أكّد د. علي رضوان رئيس اتحاد الأثريين العرب، أن هناك مخططًا لتدمير التراث العربي حتى لا يبقى للأجيال القادمة، موضِّحًا أنَّ التراث العربي بأكمله بات مستهدفًا بالتدمير. وشدّد رضوان على ضرورة مواجهة المخططات الصهيونية لطمس آثار القدس وتهويدها على أيدي قوات الاحتلال، لافتًا إلى أهمية التعويل على جميع الأدوار السياسية والعلمية والثقافية في هذا الإطار. مؤكدا أن التراث العربي مستهدف بالتدمير وأن الصورة محزنة، لأنّ العرب لم يعرفوا أيامًا حالكة مثل تلك التي نعيشها، ونحن نشاهد هذا التدمير للتراث العربي بأيدي العرب أنفسهم، فما حدث من تدمير بسوريا والعراق وليبيا وعدد من الدول العربية «كارثي»، فعلى ما يبدو هناك مَنْ يسعى للقضاء على كل التراث العربي حتى لا يبقى للأجيال القادمة، ونحن نعمل على تشكيل فريق عربي للذهاب إلى الجامعة العربية ومنظمة اليونسكو، للتأكيد أن العالم العربي صار يعرف المخطط الذي يُحاك لتدمير التراث العربي. وعن تعاطي هيئات ومجالس الآثار العربية مع إنقاذ تراث القدس الشريف قال رضوان: العرب عندما تكون لهم قضية يبدأون وينطلقون ويصيحون ثم سريعًا ما تنخفض الأصوات ويضيع الأمر، ويتم نسيان القضية، وهذه هي المشكلة الحقيقية التي تضيع من خلالها الحقوق. وعن دور هيئات ومجالس الآثار العربية في حماية أولى القبلتين وثالث الحرمين أكّد ضرورة وجود قرار سياسي يمكن أن يكون محرّكًا للأمور من قِبَل المجتمع الدولي، فلا يمكن لمجلس إدارة الأثريين العرب أو الهيئات أو مجالس الآثار بالدول العربية أو وزارات الثقافة والخارجية العرب أن تقوم بمفردها بهذا الدور، وأؤكد أنه حان الوقت لكي يكون هناك إجماع عربي على ضرورة أن يكون هناك تحرّك عالمي من قِبَل المجتمع الدولي، فإنه يمكن لهذا المجتمع التحرّك استجابة لتحرّك أقل وهو التحرّك العربي. إنقاذ تراث القدس وحول إصدار البيانات التي تطالب بإنقاذ تراث القدس قال: لا يجب أن يتوقّف الأمر عند النداءات أو إصدار البيانات، وإن كان ذلك شكلاً من أشكال الاحتجاج والإدانة، إلا أن هناك أشكالاً أخرى أكثر تأثيرًا وفاعلية، وقد سبق أن قمنا بدق ناقوس الخطر لحماية آثار القدس، قبل الحفريات التي أقدمت عليها قوات الاحتلال، فنحن نعول على إصدار قرار من جامعة الدول العربية يمكن على ضوئه مخاطبة منظمات كاليونسكو والأمم المتحدة بحيث يكون هناك مواقف لحفظ تراثنا العربي وقيمنا، ومن هنا فإننا ننادي كأثريين عرب بتحرّك كافة المنظمات الدولية لحماية القدس الشريف وتراثه، مما يدبر له من وقت لآخر بفعل الممارسات الإسرائيلية. وردا على سؤال حول وجود تقصير من جانب المؤسسات العلمية العربية للقيام بدورها تجاه نصرة هذا الحق الأثري للعرب والمسلمين في القدس الشريف. أكّد اتفاقه مع هذا الرأي، فليس الدور العلمي فقط هو الغائب، ولكن الكثير إن لم يكن جميع الأدوار مثل السياسية والعلمية والثقافية غائبة عن نصرة هذه القضية، وإن كنت أرى أن الجانب العلمي وحده لا يستطيع أن يتحرّك من دون أن يكون مدعومًا على أكثر من مستوى، سواء كان ذلك في مجال الترميم أو التنقيب، ولسنا وحدنا كمؤسسات عربية يتم تغييبنا عن القيام بمثل هذا الواجب، فاليونسكو نفسها يتم منعها من استقصاء الحقائق، هذا كله يؤكد أن هناك سلطة من يملك ويبغي، ولا يستطيع أحد أن يقول في مواجهته “نعم أو لا” وقال د.علي رضوان رئيس اتحاد الأثريين العرب: إن الرد على محاولات تهويد القدس يمكن أن يكون بحقيقة العلم الذي يدّعي الكثيرون أنهم ينخرطون تحت لوائه، وهم يدركون مثل هذه الحقائق العلمية تجاه عروبة القدس قبل أن نقوم نحن بالرد على مثل هذه الافتراءات تجاه تهويد القدس، وأذكر أنه أثناء مشاركتي في أحد المؤتمرات العلمية، قلت إنه شهد شاهد من أهلها، عندما ذكرت أن أحد علماء الآثار الإسرائيليين أكّد أنهم حاولوا التنقيب كثيرًا عن آثار يهودية في القدس، ولكنهم لم يجدوا شيئًا، والتلفزيون الألماني نفسه شاهد على مثل هذه الاعترافات عندما أذاعها لأحد الإسرائيليين، إلا أن المؤسف أن هناك محاولات لطمس الحقيقة وإبرازها في غير موضعها، ولي كل ما هو في غير مصلحة الحقيقة، وهذا موجود في كل مجال، وفي تقديري فإنّ هذا يزكي نزعة العنف في دول العالم، وأعتقد أنَّه لو ساد الحق والعدل في هذا الكون، وليس منطقتنا وحدها، فإنه لن يكون هناك عنف من أي نوع، سواء في منطقة الشرق الأوسط أو غيرها. وأضاف: إن التعويل على المكسب السياسي له وجاهته وأهميته، وذلك لأنّ الذي يجبر ويلزم ينبغي أن يكون قرارًا من جانب المنظمات الدولية كالأمم المتحدة ومجلس الأمن، وإن كان هناك مَنْ يعوق إصدار القرار الذي يدين إسرائيل، وهو معروف للكافة، إلا أن الأمر يرتبط بدرجة النبل السياسي، والذي ينبغي أن يُضاف إلى النبل الأخلاقي والآخر الحضاري والإنساني. وعن التعاون والتنسيق الأثري العربي تأسف رئيس اتحاد الأثريين العرب على هذا قائلا: لا أستطيع أن أقول إننا وصلنا إلى تعاون بهذا المستوى وإلا كنت على خطأ، ولكنني أستطيع القول إنه منذ عشر سنوات وصلنا على الأقل إلى مرحلة من التنسيق الجماعي في مجال الآثار على مستوى العالم العربي، وإن كان هذا هو بداية الطريق والانطلاقة تجاه تعاون أشمل، وما نسعى إليه في هذه المرحلة أن تكون الأمة العربية على درجة كافية من الوعي بقيمة الآثار والتاريخ في المنطقة العربية لتعميق الانتماء، وحتى يكون هناك أساس لما نبنيه فيما بعد. أما إشكالية المصطلح الأثري في عدم الاتفاق على توحيده في العالم العربي، كيف يمكن فض مثل هذه الإشكالية؟ أجاب: هذه إشكالية كبيرة بالفعل، وأتمنى أن يوجد قاموس أثري يوحّد المصطلحات الأثرية العربية، حتى يمكن للعالم العربي التحدث بلغة أثرية عربية موحّدة.