خدمة اجتماعية بني سويف تحتفل باليوم العالمي للتطوع    الاثنين 8 ديسمبر 2025.. أسعار الأسماك في سوق العبور للجملة    مؤسسة «Join» اليابانية تعتزم الاستثمار بمشروعات تحلية مياه البحر في مصر    الدكتور أحمد حمد القائم بأعمال رئيس جامعة مصر للمعلوماتية: حريصون على المشاركة في الجهود الدولية لبناء مستقبل الذكاء الاصطناعي ووضع إطار أخلاقي لتقنياته    ارتفاع أسعار النفط نتيجة توقعات الأسواق بخفض الفائدة الأمريكية    رئيس الوزراء: مصر حريصة على دعم الأمن الغذائى العربى والأفريقى    جوتيريش قلق إزاء محاولة الاستيلاء على السلطة في بنين    الرئيس السيسي يؤكد ضرورة إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا    وزير الإعلام الكمبودي: 4 قتلى و9 مصابين جراء الاشتباكات مع تايلاند    جيش الاحتلال يشن غارات جوية داخل مناطق انتشاره وراء الخط الأصفر في رفح الفلسطينية    سقوط مدوٍ والريال تائه.. صحف إسبانيا تتحدث عن هزيمة الملكي ضد سيلتا فيجو    منتخب مصر بالزي الأبيض أمام الأردن غدا    منتخب مصر يرتدي الطاقم الأبيض فى مواجهة الأردن بكأس العرب غداً    قوافل تعليمية مجانية بالوادي الجديد لدعم الثانوية والإعدادية    رفع حالة الطوارئ في الإسكندرية لموجهة التقلبات الجوية    وزارة التعليم: إجراء تحديث على رابط تسجيل استمارة الشهادة الإعدادية    ضبط تجار عملة بحوزتهم 7 ملايين جنيه خلال حملات أمنية موسعة    وزير الثقافة يعلن اختيار شمال سيناء عاصمة للثقافة المصرية 2026    "الصحة": الوضع الصحي في مصر مستقر رغم زيادة الإنفلونزا الموسمية    غرفة عمليات الشعب الجمهوري تتابع تصويت المصريين بالخارج في الدوائر الملغاة    خبير تحكيمي عن طرد ثنائي ريال مدريد: لم تؤثر على النتيجة.. ولكن    روني ينتقد صلاح: تصريحاته الأخيرة تضر بإرثه في ليفربول    حسام أسامة: بيزيرا «بتاع لقطة».. وشيكو بانزا لم يُضِف للزمالك    ماسك يهاجم الاتحاد الأوروبى بعد غرامة ال 140 مليون دولار على منصة X ويؤكد: اعتداءً مباشر على حرية التعبير    مشتريات الأجانب تصعد بمؤشرات البورصة فى بداية تعاملات اليوم    مدير جهاز تنمية البحيرات: عودة طيور الفلامنجو لبحيرة قارون بعد تحسين أوضاعها    أسعار اليورانيوم تتفجر.. الطاقة النووية تشعل الأسواق العالمية    تفاصيل مشروع إحياء حديقتي الحيوان والأورمان    مصدر أمني يكشف تفاصيل شكوى تضرر سائقي الدليفري من مواد قانون المرور    «بسبب عطل مفاجئ فى خط الطوارئ».. محافظ بني سويف يوجه فرع الإسعاف بإخطار المواطنين للحصول على الخدمة    الجامعة العربية: ما تشهده غزة على مدار عامين انتهاكا صارخا للقانون الدولي    تضيف بعدا لفهم المعتقدات الدينية، المتحف المصري بالتحرير يعرض مقصورة المعبودة "حتحور"    «ميدتيرم» يتصدر مؤشرات البحث بعد الحلقة الأولى    نيللي كريم تعلن انطلاق تصوير مسلسل "على قد الحب"    دار الإفتاء توضح حكم التماثيل في الإسلام: جائزة لغير العبادة    بالأسماء، "المحامين" تعلن أسماء المستبعدين من انتخابات الفرعيات في المرحلة الثانية    وزير الصحة يتابع مشروع النيل: أول مركز محاكاة طبي للتميز والتعلم في مصر    مشروبات وأدوات بسيطة تضمن الدفء.. كيف تنام بعمق في الشتاء؟    محمد الخراشي: منتخبا مصر والسعودية قادران على بلوغ الدور الثاني في كأس العالم    مزاعم إسرائيلية: هجوم إقليمي محتمل يهدد الأمن القومي لإسرائيل    عيد ميلاد عبلة كامل.. سيدة التمثيل الهادئ التي لا تغيب عن قلوب المصريين    محمد فراج يعلق على الانتقادات التي طالت دوره في فيلم الست: مش مطالب أبقى شبيه بنسبة 100%    مجلس الدولة يفتح باب التعيين لوظيفة «مندوب مساعد» لخريجي دفعة 2024    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025 فى المنيا    تحريات أمن الجيزة تكشف لغز العثور على جثة سمسار بحدائق أكتوبر    قبل انطلاقها في الداخل.. كيفي تستعلم عن لجنتك الانتخابية بالرقم القومي؟    وزير الرياضة: إقالة اتحاد السباحة ممكنة بعد القرارات النهائية للنيابة    وزير الصحة ينفى انتشار فيروس ماربورج أو أى فيروسات تنفسية جديدة بمصر    التريلر الرسمي للموسم الأخير من مسلسل "The Boys"    جامعة الفيوم تنظم ندوة توعوية عن جرائم تقنية المعلومات الأربعاء المقبل    مي عمر تحسم الجدل: الاعتزال مش في قاموس محمد سامي    "من يريد تصفية حسابات معي فليقبض عليّ أنا" ..لماذا تعتقل "مليشيا السيسى "شقيق مذيعة في قناة تابعة للمخابرات !؟    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    وزير الإسكان: سنوفر الحل البديل ل الزمالك بشأن أرضه خلال 3-4 شهور    مستشار الرئيس للصحة: نرصد جميع الفيروسات.. وأغلب الحالات إنفلونزا موسمية    متحدث "الأوقاف" يوضح شروط المسابقة العالمية للقرآن الكريم    الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم تشمل فهم المعاني وتفسير الآيات    «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة بالمدارس حول احترام كبار السن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صالون الخريف ينقلب على ماضيه
نشر في نقطة ضوء يوم 10 - 12 - 2016

معرض الخريف أم خريف المعارض في متحف سرسق؟ سؤال يطرح نفسه في صالون الخريف بدورته الثانية والثلاثين، الذي يقام في متحف نقولا إبراهيم سرسق (الأشرفية - يستمر لغاية 27 شباط - فبراير2017) بعد طول انتظار، بمشاركة 52 فناناً انتخبت أعمالهم من بين 322 ملفاً مقدماً إلى لجنة تحكيم مؤلفة من خمسة أعضاء من أصحاب الخبرات المتفاوتة المعرفة في الفن عموماً وتداوليات المعاصرة خصوصاً، والتي جاءت نتائجها على نحو غير متوقع وصادم للآمال المعقودة حول الصيغة الجديدة لإطلاق معرض الخريف الذي ينتظره سنوياً الفنانون ورواد المتاحف والمتذوقون وأصحاب المجموعات. لعل الصدمة هي من أثر الذوقية الجديدة التي تفرض نفسها من جانب موظفين جدد، في التعاطي مع صرح ثقافي عريق بنظرة قاصرة على الراهن في الفن اليوم على أنه حتمية غير قابلة للجدل أو النقد والتقييم أو المراجعة للتاريخ الفني على الأقل الذي يجهله على ما يبدو الكثيرون.
مقاربات جديدة
تغييرات كثيرة تؤكد الانقلاب على ماضي متحف سرسق بتقاليده في ضبط شروط العرض والمعاينة المباشرة للأعمال عند التحكيم وتشجيع المواهب الجديدة واحترام الفنانين المكرسين ومنح الجوائز. تلك التقاليد التي بدأت مع إنشاء المعرض السنوي لصالون الخريف منذ افتتاحه في العام 1961، سوف تتغير من الآن فصاعداً كي يتحول هذا الصالون إلى معرض يقام مرة كل سنتين على أن يتغير كل مرة أعضاء لجنة التحكيم الموكلة بدراسة ملف الفنان الذي يتضمن صورة العمل المقدم للمشاركة على شاشة الكمبيوتر، وذلك على مدى شهر كامل قبل موعد التصفيات النهائية. ومن المفارقات الكبرى أنه بعد توسعة متحف سرسق وإضافة عدد قاعاته وطبقاته بما يتناسب مع التظاهرات الكبرى، تم تقليص عدد الفنانين المقبولين للمشاركة في معرض الخريف هذا العام إلى نصف العدد الذي كان عليه في الدورات السابقة.
هذا القرار الصادر عن لجنة التحكيم جاء وفق البيان «سعياً إلى تضخيم مجالات القوة من خلال المقترحات في شكل عام، والنظر في كيفية تقديم الأعمال مع بعضها بعضاً كمعرض موحد». فأين هي إذاً مجالات القوة والتضخيم في معرض أقل ما يقال فيه إنه متواضع ولا يعكس حقيقة المستوى الفني في لبنان، لا على صعيد جيل المحدثين الكبار (من أمثال الفنان ستليو سكامنغا الذي شارك بلوحة واحدة) ولم يستطع أيضاً أن يكون منصة بديلة للفنون المعاصرة. إلى أين ذهبت الرهافة والإبهار اللتان لطالما تحلت بهما معارض الخريف في دوراته السابقة؟
تحت شعار مستتر ألا وهو إطلاق البوح والمشاعر والمكبوتات العاطفية لدى الجيل الجديد، في مقابل تيمات أخرى مقطوفة من أزمات الحياة الاجتماعية والفساد السياسي والدمار البيئي ومآسي الحروب، تبرز النوايا المضمرة لأعضاء لجنة التحكيم في البحث عن خيط انسجام بين التيمات، التي تدور حول علاقة الإنسان بجسده وحواسه ومحيطه. ذلك ما جعل الخيارات تدخل في نفق الزيغ في الرؤية أحياناً. إذ بين سذاجة في التعبير عن العالم الطفولي (رولا دلي) ومناخات الطبيعة الداخلية وحالات التأمل (عيسى حلوم وفاطمة بحمد)، المقتبسة من تشخيصية الفنانة فاطمة الحاج، والركاكة في رسم الوجوه (ريم عاصي)، فإن الإمعان في استعراض الجسد ولو بالقبح وقلة الدراية (ديانا الحلبي) يدفعنا للإقرار بجمال الارتجالات اللونية التي تحيط بالمرأة كملهمة للفن (إدغار مازجي) وتستيقظ الحواس على أدراج مفتوحة تئن من قوة الشهوة الحمراء الكامنة في الملابس الداخلية للأنثى الغائبة عن غرفتها (غادة الزغبي).
في أفضل الأحوال فإن حضور المرأة كموديل فني يتخطى مجاله الأكاديمي (لوحة إليسا رعد) كي يشكّل استعادة غير مباشرة لواقعية لوتشيان فرويد. ما من شك في أن ثمة تعمّداً ظاهراً في إبراز الجسد سواء في اللوحة ضمن مفارقات تكمن بين النضج والحنين إلى الطفولة (سيمون مهنا) أو بأسلوب المباشرة في اللقطة الفوتوغرافية (لارا تابت) أو في شريط الفيديو (الثنائي جيمي دباغ وكريستين لبّان) كلها أعمال تطرح نفسها تحت مسمى «الجرأة» وتحدي المجتمع بشيء من النزق الفني والسطحية في الطرح والمعالجة الفنية.
من قال إن صالون الخريف هو لهواة الفن والمبتدئين بالمهنة؟ ثمة حفاوة ظاهرة في إبراز قدرات الرسم اليدوي، إلا أنها غالباً ما تتبدى ضمن الطروحات التي يتداولها تلامذة الفن (رسوم أنطوان سويد، ريا مازجي، أتيان بسطرمجي، عبير مقدم)، في نقل الواقع، من دون أن تندرج في أساليب شخصية محددة إلا نادراً، وإلى جانب بعض الأعمال الطباعية (حسان زهر الدين)، وبعض اللوحات التجريدية، لا نعرف دواعي قبول عرض لوحة موضوعها رسمٌ لكرسي (بتينا خوري بدر) يقلد ببساطة العمل الشهير لرائد المينمال - آرت جوزف كوزوت، سوى أنه يتردد في تجهيز جاكو رستيكيان برمزيته كمجرد حطام هندسي، إلا أن الموضوع بحد ذاته فَقدَ بريقه منذ زمن، لفرط ما استُهلك واستُنفذ لاسيما في أعمال التجهيز.
لمعات وأفكار
ثمة لمعات مضيئة لا يخفى بريقها على ناظريها، تؤكد جدية التجارب المنفتحة على الخامات والأفكار والرؤى الجديدة، حيث تطل المشهدية اللونية ومداها الارتقائي في عمل جداري لهنيبعل سروجي، و«مجموعة انغرام»، التي قدمت صوراً وثلاثة أعمال فيديو تروي عملية الدمار البيئي الذي من شأنه القضاء على الجغرافيا الطبيعية في لبنان. ويستعير عبد القادري من تراث الواسطي في فن المنمنمات، شخصيات وأحداثاً وسط مناخات احتفالية في نوع من التشخيص الحكواتي المضخّم على نقيض العالم المصغر لرقعة المنمنمة التي تظهر بحلة أخرى في صورة مدمّجة لماريا كساب تحمل إسقاطات الواقع السياسي والإيدولوجي.
يلفت من بين الأعمال: شريط فيديو لمروان مجاعص عبارة عن لقطة للشمس (بإذن من ناسا) ضمن موضوع بعنوان 40 يوماً حداداً على قصف الغوطة في سوريا بغاز السيرين التي أودت بحياة 1729 شخصاً، والثور القتيل لفاطمة مرتضى المتقاطع مع التكاوين العضوية في تجريد بلسم أبو زور، وتجهيز بعنوان «حجر الأساس» لسمر مغربل للإشارة إلى ازدواجية الإعمار والتدمير، والأشكال الصافية لخزفيات نيفين بويز التي لا تفارق بياضها ألوان الحجر.
ماذا تفعل لو باغتتكَ سيدة عجوز بيدها مسدس؟ سؤال طرحته كارمن يحشوشي في صورة فوتوغرافية، لا تقل عنها طرافة صورة أخرى (تانيا طرابلسي) لرجل مسن على الأرجوحة. وفي حين تقوم دالا ناصر بإعادة تدوير نفايات محترف دايفيد أدغاي في عمل ينتمي إلى الفن الفقير، تقفو كريستيانا دي ماركي في مطرّزاتها ارتسامات مواقع النجوم في السماء. إنه اكتشاف لا يوازيه سوى عمل ريمون الجميّل «ذاكرة الماء» المكوّن من ألبوم صور عثر عليه بعد تعرضه للماء وكانت الصور قد ذابت وتحولت بفعل الرطوبة إلى بقع لونية وزيوح مائعة.
لا يحتاج المرء إلى عناء للاستدلال على مواقع القوة والضعف في المعرض لدى المواهب الجديدة. ولكن الرهان على المستوى الفني في الدورة المقبلة لصالون الخريف، سيضع متحف سرسق أمام تحديات جديدة لاستعادة دوره الاستقطابي وسط تحديات السوق الفنية إن لم نقل المنافسة الجديّة مع الآرت - فير والمعارض الكبرى في زمن العولمة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.