ترامب: وفد أمريكي يجري مفاوضات تجارية مع وفد صيني في لندن يوم 9 يونيو    محمد عواد: كان هناك اتفاق على مشاركتي حال الوصول لركلات ترجيح    الفجر ترصد احتفالات المواطنين باول ايام عيد الاضحى بحديقة وملاهي الفردوس بشرق أسيوط    فيلم المشروع أكس يتصدر تريند جوجل    رئيس الشئون الطبية ب التأمين الصحى يتفقد مستشفيى صيدناوي والمقطم خلال إجازة العيد    الحكومة المؤقتة في بنجلاديش تعلن إجراء الانتخابات العامة في أبريل 2026    تشكيل المغرب الرسمي لمواجهة تونس وديًا    نجم هوليوود جيمي فوكس يشارك في إنتاج فيلم "هابي بيرث داي ل نيللي كريم    ترامب يدرس بيع سيارته طراز تسلا بعد خلافه مع إيلون ماسك    مانشستر سيتي يستهدف ضم نجم ميلان.. صفقة نارية تتخطى 60 مليون يورو    المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية يصوت بالإجماع لصالح رفع عضوية فلسطين إلى دولة مراقب    مصرع مسن أسفل عجلات قطار في الإسماعيلية    حريق مخلفات كرتون وسيارات قديمة بقطعة أرض بالهرم    رواتب مجزية| 25 صورة ترصد آلاف فرص العمل الجديدة.. قدم الآن    أسعار الكتاكيت والبط اليوم الجمعة 6 يونيو 2025    تركي آل الشيخ يكشف حقيقة ظهور زيزو في فيلم 7Dogs    منى الشاذلي تضع تامر عاشور في موقف صعب.. والأخير يعلق (فيديو)    مع قرب انتهاء أول أيام عيد الأضحى.. الغرف التجارية: لا داع للقلق السلع متوفرة.. شعبة الخضروات: انخفاض ملحوظ في الأسعار.. المخابز: لا توجد إجازة لتلبية احتياجات المواطنين    دراسة تكشف مفاجأة بشأن زيت الزيتون: قد يعرض للسمنة    مواعيد مواجهات الوداد المغربى فى كأس العالم للأندية 2025    المملكة المتحدة : تحديد جلسة لمحاكمة 3 أشخاص في افتعال حرائق استهدفت رئيس الوزراء البريطاني    نشاط وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني في اسبوع    البنك المركزي الروسي يخفض سعر الفائدة للمرة الأولى منذ مايقرب من ثلاث سنوات    نائب محافظ قنا يتابع جاهزية مركز سيطرة الشبكة الوطنية للطوارئ خلال عيد الأضحى    ترامب يدعو مجلس الفدرالي الأميركي إلى خفض أسعار الفائدة نقطة مئوية كاملة    العودة من بعيد.. رافينيا أفضل لاعب في الدوري الإسباني    ياسر جلال يحتفل بعيد الأضحى بصحبة مصطفى أبوسريع أمام مسجد الشرطة (فيديو)    أحمد العوضي من مسقط رأسه بعين شمس: «ضحينا وسط أهل بلدي»    أنشطة توعوية للثقافة برأس غارب وسفاجا احتفاء بالحج وعيد الأضحى    خطوات متسارعة.. ريال مدريد يسابق الزمن لضم كاريراس قبل كأس العالم للأندية    فلسطين ترحب برفع عضويتها إلى دولة مراقب في منظمة العمل الدولية    في أول أيام عيد الأضحى.. غرفة الأزمات بصحة المنوفية تنعقد لمتابعة المنشآت الصحية    بحر وبهجة في العيد.. الإسكندرية تستقبل المصطافين بإقبال متوسط وشواطئ مستعدة    وزيرة العدل الأوكرانية: أمامنا عام واحد لتلبية شروط التمويل الأوروبي الكامل    السعودية: 10 آلاف نشاط توعوى و34 مليون رسالة خلال يومي التروية وعرفة    حسين لبيب: تتويح الزمالك ببطولة كأس مصر نتاج عمل جماعى.. صور    وزير الأوقاف يشهد صلاة الجمعة بمسجد سيدنا الإمام الحسين بالقاهرة    السينما والمسرحيات.. أشهر أفلام عيد الأضحى التي لا غنى عنها في البيوت المصرية    الفتة.. من موائد الفراعنة إلى طبق الأعياد في مصر الحديثة    من الصلاة والأضاحى للاحتفالات.. بلاد العرب تستقبل عيد الأضحى.. ألعاب نارية وكرنفالات.. زيارة المقابر فى الكويت.. المغرب بدون "النحر" للمرة الأولى و"الرومى" بديل الأضحية.. مشهد مهيب للصلاة بالمسجد الحرام    نسب وأرقام.. أول تعليق من حزب الأغلبية على «القائمة الوطنية» المتداولة ل انتخابات مجلس الشيوخ    الرئيس النمساوي يهنئ المسلمين بعيد الأضحى المبارك    أهالى بنى سويف يلتقطون الصور السيلفى مع المحافظ بالممشى السياحي أول أيام عيد الأضحى المبارك    حكم من فاتته صلاة عيد الأضحى.. دار الإفتاء توضح التفاصيل    الهلال الأحمر المصري يشارك في تأمين احتفالات عيد الأضحى    الطرق الصحيحة لتجميد وطهي اللحوم    محافظ القليوبية يتفقد حدائق القناطر الخيرية    محافظ دمياط يحتفل بمبادرة العيد أحلى بمركز شباب شط الملح    سعر الريال السعودي مع بداية التعاملات في أول أيام عيد الأضحي 2025    وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد لبنان: لا استقرار دون أمن لإسرائيل    محافظ بني سويف يؤدي شعائر صلاة عيد الأضحى بساحة مسجد عمر بن عبدالعزيز    "إكسترا نيوز" ترصد مظاهر احتفالات المواطنين بعيد الأضحى في مصر الجديدة    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد ناصر الكبير.. صور    مدح وإنشاد ديني بساحة الشيخ أحمد مرتضى بالأقصر احتفالا بعيد الأضحى    عاجل - موضوع خطبة الجمعة.. ماذا يتحدث الأئمة في يوم عيد الأضحى؟    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك للرجال والنساء في العيد (تعرف عليها)    «ظلمني وطلب مني هذا الطلب».. أفشة يفتح النار على كولر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سمر نور تواجه «مصاص دماء» في البيت
نشر في نقطة ضوء يوم 29 - 03 - 2017

لا تكتفي سمر نور في مجموعتها القصصية «في بيت مصاص دماء» بالعمل على صوغ نسيج فانتازي للحكايات عملت على منواله في مجموعتيها السابقتين «معراج» و «بريق لا يحتمل»، إلى جانب الفانتازيا والخط السريالي الذي يضفر معظم القصص، فهناك محاور عدة مشتركة يمكن الوقوف أمامها في البنية الحكائية سواء من حيث الدلالات الرمزية، أو في تشكيل البناء النفسي للأبطال الذي جاء متشابهاً إلى حد كبير.
انشغلت الكاتبة خلال هذه القصص في التعبير عن المكان المكتظ والزمان الفارغ، وازدحام المكان ليشغل حيزاً نفسياً ضاغطاً يؤدي إلى تلاشي المساحة الخاصة وسط الجموع، فقدان الأمان الذاتي والتيه في البحث عنه حتى الموت، الانتحار، فقدان الذات، أو الجنون. تنقسم قصص المجموعة بين خطين، فانتازي تماماً كما في القصة التي حملت عنوان المجموعة، وفي قصة «وثالثهما الديناصور الأخير» و «حفلة بينوكيو» و «الحفرة»، وقصص أخرى يتداخل فيها الواقع مع التخييل، كما في «ابنة صانع التوابيت»، «أجنحة الطائر» و «مقعد في الأتوبيس».
لكن يشترك جميع أبطال هذه المجموعة في إحساس «الحصار»، هم رهناء داخل عزلة مفترضة، واقعية حيناً، ومتخيلة أحياناً، لكنها موجودة داخلياً وخارجياً بحيث تشكل لهم عائقاً أمام الحياة. إلى جانب التناص في العنوان مع فرجينا وولف في قصة «غرفة تخص صبري وحده»، فالانتحار الذي أودى بحياة صبري هو النتيجة الطبيعية لغياب المساحة بالنسبة لتركيبته النفسية الفريدة في محيط بيئته، يسكن صبري عامل النقاشة البسيط مع زوجته وأطفاله في غرفة صغيرة، ويرسم على جدران هذه الغرفة عالماً ينجذب إليه، يمارس صبري فنه الذي يؤدي به إلى جلسات الزار لأن العفاريت تسكن جسده من وجهة نظر أبيه وباقي أفراد الأسرة والمجتمع، وعبر أنشوطة تتدلى من السقف يُنهي صبري حياته قبل أن يشاهد لوحاته المرسومة على جدران غرفته تُزال بطلاء سميك لأنها السبب في استدعاء العفاريت، في التوازي مع هذه الحكاية تبدو البطلة الساردة التي لا نعرف لها اسما، مشغولة أيضاً في الحديث عن تلاشي مساحتها الذاتية، هي صحافية في صفحة الحوادث تذهب لكتابة تحقيق عن قضية صبري النقاش المنتحر، ومنذ تلك اللحظة تتغيّر حياتها تماماً، تترك منزل أسرتها بحثاً عن مساحتها الذاتية، وبعد زواجها تعود للشكوى من غياب الحيز الخاص بها تقول:
«نجحنا في تكوين أسرة، لكن لم يكن أحد منا حين يخلو إلى غرفته سعيداً، كنا نريد الطيران أبعد من حدود أي غرفة، فوجدنا أنفسنا معلقين بأنشوطة غرفة صبري». البطلة الساردة التي تتلاشَى في الكيان الأسري، تزوي تحت وطأة ثقل العقل، والتظاهر بتوازن زائف، لذا يكون الهذيان هو الملجأ الأمثل بالنسبة لها.
في قصة «ساندوش وسيجارة»، بطلة تضيع بطاقتها الشخصية، وتضطر للذهاب إلى القسم لتقدم بلاغاً لاستخراج بدل فاقد، وهناك تلتقي فتاة خلف القضبان بجسد طفلة وملامح عاهرة، وضابط بجسد رجل وملامح طفل. تبحث البطلة الساردة عن الثبات في الرضوخ لإلحاح صديقاتها بلقاء عريس مجهول، وتتعاطَف مع الفتاة القابعة خلف القضبان لأنها تحتاج للطعام والسجائر، نقطة تقاطع إنسانية في الإحساس بالفقد بين البطلتين، كلتاهما ضاعت منها أشياؤها في مسالك الحياة المتعثرة. وتساؤل أخير: «لماذا لا يكون الضابط متسلطاً والفتاة مجرد متهمة تحتاج إلى سيجارة، والأخرى جائعة وهو يمارس ساديته عليهما.
وضمن البحث عن الحيز أيضاً تبدأ قصة «شبح يرقص حول جثة» تقول: «تمنت أن تكون وحيدة، ها هي في غرفة منعزلة، ماذا تفعل بتلك المساحات الخالية!...» يسيّطر فراغ الزمن الداخلي، والخوف من العالم الخارجي على هذه القصة على رغم قول البطلة أنه لا شيء بلا نهاية حتى الظلمة والخوف، من هنا تتمسَّك بيقين القدرة على المقاومة والتحرّر. من هنا تتضمَّن بعض القصص لمحات خاطفة من الأمل الذي يبزغ في شكل مفاجئ على سبيل التشبّث بالحياة ومقاومة ثقل الواقع الدافع بقوة نحو الانهيار، حيث مشاركة السر بين اثنين، لا تؤدي بالضرورة لمزيد من الأمان بقدر ما تشكّل هذه المشاركة تهديداً للغد كما في قصة «وثالثهما الديناصور الأخير»، فالحب بين ليلى وعمر يجعل من كلاهما قادراً على إبصار الديناصور الأخير في العالم الذي يعيش معهما ويشغل حيزاً في مساحة العلاقة. الديناصور الذي يحمل دلالات رمزية عدة يستند إلى مسندي الكرسيين بينهما، جائعاً، يفكر أن عليه أن يتعشى الآن، حتى وإن كان بدماء صديقه وصديقته.
يشترك جميع أبطال قصص هذه المجموعة في وجود حالة خسارة ما نتيجة فوضى العالم، وعجزهم عن الثبات في وجه انهيارات حتمية، وتتنوّع الخسارات بين المادية والمعنوية، وبين المكان والزمان. في قصة «في بيت مصاص دماء»، وتحت تأثير مشروب سحري تخسر البطلة بيتها حين يتم احتلاله من قبل مصاص دماء، يتخذ من بيتها مقراً له لينطلق كل ليلة بحثاً عن دماء ضحاياه؛ وتكمن أزمة البطلة في عجزها عن مجاراة المحتل في تحويلها لمصاصة دماء هي الأخرى. لنقرأ: «رفضت أن تشارك في حفلة الطعام الليلية. لم تقبل الانطلاق في شوارع المدينة وبيوتها لامتصاص الدماء. لكن مصاص الدماء لم يتركها وحيدة فقد أمره دراكولا أن يستضيفها في بيته لتعليمها القواعد، علّمها كيف تكون مصاصة دماء حقيقية».
تستعين سمر نور بالدلالات الفانتازية في قصصها، والرموز المستوحاة من قصص الأطفال والأغنيات، لتجد مرآة عاكسة لأشعة الشمس فلا تقدم صورة الواقع كما هو، بل يظل على القارئ ضرورة اقتحام الجدار ليكون جزءاً من الصورة، حيث يتداخل النفسي مع الاجتماعي في القصص بأسلوب يبتعد تماماً عن المباشرة، مع انشغال القصص بالكشف عن غياب الحيّز والحصار الذي لا يرتبط فقط بالاغتراب الداخلي عن المجموع وغياب الخصوصية لكنه يحمل اعتداء مباشراً يمارسه المجتمع على الذات الفردية، ويؤدي إلى حياة أرواح حبيسة داخل قمقم غير مرئي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.