة    الرئيس السيسي يهنئ نظيره الكرواتي بذكرى يوم الدولة    محافظ المنوفية يشهد استلام 2 طن لحوم كدفعة جديدة من صكوك الإطعام    الدوخة المفاجئة بعد الاستيقاظ.. ما أسبابها ومتي تكون خطيرة؟    الإحصاء: انخفاض نسبة المدخنين إلى 14.2% خلال 2023 - 2024    استشاري أمراض باطنة يقدم 4 نصائح هامة لمرضى متلازمة القولون العصبي (فيديو)    بإطلالة كاجوال.. مي عمر تتألق في أحدث ظهور لها    رئيس الوزراء يصدر قرارًا بإسقاط الجنسية المصرية عن 4 أشخاص    ياسر ريان: بيراميدز ساعد الأهلي على التتويج بالدوري.. ولاعبو الأحمر تحرروا بعد رحيل كولر    كل ما تريد معرفته عن سنن الأضحية وحكم حلق الشعر والأظافر للمضحي    جامعة حلوان تواصل تأهيل كوادرها الإدارية بدورة متقدمة في الإشراف والتواصل    حبس شخص ادعي قيام ضابطى شرطة بمساومته للنصب على أشقائه بالموسكي    توجيه حكومي بالاستعداد لإجازة عيد الأضحى وتوفير الخدمات للمواطنين    91.3 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال تداولات جلسة الأربعاء    نشرة التوك شو| ظهور متحور جديد لكورونا.. وتطبيع محتمل مع إسرائيل قد ينطلق من دمشق وبيروت    ماريسكا: عانينا أمام بيتيس بسبب احتفالنا المبالغ فيه أمام نوتينجهام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"ألف ليلة وليلة" والحريم
نشر في نقطة ضوء يوم 04 - 05 - 2017

ما استقر في عديد من الدراسات التي قاربت «ألف ليلة وليلة»- خاصة منها تلك التي تحولها إلى وثيقة مشابهة للوثيقة التاريخية- أن من بين القضايا التي تشخصها حكاياتها مسألة الحريم السلطاني.
ويكاد يكون هذا الربط الميكانيكي مشتركا بين الدراسات الاستشراقية والعربية، على حد سواء، لكن ربطا من هذا القبيل يحتاج إلى مزيد من التمعن حتى يتحقق فهم المسألة على نحو أكثر دقة. وسنعمل على معالجة هذا الأمر وفق التصور التكويني التداولي؛ حيث تقتضي الضرورة التجديل بين فعل السرد المسند إلى شهرزاد- بما يعنيه من ربط له في محفله السردي- ومسألةِ الحريم. وهذا المسلك المنهجي هو وحده القادر على توفير الفهم الدقيق لليالي وتأويلها على الوجه الأصلح.
وسيكون المنطلق- في هذا الصدد- الوجهة نفسها التي سلكناها في بقية المقالات الأخرى المتصلة بالليالي؛ أي اعتماد الحكاية الإطار بوصفها من جهة نافذة استقطابية تجذب كل الحكايات إليها، وتبرر وجودها جنبا إلى جنب، وبوصفها تتضمن من جهة ثانية كل العناصر المساهِمة في وضعية التلفظ السردي (الأب – شهرزاد- شهريار – دنيا زاد)؛ فهي لا تتضمن أي تمثيل للحريم، أو أي إشارة إليه، بل لا تتضمن الوصيفة بوصفها عنصرا لا بد منه للملكة، أو لمن يفترض فيها أن تكون ملكة. وحتى إذا نحن تجاوزنا مسألة خلو الحكاية الإطار من تمثيل الحريم، وعددناها من باب الشطط في التأويل، فإن موقف شهريار من النساء جميعهن القائم على الشك في وفائهن يجعل من حفاظه على الحريم في قصره مسألة تتناقض مع منطق الحكي نفسه، قبل أن تتناقض مع فعله المدمر. ومن ثمة فكل ربط للحريم بشهريار يعد غير مقبول، كما لا يمكن البحث عن هذا الربط في الحكاية الإطار على الإطلاق، بل في الحكايات المؤطرة المسرودة على لسان شهرزاد، التي تخص ذواتٍ غير ذات شهريار. وتنجم عن هذا التنافر بين الحكاية الإطار (مجال التلفظ) والحكايات المؤطرة (الملفوظات) إشكالية سردية على مستوى التأويل، ونفضل تأجيل الحديث عنها إلى حين. ولمزيد من دعم عدم ربط الحريم بشهريار نلجأ إلى وعي النص الذي يقصد به ما يتضمنه من معلومات تفسره من داخله. والمعلومة التي توفرها الليالي- في هذا الصدد- ماثلة في الحكاية موضع الرهان بين شهرزاد وأبيها، التي تسبق الشروع في سرد المتن الليلي؛ أي حكاية الثور والحمار. فإذا كان المغزى الذي تقوم عليه هذه الحكاية ماثلا في مآل الحمار (ترميز لمآل شهرزاد) الذي أشفق على الثور (ترميز لمآل بنات جنس شهرزاد) فإن المغزى الثاني الماثل في علاقة صاحب الحمار والثور بزوجته يعد معلومة ثمينة، تسمح باستخلاص منظور محدد لعلاقة الرجل بالمرأة، لا على مستوى ممارسة السلطة الذكورية (ضرب الزوجة)، وإنما على مستوى الزواج، أهو متعدد أم منفرد (زوجة واحدة)؟ فالتقابل بين صاحب الحمار والثور والديك هو تقابل بين من يملك زوجة واحدة لا تطيعه، ومن يملك زوجات عديدات يطعنه. ويؤشر هذا التقابل على نمط من العيش بين الرجل والمرأة متصٍل بنسق عام يتحكم في الحياة العامة، بما في ذلك حياة القصور؛ ومن ثمة يمكِن افتراض أن مسألة الحريم – التي تتجاوز السلطان إلى الفئات الاجتماعية الميسورة- لا تنطبق على شهريار.
نأتي بعد الافتراض العام أعلاه المتعلق بالحكاية الإطار إلى الحكايات المؤطرة (الملفوظات)، فمما لا شك فيه أنها تتضمن في طياتها ما يؤشر إلى تعدد الزوجات، وعلى الحريم. وتكفي العودة إلى الحكاية المتعلقة بهارون الرشيد للوقوف عند هذا الحكم، وإذا كان لفظ الحريم لا يذكر على نحو صريح، فإن هناك لفظ الجواري الذي يقوم مقامه، ويشير إلى ما يوازيه وضعا ودلالة. وما أن يتأكد هذا تترتب عليه نتيجتان مهمتان: أولاهما تصويب موضعة مقاربة الحريم في الليالي؛ حيث لا تستقيم إلا في نطاق الحكايات المؤطرة، لا في الحكاية الإطار التي تتصل بشهريار. وثانيتهما تتصف بطابعها الإشكالي الذي يرتبط بالوضعية التداولية التكوينية للنص. ونكون في هذا السياق أمام سؤال مهم: أنوجد أمام تناقض حاد في تمثيل علاقة السلطة بالمرأة في الليالي؟ أم يتعلق الأمر بتوليف حكائي يستند إلى ثقافتين مختلفتين تتركان أثرهما في السرد الليلي؟ أكيد أن التناقض وارد، لكن ليس في عمق ثقافة واحدة، بل بين ثقافتين مختلفتين في التوجه، وفي الزمان والمكان؛ أي بين الثقافة التي نقلت منها الليالي (الآسيوية) والثقافة المنقولة إليها (العربية – الإسلامية). فانعدام الحريم متصل بالثقافة الأولى، بينما يعد وجوده مرتبطا بالثقافة الثانية. وهذا التقابل له صلة بتكوين النص الليلي في الزمان وتداوله عبر الثقافات. وهكذا يمْكِن الجزم بأن الحكاية الإطار ظلت – بما تتضمنه من حكاية الرهان المتعلقة بصاحب الحمار والثور – محافظة على أصلها الأجنبي المترجم، والمؤسس في حضن ثقافة غير عربية، بينما تعد الحكايات المؤطرة التي تمثل الحريم والتعدد الزوجي، أو ما يقوم مقامهما، دالة على الثقافة شرق الأوسطية العربية. ومما يؤكد كون الحكاية الإطار المعتمدة في مناقشة مسألة الحريم ذات ملمح أجنبي، هو كونها تعد- من حيث طابعها البنائي- تقليدا سرديا معمولا به في السرد الآسيوي (الهندي- الفارسي)، ولعل أكبر دليل- في هذا الصدد- كتاب «كليلة ودمنة الذي نقله عبد الله بن المقفع إلى اللغة العربية؛ فهو يقوم بدوره على هذا التقليد السردي؛ إذ تعتمد فيه حكاية إطار لتبرير الخرافات المحكية فيه.
قد يقع التباس بالنسبة إلى البعض، ونحن نصل إلى هذه النتيجة في الربط بين مسألة الحريم والبعد التكويني التداولي لليالي، ومفاد هذا الالتباس أن الملوك والأمراء في آسيا لم يكونوا بدورهم بمنجى من معاشرة نساء غير الزوجات- الملكات، فكيف يستثنون من مسألة الحريم؟ ينبغي عدم الخلط – في هذا النطاق بين نظام المحظيات ونظام الحريم؛ فهما نظامان مختلفان تمام الاختلاف. فالأول يتأسس على التملك القهري الذي تكون فيه المرأة المنتمية للحريم خاضعة لمنطق البيع والشراء (بضاعة) أو الهدية (الشيء)، وهو معلن غير خفي، ومشرعن بقوة المال والسلطة، بينما يقوم الثاني على العشق، ونسبية الرضا، وهو خفي غير مشرعن. ويكاد يكون هذا النظام الثاني مميزا لعديد من المجتمعات القديمة الفيودالية، بما فيها مجتمعات أوروبا (ملوك فرنسا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.