محافظ المنيا: إزالة 581 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة    سقوط أخطر تاجر مخدرات بالفيوم فى قبضة الجهات الأمنية    إصابة ربة منزل إثر سقوطها من عقار بالقليوبية    إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم دراجتين ناريتين في الفيوم    جهاز المشروعات: زيادة نسبة التمويل من خلال الإقراض إلى 21% خلال 2025    الرئيس السيسي يستقبل قائد القيادة المركزية الأمريكية    ليونيل ميسي يسجل ثنائية جديدة في الدوري الأمريكي    لطلاب الثانوية 2025.. كل ما تريد معرفته عن برنامج الترجمة بتنسيق الجامعات    زعيم دروز سوريا يرفض دخول وفد حكومي برفقة قافلة المساعدات للسويداء    من الغيبوبة إلى الوداع.. صور توثق حكاية "الأمير النائم" على مدار 20 عامًا    كواليس اجتماع قطاع الأسنان ب"الأعلى للجامعات" وطلب التحقيق مع نقيب الإسكندرية    "ثنائي جماهيري وثالث استثماري" .. سيف زاهر يكشف تفاصيل صفقة محمد إسماعيل لاعب زد    خريطة الأسعار اليوم: انخفاض البيض والدواجن والذهب    محافظ سوهاج: توريد 183 ألف طن أقماح بشون وصوامع المحافظة حتى الآن    محافظة الغربية تواصل العمل المكثف بطريق الشين – قطور    رحلة الرزق انتهت.. حوض المرح ابتلع الشقيقات سندس وساندي ونورسين بالبحيرة    سيدة تسقط جثة هامدة من عقار بالإسكندرية.. وأسرتها: تعاني الوسواس القهري    الثلاثاء.. بانوراما فنية ل أيامنا الحلوة في "صيف الأوبرا 2025" على المسرح المكشوف    قصور الثقافة تطلق مشروعا لاكتشاف المواهب بالتعاون مع سليم سحاب    أمين الفتوى: الرضاعة تجعل الشخص أخًا لأبناء المرضعة وليس خالًا لهم    الشيخ أحمد خليل: البركة في السعي لا في التواكل    غلق 143 محلًا لمخالفة قرار ترشيد استهلاك الكهرباء    كوريا الجنوبية: مصرع 14 شخصا وفقدان 12 آخرين بسبب الأمطار الغزيرة    كامل الوزير يتفقد 3 مصانع متخصصة في الصناعات الغذائية والمعدنية ومواد البناء بالعبور    مصر ترحب بالتوقيع على إعلان المبادئ بين الكونغو وحركة 23 مارس    قرار وزاري برد الجنسية المصرية ل21 مواطنًا    مدرب فرانكفورت يلمح لرحيل إيكيتيكي ويستشهد بعمر مرموش    تقرير: لويس دياز يقترب من بايرن مقابل 75 مليون يورو    في ذكرى رحيله.. أبرز محطات حياة القارئ محمود علي البنا    دارين حداد: «فحيح» استحوذت على قلبي.. ورفضت قراءة أي سيناريو آخر بسببها| خاص    ريال مدريد يصدم فينيسيوس.. تجميد المفاوضات    الجريدة الرسمية تنشر قرار إبعاد سوري الجنسية خارج البلاد    اليوم آخر موعد لتنازلات مرشحي «الشيوخ».. وبدء الدعاية الانتخابية    الصحة: اعتماد 7 منشآت رعاية أولية من «GAHAR»    أسباب ارتفاع أسعار الأدوية في الصيدليات.. «الغرف التجارية» توضح    وكيل الصحة بشمال سيناء يتابع الخدمات المقدمة للمواطنين ضمن «100يوم صحة»    إلغاء أكثر من 200 رحلة طيران بسبب الطقس في هونج كونج    «الداخلية»: ضبط 293 قضية مخدرات وتنفيذ 72 ألف حكم قضائي خلال 24 ساعة    الثلاثاء.. مناقشة "نقوش على جدار قلب متعب" لمحمد جاد هزاع بنقابة الصحفيين    ضم تخصصات جديدة، كل ما تريد معرفته عن تعديل قانون أعضاء المهن الطبية    وزير الري يتابع إجراءات اختيار قادة الجيل الثاني لمنظومة الري المصرية 2.0    حكم قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية؟.. أمين الفتوى يجيب    حكم استخدام شبكات الواى فاى بدون علم أصحابها.. دار الإفتاء تجيب    أوكرانيا: ارتفاع قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى مليون و41 ألفا    «بين الخصوصية والسلام الداخلي»: 3 أبراج تهرب من العالم الرقمي (هل برجك من بينهم؟)    بعد غياب عامين.. التراث الفلسطيني يعود إلى معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب    نتيجة الثانوية العامة 2025 بالاسم ورقم الجلوس.. رابط الاستعلام عبر موقع الوزارة (فور اعتمادها)    جامعة القاهرة تعلن حصول وحدة السكتة الدماغية بقصر العيني على الاعتماد الدولي    اسكتلندا تحث رئيس الوزراء البريطاني على التعاون لإنقاذ أطفال غزة    وزير الإسكان يتابع تطوير منظومة الصرف الصناعي بالعاشر من رمضان    كريم رمزي يفتح النار على أحمد فتوح بعد أزمة الساحل الشمالي    وزارة العمل تُعلن عن وظائف خالية برواتب مجزية    دعاء الفجر | اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك    المبعوث الأمريكي يلتقي قائد «قسد» لاستعادة الهدوء في السويداء    «اتباع بأقل من مطالب الأهلي».. خالد الغندور يكشف مفاجأة عن صفقة وسام أبوعلي    «مينفعش تعايره».. مجدي عبدالغني يهاجم الأهلي ويدافع عن الاتحاد الفلسطيني بشأن أزمة وسام أبوعلي    سعر السمك البلطى والمرجان والجمبرى بالأسواق اليوم الأحد 20 يوليو 2025    حنان ماضى تعيد للجمهور الحنين لحقبة التسعينيات بحفل «صيف الأوبر» (صور و تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ازدواج الشخصية في الأقبية السرية ( قراءة سايكلوجية )
نشر في نقطة ضوء يوم 19 - 08 - 2010

شخصية الفرد ما هي إلا مجموع صفات الشخص كما تبدو في علاقاته مع الناس، انها حزمة مختلفة تميزه عن غيره خاصة من ناحية التكيف للمواقف الاجتماعية..المزاج هو جملة الصفات التي تميز انفعالات الفرد عن غيره، يؤلف جانبا من الشخصية لا الشخصية كلها.
سمات شخصيات الناس في حياتنا اليومية نحكم عليها أحكاما نخرج بها من انطباعات عامة، نقول إن فلانا ذو شخصية قوية أو جذابة، مسيطرة أو مهزوزة .. غير أن علم النفس لا ترتضيه هذه الانطباعات إذ ينظر الى الشخص الذي تجري عليه تجربة بعد ذهابه الى العيادة النفسية للإستشارة في مشكلة يعانيها أو يذهب الى مراكز استشارية متنوعة لها خاصية نفسية لمعونته. حيث ينظر علم النفس الى هؤلاء نظرة تحليلية من زوايا مختلفة.
الزوايا هذه تسمى سمات الشخصيةtraits أو أبعاد الشخصية dimensions ومفهوم البعد مستمد من مفاهيم العلوم الرياضية والطبيعية. فالأمانة، السيطرة، الميل الى الاعتكاف عن الناس، عقدة النقص، القدرة على احتمال الشدائد، الانطواء .. من سمات الشخصية أو أبعادها.
السمة استعداد دينامي أو ميل ثابت نسبيا، الى نوع معين من السلوك، يبدو أثره في عدد كبير من المواقف المختلفة. هذه السمات ليست صفات طارئة عابرة عارضة أي تتوقف على المواقف الخاصة التي تعرض للفرد بل صفات ثابتة نسبيا، يبدو أثرها لديه في عدد كبير من المواقف المختلفة. على هذا فمعرفة سمة معينة لشخص تعين على التنبؤ بسلوكه الى حد كبير.
الشخصية الرئيسية في مجموعة القاص علي حسين عبيد ( الأقبية السرية / بغداد/ 2009) تبدو من نمط الشخصيات المصابة بمعاناة أو مرض نفساني، ازدواج الشخصية. يتغير اسم القصة، كذلك الأحداث، الأمكنة والأزمنة إلا أن الشخصية هي ذاتها.
الصراع القائم مع النفس غالبا في دواخلها، أما المحيط الذي تدور فيه الانفعالات هو بيئة واقعية غير مستوحاة من الخيال. الحروب، الحصارات، الهجرات، جعلت الشخصية تمتص كل التقلبات، تطرح الى السطح على لسان وأفعال وإنفعالات الشخوص بشكل هلوسات وتحديات متنوعة، لكنها كما يبدو لي شخصية واحدة تعاني من ازدواج، حيث تحملت الكثير، تحت سقف مجتمعي ثقيل.المبدع علي حسين عبيد استلهم ثقافة علم النفس، شخص مسار الشخصية المزدوجة، لم يطرح البديل علنا، لكن داخله يوحي برغبة أن يرى الإنسان العراقي غير مزدوج، مثل العدد الصحيح لا يقبل القسمة إلا على نفسه!.
إن الشخصية المزدوجة حالة من حالات الهستيريا تظهر وتتطور كرد فعل لما يشعر به المريض من قلق، أو يعتبر وسيلة يعتدي بها الفرد على نفسه لا شعوريا كوسيلة للعقاب ولتخليص الفرد من حالة القلق بعد صراع معين، ذلك أن المريض يعاقب نفسه على جرمه لا شعوريا عندما يسجن شخصيته الأولى ويمنعها من الاستمتاع جزاء سلوكها في الحياة.
يعتبر الازدواج وسيلة هروبية، كما أنه يجعل المريض مركز عناية، لجذب انتباه الغير إليه. إن الأعراض تستعمل لعزل العينة عن عالم الحقيقة، بمعنى أنها تجعل النموذج وردود أفعاله لا تلائم نسبيا ردود الآخرين ولا تخضع لها.
أما السلبية في سلوك الشخصية المزدوجة فهو أمر واضح ذلك أن الاشتراك مع الغير ممن كان الفرد يشاركهم في مظاهر نشاطه ونشاطهم يصبح مستحيلا.
الأقبية السرية هي السجون وقد تكون الحياة اللاشعورية للفرد، مستودع الرغائب المتوقفة عن التنفيذ. يلاحظ أن الإنسان هنا يستفيد من عمليتين لا شعوريتين واضحتين:
1 العزل الزائد: معنى ذلك ان المريض لا يبعد من شعوره أو من حياته الشعورية، سلوكه الظاهر، خبراته العادية ما كان سببا في حدوث الصراع فحسب، بل يستبعد كل شخصيته القديمة بأكملها.
2 الكبت الزائد والضغط: يقصد بذلك أن إحدى الشخصيتين تكبت عن طريق النسيان كل خبرات الشخصية الأخرى وتمحوها من ذاكرة المريض.
الذي يدور في السرد انفصال تام بين الوظائف المختلفة، فعندما تظهر شخصيته في الشعور، تختفي الأخرى، تظهر في صورة مخالفة، أي أنه يحدث في هذه الظاهرة أن تجهل إحدى الشخصيات الأخرى.
(الأقبية السرية) جملة أسمية كلها مبتدأ، أين الخبر؟ قدم القاص أمكانية سردية غير مباشرة مستخدما لغة العلوم السيكولوجية. قصة (أنا) الشخصية الخبر انتقلت بمرضها من الازدواج الى الانفصام؛ انشطرت الى نصفين إحداها تبحث عن الأخرى، في النهاية يتحدان لكن الى ازدواج وانشطار جديدين.
عند القدماء من اليونانيين تنسب الحالة الى الشياطين، العرب تسمى (مسودن)، الطب النفسي شيزوفرينيا معناها؛ شيزو انفصام، فرينيا العقل، متلازمة من عدة أمراض تسبب للإنسان معاناة يصحبها تغير نفسي، جسمي، حركي، نشاط يصدر من الإنسان، يتعامل مع البيئة، يتفاعل بشكل لا جسمي ولا نفسي خالص وإنما توأمت الشخصية. القرآن الكريم يشير اليها في قوله تعالى: (أو به جنة)، أما في الموروث والفلكلور العراقي الكثير من النماذج والحكايات منها ما ورد في المجموعة.
ان اضطراب الشخصية في أدائها الوظيفي يسبب تصدع الوعي عند الفرد ويؤدي الى تحول في آراء جزء منها مستقلا عن الأجزاء الأخرى مما يجعل الفرد يفقد هويته. حيث ينشطر وعي الشخص الى جزءين يجعلان من يعيش بشخصيتين مختلفتين في أوقات مختلفة أو متوالية.
وفي بعض الحالات تكون هناك أكثر من حالتين للشخصية، ثلاث أو أربع أو حتى خمس حالات، تختلف الواحدة عن الأخرى في سلوكها وسماتها. من بينها شخصية فاضلة، ثانية مقيتة، ثالثة ملتزمة بقواعد العرف، رابعة هازلة، خامسة جادة .. حيث ينتقل الفرد من شخصية الى أخرى دون وعي منه.
يرجع ازدواج الشخصية وتعددها في أسبابه الى رغبات دفينة في اللاشعور لدى الفرد، لا يمكن تحقيقها إلا عن طريق شخصية أخرى. انه يتقمص التي تناسب ذلك الموقف وتتكافأ معه.
عبر الشاعر العربي بحس إنساني كاشفا تقلبات الشخصية مستهجنا تعددها وتلونها بقوله:
لا خير في ود أمرئ متلون اذا الريح مالت مال حيث تميل
لكن الشاعر لا يعرف مخزون الشخصية التي تقرر مظهرها وسلوكها من الخارج انما حكم عليها بعين العرف والتقاليد.
نحن والقاص علي حسين عبيد كل منا يمر يوميا بعدة شخصيات، فان المرء في بيته غيره في عمله، مع مرؤوسيه غيره مع رؤسائه، مع أصدقائه غيره مع الغريبين عنه.. كذلك تتغير حسب تغير الزمان والمكان، يتقمص الفرد الشخصية التي يتطلبها الموقف. فاذا قدم القاص نفسه بشخوصه فمن يقدمنا نحن غير القاص؟ في قصص (الرجل الأصم / نصان في الماء / رقيم الجنون ) حيث أدخلنا القاص في قانون تلاقي الأرواح.
ازدواج الشخصية وتعددها في مثل هذه القصص ظاهرة سلوكية أحيانا ترتبط بالأخلاق، القيم، المعتقدات، المثل، عادات وتقاليد البيئة الاجتماعية، الحضرية، الريفية .. ليست كلها حالة مرضية بل القصد منها التوافق غير أن هذا التوافق قد لا يكون سليما أو مقبولا اذ ان شخصية الفرد السوية هي التي يتميز بها بتوافقه الحسن مع نفسه ومع مجتمعه فلا يكون مع السراق سارقا ومع الزهاد زاهدا واذا ما اختلى بنفسه كان لا هذا ولا ذاك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.