«زي النهارده» في 22 أغسطس 1948.. استشهاد البطل أحمد عبدالعزيز    «زي النهارده«في 22 أغسطس 1945.. وفاة الشيخ مصطفى المراغي    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 22 أغسطس 2025    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري الجمعة 22-8-2025 بعد ارتفاعه في 7 بنوك    معجزة جديدة ل أطباء مصر.. طفلة جزائرية تقف على قدميها مجددًا بعد علاج 5 أشهر (فيديو)    أسعار الأسماك والخضروات والدواجن اليوم 22 أغسطس    90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الجمعة 22 أغسطس 2025    اشتباكات عنيفة بالسليمانية في العراق    كيف يتصدى مركز الطوارئ بالوكالة الذرية لأخطر التهديدات النووية والإشعاعية؟    «مخضوض وواخد على خاطره».. رضا عبدالعال يقيم شيكو بانزا    درجة الحرارة تصل 42 .. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم    شراكة حضارية جديدة بين مصر والصين في مجال التراث الثقافي «المغمور بالمياه»    الجيزة: قطع المياه 6 ساعات اليوم الجمعة حتى غد السبت عن هذه المناطق    لو بطلت قهوة.. 4 تغييرات تحدث لجسمك    مقتل شاب في الأقصر إثر مشاجرة بسبب المخدرات    مصرع طفل وطفلة شقيقين من الدقهلية غرقًا في شاطئ بمرسى مطروح    الإيجار القديم.. محمود فوزي: تسوية أوضاع الفئات الأولى بالرعاية قبل تحرير العلاقة الإيجارية    عاصي الحلاني ينتقد فكرة ظهور المعجبات على المسرح.. ماذا قال؟    علي الحجار ينسج حكايات الشجن.. وهاني حسن يرقص للحياة على أنغام السيمفوني في محكي القلعة    نجم الزمالك السابق يهاجم كولر بسبب عمر الساعي    انفجار مقاتلة أمريكية فى مطار ماليزيا    إعلام أمريكي: إيران تجري أكبر تجاربها الصاروخية خلال ساعات    انخفاض جديد في عيار 21 بالمصنعية.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة بالصاغة محليا وعالميا    بيان «المحامين» يكشف الحقيقة في اجتماعات المحامين العرب بتونس    بعد فوز الزمالك.. جدول ترتيب الدوري المصري الممتاز    صفات برج الأسد الخفية .. يجمع بين القوه والدراما    محمد رمضان يستفز جمهوره في مصر ب فيديو جديد: «غيرانين وأنا عاذرهم»    وائل الفشني يكشف موقفا محرجا تعرض له: «أنبوبة بوتاجاز أنقذتني من بلطجي»    إذاعة القرآن الكريم| هاجر سعد الدين أول سيدة بمتحف الأصوات الخالدة    هل يمكن تحديد ساعة استجابة دعاء يوم الجمعة ؟ دار الإفتاء توضح    «خير يوم طلعت عليه الشمس».. تعرف على فضل يوم الجمعة والأعمال المستحبة فيه    حرق الكنائس.. جريمة طائفية ودعوة للتدخل الأجنبي    رئيس مجلس النواب الليبي يرحب بدعوة البعثة الأممية لتشكيل حكومة موحدة جديدة    نجوى فؤاد: أطالب بمعاش يكفي احتياجاتي وعلاجي    نجاح أول حالة غسيل كلوي طوارئ للأطفال بمستشفى دسوق العام    مصر والسعودية علاقات ممتدة وآمال معقودة    تنفيذ حكم الإعدام بحق قاتل زوجين في «مجزرة سرابيوم» بالإسماعيلية    حادث مأساوى..تصادم عدد من السيارات على طريق مطروح ومصرع وإصابة 20 شخصا    اختيار رئيس المصرية للاتصالات وأورانج ضمن أقوى 20 قائدا للبنية التحتية الرقمية في إفريقيا    تعليم الجيزة تواصل أعمال الصيانة والتجديد استعدادا للعام الدراسي الجديد    قبل انطلاق النسخة الثالثة.. صفقات أندية دوري المحترفين موسم 2025-2026    تصدر المصري والقطبين "يوم فوق ويوم تحت"، ترتيب الدوري المصري بعد الجولة الثالثة    آدم كايد يعرب عن سعادته بفوز الزمالك على مودرن سبورت    ياسر ريان يشيد بأداء المصري: هو المنافس الحقيقي للأهلي على لقب الدوري    المندوه يكشف آخر تطورات أزمة سحب أرض أكتوبر ويكشف حقيقة المول    ليلة استثنائية في مهرجان القلعة.. علي الحجار يُغني المشاعر وهاني حسن يُبدع بالسيمفوني| صور    التعادل الثالث.. سموحة وزد يتقاسمان النقاط بأمر تقنية الفيديو    إعلام فلسطيني: استشهاد طفل بقصف إسرائيلي على مخيم النصيرات وسط غزة    ترامب: سأشارك في دوريات مع الجيش والشرطة بواشنطن    أونروا تحذر: عمليات الاحتلال في غزة تنذر ب"تسونامي إنساني" غير مسبوق    إحالة أوراق المتهم بقتل أطفاله الأربعة في القنطرة غرب إلى مفتي الجمهورية    تنفيذ حكم الإعدام في مغتصب سيدة الإسماعيلية داخل المقابر    مش هتشتريه تاني.. طريقة عمل السردين المخلل في البيت    مصرع شابين غرقا بنهر النيل فى دار السلام بسوهاج    اليوم.. فصل التيار الكهربائى عن عدد من مناطق وأحياء مدينة كفر الشيخ    خالد الجندي: الدفاع عن الوطن وحماية مصالحه من تعاليم الإسلام    هل يستجاب دعاء الأم على أولادها وقت الغضب؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس المعاهد الأزهرية يتفقد المشروع الصيفي للقرآن الكريم بأسوان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سلطة وسائط الاتصال
نشر في نقطة ضوء يوم 23 - 10 - 2016


1
«السلطة متعددة مثل الشياطين»، عندما قال «رولان بارت» هذا، كان حديثه في سياق ثقافي عام، وكان يمسّ بعمقه الجوهريّ البعد الاجتماعي للسلطة كمفهوم يومي. وهو أيضاً يدفع عن حريات التعبير الأدبي، في صيغته اللّغوية، ويدفع باتجاه الانتباه للتجليات المتوالدة والمتناسلة للسلطة في المجتمع التقني الحديث، ليس أقلها سلطة الأيديولوجيات بتجليها الدوغمائي.
2
قال «بارت» كلمته عن ذلك التعدد الشيطاني للسلطة، وذهب عن عالمنا، قبل أن يلحق بالتقنيات الجديدة التي باتت تحكم مجتمعاتنا، بما لم يخطر على بال، ليس «رولان بارت» فحسب، ولا حتى السلطات التقليدية ذاتها. فحين نقول عن سلطة النظام في الحكم، فإنما هي اختزال مبسط للواقع التقليدي أيضاً. فثمة سلطات المجتمع التي باتت تتفاقم في تفجرات القرن العشرين، لتبدو، في مشهد التحولات العامة، والتجليات المتاحة لتلاعب السلطات التقليدية. سلطة النظام في الحكم من جهة، وسلطات المجتمع المختلفة في الاعتراض، وسلطة المال والعسكر والمعرفة من جهات أخرى. كان على «رولان بارت» أن ينتظر قليلاً قبل أن يذهب، ليشهد كيف أن لكلمته الدلالة القصوى في تحولات السلطة، التي ستحكمنا بآليات غاية في التنوع والمهارة والصلافة في نفس الوقت.
3
ولكي لا نذكر إلا نموذجاً واحداً كمثال فحسب، ننظر إلى السلطة التي تمثلها وسائل الاتصال الاجتماعي. وهي تسمية بالغة الحساسية، إذا تأملنا المعنى العميق لتعبير «الاتصال الاجتماعي»، فما من أحد سيكون ضد التطور المتسارع في تقنية الاتصال، فهي من العلامات الدالة علي التطور التقني الحديث، ليس لمن ابتكرها وصنعها فحسب، ولكن لجميع من سيستخدمها سريعاً، لتصبح عنصراً مكوّناً من آليات حياته اليومية. لا مشكل لدينا في هذه الوسائل، إلا إذا تم استخدامها بلا تبصر. لكن، أي تبصّر لا يعرضنا لممارسة الحجب والمنع والقمع والمصادرات؟.. تلك هي مسؤولية أصحاب المعرفة والحرية، الذين يستبقون تحولات السلطة في حياتنا.
4
بالطبع جميع وسائل التقنية من أبسطها حتى أكثرها تعقيداً، سيتوقف فعلها على طبيعة الاستخدام، فليس ثمة خطأ في المكتشفات والاختراعات، ولن يكون ممكناً مثلاً، أن يستدرك كل مخترع لوضع جائزة، مثل نوبل، عندما يبدأ الآخرون في استخدام البارود لقتل الناس. فبالسيارة مثلاً تستطيع الوصول إلى بيتك سالماً، ويمكنك الذهاب إلى قاع النهر إذا ترنَّحتَ بعربتك.
5
تلك هي سلطة غير متوقعة يمكن أن تصادفك في كل لحظة. وفي حياتنا الراهنة، ما إن يبدأ الناس في التململ من قمعية النظام السياسي، وتبادر في التحرك لتغييره، بعد أن أخفقت محاولات إصلاحه، حتى يتبلور تيارٌ جارفٌ من المعارضات والثورات في سبيل تحقيق رغبة الناس المشروعة. وسرعان ما تصوغ هذه المعارضات والثورات منظوراتها المختلفة لمستقبل التغيير المنتظر المطلوب. غير أن ثمة ما يجعل العديد من هذه النزعات المعارضة في سياق عملياتي يحوّلها إلى نوع جديد (مختلف) من السلطة، وهي سلطة غالباً ما تكون عرضة لنسخ الطبيعة المعهودة للنظام السياسي في الحكم المراد تغييره. بمعنى أن سلطة جديدة بدأت تمارس (طبيعتها) في طور السعي لتناول بالحكم (وتداوله كما ستزعم)، ويغيب عن تلك القوى، المستحدثة، الشرط الحضاريّ الذي يستدعي أن تطرح علينا (مبكراً) النموذج الإيجابي المختلف عن النظام السابق، فيما نفيه، نموذجاً لحريات وديمقراطيات تأخرَ أو عَجَزَ وقَصَرَ النظام السابق عن توفيرها للناس. فالمقياس الحضاري لأي حكم هو حقيقة العدل والحريات، والتقدم نحو المستقبل.
6
ليس مفهوماً لماذا يغيب عن هذه المعارضات والثورات ومساعي التغيير، ضرورة منح الناس الشعور الحقيقي والواضح بالاطمئنان، لما يذهب بهم إليه أصحاب الثورة. حتى لكأن السعيّ الجديد للسلطة (المنتظرة) نحو الحكم يشغلها عن هذا الشرط، لتصبح تجلياً موضوعياً لسلطة جديدة (فحسب)، سلطة لا تختلف عن السلطة السابقة إلا بالدرجة. وبهذا سوف نصادف الحيوية المدهشة في قدرة المعارضة والثورة على تقمّص دورها، بالشكل الذي يجعل الأمر ضرباً من التحولات الشيطانية لشكل السلطة ونوعها. هذا من دون أن يتسنى ل«رولان بارت» إدراك التسارع المتجلي لسلطة وسائط الاتصال الاجتماعي. ونحن، لم نزل بعد في مرحلة محاولة تأمل هذه السلطة الجديدة التي ينبغي عدم الاستهانة بها، من أجل أن ندرك المفاهيم المستجدة للسلطة في مجتمعات هذا الزمان، في ضوء المحذورات التي استشعرها «رولان بارت»، واستبق إليها عالم المستقبليات «آلفن توفلر» في منظوراته المستقبلية.
7
ماذا لو كانت السلطة متعددة مثل الشياطين؟
رولان بارت من بين أكثر فلاسفة الفكر الحديث عناية بالتفاصيل، وربما يتصل هنا بتلك المسألة، وهو يشير إلى السلطات التي تتمثل وتتجلى في تفاصيل حياتنا، نحن الذين نقول بأن الشيطان يكمن في التفاصيل. فليس من الحكمة لحياتنا المعاصرة التوقف والانشغال بالعناوين المرفوعة، وشعارات الصوت العالي المطروحة والمكرّسة. فمن حقنا على تطورات المعرفة ومنتجاتها المتسارعة، أن نسأل ونعرف تفاصيل مشاريعها وبرامجها العملية، وموقع تفاصيل الإنسان في خضمّها. وعلينا أن نتوقع تخبطنا في أحابيل أصحاب الصوت العالي، والوقوع في الشراك المنصوبة أمام خطواتنا في كل السلطات التقليدية الراهنة والمنتظرة في مستقبل الأيام. وليس دائماً تأتي المتغيرات في شكل تقدم نحو المستقبل، فثمة حركات تخطو بنا حثيثاً نحو الماضي، برغم شعاراتها الجديدة المعلنة، فالمواصلات والاتصالات تكمن لك، بمنظوراتها الساحقة، لتأخذك للماضي الماثل الوشيك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.